كشف الملتقى الوطني للأطباء النفسانيين الخواص الذي احتضنته المهدية على مدار 3 أيام خلال نهاية الاسبوع الفارط جانبا من انعكاسات «العولمة» على الفرد ووضعيته الاجتماعية والنفسية، فبالاضافة الى بعض الاعراض النفسية الجديدة الناجمة عن «العالمية» كمنظومة اقتصادية واجتماعية وثقافية، ارتفعت أسعار بعض الأدوية في صيدلياتنا ليبلغ سعر بعضها 285 دينارا للعلبة الواحدة. الملتقى الوطني للأطباء النفسانيين الخواص حضره أكثر من 50 طبيبا نفسانيا من مجموع 162 طبيبا وهو العدد الجملي للأطباء في هذا الاختصاص بالبلاد التونسية، وقد تطرق الحضور الى العديد من المواضيع الهامة لعل من أبرزها «العولمة والطب النفسي» «الطب النفسي والعائلة» «الطبيب النفساني والمجتمع» وأخيرا «صورة الطيب النفساني في وسائل الاعلام الوطنية» وهو المحور الذي أسدل به الستار على الملتقى وشهد نقاشات حادة أكدت مدى أهمية الاعلام كهمزة وصل بين المختصين في المجال والمجتمع وباعتباره وسيلة من وسائل التوعية والتثقيف الصحي النفسي. ** العولمة وقد أبرز الطبيب النفساني الفرنسي «جون كلود بينوشي» في مداخلته «الطب النفسي والعولمة» انعكاسات هذه الاخيرة على نفسية الفرد الفرنسي بسبب تفاقم ظاهرة البطالة وارتفاع أسعار الأدوية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة مما اضطر الصناديق الاجتماعية الفرنسية للتدخل بقوة للتقليل من بعض هذه النفقات. ارتفاع أسعار الأدوية في السنوات الأخيرة كشفه الأطباء النفسانيون التونسيون الذين عادة ما ينصحون بأدوية مصنوعة بالمخابر الفرنسية، فقد بلغت بعض العقاقير في صيدلياتنا 285 دينارا للعلبة الواحدة. بعض المتدخلين من أطبائنا استغلوا النقاش لإبراز نجاعة الصناديق الاجتماعية الوطنية في مساعدة المرضى لاقتناء هذه الأدوية بتكلفة أقل مشيرين الى أن مجالات التغطية لابد ان تكون أشمل وأعمق بما يجسم سياسة الدولة التي تولي عناية خاصة الى صحة الفرد العضوية والنفسية. ** مسؤولية الاعلام ومن المواضيع التي استأثرت بجانب كبير من النقاش في محور «الطب النفسي والمجتمع» استفحال بعض الأعراض في نفسية المرأة اليوم التي أصبحت ممزقة بين واجباتها العائلية كأم وربة بيت وبين اقتحامها لمجالات العمل خارج اطار الأسرة، ولئن يبدو هذا الموضوع كلاسيكيا باعتبارها قد اقتحمت مجال الشغل مع تحديث المجتمع، الا ان هذه الامراض بلغت حدا من التعقيد والتفاقم في ظل ظاهرة «العولمة» التي لم تستثن بآثارها الناشئة والشباب. ونظرا لما يكتسيه الاعلام من دور هام في التثقيف والتوعوية الصحية أفردت جمعية الأطباء النفسانيين الخواص في ملتقاها جلسة علمية حول «صورة الطبيب النفسي في وسائل الاعلام الوطنية» حضرها بالاضافة الى الأطباء النفسانيين ثلة من الصحفيين أبرزوا بالخصوص النقلة النوعية التي شهدها اعلامنا باعتبار مواكبته للمستجدات والتطورات التي تشهدها كل المجالات ومنها مجال الطب النفسي وقد ثمّن الحضور مواكبة «الشروق» لفعاليات التظاهرة الطبية ومشاركتها فيها فضلا عن تخصيصها لأركان قارة للاستشارات والصحة النفسية. وفي المقابل عاب بعض المتدخلين على بعض المؤسسات الاعلامية تقديمها للدجالين والمشعوذين على أنهم مختصون في المعالجة النفسية مع ما تعج به بعض الصحف من اعلانات اشهارية للعرافين تمثل في مجملها عائقا لمصداقية الطب النفسي ونظرة المجتمع لهذا الاختصاص الطبي الحديث.