جندوبة:350 تلميذ من المدارس الريفية يستفيدون من الرحلات المدرسية    غدا: يوم ممطر بهذه المناطق    غدا: تونس تستقبل شهر رجب    من بينها تونس: السلالة ''K'' تنتشر في أكثر من 30 دولة    الكأس الممتازة لكرة السلة (أكابر): النادي الافريقي يتوج باللقب    إيقاف 13 مهاجر غير شرعي من أجل ترويج المخدرات بهذه الجهة..    تطاوين: أمطار هامّة تنعش آمال الفلاحين وتخفّف من حدّة الجفاف بالجهة    صفاقس : "تبع الغرزة" شعار الدورة 11 لمهرجان "الحاجوجة" ... من أجل سليط الضوء على الذاكرة الحرفية وتجذير الهوية الجماعية    الشركة الجهوية للنقل بنابل تعزز أسطولها ب6 حافلات جديدة    العدوان الصهيوني على غزة: 6ر1 مليون شخص في القطاع يعانون من انعدام أمن غذائي حاد..    بداية من غرة جانفي: خلاص ''vignette ''الكترونيّا    عاجل: منخفض جوي جديد يبدأ في هذا التاريخ وتأثيره أسبوع كامل    وليد بن محمد رئيسا جديدا للرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة    تونس تنهي الالعاب الافريقية للشباب في المرتبة الرابعة برصيد 93 ميدالية    عاجل/ تطورات جديدة في قضية رجل الأعمال مروان المبروك..    الدكتور أحمد الأعطر: 30% من التونسيين يعانون من تآكل الغضروف    باجة: زيت زيتون "توكابر" يحصد الميدالية الذهبية الممتازة لأفضل زيت زيتون بيولوجي في العالم للمرة العاشرة على التوالي    عاجل/ هكذا سيكون الطقس حتى نهاية ديسمبر وثلوج مرتقبة..    صدمة في باكستان: حكم بالسجن على رئيس الوزراء السابق وزوجته    كيفاش تعارض مخالفة ''الرادار'' قبل ما تتضاعف الغرامة؟    وداعًا وليد العلايلي.. النجم اللبناني يغادرنا عن 65 سنة    مباراة ودية: التعادل يحسم مواجهة النادي البنزرتي والإتحاد المنستيري    صادرات الاقاليم 1 و2 و3 تمثل حوالي 90 بالمائة من اجمالي الصادرات الوطنية    أبرز الأحداث السياسية في تونس في أسبوع    مدنين: مواصلة البحث في القطاعات الذكية الواعدة والداعمة للاستثمار ضمن فعاليات اليوم الثاني من ايام الاستثمار بمدنين    كان 2025 بالمغرب: شكون يشارك؟    الإخوان المسلمون في فرنسا: دراسة استقصائية تكشف قاعدة دعم واسعة وتأثيراً متنامياً    عاجل-مدينة العلوم تقول: الأحد 21 ديسمبر هو غرة رجب المحتملة    الليلة هذه أطول ليلة في العام.. شنوّة الحكاية؟    تيك توك تعمل كيان أمريكي مستقل بمشاركة هذه الدولة العربية    ميزانية بلدية تونس لسنة 2026: نحو 12 مليون دينار مخصّصة لتجسيم المشاريع الجديدة    البطلة ألما زعرة ترفع علم تونس عالياً بذهبية الملاكمة في لواندا    "فيسبوك" يختبر فرض رسوم على مشاركة الروابط الخارجية عبر منصتها    اختتام عروض الدورة 11 من قسم أيام قرطاج السينمائية بالسجون    مصر.. تفاصيل القبض على نجم الأهلي والزمالك السابق    المرصد: مقتل 5 عناصر من داعش بالضربات الأميركية في سوريا    حجز 5.6 طن من الموز غير صالحة للاستهلاك بسوق الجملة بهذه الجهة..    وزير التجارة يتابع موسم جني الزيتون ومشاغل الفلاحين واصحاب المعاصر وتنفيذ اجراءات تخزين الزيت وترويجه    عاجل : وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي    مركبة نفعية كهربائية بمدى 240 كلم وضمان طويل: DFSK EC75 يدخل السوق التونسية بقوة    كاس امم إفريقيا (المغرب 2025):الكرة الرسمية "إيتري" تكنولوجيا متقدمة بلمسة أصيلة    كأس أمم إفريقيا (المغرب 2025): رمز مثقل بالتاريخ يختزن ذاكرة الكرة الإفريقية    كأس امم افريقيا ( المغرب 2025 ): منافسة متجددة بين الهدافين لملاحقة أرقام أساطير القارة    عاجل/ يهم زيت الزيتون: وزير التجارة يعلن..    عاجل: الجزائريون والمغاربة يتصدران قرارات الترحيل من الاتحاد الأوروبي    وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي    مهرجان القيروان للشّعر العربي: شعراء من تونس، الجزائر ،ليبيا وموريتانيا يحتفون بعشرية بيت الشّعر القيروانيّ    هجوم روسي "صاروخي" على أوديسا الأوكرانية يوقع قتلى وجرحى    الدورة 14 للمعرض الوطني للزربية والمنسوجات التقليدية: ارتفاع صادرات الزربية والنسيج بنسبة 50 بالمائة    صفاقس: حجز قطع نقدية أثرية نادرة    الرصد الجوي: تسجيل عجز مطري وطني بنسبة 20 بالمائة خلال شهر نوفمبر الماضي    دراسة صينية تُحذّر من مخلّفات التدخين التي تلتصق بالجدران والأثاث والستائر    عاجل: ألمانيا تسجل أول اصابة بمرض جدري القردة    تونس تحقق 57.9 مليار دينار في الصادرات وفرص واعدة في الأسواق العالمية!    طقس اليوم: أمطار بأغلب الجهات وانخفاض في الحرارة    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على ضفاف الكتابات: عن هموم النقد والنقّاد
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005


( 1 )
مرت الاسابيع الفارطة عسيرة على قلمي النقدي فلم أكد أكتب شيئا... صحيح أن مشاغل ومتاعب وحالة ذهول وفوضى دفعت الى هذا لكن لهواجسي تجاه المسألة النقدية تأثير كبير... فسؤال أزمة النقد يجب أن يطرح اليوم بأكثر عمق...
النقد الأدبي في أزمة واضحة تدفع الى الفتور وربما الفرار من جيش النقاد...
( 2 )
عمن ستكتب دراستك القادمة وستجري معادلاتك النقدية والقيمية؟ سؤال استفزازي منذ شطره الاول! هل ستكتب عن هؤلاء الذين يتصارعون ويتسوّلون؟ هل ستكتب عن هؤلاء الذين تستنفر وأنت تقرأ كتبهم وتدينُ صدورها؟ هل ستكتب عن هذه الكتابات التي تبدو لك مقرفة من عناوينها؟
ما أصعبه سؤال عمن سنكتب في المرة القادمة في ساحة أدبية تشابهت نصوصها وتجاربها وأصبحت غير قادرة على إثارة شهية القراءة والكتابة! أين الكتب التي نكاد نلتهمها فور صدورها ووصولها إلينا؟
أين الاعمال الراقية التي يتنفس الناقد وينتشي حالما يكون بصدد التعامل معها؟
إن نقاد هذه الاعوام الاخيرة في حاجة الى أن يعلموا انهم يشجعون الرداءة بمختلف مظاهرها ويركبون أوراق الساحة الادبية فأعمال كثيرة نفخ فيها النقاد وكتّاب النقد بشيء من المجاملة والمديح حتى استمر أصحابها في الخطأ وأصبحوا يتطاولون بأخطائهم ويستمرون بها.
أتابع ما يكتب اليوم من نقد أدبي في الملاحق الثقافية فتأتيني ملاحظة غريبة وهي أن النقد خرج عن المعنى... أكثر صلات الناقد بالكاتب هي الصداقة والمعرفة. أي ليست هناك كتابات نقدية توحي بالاستقلالية مادمنا قد تفطنا الى أن علاقة الناقد بالكاتب حميمية أو أن المقال النقدي قد كتب على هامش لقاء حميمي...
ومادامت الاستقلالية بين الناقد والكاتب غير متوفرة فهذا له انعكاس سلبي على النصوص النقدية. من هذا الذي يضطر الى أن لا يجامل صديقه أو يحمي ظهره؟
إن محاولات قليلة تخلصت من هذا القيد وكتبت عن كتاب لا علاقة بهم.
( 3 )
«مبهرة هذه الاعمال».
هذا ما نقوله حينما نقرأ بعض الكتابات النقدية الفضفاضة فنرى صنوفا من التمجيد والتعظيم ولكن في الحقيقة حالما نطلع على الاعمال الاصل نصطدم بالرداءة فننفر من الناقد والكاتب معا. والغريب أن هذه المغالطة النقدية تظهر أيضا في مقدمات كتب قدم لها كتاب ونقاد كبار...
( 4 )
إن الكتابة النقدية لا تلزمنا بالمديح ومادام قول الحقيقة كاملة لا يمكن لاننا في ساحة أدبية لا تقبل إلا النقد المجامل فعلينا تدبّر الامر...
إن السؤال الذي يجب أن يطرحه النقاد:
كيف نتجنب المجاملات ومدح الاسماء مدحا وهميا؟ وكيف نتجنب غضب الكتاب؟ وكيف نتخلص من حرج أصدقائنا وهم يهدوننا كتبهم ويطلبون بشكل أو بآخر أن نكتب عنهم؟
إنها بعض الاسئلة التي تمر علينا ويخطئ الزملاء النقاد في الاجابة عنها وهذا ما أوقع الكثير من الكوارث!
( 5 )
شخصيا حاولت طوال السنوات الفارطة أن لا أجامل على حساب المقاييس الابداعية، واكتفيت بقراءات نقدية يمكن تصنيفها الى:
نقد اخباري وهو النقد الذي يخبر عن الكتاب.
نقد متعلق بالموضوع والظاهرة وهو النقد الذي لست مطالبا فيه بأن أشكر أو أذم وإنما أنا أتتبع الظاهرة الادبية تتبعا موضوعيا في سجل هذا الكاتب أو مجموعة الكتاب وأن تبدو مواقف استحسان لبعض الكتب فإما لأنها فرضت ذلك أو لأن هذه المواقف منسوبة الى خواطري ووجداني وقيمي.
أما النقد الاكاديمي المستمد من البنيوية والاسلوبية وغيرها فلقد عزفت عليه لاسباب عديدة أولها:
* الوعي بخصوصية النقد الموجه عبر وسائل الاعلام المكتوبة والسيارة وخصوصا الصحف وهو نقد لا يتحمل كل تلك التفاصيل الدقيقة التي مازال البعض منبهرا بها ويطبقها بطريقة مدرسية.
* الوعي بأن تلك المدارس لم توجد لنطبقها بحذافرها وإنما درّست لنا كي نتعلم آليات البحث في النص الادبي...
* إن تطبيق تلك الاساليب لن يكون موفقا ولن يقدم فكرة كاملة عن عدة آثار والذين يجاهرون ويدعون تطبيق هذه المناهج في ملاحقنا الثقافية يمتاز تطبيقهم بالكثير من القصور...
* إن تطبيق هذه المناهج لا يجوز عموما إلا في المجلات الاكاديمية والمتخصصة أما في الصحف الاسبوعية فليس الامر سوى فضفضة مملة.
(وهنا أسوق أن بعضهم يفرح ويعود الى بيته مسرورا كلما طبقت عليه احدى هذه المناهج).
إن المشهد النقدي عندنا يبدو بائسا لانه سقط في المجاملات وسوء الاختيار والتوظيف السلبي ومادام النقد لا يثير جدلا فالمسألة مؤلمة وفاترة... ولذلك يظل الحديث عن أزمة نقد ممكن... وأود الاشارة هنا الى مفارقة عجيبة وهي ما يتردد لدى الكثير من الادباء حول غياب النقد والاهتمام النقدي بأعمالهم خصيصا. ويبدو أن ما تساءلوا عنه ليس النقد الذي نقصده وإنما النقد الاخباري الذي يقرب كتبهم الى الناس وهذامن حقهم أما النقد الادبي فأظن أنه ليس من حق الجميع... هو حق فقط للنصوص المتألقة والمثيرة بجودتها ومضامينها وأساليبها.
( 7 )
طالت أيام امساكي عن الكتابة النقدية رغم أن الامر لا يعدو أن يكون سوى أسابيع قليلة ولكنها الاسئلة تخامرني...
كيف أكتب نقدا مغايرا؟
إن النص النقدي الذي يكتب اليوم أصبح روتينا في الشكل والمضمون وما لم نكتب نقدا مغايرا يحرك الساحة ويثير الحوار فإن الاحساس بالفشل سينتابنا...
إنه يترتب علينا أن نكتب نصوصا نقدية تتميز عن السائد وعلينا أن نجد الجرأة الكافية لقول حقائق بعض النصوص الادبية عندنا بعيدا عما يقال الآن عندنا... فما يقال لا يخلو من صمت عن عدة ظواهر وأشياء وهذا ما يقض مضاجعنا النقدية!
سيبقى شعور الفشل يلاحقنا ما لم نستجمع قوانا ونقول الحقيقة الغائبة والمسكوت عنها حول عديد النصوص...
أسئلة تخامرني وتكبلني وتقيدني لاني مؤمن بأن النقد عندنا يحتاج الى تحوّلات أخرى...
( 8 )
هل تستقيم الامور؟
ويخرج النقد من أزمته؟
وينزع معطفه الحالي؟
إنه سؤال يراودني بل قل أمل يحدوني وأنا ألملم أشلائي وأشلاء قلمي...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.