محطّة جديدة لسيّارات الأجرة تُفتَح قريبًا في هذه الولاية    تونس تمضي إتفاقية ترتيبات موسم الحجّ..وهذه التفاصيل..    بشرى للتوانسة: استئناف خطّ 29 بين برشلونة و''Bellevue'' مع تعديل جديد...وهذه التعريفة    حجز حوالي 68 طنا من المواد الفاسدة وغلق عدد من المحلات والمطاعم..#خبر_عاجل    أطول فندق في دولة عربية يفتح أبوابه رسمياً!    مظاهرة حاشدة في ألمانيا و سويسرا للمطالبة بتصنيف الإخوان "منظمة إرهابية"    الفرص الممكنة لدعم البنية التحتية وربط شبكة الطرقات في صلب مناقشة مهمة وزارة التجهيز والإسكان    عاجل: ترامب يستثني عشرات السلع الغذائية من الرسوم الجمركية!    4.6 مليون دينار تعويضات على حوادث مرور تسبّبت فيها سيّارات أجنبيّة بتونس    شات جي بي تي ولى ينجم يشارك فالمحادثات الجماعية..شنيا الحكاية؟    توزر: الدورة 16 من ماراطون الواحات تنتظم من 18 إلى 24 نوفمبر بمشاركة أكثر من 1500 متسابق    الفيفا يكثف جهوده للتصدي للإساءة عبر وسائل التواصل الاجتماعي    تصفيات كأس العالم لكرة السلة 2027: برنامج مباريات النافذة الأولى    جريمة بشعة في لبنان.. الأمن يوقف أبا مارس التحرش والعنف ضد أطفاله لسنوات!    عاجل: وزير الشؤون الدينية يوقع اتفاقيات لفائدة الحجاج التونسيين...التفاصيل    المنتخب التونسي يتحول الاثنين الى مدينة ليل الفرنسية لملاقاة البرازيل وديا    عاجل: جامعة السباحة ترد على أحمد الجوادي    ميزانية 2026: مهمة وزارة التجهيز والاسكان تشهد ارتفاعا بنسبة 6،3 بالمائة    عاجل: قريباً إصدار كراسات الشروط لدور الضيافة والإقامات الريفية!    بعد صلاة الاستسقاء... المطر تغمر المدينة المنورة والحرم المكي    بريطانيا تنوي إجراء أكبر تغيير لسياستها المتعلقة باللاجئين في العصر الحديث    بشرى سارة: جودة زيت الزيتون هذا الموسم أحسن من الموسم الفارط!    في الثلاجة ولا خارجها؟ تعرف قداش تنجم تخزّن ''البيض المسلوق''    معضلة الملح في الخبز...بين وعي المواطن التونسي في الحفاظ على صحته ونقص التشريعات لمراقبة جودته    عاجل: تونس ستطلق تجربة السوار الإلكتروني...وزيرة العدل تفسّر    عراقجي: حق إيران في تخصيب اليورانيوم "غير قابل للتفاوض"    الصدمات الجوية جاية: تغيّرات كبيرة على الأبواب    "جبان وحقير مثير للشفقة".. المغنية الأمريكية بيلي إيليش تشن هجوما شرسا على أول "تريليونير" في العالم    كاتس: لن تكون هناك دولة فلسطينية    الأحد: الحرارة تصل الى 30 درجة    وزيرة العدل توضّح موقف الوزارة من المحاكمة عن بعد والعقوبات البديلة    نجاح أول عملية دقيقة لاستئصال ورم كبير في المستشفى الجهوي بالمتلوي    البرلمان والمجلس الوطني للجهات والاقاليم يشرعان في مناقشة ميزانية وزارة السياحة المخفضة عن مستوى العام الماضي    تحسّن ملحوظ في جودة زيت الزيتون مقارنة بالموسم الفارط    رأي: الإبراهيمية وصلتها بالمشروع التطبيعي الصهيوني    الرابطة المحترفة الثانية (الجولة التاسعة): نتائج الدفعة الاولى والترتيب..    في مهرجان الأردن المسرحي: مسرحية «عطيل وبعد» تحصد 3 جوائز    تدشين مركز تثمين التراث بشنني    بن عروس .. .مظاهر مزرية بمحيط معهد ابن منظور    مع الشروق : خيارات الشراكات الاستراتيجية    الفن والأدب واللغة والسلطة موضوع ندوة فكرية بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة    هواتف ومواد تجميل وقطع غيار السيارات: هذا ما تحجزه الديوانة في تونس    مختصون في الصحة: المضادات الحيوية جائحة صامتة    المعهد الوطني للرصد الجوي: أكتوبر 2025 أكثر حرارة من المعدل العادي    احباط تهريب كمية من الكبد الحيواني المجمّد..خبر_عاجل    معهد الإحصاء: النشاط الإقتصادي يسجّل نموّا بنسبة 2،4 بالمائة    مباراة ودية: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة الإتحاد العسكري الليبي    مونديال قطر لأقل من 17 سنة: تونس تواجه النمسا اليوم ...الوقت و القناة الناقلة    عاجل/ وزير التجارة يكشف عن آخر الاستعدادات لشهر رمضان    طقس السبت : هكّا بش تكون الاجواء    هذا ما تقرّر ضد 4 فتيات اعتدين بالعنف على تلميذة في سيدي حسين..#خبر_عاجل    هيئة الانتخابات تنظم تظاهرات بالمدارس والمعاهد في الجهات لتحسيس الناشئة بأهمية المشاركة في الانتخابات    توافق إفريقي بين تونس والجزائر والسنغال والكونغو حول دعم الإنتاج المشترك وحماية السيادة الثقافية    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    ''حُبس المطر'': بالفيديو هذا ماقله ياسر الدوسري خلال صلاة الاستسقاء    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    ديوان الافتاء يعلن نصاب زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار    عاجل : وفاة المحامي كريم الخزرنادجي داخل المحكمة بعد انتهاء الترافع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على ضفاف الكتابات: عن هموم النقد والنقّاد
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005


( 1 )
مرت الاسابيع الفارطة عسيرة على قلمي النقدي فلم أكد أكتب شيئا... صحيح أن مشاغل ومتاعب وحالة ذهول وفوضى دفعت الى هذا لكن لهواجسي تجاه المسألة النقدية تأثير كبير... فسؤال أزمة النقد يجب أن يطرح اليوم بأكثر عمق...
النقد الأدبي في أزمة واضحة تدفع الى الفتور وربما الفرار من جيش النقاد...
( 2 )
عمن ستكتب دراستك القادمة وستجري معادلاتك النقدية والقيمية؟ سؤال استفزازي منذ شطره الاول! هل ستكتب عن هؤلاء الذين يتصارعون ويتسوّلون؟ هل ستكتب عن هؤلاء الذين تستنفر وأنت تقرأ كتبهم وتدينُ صدورها؟ هل ستكتب عن هذه الكتابات التي تبدو لك مقرفة من عناوينها؟
ما أصعبه سؤال عمن سنكتب في المرة القادمة في ساحة أدبية تشابهت نصوصها وتجاربها وأصبحت غير قادرة على إثارة شهية القراءة والكتابة! أين الكتب التي نكاد نلتهمها فور صدورها ووصولها إلينا؟
أين الاعمال الراقية التي يتنفس الناقد وينتشي حالما يكون بصدد التعامل معها؟
إن نقاد هذه الاعوام الاخيرة في حاجة الى أن يعلموا انهم يشجعون الرداءة بمختلف مظاهرها ويركبون أوراق الساحة الادبية فأعمال كثيرة نفخ فيها النقاد وكتّاب النقد بشيء من المجاملة والمديح حتى استمر أصحابها في الخطأ وأصبحوا يتطاولون بأخطائهم ويستمرون بها.
أتابع ما يكتب اليوم من نقد أدبي في الملاحق الثقافية فتأتيني ملاحظة غريبة وهي أن النقد خرج عن المعنى... أكثر صلات الناقد بالكاتب هي الصداقة والمعرفة. أي ليست هناك كتابات نقدية توحي بالاستقلالية مادمنا قد تفطنا الى أن علاقة الناقد بالكاتب حميمية أو أن المقال النقدي قد كتب على هامش لقاء حميمي...
ومادامت الاستقلالية بين الناقد والكاتب غير متوفرة فهذا له انعكاس سلبي على النصوص النقدية. من هذا الذي يضطر الى أن لا يجامل صديقه أو يحمي ظهره؟
إن محاولات قليلة تخلصت من هذا القيد وكتبت عن كتاب لا علاقة بهم.
( 3 )
«مبهرة هذه الاعمال».
هذا ما نقوله حينما نقرأ بعض الكتابات النقدية الفضفاضة فنرى صنوفا من التمجيد والتعظيم ولكن في الحقيقة حالما نطلع على الاعمال الاصل نصطدم بالرداءة فننفر من الناقد والكاتب معا. والغريب أن هذه المغالطة النقدية تظهر أيضا في مقدمات كتب قدم لها كتاب ونقاد كبار...
( 4 )
إن الكتابة النقدية لا تلزمنا بالمديح ومادام قول الحقيقة كاملة لا يمكن لاننا في ساحة أدبية لا تقبل إلا النقد المجامل فعلينا تدبّر الامر...
إن السؤال الذي يجب أن يطرحه النقاد:
كيف نتجنب المجاملات ومدح الاسماء مدحا وهميا؟ وكيف نتجنب غضب الكتاب؟ وكيف نتخلص من حرج أصدقائنا وهم يهدوننا كتبهم ويطلبون بشكل أو بآخر أن نكتب عنهم؟
إنها بعض الاسئلة التي تمر علينا ويخطئ الزملاء النقاد في الاجابة عنها وهذا ما أوقع الكثير من الكوارث!
( 5 )
شخصيا حاولت طوال السنوات الفارطة أن لا أجامل على حساب المقاييس الابداعية، واكتفيت بقراءات نقدية يمكن تصنيفها الى:
نقد اخباري وهو النقد الذي يخبر عن الكتاب.
نقد متعلق بالموضوع والظاهرة وهو النقد الذي لست مطالبا فيه بأن أشكر أو أذم وإنما أنا أتتبع الظاهرة الادبية تتبعا موضوعيا في سجل هذا الكاتب أو مجموعة الكتاب وأن تبدو مواقف استحسان لبعض الكتب فإما لأنها فرضت ذلك أو لأن هذه المواقف منسوبة الى خواطري ووجداني وقيمي.
أما النقد الاكاديمي المستمد من البنيوية والاسلوبية وغيرها فلقد عزفت عليه لاسباب عديدة أولها:
* الوعي بخصوصية النقد الموجه عبر وسائل الاعلام المكتوبة والسيارة وخصوصا الصحف وهو نقد لا يتحمل كل تلك التفاصيل الدقيقة التي مازال البعض منبهرا بها ويطبقها بطريقة مدرسية.
* الوعي بأن تلك المدارس لم توجد لنطبقها بحذافرها وإنما درّست لنا كي نتعلم آليات البحث في النص الادبي...
* إن تطبيق تلك الاساليب لن يكون موفقا ولن يقدم فكرة كاملة عن عدة آثار والذين يجاهرون ويدعون تطبيق هذه المناهج في ملاحقنا الثقافية يمتاز تطبيقهم بالكثير من القصور...
* إن تطبيق هذه المناهج لا يجوز عموما إلا في المجلات الاكاديمية والمتخصصة أما في الصحف الاسبوعية فليس الامر سوى فضفضة مملة.
(وهنا أسوق أن بعضهم يفرح ويعود الى بيته مسرورا كلما طبقت عليه احدى هذه المناهج).
إن المشهد النقدي عندنا يبدو بائسا لانه سقط في المجاملات وسوء الاختيار والتوظيف السلبي ومادام النقد لا يثير جدلا فالمسألة مؤلمة وفاترة... ولذلك يظل الحديث عن أزمة نقد ممكن... وأود الاشارة هنا الى مفارقة عجيبة وهي ما يتردد لدى الكثير من الادباء حول غياب النقد والاهتمام النقدي بأعمالهم خصيصا. ويبدو أن ما تساءلوا عنه ليس النقد الذي نقصده وإنما النقد الاخباري الذي يقرب كتبهم الى الناس وهذامن حقهم أما النقد الادبي فأظن أنه ليس من حق الجميع... هو حق فقط للنصوص المتألقة والمثيرة بجودتها ومضامينها وأساليبها.
( 7 )
طالت أيام امساكي عن الكتابة النقدية رغم أن الامر لا يعدو أن يكون سوى أسابيع قليلة ولكنها الاسئلة تخامرني...
كيف أكتب نقدا مغايرا؟
إن النص النقدي الذي يكتب اليوم أصبح روتينا في الشكل والمضمون وما لم نكتب نقدا مغايرا يحرك الساحة ويثير الحوار فإن الاحساس بالفشل سينتابنا...
إنه يترتب علينا أن نكتب نصوصا نقدية تتميز عن السائد وعلينا أن نجد الجرأة الكافية لقول حقائق بعض النصوص الادبية عندنا بعيدا عما يقال الآن عندنا... فما يقال لا يخلو من صمت عن عدة ظواهر وأشياء وهذا ما يقض مضاجعنا النقدية!
سيبقى شعور الفشل يلاحقنا ما لم نستجمع قوانا ونقول الحقيقة الغائبة والمسكوت عنها حول عديد النصوص...
أسئلة تخامرني وتكبلني وتقيدني لاني مؤمن بأن النقد عندنا يحتاج الى تحوّلات أخرى...
( 8 )
هل تستقيم الامور؟
ويخرج النقد من أزمته؟
وينزع معطفه الحالي؟
إنه سؤال يراودني بل قل أمل يحدوني وأنا ألملم أشلائي وأشلاء قلمي...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.