مجموعة رائدة في صناعة مستحضرات التجميل تختار الاستثمار في بوسالم    مبروك لتونس: الذهبية الأولى في الألعاب الأفريقية للشباب عبر الكاياك    حبس 9 سنين لمروج المخدرات في المدارس    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    وزارة المرأة تعلن على خطة باش تقوي العائلة التونسية و تحضّر الشباب للحياة الزوجية    وفاة جماعية: 9 قتلى في يوم واحد والسبب صادم    وزارة البيئة تعلن عن فتح باب الترشحات لتقديم مبادرة فنية رياضية مسرحية ذات الصلة بالبيئة    من تونس: رئيس وزراء فرنسا الأسبق يوجّه رسالة للعرب..#خبر_عاجل    النوم مع ال Casque: عادة شائعة ومخاطر خفية    فريق كبير ينجح في إستخراج 58 حصوة من كلية مريض    صادم: أجهزة منزلية تهدد صحة الرئتين    جندوبة: تفقد مراكز توقير البذور والأسمدة وتوصيات لتوفير مستلزمات موسم البذر    35 للراجل و29 للمرأة: شنوة اللي صار في أعمار الزواج للتوانسة؟    31 ديسمبر 2025: انطلاق موسم تصدير البرتقال المالطي إلى فرنسا    حملة صحية مجانية للتقصي المبكر لسرطان القولون بجهة باردو..    عاجل: قبل الدربي بيوم..لاعب الترجي يغيب عن المُقابلة والسبب ''عُقوبة''    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": قائمة أفضل هدافي المسابقة عبر التاريخ    وزير الاقتصاد يؤكد التزام تونس بمواصلة الاصلاحات الاقتصادية وتحسين مناخ الأعمال    جمعت تبرعات لبناء جامع...تفكيك عصابة تدليس وتحيل وحجز أختام وبطاقات تعريف    كأس القارات للأندية: فلامنغو البرازيلي يواجه بيراميدز المصري في نصف النهائي    حجز القضية للتصريح بالحكم...عبير موسي ترفض استنطاقها    قضية عبير موسي..هذه آخر المستجدات..#خبر_عاجل    قابس: تركيز الشباك الموحد لتوفير مختلف الخدمات لفائدة حجيج الولاية    الرابطة الأولى: مستقبل المرسى يتربص بالمنستير.. و3 وديات في البرنامج    عاجل: هذه حقيقة الوضع الصحي للفنانة ''عبلة كامل''    وزير الإقتصاد: حقّقنا نتائج إيجابية رغم الصعوبات والتقلّبات    عاجل: فتح باب التسجيل لطلبة تونس السنة الثالثة في الطب و هذا اخر يوم !    مدير عام الديوانة: هذا ما قمنا به لتبسيط المعاملات للمواطنين والمؤسسات    حاجة في كوجينتك فيها 5 أضعاف الحديد الي يحتاجه بدنك.. تقوي دمك بسهولة    هجوم سيبراني يخترق ملفات ل "الداخلية الفرنسية"    بطولة الرابطة الثانية: تعيينات حكّام مباريات الجولة الثالثة عشرة    كأس العرب قطر 2025: إشادة سعودية بالأداء وتأثر فلسطيني بالخسارة رغم "المردود المشرف"    عميد البياطرة: هاو علاش الكلاب السائبة منتشرة في الشوارع التونسية    10 سنوات سجنا لشاب اعتدى على والدته المسنّة بقضيب حديدي    جدول مباريات اليوم الجمعة في كأس العرب ..التوقيت القنوات الناقلة    عاجل: دولة أوروبية تقرّ حظر الحجاب للفتيات دون 14 عامًا    ولاية واشنطن: فيضانات عارمة تتسبب في عمليات إجلاء جماعية    القطاع يستعد لرمضان: إنتاج وفير وخطة لتخزين 20 مليون بيضة    طقس اليوم: ضباب كثيف في الصباح والحرارة في استقرار    عاجل/ جريمة مدنين الشنيعة: مصطفى عبد الكبير يفجرها ويؤكد تصفية الشابين ويكشف..    وفاة 7 فلسطينيين بغزة جراء انهيارات بسبب المنخفض الجوي    زلزال بقوة 6.5 درجة قبالة شمال اليابان وتحذير من تسونامي    إثر ضغط أمريكي.. إسرائيل توافق على تحمل مسؤولية إزالة الأنقاض في قطاع غزة    رقمنة الخدمات الإدارية: نحو بلوغ نسبة 80 بالمائة في أفق سنة 2030    في اختتام المنتدى الاقتصادي التونسي الجزائري ..وزير التجارة يؤكد ضرورة إحداث نقلة نوعية ثنائية نحو السوق الإفريقية    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    أيام قرطاج السينمائية: عندما تستعيد الأفلام «نجوميتها»    خطبة الجمعة.. أعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك    الليلة: أجواء باردة وضباب كثيف بأغلب المناطق    تونس تسجل نموًا ملحوظًا في أعداد السياح الصينيين بنهاية نوفمبر 2025    قبل الصلاة: المسح على الجوارب في البرد الشديد...كل التفاصيل لي يلزمك تعرفها    صدر بالمغرب وتضمن حضورا للشعراء التونسيين: "الانطلوجيا الدولية الكبرى لشعراء المحبة والسلام"    تونس تسجل "الكحل العربي" على قائمة اليونسكو للتراث العالمي    عاجل : عائلة عبد الحليم حافظ غاضبة و تدعو هؤلاء بالتدخل    خولة سليماني تكشف حقيقة طلاقها من عادل الشاذلي بهذه الرسالة المؤثرة    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    الدورة الخامسة لمعرض الكتاب العلمي والرقمي يومي 27 و28 ديسمبر 2025 بمدينة العلوم    عاجل/ توقف حركة القطارات على هذا الخط..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزاوية الخامسة: قراءة في عدد من «شروق الإبداع»: بوح الشعراء أو جناية النقّاد
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

ليسقط النص المعلّم ولتسقط معه الأصنام أو لتكن الكتابة جدلا بين الكاتب والقارئ فيبرز النص الثالث أو الوسط أو النص المراد ذاك الذي يلعن أبدا كل ثبات وكلّ مرجع يشدّه الى خلف ويمتّن علاقته بسلف صالح وبمعلم أول يطبع ذائقته.
هذه الصورة التي تحصل للمطلع علي ملحق جريدة «الشروق» «شروع الإبداع» الجمعة 6 فيفري 2004 إذ أنّ ما قدّمه ملفّه حول «النّقد الأدبي.. هل هو حاضر.. بالغياب؟! يشي باشتراك واضح في الرّأي بين الشعراء المساهمين فيه بوجود «أزمة» نقد :
ففيمَ تتمثل هذه الأزمة داخل السّاحة الثقافية التونسية؟ وما الذي يقترحه هؤلاء الشعراء للخروج من هذه الأزمة؟ وما رهانات هذا العدد من شروق الإبداع وهو يضع للنّقد مرمى داخل صفحاته؟
لقد أجمع الشعراء المشاركون في هذا الملف على وجود «أزمة» في التعامل مع النص الشعريّ داخل الساحة الثقافية التونسية وألحّوا علي ضرورة تشخيصها بالعودة الى معالجة النص ذاته ذاك الذي ظلّ مختفيا وراء ذاتية نقدية توزّعت بين توجّه يجعل العلاقات الشخصية مرجعا أساسيا لكلّ إقبال على المعالجات النقدية للنص وبين «صنميّة» الأسماء تلك التي لا تعترف بغير نجومية أسّسها نصّ سلفيّ أو نص أضحى أسمالا مهترئة من فرط تناولنا التشريحي له.
وجاء في شهادة الشاعر عبد الكريم الخالقي «... ولكن ثمّة ظاهرة بدأت تغمر المشهد التونسي وهي استسهال العملية النقدية فالمفروض أن ممارسة النقد لا بدّ له من حدّ أدنى في امتلاك أدواته..» ذاك ما يجعل منها «... قراءات عاشقة..» وهو ما شدّد عليه أيضا الشاعر محفوظ الجرّاحي في قوله «إنّ بعض النقاد مازالوا يتعاملون مع النصوص بواسطة العلاقة مع مبدعيها تلك العلاقة التي تكون في أغلب الحالات علاقة شخصية تجعل من بعض الأعمال النقدية أعمالا تعكس تلك العلاقات فتصبح الدراسات إخوانية الاتجاه تتحوّل بموجب القراءة النقدية الى قراءة عاشقة تقفز على عديد المناهج لتصبّ في الآخر إلى قراءة مغشوشة للنص تكون نتائجها مغشوشة لا تعكس حقيقة النص لتضع القارئ في النهاية أمام نصّ نقدي يخادع الكاتب والقراء على السّواء» تلك الخديعة جعل لها الشاعر عبد اللّه مالك القاسمي «ثمنا» توجّه وجهة النفع فغيّب النص وسقط في النسيان «... أما ما لا أحترمه تماما فهو نفاق بعض النقاد والأصدقاء الشعراء والكتاب الذين يرحبون بنصوصي ويبدون إعجابهم الكبير بها دون أن يكتبوا سطرا واحدا بينما يكتبون عن أعمال أخرى لترقية أجنبية».
وكذلك كان الشاعر يوسف رزوقة مشّخصا للأزمة من جهة ذاك «المنعكس الشرطي» كتابة نقدية يجذبها مثير السائد والبديهي والعادي والمسيطر على الذّائقة المتكلّسة بفعل اتفاقها مع قيم تغيّب استشراف فعل الكتابة : «أمّا ناقد «الانعكاس الشرطي» ناقد النصوص ذات الصلة بالبرامج المدرسية الموازية ذاك المتورط عن جهل الى حدّ الصمم المضمر في منهجه النقدي المنمّط والمسقط (هذا إن وجد أصلا) والذي لم تبرح ذائقته النقدية طقوس المتنبّي ومن لفّ لفّه أو (أغاني الشابي) في أقصى الاحتمال، فهذا الناقد لم يتفطّن بعد إلى مدوّنتنا الشعرية الرّاهنة وهي مدوّنة أقل ما يقال فيها وعنها وبلا مبالغة انها مربكة إلى حدّ خلخلة السّائد المطمئنّ».
لقد ظلّ النقاد ذاك ما اتفق عليه هؤلاء الشعراء المساهمون في هذا الملف فلا يجد الشاعر البشير المشرقي غير استفهامات يطرحها عليهم مجسّدا فيها حسرته واستغرابه «أين المنفى بمعناه الوجودي أين الموت أين الغربة أين الأشواق تعوي في القرار أين الانسان بأبعاده الوجودية العديدة؟ لست أدري؟».
هي «أزمة» أو «جهل» أو «كتابة عاشقة» أو لعلّها نسيان غرض النصّ لسببين حدّدهما الشعراء أوّلهما يدخل في باب الذّاتيات والإخوانيات وثانيهما معرفيّ أو قصديّ يتّهم الحركة النقدية وأساسا «مدرّسي الأدب» على رأي عبد الكريم الخالقي أو الجامعيّين تأويلا لشهادات «رزوقة والمشرقي بنسيان النصوص الجادّة وبخطإ تطبيقاتها على الآثار الشعرية.
فهل هي النصوص وقد صارت للغياب؟ أم هي «الأزمة» التي يرى لها الشعراء صبحا قد يكون؟
الشاعر المتميّز يوسف رزوقة يتيقّن باستشراف ناقد جدّي يتفهّم قصائد العولمة ويحلّ طلاسمها : «من هنا يحقّ لنا أن نتطلّع إلى طوفان نقدي قادم ينتصر للنص الشعري العظيم ويجرف معه في الأثناء زخم الرّداءات المتراكمة في عقر ذائقتنا النقدية منذ قرون» إنه الأمل أو هو بصيص نور يستحسنه الشاعر عبد الكريم الخالقي في قوله : «ورغم هذا فإنّ السنوات الأخيرة عرفت بعض التناولات القيّمة خاصّة داخل جامعتنا وأصبح للأدب التونسي مكانة في أقسامها وهي ظاهرة ندعو إلى تكثيفها وتطويرها».
ويكرّس عبد اللّه مالك القاسمي هذا الطموح برؤية شاعرية لا تغلق للأمل بابا متّخذا من التاريخ خير معلّم ومخبر : «ولكن لي قناعة راسخة تعلّمتها من التجارب السابقة ومن التاريخ هي أن النص الجيّد سيحيا.. وسيسافر عبر الزمن فلنكتبه نصوصا جيّدة أوّلا ونتركها سيبحث عنها النقاد الآن أو غدا».
إنّها حمّى الكتابة وهي تعلن سلطة النص كبديل عن سلطة الفكرة ذاك الذي يؤسسه الباث في علاقته بالمتلقي ولذلك أكّد «بول ريكور» على : «إنّ النصّ هو ذاك الخطاب المثبت عبر الكتابة» أو هي الكتابة التسجيل الوحيد للقول.
فهل هي الدعوة للقول عبر «الكتابة» تلك التي لا تجد لذاتها من حضور غير نشرها عبر وسائل النشر والتوزيع كتبا صحفا وإعلاما سمعيا ومرئيا؟
إنّ هذا العدد الأخير من شروق الإبداع يكشف في تفصيل مادته النقدية والشعرية والنثرية عن هذه الرغبة في جعل النص غاية الفعل الثقافي إذ به يتحوّل القول من الإعلان الشفويّ إلى الحضور المكتوب ذاك المبدأ الضروري لكلّ قراءة نقدية ولكلّ تأويل، وما قدمته افتتاحية العدد كلمة تحت عنوان «عن النّقد مرّة أخرى» يشي بذاك الرّهان : «كنّا فتحنا على صفحات شروق الإبداع وفي أكثر من إشكالية غياب النقد في الحياة الثقافية في تونس وهي الظاهرة التي لم نجد لها تفسيرا مقنعا إلى حدّ الآن».
ولأنّ هذه الاشكالية محور رئيسي في حياتنا الثقافية عدنا إليها مرّة أخرى من خلال ملفّ ننشر جزأه الأول في هذا العدد.. وأملنا من خلال هذا الملف تحريك سواكن الحياة الثقافية وهو الهدف الأساسي لهذا الملحق».
هي الرغبة الجامحة في استدعاء القول عبر مخاطبة أصحابه ومكاشفتهم بزاوية مطفأة قد يكون الحوار الصحفي مدخلا ضروريا لإضاءتها أو لنقل هو الوجه الثاني للاضافة الفعلية للنص المكتوب أو هو الرّافد التأويلي الذي يساعد فهم النص وإعادة الوعي به نقديا وهو ما سعى إلى تبيانه الشاعر نور الدين بالطيب في محاورته للقاصّة فوزية علوي فدعاها إلى جملة من الإحراجات التي تتنزّل في خانة «النص والنقد» فكان الحديث عن علاقتها بأجناس الكتابة إنجازا وموقفا وعلاقة نصوصها بالنقاد ليصل بها في آخر الأمر الى رهانات الكتابة لديها.
ولعلّ المدقّق في هذا الحوار والمؤوّل الجدّي له يدرك أنّ اشكالية «النصّ والنقد» كانت هي المهيمنة على عقليّة المحاور:
«لك تجارب في الكتابة النقدية كيف تتنزّل هذه التجربة في مسارك الإبداعي؟..
هناك من يتحدّث عن تقصير النقاد في دراسة الأدب التونسي هل ترين هذا صحيحا؟
تقسيم الأدب التونسي إلى أجيال هل تعتبرينه مقياسا في دراسة الأدب التونسي؟
نلاحظ احتفاء مبالغا فيه أحيانا بالكتابة النسائية ما سرّ هذا الاحتفاء في رأيك؟»
هي الكتابة وهي تعلن عن ذاتها عبر المكتوب تفضح صاحبها أو هي تدعونا جميعا كتابا وقراء ونقادا إلى إعادة وعينا بثوابتنا ولا نخال أيّ عمل إبداعيّ يكشف عن وجهه بذاته بل قدرته على المخاتلة تظلّ أساس وجوده ولكنّ دور «الآخر» أو دور ذاك الواعي «النّاقد» يكمن في كشف أقنعة النص ليكون ممكنا ومؤوّلا قريبا من ذات القارئ لا لصيقها لأن النص الحقيقي لن يستطيع إلا مخاتلة قارئه لقدرته الرمزية العالية.
لقد استطاع العدد قبل الأخير من «شروق الإبداع» أن يكون بحقّ نافذة جادّة على ذاك «النقد» أو عن رؤية «الشاعر» لذاك الخصم أو لذاك الصديق اللّدود ولعلّ في الاستماع الى ذاك «الآخر» خير إمكان لتأويل نصّ أضحى إحراجه لا يخفى على فطن :
«إنّ الأثر لا يتأبّد لأنه أرسى معنى وحيدا ولكنّه كذلك لأنه يوحي بدلالات مختلفة لإنسان واحد يتكلّم دائما اللغة الرمزية ذاتها عبر أزمنة متعدّدة، فالأثر يقترح والإنسان يتصرّف».
رولان بارت
* الهوامش :
* جريدة «الشروق» شروق الابداع ملحق أدبي ثقافي الجمعة 6 فيفري 2004
راجع: سؤال إلى الكتاب ص. 6 7
راجع: افتتاحية العدد كلمة عن النقد مرّة أخرى الشروق ص. 2.
راجع: حوار مع القاصّة فوزية علوي أجراه معها نور الدين بالطيب ص. 5


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.