تونس (رويترز)الفجرنيوز:أثار فيلم "سيني شيتا" للمخرج التونسي ابراهيم اللطيف والذي وجه فيه سهام نقده اللاذعة إلى أجهزة الرقابة بوزارة الثقاقة في بلاده اهتماما واسعا خلال عرضه لاول مرة بقاعات السينما هذا الاسبوع ضمن أنشطة الدورة الخامسة عشرة من مهرجان السينما الاوروبية المقام بتونس. وتدفق المئات إلى قاعة المونديال بالعاصمة حيث يعرض الفيلم الذي أثار جدلا بسبب تناوله مسألة تشغل قطاعا غير صغير من السينمائيين يشكون من حرمانهم من دعم مادي من الحكومة الا بشروط. وفي الفيلم الذي يقوم ببطولته محمد النهدي ومحمد علي بن جمعة ودرة زروق أراد المخرج من خلاله القاء الضوء على تجربة عاشها شخصيا حينما حرم من الدعم المالي لانجاز فيلم بسبب رفضه الخضوع لبعض شروط الرقابة. وقال اللطيف في مقابلة مع رويترز "هذا الفيلم هو رد على رسالة تلقيتها من لجنة الدعم السينمائي تعلمني ان هذا الموضوع لا يتماشى مع ما يشهده المجتمع من تطور." وأضاف "هنا تساءلت.. هل أن المبدع خلق لينتقد ويبدع أم انه خلق لينفذ ويلتزم بما هو مطلوب منه." وفي الفيلم الذي طغت على أغلب اجزائه مواقف الكوميديا السوداء وظفت الشخصيات للسخرية من تسليط سيف الرقابة بشكل يحد من حرية التعبير لدى المبدعين في السينما. وقال اللطيف "ان الاوان لترفع الرقابة أيديها عن الابداع السينمائي في البلاد وأن تكف عن فرض شروط تحد من ابداع الفن." ويروي الفيلم قصة ثلاثة شبان مولعين بالسينما هم "شاهين" و" حميد" و"انيس" الذين أرادوا انجاز أول فيلم غير انهم اصطدموا برفض مصلحة الدعم بوزارة الثقافة المساعدة في تمويل الفيلم الا في حالة حذف عدة اجزاء عن الإرهاب والتشدد والجريمة. ويسعى الشبان الحصول على المال بأي طريقة لتمويل مشروعهم فيلجأوا للسطو على بنك مما يمكنهم من تحقيق حلمهم بانتاج فيلم بل وايضا عرضه بمهرجان كان السينمائي أحد أشهر المهرجانات العالمية. وتخصص وزارة الثقافة ميزانية هامة للمساهمة في تمويل عدد من الاعمال السينمائية والمسرحية التونسية غير ان بعض المبدعين يشتكون من ان الدعم يعطى مقابل فرض رقابة مشددة على العمل. لكن وزير الثقافة التونسي عبد الرؤوف الباسطي قال في وقت سابق ان وزارته لا تمارس أي رقابة على حرية الابداع في البلاد.وأضاف أن جرأة السينما والمسرح التونسي مشهود بها في الداخل والخارج. ويؤكد اللطيف الذي اخرج عدة افلام قصيرة ابرزها "فيز" و"ضحكة زائدة" انه لا يسعى إلى حرب ولا مواجهة مع أحد بل انه يسعى لتوسيع هامش الحرية بشكل يفضح من خلاله ما سماه بتجاوزات أفراد. ويعتبر فليم "سيني شيتا" نقلة نوعية في السينما التونسية حيث انه من نوع كوميديا بوليسية على الطريقة الايطالية لم يتعود عليها المشاهدون في تونس على حد تعبير المخرج. ويصل تهكم المخرج مداه حين يسخر من بعض الشخصيات المؤثرة في الوزارة من بينها وزير الثقافة السابق محمد العزيز بن عاشور حيث تبرز في الفيلم شخصية "ابن عاشور" التي كانت تشبه كثيرا ملامح الوزير السابق لكنها جاءت على نحو كاريكتيري. ويقول مقربون من الحكومة ان السماح بعرض فيلم يتضمن مثل هذه المشاهد هو دليل واضح على حرية التعبير التي تتيحها البلاد لكل مبدعيها. لكن في مقابل النقد اللاذع لبعض الشخصيات حاول المخرج تكريم شخصيات سينمائية اخرى مثل المخرج المصري الراحل يوسف شاهين والمنتج التونسي الراحل أحمد بهاء الدين عطية حيث اختار لاسماء ابطاله اسمي شاهين وحميد "تقديرا لاسهامهما في اثراء السينما العربية والافريقية". واعتبر اللطيف ان "الرقابة حين تفرض فانها لا تفرض على شخص المبدع وانما تتجاوزه لتشمل شعبا كاملا من خلال حرمانه من نسمات حرية وحديث عن مشاغله." وأضاف لرويترز "الوقت لم يعد يسمح لاحد بوضع ممنوعات في ظل العالم.. القرية التي أصبحت فيه المعلومة متاحة على الانترنت وعلى الفضائيات ايضا." ومضى يقول "نحن نريد ان نتكلم عن كل شيء في بلادنا بحرية هنا وليس خارجها."