داهم مسؤولون قضائيون ورجال شرطة مصريون يوم الخميس مكاتب 17 منظمة غير حكومية من بينها منظمتان بارزتان لدعم الديمقراطية مقرهما الولاياتالمتحدة وتديران برامج لتدريب الاحزاب السياسية الناشئة في البلاد. وفي رد فعل سريع عبرت الولاياتالمتحدة التي تدعم منظمات تعمل في البلاد عن قلق عميق وقالت انه ينبغي وقف المضايقات فورا كما لمحت الى امكانية أن تعيد واشنطن النظر في المساعدات العسكرية لمصر التي تبلغ 1.3 مليار دولار سنويا في حالة استمرار المداهمات. وقالت 27 منظمة حقوقية في بيان وزع في مؤتمر صحفي وعبر عن استنكار ما حدث انها تتوقع أن تمتد المداهمات الى عشرات المنظمات في اطار ما قالت انها "حملة أطلقها المجلس العسكري للتشهير والوصم لكافة النشطاء الحقوقيين والعديد من القوى المنخرطة في فعاليات ثورة الخامس والعشرين من يناير." وأضافت المنظمات أنها تشدد على أن "هذه الحملة غير المسبوقة حتى في عهد الرئيس المخلوع تستهدف التغطية على الاخفاقات الكبرى من جانب المجلس العسكري في ادارة المرحلة الانتقالية والتنكيل بالكيانات السياسية والنشطاء السياسيين والحقوقيين." وفي الخامس والعشرين من يناير كانون الثاني اندلعت مظاهرات احتجاج ضد الرئيس حسني مبارك تحولت الى انتفاضة واسعة أطاحت به بعد 18 يوما. وقتل في الاحتجاجات نحو 850 متظاهرا وأصيب أكثر من ستة الاف. وقالت وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية المصرية ان 17 من "المنظمات الاهلية جرى استهدافها في اطار تحقيق في التمويل الاجنبي الذي تحصل عليه تلك المنظمات". ونقلت الوكالة عن مكتب النائب العام قوله ان قضاة التحقيق المنتدبين قاموا "بتفتيش 17 مقرا لفروع منظمات أجنبية وأخرى مصرية بناء على ما توافر بالتحقيقات من دلائل جدية على قيامها بممارسة أنشطة بالمخالفة للقوانين المصرية ذات الصلة وثبوت عدم حصول أي منها على أية تراخيص أو موافقات من وزارة الخارجية المصرية ووزارة التضامن الاجتماعي على فتح فروع لها في مصر." ومنذ شهور تقول منظمات تراقب حقوق الانسان في مصر انها تتعرض لحملة منظمة من قبل الحكومة تهدف الى تشويه صورتها والصاق تهمة العمالة لدول أجنبية بها. وفي شكوى الى اثنين من المسؤولين الحقوقيين في الاممالمتحدة ومسؤول حقوقي افريقي أرسلت في أغسطس اب قالت المنظمات انها استهدفت لانها كشفت للرأي العام "العديد من الانتهاكات التي مارستها قوات الشرطة العسكرية مثل اجراء كشوف عذرية لمتظاهرات بميدان التحرير بعد اقتيادهن لاماكن احتجاز تابعة للشرطة العسكرية وفض اعتصام ميدان التحرير بالقوة المفرطة في الثامن من ابريل وفض اعتصام طلبة كلية الاعلام جامعة القاهرة في التاريخ نفسه... بالاضافة لتصدي هذه المنظمات لمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية تفتقد الى أدنى معايير المحاكمات العادلة." وقال القيادي الحقوقي ناصر أمين في المؤتمر الصحفي الذي أذيع فيه بيان المنظمات الحقوقية "شرف لنا أننا حرضنا على قيام الثورة وشرف لنا لا ندعيه مساعدة الشعب المصري على الوقوف ضد السجن والظلم والحبس والاعتقال." وقال القيادي حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان كبرى المنظمات الحقوقية المصرية "كل ما حدث (منذ ولاية المجلس العسكري) هو ارتداد على الثورة وأهدافها." وتولى المجلس الاعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون البلاد بعد سقوط مبارك وقال الشهر الماضي انه سيسلم السلطة في منتصف العام المقبل لرئيس سينتخب في يونيو حزيران. وقال بيان في موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان يوم الخميس "اقتحام مقار المنظمات في هذا التوقيت مرتبط بالحملة الشرسة التي يقودها المجلس الاعلى للقوات المسلحة والحكومة المصرية والتي بدأت في يونيو (حزيران) 2011 ضد المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الانسان." وأضاف "سبق وتم استدعاء المعهد الوطني الديمقراطي والمعهد الجمهوري الدولي ومؤسسة بيت الحرية للتحقيق من قِبل وزارة العدل تحت دعوى تلقى التمويل الخارجي. "في حين أن المركز العربي لاستقلال القضاء والمهن القانونية لم يبدأ التحقيق معه بعد كما كان من المقرر أن يتم التحقيق مع منظمة الموازنة العامة وحقوق الانسان صباح الاحد أول يناير (كانون الثاني) 2012." وقال مصدر أمني وعاملون ان المداهمة استهدفت المكاتب المحلية لمنظمتي المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الوطني الديمقراطي اللتين تتخذان من الولاياتالمتحدةمقرين لهما الى جانب منظمتين أخريين. وقالت موظفة بالمعهد الوطني الديمقراطي ذكرت ان اسمها روضة "قوات أمن قالت انها من النيابة العامة تقتحم مكاتبنا ونحن نحدثكم. انهم يأخذون أوراقنا وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بنا أيضا." وقال المصدر الامني ان الموظفين لم يسمح لهم بمغادرة المكاتب أثناء عمليات التفتيش. وأضاف أن المسؤولين القضائيين صادروا مستندات وأجهزة في اطار التحقيق. وقال المجلس الاعلى للقوات المسلحة انه سيحقق في تمويل منظمات المجتمع المدني ومنظمات مراقبة حقوق الانسان وانه لن يسمح بالتدخل الاجنبي في شؤون مصر. وكانت بعض منظمات مراقبة حقوق الانسان المحلية في طليعة الاحتجاجات التي أسقطت مبارك وهي تطالب الان بنهاية فورية للادارة العسكرية لشؤون البلاد. وأسفرت اشتباكات بين محتجين وقوات من الشرطة والجيش هذا الشهر عن مقتل 17 ناشطا. وقال الجيش انه سينقل السلطة للمدنيين في منتصف 2012. وقال خبراء سياسيون ان المنظمات التي اقتحمت مكاتبها يوم الخميس تتخذ موقفا محايدا من الاحداث المصرية وتركز على تعزيز الديمقراطية في مصر من خلال تدريب أعضاء الاحزاب الجديدة. وقال عضو قيادي في حزب ليبرالي طلب ألا ينشر اسمه "المعهد الوطني الديمقراطي يدرب الاحزاب الجديدة... على كيفية المشاركة في الانتخابات. هذا يحدث بمعرفة السلطات الكاملة وليس سريا." وقال المعهد الوطني الديمقراطي في موقعه على الانترنت انه ينظم تبادلا للافكار بين الدول التي تحولت الى الديمقراطية وتلك التي تطمح اليها. ويقول المعهد الجمهوري الدولي انه يعمل مع نشطاء مصريين من أجل توسيع معارفهم بتنمية الاحزاب السياسية واستراتيجيات الحملات الدعائية وأبحاث الرأي العام. وفي رد فعلها حثت الولاياتالمتحدة السلطات المصرية على ان تتوقف على الفور عن "التضييق" على موظفي المنظمات غير الحكومية. وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية "نحن قلقون للغاية لان هذا تصرف غير مناسب في المناخ الحالي" مضيفة أن مسؤولين أمريكيين كبارا على اتصال بالقادة العسكريين المصريين للتعبير عن قلقهم من هذه المداهمة. وعلى المستوى المحلي عبر المجلس القومى لحقوق الانسان الذي تموله الحكومة "عن قلقه البالغ" ازاء الاجراءات بحسب وكالة أنباء الشرق الاوسط. وقال المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح المحتمل للرئاسة محمد البرادعي في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "منظمات حقوق الانسان هى أيقونة الحرية... الجميع سيراقب عن كثب أية محاولات غير شرعية لتشويهها."