وزير السياحة: 80 رحلة بحرية أي قرابة 220 ألف سائح اختاروا الوجهة التونسية    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    الرابطة 2.. النتائج الكاملة لمباريات الجولة 20 والترتيب    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    بعد انفصال لعامين.. معتصم النهار يكشف سبب عودته لزوجته    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بطولة المانيا: ليفركوزن يحافظ على سجله خاليا من الهزائم    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    كاردوزو يكشف عن حظوظ الترجي أمام ماميلودي صانداونز    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وهل فوز أوباما بالرئاسة سيكون بمنزلة الجحيم؟:برهان إبراهيم كريم
نشر في الفجر نيوز يوم 26 - 11 - 2008


العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم الفجرنيوز
وأخيرا تحقق ما كانت تحلم فيه وتتوقعه أكثرية الشعوب, من فوز السيد باراك أوباما وهزيمة جون ماكين.
وفوز باراك أوباما كرئيس جديد إنما كان نتيجة تضافر عوامل عدة وبفضل كثير من الجهود. ومن أهمها:
1. عزم غالبية الشباب الأمريكي على ضرورة أن يتمتع بحياته, لا أن يهدر روحه وحياته بالحروب.
2. قناعة غالبية الشعب الأمريكي بأن إنقاذ بلادهم مما هي فيه إنما يكون بالتصويت لباراك أوباما.
3. قناعة الجميع بأن أسباب الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالعالم والولايات المتحدة الأميركية كانت نتيجة تحالف قوى اقتصادية وعسكرية ومؤسسات مالية وصندوق النقد العالمي والبنك الدولي وعصابات المستشارين المأجورين, وأجهزة وشركات أمنية من المرتزقة والمجرمين .و ويتحمل مسؤوليتها الرؤساء الأمريكيين من الحزب الجمهوري الذين تركوا للسوق والمال والعولمة مطلق الحرية ليتحركوا بدون أية ضوابط أو قيود.
4.ثقة الأمريكيين الكبيرة بأوباما على أنه يملك مقومات الزعامة.والتي تتجلى بكونه مثقفاً فاعلاً يثق بقدراته بعيدا عن الغرور. ويشرح أفكاره بيسر وسلاسة, ويدافع عن أفكاره بجدارة ,ولا يلجأ إلى الهجوم إلا في حالة الدفاع عن النفس ضد الأكاذيب. وخطيب مفوه بارع يحسن التعبير, ويملك الكثير من الخيارات التي ينتقي منها ما لذ وطاب وفق المعطيات والمكان والظروف.وأعطى انطباعا بأن في جيوبه الحلول لكل القضايا السياسية والدولية والاقتصادية. وحتى مشاكل الإرهاب والأمراض والفقر والتلوث والانهيار المالي وانتشار الأسلحة النووية والحروب وظاهرة الاحتباس الحراري.وهذا ما نجم عنه انقسام في موقف الأثرياء الذين يصوتون عادة للحزب الجمهوري.حيث انتقل كثير منهم لدعم أوباما ومنهم غوغل وابل ومايكروسوفت وبويننغ و...وأثرياء كبار مثل وارين بافيت وبيل غيتس و... .
5.قناعة الكثير بأن أوباما يمثل رئيساً توافقياً لكافة شرائح المجتمع الأمريكي. وخاصة أنه يملك شخصية لامعة ونظيفة وساحرة.وهو من وصف نفسه بخطاب ألقاه قبل أربع سنوات ,جاء فيه:أنا رجل نحيف لي اسم مضحك وحياة لا تصدق, وأريد رأب صدع الانقسامات السياسية والعرقية.......قصتي غير ممكنة في أي دولة أخرى على وجه البسيطة.......لا توجد أميركا ليبرالية وأخرى محافظة,بل توجد الولايات المتحدة.... لا توجد أميركا سوداء وأخرى بيضاء وأميركا لاتينية وأخرى آسيوية بل توجد الولايات المتحدة. وأوباما هو من يكرر القول أن والده من أسرة كينية ترعى الأغنام, ووالدته آن دنهام اضطرتها الحاجة يوما إلى الاعتماد على حصص الإعانات الغذائية لتدبير معيشتهما بعد أن تركها والده وهو طفل صغير. وتقف بجانب أوباما زوجة غير متجبرة أو متكبرة, ومحامية بارعة متميزة بفضل دراستها الجامعية.وربة أسرة من الطراز الأول. وصفت نفسها بقولها:أنني حالة شاذة ,فأنا فتاة سوداء نشأت في حي ساوث سايد الأكثر فقرا في شيكاغو, ولا يفترض بي على الإطلاق أن أكون في البيت الأبيض. وأنا كامرأة لا أستطيع أن أمسك لساني عن ملاطفة أو ممازحة ومناكفة زوجي, فهو قادر على التعامل مع امرأة قوية ,وهذا من الأسباب التي تجعله قادرا على يكون رئيسا لبلادي. ومع باراك أوباما أتكلم في كل شيء, لكنني لست مستشارته السياسية, أنا زوجته.
6.التباين الكبير بين مواقف أوباما وماكين. فماكين قدم نفسه على أنه يحمل المجد, ومتشدد بنشر القيم الأمريكية. ومغامر ومتسرع في قراراته, ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته, تتملكه الفلسفة المثالية مع بعض الأوجه الواقعية,ويتمسك بالأحادية في التعامل الدولي. ويعتبر الإرهاب الجهادي أشد خطر في العصر الراهن على العالم وبلاده .ورئاسته بنظر الكثيرين ستكون مفعمة بالقلق والخوف والتوتر .وصفه الباحث فريد زكريا بأنه محافظ غزير. بينما قدم أوباما نفسه على أنه ذو سلوك منضبط,ومرشح براغماتي, ولكنه من خارج العائلات التقليدية التي حكمت أمريكا خلال تاريخها المنصرم.يحمل الحلم بيد والأمل بيده الثانية.يدرس خياراته قبل أن يتخذ قراراته أو يقدم على أي عمل. يحرص على أن لا تفسر عقلانيته على أنها ضعف ووهن وقلة خبرة .عرض أفكارا عقلانية ومتزنة.ويفضل السياسة الخارجية الواقعية على الايديولوجيا.ولديه رؤية واضحة لكيفية سير العالم .ينتهج دبلوماسية مرنة وواقعية وصارمة. يؤمن بالتعددية, ويعتبر الحوار والمشاركة والتعاون مع الآخرين هو الطريق الأفضل. لكنه يحتفظ لنفسه بخيار التصرف بصورة أحادية إن استدعى الأمر ذلك, ويقول عن ذلك:أمننا المباشر لا يمكن أن يوضع رهينة تحت رغبة توافق دولي.ويؤكد على أنه سيدعم توجه نشر وترسيخ قيم الحرية والديمقراطية في العالم. إلا أنه ضد فرضها بالقوة من الخارج.حيث يقول:الناس خارج أمريكا قلما تهمهم فكرة الانتخابات, فهم يسعون أكثر خلف العناصر الأساسية التي توفر لهم العيش الكريم, والحياة من دون فساد وعنف وسلطة تعسفية. ويعتبر الإرهاب الجهادي على أنه أحد التهديدات المتوحشة التي يواجهها العالم وبلاده. نشيط وهادئ ورزين ومستمع جيد وتصالحي وغير متسرع, وأنه حلال مشاكل,لديه الحلول لما يعانيه العالم وتعانيه بلاده .وصفه فريد زكريا بأنه محافظ بارد.
7. دخول ناخبون جدد على خط الانتخابات الأمريكية لأول مرة في التاريخ الأميركي,ومن هؤلاء:
·شعوب العالم كافة. حيث تراوحت نسبة التأييد لأوباما في أوساط جماهير كل دولة من الدول والتي تتراوح كحد أدنى بين 55% (في الهند وروسيا والصين وجنوب أفريقيا) وحد أعلى يفوق92% في باقي الدول.بينما تراوحت نسبة التأييد لماكين بين 8% و 26%.
·فصائل المقاومة الوطنية نتيجة جهودها في كبح جماح العدوانية الأمريكية, والتصدي ببسالة لقواتها المدججة بشتى أنواع الأسلحة المتنوعة والمتطورة وإلحاق الهزيمة بها في أكثر من مكان.
·الموقف المشرف لبعض الدول والأنظمة في صمودها وممانعتها للمشروع الإمبراطوري الاستعماري الأمريكي.وتنامي حجم هذا المعسكر في أسيا وأمريكا الجنوبية والوسطى.
8.الرفض الشعبي العالمي والأوروبي لمنطق القطب الواحد وسياسة الهيمنة والسطو على القرار الدولي.
9.فقدان الأمن والاستقرار نتيجة تعميم سياسة الفوضى الخلاقة والتي أثمرت الحروب والنزاعات.
10.فقدان الثقة بإدارة الرئيس جورج بوش وحزبه الجمهوري بعد أن ثبت للقاصي والداني لجوؤها لأساليب الكذب والخداع والتضليل وأعمال التعذيب والإجرام والتعدي على حقوق الإنسان.
11.رفض أوباما استلام المعونة المالية الحكومية المقررة لحملته كمرشح رئاسي, واعتماده ولأول مرة على التبرعات. تاركا المعونة الحكومية والتي تقدر بعشرات الملايين لصالح الخزينة الأمريكية.
12.دعم الكثير من مراكز الدراسات والأبحاث لحملة باراك أوباما,حتى أن مركز بروكينجز كان أشبه بالناطق الرسمي لأوباما ويصدر النشرات والأبحاث والتوجيهات لضمان نجاح حملة أوباما.
لهذه الأسباب نجح باراك أوباما في إلحاق الهزيمة بإدارة جورج بوش والجمهوريين , وممن أراده بوش وصقوره و محافظوه والحزب الجمهوري أن يكون لهم خليفة في البيت الأبيض كجون ماكين وسارة بيلين.فالشعب الأميركي وجد أن فوز جون ماكين معناه استمرار لسياسة بوش مع تعديل طفيف, فماكين هزم في الحرب على أيدي الفيتناميين, ومن ثم هزم كمنافس للرئيس جورج بوش عام 2000م.ومالأ بوش بجرهم وبلادهم إلى حروب عبثية,وإلى مستنقعات تزهق فيها الأرواح, وتهدر القوى والاقتصاد. وأنه إن فاز فسيزيد من تشويه صورتهم المشوهة أصلا. حتى أن ستيفن شميدت أستاذ العلوم السياسية بجامعة أيوا اعتبر أن الانتخابات الأمريكية الحالية تعد واحدة من أهم الانتخابات الأميركية في التاريخ الأمريكي من حيث الإقبال والتأييد.
هزم الحزب الجمهوري الذي قاد معركة الاستقلال الأمريكي عن بريطانيا منذ أكثر من مائتي عام على ما جنته يداه ,حين ترك المحافظين الجدد يعيثون فسادا رغم كثرة التنبيه.وقد عبر عن ذلك باراك أوباما حين قال: لقد تعرض الحزب الجمهوري للاختطاف من قبل جزء غير كفؤ وإيديولوجي من الحزب,وأنني مازلت قادرا على الوصول إلى جزء كبير من المعتدلين الجمهوريين الذين أعتقد أنهم يتوقون أيضا للإصلاح والتغيير.
سيتربع على البيت الأبيض بعد حوالي الشهرين رئيس أمريكي أسود مزيج من أصول أمريكية وأفريقية, وسيكون الرئيس الأمريكي 44, وذلك في العشرين من كانون الثاني عام 2009 م. وسيكون يومها مطالبا بتنفيذ ما قطع من وعود للشعب الأمريكي و للشعوب الأخرى على أكثر من صعيد. وتبيان وتوضيح موقفه بشكل حاسم وجازم لكثير من المواقف التي أغفلها أثناء حملته لأغراض انتخابية, أو لأنها لا تحظى بنظره بالأولوية وعليه تجسيدها بصورها الحقيقية.وتوضيح الصورة لبعض جوانب الأمور التي شابها الغموض وسوء التفسير وكثرة التأويل.فكل ما حققه في مساء يوم الرابع من تشرين الثاني لعام 2008م إنما هو البداية المعتادة. وهي إسقاط إدارة جورج بوش وقطيع المحافظين الجدد المجرمين الذين لا يحظون بالقبول و المحبة والاحترام والتقدير. ونتيجة الاقتراع كانت كأنها رسالة من الشعب الأميركي لشعوب العالم ,فحواها أن إدارة جورج بوش لم تكن تمثله, ولاهي عبرت عن تطلعاته, ولم يكن راضياً عن الطريق التي سارت عليه, وحتى أفعالها وتصرفاتها فاجأته كما فوجئ بها الآخرون.وأنها إدارة وصلت إلى السلطة بالغش والخداع والتضليل والتزوير.
ولكي لا نغرق في التفاؤل أو نكون من المتشائمين أو نكون وسطا بين الاثنين أي من المتشائلين. علينا أن نتذاكر بما طرحه الرئيس بارك أوباما, أو ما يدور في العقول والقلوب وبذلك ستتضح الكثير من الأمور ومنها:
·فشعار أوباما للإصلاح والتغيير يجب أن يكون نحو الأفضل والأحسن لا حركة تراجع إلى الخلف. والتغيير عادة يستند على عوامل منطقية وعلمية وموضوعية. إلا أن أوباما ربط عملية التغيير بتفاهم الحزبين الديمقراطي والجمهوري عليه .ولأن الرئيس أوباما يعرف قدرة رموز الفساد على وضع العقبات في طريقه, وحجم الصعوبات المعترضة لأي عملية إصلاح وتغيير, فقد أعلن سلفا أن التغيير قد يأخذ من الوقت الكثير, وقد لا يتم بسنة أو ولاية رئاسية وإنما قد يحتاج لسنين وعقود.
·وحل القضايا والمشاكل الذي حددها الرئيس أوباما حسب ما أعطاها من أفضليات تجعل المتابع على قناعة بأنها تحتاج لزمن طويل قد لا يمتد العمر بعدة أجيال ليروا الحلول.وحتى الأفضليات التي وضعها لبعض المشاكل والقضايا الملحة اعتمد على ترتيبها وفق سلم ترتيب غريب عجيب.
·وحتى بعض الحلول التي طرحها الرئيس أوباما لبعض المشاكل والأزمات الحالية كالقضية الفلسطينية والملف النووي الإيراني تحمل سلفا المجاملة لإسرائيل, وتتبنى معظم مواقفها بخصوص الموضوعين.
·ورغم قبوله بالحوار والتعاون مع الآخرين, إلا أنه أصر على الانفراد بكل ما يخص أمن بلاده.
·وحتى وعوده بالانسحاب من العراق, عاد وربطها بمدة 16 شهراً وحين تصبح الظروف مواتيه. وهذا يعني أن الوعود ستكون مطاطة, والمدد الزمنية قابلة لأن تطول أكثر مما قد حدد ووعد.
·وبعد أن أكد على أن أفغانستان هي من ستكون جبهته الرئيسية في الحرب على الإرهاب, عاد وقال: أفغانستان ستكون صعبة, ولا أعتقد أن هناك حلا سريعا لما يجري هناك.
·وفك طلاسم وأحاجي أحداث 11/9/2001م سيبقى أمر متعذر ومستحيل .
·وسبب غزو بلاده للعراق عام 2003م سيبقى من الأسرار التي لن يميط عنها أوباما الستار.
·وطبيعة العلاقات الخفية بين الخونة والعملاء وبعض رموز إدارة جورج بوش, والتي أوصلت علاقات بلاده إلى هذه الدرجة من التدهور والقطيعة والتردي مع بعض الدول لن يماط عنها أي لثام.
·ومجال الحريات المدنية الذي كان أوباما ناشطا فيه تعمد إهماله لكي لا يحرج إسرائيل وبلاده.
·وإنصاف من شردتهم وهجرتهم إسرائيل خارج فلسطين أو تحاصرهم قواتها في فلسطين والضفة والقطاع. وكذلك إنصاف من طالهم الاعتداء والتعذيب من قبل قوات بلاده الغازية في العراق وأفغانستان. أو من هدرت دماؤهم وأرواحهم جورا وظلما على أيدي قواته وجيش إسرائيل,وحتى من جارت عليهم سياسات إدارات سابقة لإدارته ,لم يقربها أوباما بتاتا من قريب أو بعيد.
·و ترك أوباما كغيره مفهوم الأمن القومي الأميركي على حاله عائما ومطاطا يقبل ألف تفسير وتفسير.
·وعلى الرغم من تريديه لمقولة الرئيس إبرا هام لينكولن في مؤتمراته الخطابية.وهي: نحن لسنا أعداء ولكننا أصدقاء.ورغم أن العواطف الجياشة أدت إلى توتر في علاقاتنا مع بعضنا البعض, إلا أنها يجب أن لا تكسر أواصر المحبة. إلا أنه لم يحض شعبه لكي يتعامل بمضمونها مع باقي الشعوب. رغم أنها دليل إثبات بأن سوء الفهم عرض بلاده وشعبه لحروب داخلية وانقسامات كثيرة.وأن ما تعانيه الشعوب والحكومات الأخرى إنما هو سوء الفهم الأمريكي لكثير من الأمور وقضايا الشعوب. والمصيبة أن سوء الفهم هذا هو فحوى السياسات الأمريكية منذ زمن بعيد, وهو من يدفع ببلاده إلى هاوية الحروب.
·والتحالف الوثيق لبعض الأنظمة و بعض القوى والتيارات العربية والإسلامية مع إدارة الرئيس جورج بوش سيتحول تلقائيا وبكل مذلة وهوان لهؤلاء إلى تحالف أوثق مع إدارة باراك أوباما. وسيعبرون له عندما يشدون الرحال إلى واشنطن لتقديم فروض الطاعة لباراك أوباما واضعين أنفسهم وأموالهم بتصرف إدارته, ويقولون له سر كما تشاء فنحن جندك وعبيدك لك الأمر وعلينا التنفيذ والطاعة. وخاصة أن بعضهم في وسائط إعلامه بدأ بذم وقدح بوش والتشهير بإدارته. وهذا ما سيضعف موقف أوباما في ممارسة أي ضغط على إسرائيل, أو حتى بأي تحرك معقول أو مقبول يخدم القضايا العربية.
·وإسرائيل سيكون لها القدرة على التأُثير, بينما سيفتقد العرب والمسلمون حتى الحدود الدنيا في التأثير. والسبب أن حكام إسرائيل متفقون على ما يريدونه.بينما الحكام العرب والمسلمون المتحالفون مع الولايات المتحدة الأمريكية سيسارعون لتقديم فروض الطاعة ووضع كل قدراتهم ليبقى أوباما راضيا عنهم كما كان بوش, فهمهم أن تبقى لهم العروش والكروش. وفي سبيلها كل شيء هين حتى لو خسروا الشرف والكرامة والعراق وفلسطين والسودان والقدس الشريف.
·وأوباما وإسرائيل يعرفان جيدا بأنه لسوريا دوراً كبيراً .فهي من تحظى بالمحبة والتقدير من الشعبين العربي والإسلامي وسائر الشعوب.وكل خصومة ومعاداة لها أو لقيادتها من قبل البعض ستزيدها قوة إلى قوتها. والتحاور أو حتى التفاوض معها ضروري وفرض عين ومفيد ولو اقتضى تقديم تنازلات يراها البعض قاسية ومؤلمة. فبدون سوريا ستبقى الحلول حبرا على ورق وتنفيذها في حكم المستحيل.
·وإيران وتركيا ركنان أساسيان,وتحاور باراك أوباما معهما لن يعيقه وجود حاكم حليف أو حكومة حليفة لبلاده لا يعجبهما هذا الحوار, أو أنه يجزع منه من هو مدلل أو محظي لدى الإدارة الأمريكية أو هو إليها يتدلل أو يتذلل.فمصالح بلاد أوباما أهم من مصالح وأمن ومستقبل هؤلاء بكثير.
·وليبدد أوباما الشكوك حول عدم الشكوك بمصداقيته بخصوص إسرائيل,سيعين أوباما أمريكياً من أصل إسرائيلي في منصب حساس وكبير,كما كان السناتور الصهيوني الإسرائيلي جو ليبرمان الذي كان السند لحملة ماكين والمرشح لتسلم حقيبتين إن فاز ماكين رغم كونه محسوباً على الديمقراطيين.
·والهم الداخلي لبلاده نتيجة الانهيار الاقتصادي ومنع هزيمتها في أفغانستان سيكونان شغله الشاغل.
·وأبو مازن وسلطته بنزاعهما مع حماس وفر لأوباما فرصة التهرب من عملية الضغط على إسرائيل.
وبعد أن اجتاز باراك أوباما المرحلة الأولى من عملية وصوله إلى البيت الأبيض والتي صور فيها الجو الديمقراطي وحرية النقد والتعبير بشكل واسع لشد الشعوب إلى قيم الديمقراطية الأميركية. سينتقل أوباما إلى المرحلة الثانية والتي سيتعرض فيها للضغوط من قبل رموز الامبريالية وحكومتها الخفية واللوبيات ليبدأ بتدوير زوايا أطروحاته وإعادة ترتيب المشاكل والقضايا وتشذيب المواقف والحلول لها بما ينسجم مع مصالح هؤلاء والذين يطلق عليهم الحكومة الأمريكية الخفية والفعلية, وهذه المرحلة ستكون سرية والرقيب سيمنعها من العرض. ثم تليها المرحلة الثالثة وهي مرحلة استلامه مقاليد الأمر وعندها سترى وستسمع كل غريب وعجيب. وربما لفرملة عزيمة الرئيس المقبل من عملية التغيير والإصلاح وتوجهاته السياسية تحرك مايك ماكونيل مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية ليعلن ويقول: إن الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية سيحكم في عصر من عدم الاستقرار الدولي المتنامي بما في ذلك الخطر المرتفع للهجمات الإرهابية في المستقبل القريب واحتمالات حدوث نزاعات إقليمية طويلة الأمد, وتراجع النفوذ الأميركي حول العالم......... وأن لائحة المتاعب ستصل قريبا إلى ذروتها بعد وصول الرئيس على البيت الأبيض.........وأنه في المستقبل القريب سيبقى التركيز وشكل كبير على تنظيم القاعدة وشبكته الدولية والتي تبقى قاتلة جدا رغم الانتكاسات الكبيرة التي تلقتها في العراق وأماكن أخرى.........والخطر الإرهابي لن يزول على الأرجح خلال السنوات العشرين المقبلة. وبعد فوز أوباما انبرى جورج بوش ليؤكد فحوى هذا الكلام. وهذا الكلام معناه أن الحروب ستستمر لعقود, والخطر شديد والمصاعب جمة, ولن يكون لدى الرئيس أي وقت للإصلاح أو المباشرة بعملية التغيير.
نتمنى على الرئيس الجديد باراك أوباما أن يتذكر أنه منذ 401 عام بدأ وصول العبيد إلى الولايات المتحدة الأمريكية مكبلين بالسلاسل والقيود. وكان ذلك بعد استقرار الانكليز في فرجينيا عام 1607م. وبعد 258 عام ونتيجة حرب أهلية دموية حرر لينكولن 4 ملايين عبد أي بما نسبته 10% من عدد العبيد.واستمر الحال على هذا المنوال رغم نضال العبيد وحركة مارتن لوثر السلمية ضد العبودية و سياسة الفصل العنصري إلى عام 1965م حتى منح العبيد حريتهم الكاملة بما فيها حق التصويت. وأنه حين فاز أوباما ردد كثير من الأميركيين هذه المقولة: جلست روزا في حافلة الركاب ( وهي روزا باركس التي رفضت التخلي عن مقعدها في الحافلة لشخص أبيض), ولذا كان بوسع مارتن لوثر كينغ أن يحلق ويطير( مارتن لوثر كينغ حصل على جائزة نوبل وقاد معركة سلمية ضد سياسات الفصل العنصري ومنها مسيرة للعبيد إلى واشنطن عام 1963م) وبوسع باراك أوباما أن يعدو بحرية وكما يريد(فوز أوباما بالرئاسة). نتمنى على الرئيس أوباما أن لا ينسى أنه مهما كان طريق إيجاد الحلول للمشاكل طويلا ومعقدا, ومهما شنت بلاده من حروب وتعديات على الشعوب, فإن الشعوب ستستمر في نضالها كما ناضلت من قبل وناضل العبيد في بلاده حتى تحقق ما يصبون إليه. ومهما ماطلت إدارات بلاده وحاولت تزييف الجغرافيا والتاريخ فلن تكفل ضمانة مصالحها أو تحصل على ما تريد ، وكم هو محزن حين كانت نتائج تصويت القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان بنسبة كبيرة لصالح جون ماكين .حتى أن مجندة أمريكية في العراق حين علمت بفوز أوباما ضربت على صدرها, وقالت لزملائها: فوز أوباما سيكون بمنزلة الجحيم على الجيش الأميركي. وليتصور المرء جيشاً أمريكياً احتل العراق بذريعة نشر الحرية والديمقراطية يعتبر فوز باراك أوباما رئيسا لبلاده بأسلوب ديمقراطي مصيبة وبمنزلة الجحيم عليه.
الأربعاء : 26/ 11/2008م
العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.