مصر(القاهرة)افتتح مجلس الشعب المصري المنبثق عن اول انتخابات تشريعية في مرحلة ما بعد مبارك الاثنين اولى دوراته بنوابه الذين يشكل الاسلاميون ثلاثة ارباعهم، وانتخب سعد الكتاتني رئيسا له، في حين اعلن المجلس العسكري نقل السلطات التشريعية الى المجلس الجديد. وفي اول عمل يقوم به، صوت المجلس باغلبية ساحقة لانتخاب الكتاتني، عضو جماعة الاخوان المسلمين المتنفذة، رئيسا له. وانتخب النواب نائبين لرئيس مجلس الشعب وهما عضو في حزب النور السلفي اشرف تابت وعضو في حزب الوفد محمد عبد العليم داود. اعلنت الحكومة المصرية ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يتولى شؤون البلاد منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك في شباط/فبراير الماضي، نقل السلطات التشريعية الى مجلس الشعب الجديد. وقالت الحكومة على موقعها للتواصل الاجتماعي فيسبوك ان "المشير حسين طنطاوي القائد الاعلى للقوات المسلحة يعلن في رسالة لمجلس الشعب تسليم سلطة التشريع والرقابة للمجلس". فبعد عام من الثورة التي اطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، يرى العديد من المصريين مجلس الشعب الجديد مؤشرا على الحكم الديموقراطي، حيث انه يتناقض تماما مع البرلمانات السابقة التي كان يسيطر عليها الحزب الوطني بزعامة مبارك. وقال الكتاتني في كلمة القاها في المجلس "سنعيد بناء مصر الحديثة الوطنية الديمقراطية". واضاف "سنعمل ان يكون المجلس هو العنوان الصحيح للديمقراطية وتحقيق كل اهداف الثورة". وقد شهدت اول انتخابات حرة تجري في البلاد، والتي جرت على ثلاث مراحل ما بين تشرين الثاني/نوفمبر ومطلع كانون الثاني/يناير، حصول الاسلاميين على ثلاثة ارباع المقاعد. ويتولى الكتاتني (59 عاما) منصب الامين العام لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين، والذي فاز بنسبة 47% من مقاعد اول مجلس منبثق عن انتخابات حرة تشهدها مصر منذ الثورة. وقال ان "الثورة مستمرة ولن يهدأ لنا بال ولن تقر اعيننا حتى تستكمل الثورة كل اهدافها ونقتص للشهداء بمحاكمات عادلة وفعالة وسريعة". وامام المجلس تجمع مئات انصار الاسلاميين لتحية النواب اثناء دخولهم البرلمان، في مشهد لم يكن من الممكن تخيله قبل عام عندما كانت معظم الحركات الاسلامية محظورة. وفي اول خطوة لهم، بدأ النواب في مجلس الشعب التصويت لاختيار رئيس للمجلس مع توقعات بفوز سعد الكتاتني امين عام حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين بذلك المنصب. الا ان دور المجلس المحدد لم يتضح بعد حيث ان السلطة لا تزال في ايدي المجلس العسكري الذي تسلم السلطة من مبارك. وتساءل احد النواب اثناء اداء القسم "كيف يمكن ان نقرأ هذا القسم ونحن لا نعلم حتى ما اذا كنا سنكون نظاما رئاسيا ام برلمانيا". كما تجمع مئات المحتجين امام البرلمان وسط اجراءات امنية مشددة لدعوة نواب البرلمان الى تبني مبادئ الثورة ومن بينها انهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين وتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاكمة المسؤولين المدانين بسوء استغلال السلطة. وهتف البعض ضد المجلس العسكري ورئيسه المشير حسين طنطاوي الذي كان وزيرا للدفاع لمدة عقدين ابان حكم مبارك. وشكر الكتاتني الجيش وقال "خالص الشكر للجيش المصري العظيم، وللمجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي أنجز وعده الذي وعد الشعب به بأنه سيجري انتخابات يشهد بها العالم". واضاف "وشهد المصريون والعالم لهذه الانتخابات رغم وجود بعض التجاوزات البسيطة، وأصبح المواطن المصري يشعر بقيمته ورأيه". واستشهد الجيش مرار بالانتخابات التاريخية كدليل على نيته تسليم الحكم الى سلطة مدنية، الا انه تعرض لانتقادات شديدة خلال الاشهر الماضية بسبب انتهاكات الحقوق. ويتهم النشطاء المجلس بالاحتفاظ بالسيطرة السياسية رغم تطميناته بانه سيسلم السلطة للمدنيين عند انتخاب رئيس في حزيران/يونيو. وقبل انتخاب الكتاتني، ترأس الجلسة الاولى التي كانت مكتظة وشابها بعض الفوضى احيانا، محمود السقا اكبر الاعضاء سنا ورئيس الجلسة الاجرائية بمجلس الشعب وهو من حزب الوفد الليبرالي. وادى النواب اليمين الدستورية واحدا تلو الاخر وتعهدوا "بالحفاظ على سلامة الوطن ورعاية مصالح الشعب واحترام القانون والدستور". وفي مؤشر على زيادة هيمنة الاسلاميين، اصر احد النواب الاسلاميين المتشددين على اضافة عبارة دينية الى القسم. فعندما اضاف المحامي ممدوح اسماعيل على القسم عبارة "فيما لا يخالف شرع الله"، قال له السقا "الرجاء الالتزام بالنص" وطلب منه اعادة اداء القسم عدة مرات. وقال له السقا "الاستاذ ممدوح اسماعيل، يا صديقي، الرجاء قف واتلو ما هو مكتوب". وحاول اخرون اضافة عبارة "اقسم بالله العظيم ان احافظ على أهداف الثورة" مما ادى الى رد مماثل من السقا. وارتدى العديد من النواب اوشحة صفراء اعتراضا على "المحاكمات العسكرية للمدنيين". وحققت جماعة الاخوان المسلمين المحظورة منذ فترة طويلة، فوزا كاسحا حيث حصلوا على نسبة 47,18% من المقاعد من خلال ذراعها السياسي حزب الحرية والعدالة. وجاء حزب النور السلفي المتشدد في المرتبة الثانية حيث حصل على 24,29%، بينما جاء حزب الوفد الليبرالي بالمرتبة الثالثة. اما الكتلة المصرية الليبرالية التي تضم حزب المصريين الاحرار الذي اسسه قطب الاتصالات نجيب ساويرس الذي يواجه اتهامات بالاساءة الى الاسلام، في المرتبة الرابعة حيث لم يحصل سوى على 7% من الاصوات. وتم حل البرلمان البالغ عدد مقاعده 508 مقاعد، في شباط/فبراير من قبل المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي تولى السلطة بعد تنحي مبارك. وكان فوز الاخوان المسلمين متوقعا، الا ان حصول حزب النور على نسبة عالية من الاصوات وظهور الحركات السلفية اثار مخاوف على الحريات المدنية والدينية. ومن المقرر ان تبدأ انتخابات مجلس الشورى هذا الشهر وفي نهاية شباط/فبراير. وبعد ذلك سيقوم مجلسا البرلمان باختيار لجنة من 100 عضو لوضع دستور جديد للبلاد. وقال الكتاتني في كلمته "اننا في حاجة ماسة للتعاون مع زملائنا المنتخبين أعضاء مجلس الشورى لتشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور بحيث تكون معبرة عن كل أطياف الشعب المصري".