لا نملك إلا أن نُكبر فيكم شجاعتكم وإخلاص نيتكم وحرصكم على تمثل قيم الإسلام ومبادئه والتزام سمة رسولنا الكريم... نذكر لكم حماستكم وشهامتكم حين تحديتم ماكينة القمع وقانون الإرهاب ونَبَتم كزرع مبارك في سنوات الدخان أعدتم لتونس ملامحها الإيمانية وسفهتم أحلام التغريبيين الذين اشتغلوا جرافات ضد هوية الشعب وثقافته وعقيدته ...تحملتم الكثير من الأذى وصبرتم على كل صنوف التآمر والكيد ولم تثأروا ولم تنتقموا حتى في أيام فوضى الثورة ...خصومكم يريدون اليوم الإيقاع بكم وبإخوانكم في التيارات الإسلامية الأخرى يريدون صناعة واقع عنيف متوتر يتمنون لو تُقيمون الحجة على أنفسكم حتى يصدق أفكهم حين يصمونكم وإخوانكم بالتعصب والتطرف والعنف يتمنون لو يعود قانون الإرهاب فيسوقونكم إلى المحاكم صفا صفا يودون لو أنكم تفقدون هدوءكم وتوازنكم فتتصرفون مع مستفزيكم بما يليق بهم وبما لا تقبله أخلاقكم وعقيدتكم فلا توفروا لهم فرصة إشهاد الناس عليكم ودعوهم كما الناعق في الصحراء تتقطع حبال صوته ولا يُسمع أحدًا إنهم فعلا يتعذبون بصمتكم وهدوئكم وتوازنكم إنهم يفقدون إثباتات دعاويهم كلما نظرتم في وجوههم ساخرين ... أعرف أنكم يائسون من محاورتهم لقناعتكم بأنهم ليسوا طُلاب حوار وليسوا جاهلين فيُعرفون وليسوا على سوء تقدير فيُنبهون إنهم سيئوا النية متآمرون وكيديون وحاقدون وإنهم في صرخاتهم الأخيرة فلا تمددوا في آجال صلاحياتهم وقد انتهت إيديولوجيا وسياسيا وأخلاقيا وقد عاقبهم الشعب يوم 23 أكتوبر 2011 ... أيها الأحبة إننا نرى فيكم نباتَ الوطن ووقود المستقبل وأعمدة الدولة القادمة ولا ننكر حقكم في الغضب مما تتعرضون له من حملات مؤذية ومن افتراءات نسل بني سلول من إمارة سجنان إلى غزوة منوبة إلى ما لا يصدقه عقلاء تونس ... لكم كامل الحق في أن ترفعوا أصواتكم في وجوه من لا يكفون على تشويهكم مجهزين بترسانة إعلامية مكتوبة ومسموعة ومرئية ولا تملكون غير الشكوى إلى الله وغير قولكم "حسبنا الله ونعم الوكيل" من حقكم أيها الأحبة أن تنفعلوا أحيانا وأن تفرطوا على ظالميكم أحيانا أخرى من حقكم وأنتم التعبيرة الصادقة عن خلاصة وجع عقدين كاملين من حقكم أن تصرخوا في وجه من لم يكتشف بعد بأن الشعب التونسي يتجه باتجاه مستقبل مختلف عما قبل 14 جانفي 2011 ...لم يصدق ظالموكم أن كبيرهم الذي علمهم عنف الحَفْرَ في أعماق الأرواح والعقول قد أحاط به سوءُ عمله وقد قذفته دعوات المقهورين ودموع المغدورين إلى صحراء جزيرة العرب ... ولكن تذكروا قول الله تعالى " ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله" وقوله" وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" وقوله" واعرض عن الجاهلين" وقوله" ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن..." وأخيرا إذا كانت اعتداءات ظالميكم أكبر وأشنع من أن تتسامحوا معهم أو تحبوهم وتشفقوا عليهم فليكن إيمانكم وأخلاقكم أكبر من أن تسفوا إلى حضيضهم "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"... أيها الأحبة بيننا ماء العقيدة ودفق الإيمان ورجفات القلوب وبيننا أيضا خُثار أوجاع سنوات الدخان ودقدقات الذاكرة الحزينة وخمائر الأمل المقاوم فلا تفتحوا بيننا شقوقا تتسرب منها رياحٌ سموم تتردب قُبالتنا على حرق الوطن وعلى تبديد مقاصد الشريعة.