أثارت زيارة الشيخ وجدي غنيم الداعية المصري المعروف الى تونس الكثير من الجدل و خلقت عند البعض حالة من الاحتقان ذلك انه أتهم بطرح مواضيع تثير الفتنة و تحرض على الكراهية و في هذا المجال لا يسعني إلا أن ابدي استغرابي من سلوك بعض الأطراف اليسارية والعلمانية و محاولتها تشويه الشيخ وتتبع عوراته و البحث له عن زلات حتى تصدر عنوان سخيف عددا من الصحف اليومية التي كتبت بالبند العريض “شيخ ختان البنات يحل بتونس “ ففضحوا تطرفهم و لم يحولوا دون تدافع الناس على محاضرات الشيخ فالمتابعين للشيخ منذ سنوات لم يسمعوا منه هذا القول وهذا يؤكد سوء نية من إخراجها من أرشيف الشيخ ليبرزها على أنها رسالته للعالمين .. حاولت هذه الأطراف المتطرفة افساد حفل القبة مما اضطر القائمين عليه لإنهائه وسط ذهول حوالي 10 ألاف شخص حضروا للترحيب بالشيخ هذا التطرف جعل الشيخ يرد الفعل و يقول لهم موتوا بغيضكم كردة فعل على التشويش المتعمد الذي قاموا به امام مسجد في المهدية حيث كان يلقي درسا فرفعوا النشيد الوطني أمام المسجد للتشويش على الدرس في انتهاك صارخ لحرمة المسجد و اعتدوا بالعنف الشديد على احد الشباب كادوا يزهقون روحه أ لهذا الحد تزعجهم الكلمة والفكرة الم يتبجحوا بأنهم دعاة حرية التعبير أم أن الصحفي فقط له الحق في التعبير ؟ لقد سقطت ورقة التوت فانكشفوا أمام الجميع أنهم لا يؤمنون بالديمقراطية إلا إذا كانت مطية لهم للوصول الى الحكم ولا يؤمنون بحرية الفكر إلا إذا جانس أفكارهم .. لذلك نقول وبكل وضوح إن زيارة غنيم لتونس كانت ستمر مر الكرام كما مرت زيارة الداعية صفوة حجازي لولا * عربدة الغوغاء وتشنج الهويات * ‘واللفظ لأحمد ونيس ‘ ولكنه يعبر بشكل دقيق على ما جرى ماذا عليهم لو تركوه يلقى محاضراته ويذهب بسلام ولكنهم أبوا إلا ان يفرضوا وصاية على الشعب ما يمكنه ان يسمع وما هو خطير عليه فلا يجب أن يسمع واخزونا في ضيف تونس و ما يجعلني أرجع الأمر الى التطرف اليساري هو ما سبق من اعتداء على الداعية عمرو خالد الذي يعرف القاصي والداني انه لا يعادي احد فلماذا اعتدوا عليه في النزل ؟ لذلك يتضح لنا أن الأمر ليس مجرد سحابة عابرة بل يتعدى ذلك الى عداء غير مبرر لدعاة الإسلام و مصابيح الهدى التي أنارت لنا الطريق لماغَلَّقَ علينا بن علي كل الأبواب و أراد تجفيف المنابع عندها لم نسمع لمفتي الجمهورية صوت و اصطف اليسار مع بن علي في حربه على الإسلام و اجتثاث جذوره و القوا بخيرة رجال تونس وعلمائها في غياهب السجون و المنافي في ذلك الوقت لم نجد إلا هؤلاء الشيوخ الأفاضل مثل الشيخ غنيم و الشيخ القرضاوي والشيخ محمد حسين يعقوب والشيخ محمد حسان و المحدث ابو اسحاق الحويني و الشيخ سالم ابو الفتوح سالم و محمود المصري و محمد العريفي ونبيل العوضي و عائض القرني وعمرو خالد و صفوة حجازي و غيرهم كثير رغم انهم ليسوا ذوي توجه واحد ورغم أننا نختلف معهم في الكثير من الأمور ولكن المسلم لا يعادي شيوخ العلم و يحترم ما في صدورهم من كتاب الله و سنة نبيه وردنا عليهم يكون بمجابهة الفكرة بالفكرة وليس بالتحقير من شأنهم و الخوض في أعراضهم فنحن لا نقدس الأشخاص ولكننا نعلم لعالمنا حقه رغم اختلافنا معهم فالتونسي ذكي وواعي ويستطيع ان يغربل ما يتماشى مع واقعه فلا داعي لفرض الوصاية عليه فنحن لم نذهب للقبة لتلقي الدروس كما قال الشيخ مورو بل ذهبنا لنرحب بضيف تونس المبجل و نرحب برجل له علينا و على تونس يد ذلك انه كان ينير الدروب في الأيام الحالكات هو وغيره من الدعاة . في المقابل نتوجه لعلمائنا الأجلاء وشيوخنا الأفاضل الوافدين إلينا بعد نجاح ثورتنا المباركة بدعوتهم بكل ود الى ضرورة مراعاة واقع البلاد فهي تشهد مخاضا عسيرا و ثورة مضادة و الأوضاع لم تستقر بعد و هناك من يريد إحباط ثورتنا من خلال الاستقطاب الاديولوجي الذي يشيع الفتنة و لا يخدم مصلحة تونس لذلك نتمنى عليهم ان يراعوا هذا الأمر فليس كل ما يعرف يقال و كل “بلاد وارطالها“ كما تجدر الإشارة الى التجاذبات التي وقعت بين محبي الشيخ و مناصري الشيخ مورو فنقول ان الشيخ وجدي غنيم ليس رجل دولة لذلك فهو متحرر من كل قيد و يجاهر بعداوته لامريكا وللغرب و للعلمانين ولليسار و لكنه لو اصبح رجل دولة لخفف من لهجته ليس نفاقا كما يقول البعض بل مراعاة لمصلحة البلاد والعباد فتونس ومصر وغيرها من الدول العربية لا يمكنها ان تنعزل على العالم و هي في حاجة للدعم الغربي وللاستثمار فان عادينا كل هاؤلاء فهل نأتي بالاستثمار من الموزنبيق ؟ لذلك فالمقارنة بين الشيخ وجدي و مشايخ تونس خاصة رجال الدولة منهم كمورو والصحبي عتيق وغيرهم لا يستقيم . كما انتهز الفرصة لمخاطبة الشباب المتحمس فحماس الرجل يمكن ان يودي به فالرجاء منكم مزيد من التعقل وضبط النفس فان عادينا مخالفينا و كفرناهم فمع من سنقوم بواجب الدعوة الى الله ام انك تعاديه وتكفره ثم تدعوه الى الله حينها لن يقبل منك صرفا ولا عدلا فنحن دعاة ولسنا قضاة وهؤلاء إخواننا في الوطن وفي الإنسانية فعلينا ان نفتح معهم قنوات الحوار و التواصل بكل سماحة وأخوة و لا يجب ان تضيق صدرونا بما يقولون فثقافة خمسين سنة من التغريب لن تزول في ليلة وضحها و لا تنسوا ان شروط الدعوة هي الحكمة والموعظة الحسنة فمن يشعر في نفسه الافتقار لهذه الشروط فالرجاء منه بكل ود ان يعيننا بصمته ويتدرب على الحلم فكما قال الحبيب المصطفى بما معناه -انما الحلم بالتحلم والعلم بالتعلم ..-