وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    ترامب: قد أدعم وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل إذا سمحت الظروف.. مستعد للحديث مع طهران    «شروق» على مونديال الأندية رقم قياسي لميسي و بوتافوغو «يصفع» باريس سان جرمان    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    22 سنة سجناً مع النفاذ العاجل في حق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي وقيادات سابقة    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    الإعلامية إيناس الغرياني ل «الشروق».. وفاة أمي «صدمة»... دفعتني لدخول الإذاعة    حرب الاستخبارات تتوسّع بقصف قاعدة العمليات الرقمية: اختراق كاميرات المراقبة وكشف مواقع الموساد يربك الصهاينة    "الستاغ" تعتذر من حرفائها..وهذه التفاصيل..    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    بلاغ جديد من النجم الرياضي الساحلي    تسجيل 3،2 مليار دينار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس لكامل 2024    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    وزارة الصحة تجدد دعوة الأطباء المقيمين إلى اختيار مراكز العمل    الترجي يعود لزيه التقليدي في مواجهة مصيرية ضد لوس أنجلوس في كأس العالم للأندية 2025    قابس: أكثر من 250 مشاركا في الدورة 41 لمعرض قابس الدولي    طبربة: إيداع مربي نحل السجن من أجل تسببه في حريق غابي    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    وائل نوار: الرهان المستقبلي لقافلة الصمود حشد مئات الآلاف والتوجه مجددا لكسر الحصار    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    إزالة مخيم ''العشي'' للمهاجرين في العامرة..التفاصيل    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    هجمات اسرائيل على ايران: السعودية تحذّر.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    النادي الإفريقي يعلن عن موعد الجلسة العامة الانتخابية    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    إيران تخترق كاميرات المراقبة الخاصّة بالإسرائيليين.. #خبر_عاجل    حملة لمراقبة المحلات المفتوحة للعموم بدائرة المدينة وتحرير 8 مخالفات لعدم احترام الشروط القانونية (بلدية تونس)    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    الأستاذ عامر بحببة يحذّر: تلوّث خطير في سواحل المنستير ووزارة البيئة مطالبة بالتدخل العاجل    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار الكامل مع الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية: المرزوقي وبن جعفر وجبالي ليسوا ''طراطير'' يسيرهم الغنوشي بإمكان الديمقراطية نقل السلفيين من صناديق الذخيرة إلى صناديق الاقتراع
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 02 - 2012

'إسلاميو الجزائر سيفوزون بالانتخابات رغم انقسامهم''
تونس: أكد الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة ''النهضة'' التونسية ذات الأغلبية النيابية في المجلس التأسيسي، أن ''تونس تؤيد موقف الجزائر الرافض للتدخل العسكري في سوريا''. ولمح إلى أن ''تونس سوف تعترف بالمجلس الوطني السوري المعارض خلال مؤتمر أصدقاء سوريا الذي سيعقد فيها''. ولدى استقباله لنا بمكتبه في الطابق الخامس لمقر حركة النهضة الإسلامية بالعاصمة تونس، شدد الشيخ راشد الغنوشي على أنه لن يترشح للرئاسيات المقبلة، المقررة بعد نحو عام. مشيرا إلى أنه لو كان يريد الرئاسة لما حال بينه وبينها أي شيء، خاصة أن حزبه فاز بالأغلبية. وتوقع الغنوشي أن يفوز الإسلاميون في الجزائر بالانتخابات التشريعية القادمة رغم انقسامهم ''إن جرت بنزاهة على غرار ما شهدناه في تونس ومصر والمغرب''. كما تناول نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العديد من القضايا التي تهم الشأن الداخلي التونسي والمغاربي والعربي، تتابعونها في هذا الحوار.
عشتم سنوات في المنفى الاضطراري محكوما عليكم بالمؤبد غيابيا في عهد الرئيس الهارب زين العابدين بن علي، وأنتم الآن زعيم أكبر حزب سياسي في تونس، ما الذي تغير في الغنوشي الإنسان والسياسي؟
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، في البداية أحيي ''الخبر'' وقراءها، وأحيي عبرها أهلنا في الجزائر منبع الثورات.. تغير الكثير في النهضة بانتقالها من حزب مضطهد ومشتت بين مهاجر عديدة، فنحن كنا موزعين عبر 50 دولة، كما كنا موزعين على السجون التونسية التي كانت تستضيف قادة وأعضاء نهضويين، يحكمون البلاد اليوم بالاشتراك مع حليفين. والانتقال من المحنة إلى الدولة خطوة كبيرة وبعيدة ومعقدة وليست بسيطة. فنحن نتعرف اليوم على الأرض الجديدة التي نحن عليها. وكما تعلمون أن لا تجربة سابقة لنا، بل إن شعبنا كله يتعلم، لأننا في السنة الأولى ديمقراطية.
هناك قوى في تونس تسعى لتحويل الحرية إلى فوضى
ولكن بعد عام ستجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية، ألا تجازفون سياسيا بتحمل أعقد الملفات الداخلية في الحكومة مقارنة بشريكيكم؟
نحن نثق في شعبنا، وعلينا أن نكون عند حسن ظنه. فبعد أن وضع الشعب ثقته فينا، لم تبق لنا حرية في أن نتأخر، وإلا سيكون الأمر عبثا بالديمقراطية. لأنك عندما تتقدم لطلب ثقة الشعب ويخولك هذا الأخير أمره، ثم تجبن وتتأخر وتقول إن مصلحتي السياسية في ألا أتقدم، فهذا عبث. نحن منحنا الشعب التونسي ثقته وسنكون في المستوى.
هناك من يتحدث عن حضور قوي لرئيس الجمهورية بل أقوى من النهضة بجميع وزرائها بمن فيهم رئيس الحكومة. ألم تستغل حركتكم الأغلبية التي حصلت عليها ليكون لها حضور أكبر في صناعة القرار داخل الدولة؟
في تونس حكومة واحدة وليس ثلاث حكومات، وكل خير وكل كسب يحققه وزير أو رئيس أو رئيس حكومة هو خير وكسب للحكومة كلها وللشعب بكل فئاته. وإذا كنا نسعد لكل نجاح يحققه رئيس الدولة، فلأنه رئيس دولتنا وليس رئيس دولة أخرى، اخترناه بحريتنا وإرادتنا، لذلك نبتهج بكل نجاح يحققه.
القيادي السابق في النهضة، عبد الفتاح مورو، يتهم الحكومة التي تقودها الحركة بعدم الصرامة في التعامل مع كثرة الإضرابات والاعتصامات وحتى الاعتداءات على المواطنين. أليست الليونة المفرطة خطرا على الدولة وعلى المواطن؟
الديمقراطية هي مزيج بين الحرية والنظام، ونحن نحاول أن يكون هناك توازن بين الحرية والنظام، وعلينا ألا ننسى بأننا نعيش في مناخات الثورة التي تتغلب فيها الحرية على النظام، والناس عندنا تعودوا على أن النظام يفرض بالقمع وبالرعب وكثرة البوليس، والثورة أسقطت الخوف من قلوب الناس، لذلك لا يمكن التعويل على البوليس لحفظ النظام، بل إن الأمن نفسه يمر بحالة مخاض، عندهم نقابات وهذه الأخيرة تمارس أحيانا الاعتصام، فهل نأتي ببوليس آخر لقمع البوليس. وعليه ينبغي أن ندرك بأن ما نعيشه هي أجواء زمن الثورة وليس مناخات زمن بن علي، التي كان الضامن للأمن فيها عصا الشرطي، وهي اليوم سقطت، ونحن نحاول أن نتعلم كيف نحفظ النظام على أساس الحرية وليس على أساس القمع.. هذا يحتاج إلى وقت حتى نحسن المشي على رجلين، رجل اسمها الحرية ورجل أخرى اسمها النظام. فالديمقراطية ليست مجرد إعلان قانون، وإنما هي أيضا ثقافة وممارسة. وحتى تترسخ تحتاج إلى وقت. ثم إن هناك قوى تحاول أن تستغل الحرية لتحويلها إلى فوضى، لكن هؤلاء ينسون أن في البلاد ثورة وأن الثورة الآن ترفع شعار ''الشعب يريد تطبيق القانون''، وشعار ''الشعب يريد حفظ النظام''، لأن الناس أصبحوا يشعرون بالخطر على أمنهم وحريتهم وعلى معاشهم.
هناك قراءات تتحدث عن قطبين يحاولان إسقاط الحكومة، الأول يمثل تحالف التيارات العلمانية واليسارية المتطرفة، وآخر يمثل التيار السلفي بجناحيه الجهادي والعلمي.. كيف تتعاملون مع هذه التناقضات الموجودة في المجتمع؟
الانتقال من الثورة إلى الدولة عملية معقدة جدا وتحتاج إلى مزيد من الوقت، القدر ما يزال يغلي في تونس ولم يهدأ، لذلك فمن التبسيط القول إن هناك صراعا بين علمانية وإسلام وبين حداثة وتقليد، لأن القوى المشاركة في الحكومة ليست قوى تقليدية، هي قوى حداثية سواء كانت علمانية أو إسلامية، وهناك قوى علمانية متطرفة ترى في قوة النهضة خطرا على مصيرها. والأكثر من ذلك والأخطر تأثيرا، هم فلول النظام القديم، هؤلاء ليسوا قوى حداثية بل قوى تدافع عن مصالحها، لأن الثورة هددت هذه المصالح، ولذلك فهي تريد الانتقام من الثورة وجر البلاد إلى الخلف، خاصة وهي ترى بأن كبار رجال أعمالها يوجدون اليوم تحت الحراسة وكبار زعمائها في السجن. فالمعادلة إذن معقدة جدا، وليست بالبساطة التي تسمح لنا باختصارها في صراع بين الحداثة والتقليد.
ومن يدافع عن هذه الثورة وهي تواجه كل هذه المخاطر؟
يدافع عن الثورة الشعب الذي فجرها قبل البوليس. هذا الشعب الأبي يدافع عنها ضد كل من يكيدون لها سواء كانوا متطرفين علمانيين أو متطرفين باسم الدين أو كانوا من القوى ذات المصالح والتي قامت الثورة على أنقاضها.. أي التجمع الدستوري المحل.
نريد أن نجعل من الرئاسة منصبا رمزيا
المجلس التأسيسي المنتخب أوكلت له مهمة رئيسية تتمثل في إعداد الدستور، فما هي النقاط التي لم يحدث توافق بشأنها حتى بين أحزاب التحالف؟
التحالف بين الأحزاب الثلاثة هو تحالف حكومي أكثر منه تحالفا على مستوى المجلس التأسيسي الذي توجد به وجهات نظر مختلفة، وقد تتشكل محاور مختلفة عن المحاور في الساحة السياسية. فهناك اتفاق حول إرساء نظام ديمقراطي في البلد، وكل الفرقاء متفقون على هذا، كما اتفقوا على استقلالية القضاء والفصل بين السلطات وحرية الإعلام، وعلى حقوق الإنسان وعلى المساواة بين الجنسين.. هناك قيم مشتركة مثل الهوية العربية الإسلامية. وهذه الأمور محل اتفاق. وكانت النخب التونسية قد اتفقت عليها حتى قبل الثورة، ووثائق 18 أكتوبر التي تم التوقيع عليها بين حركة النهضة ومختلف أحزاب المعارضة في ,2006 تبقى قيما مشتركة بين الأحزاب بمختلف توجهاتها، لكن يظل الخلاف حول طبيعة النظام، هل يكون برلمانيا أو رئاسيا أو مزيجا بينهما.
وماذا تفضل حركة النهضة؟
النهضة برنامجها نظام برلماني..
رغم أن النظام البرلماني هو الأقل استقرارا ويناسب أكثر الأنظمة الملكية الدستورية، فلماذا تراهنون عليه؟
شعبنا موحد ولا خشية من النظام البرلماني عليه. وأحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى الثورة هو تضخم موقع الرئاسة الذي ابتلع الدولة كلها، لذلك لا نريد العودة إليه، نريد أن نجعل من الرئاسة منصبا رمزيا، حيث ستحظى المناطق الداخلية بقدر كبير من الحرية في التصرف في مواردها، بدل أن تكون العاصمة التي تجلب لها كل الموارد وتبقى المناطق الداخلية التي تجلب منها كل الثروات موضع الاستغلال والنهب.
الرئاسيات التونسية بعد أقل من عام فهل ستترشحون لهذه الانتخابات؟
لو كنت أطمح إلى ذلك لترشحت في المرة الماضية ولم يكن هناك شيء يحول بيني وبين أي منصب في الدولة، باعتبار حزبنا هو الحزب الأكبر والجميع يعلم ذلك.
ولماذا ترفض منصب الرئاسة وهو موضوع بين يديك على طبق من ذهب؟
ليست السياسة كلها رئاسة ووزارة، وليست الحياة كلها سياسة أصلا. وإنني أرى أن الثقافة والفكر لهما موقع أفضل من السياسة، فضلا عن أن هذه الثورة أنجزها الشباب وكل شهدائها من الشباب، فينبغي أن يترك المجال للشباب.
من ترى الأنسب لقيادة تونس في المرحلة القادمة؟
النهضة.
كشخص؟
الذي ستختاره النهضة.
ومن ستختاره النهضة؟
المؤتمر سيقرره.
ومتى سيعقد هذا المؤتمر؟
في جويلية القادم.
معظم السلفيين يبشرون بثقافة ولا يهددون الأمن العام
ماذا تردون على من يقول إنكم رئيس الحكومة الفعلي وإنكم تلتقون يوميا السيد حمادي جبالي لإعطائه التعليمات؟
هؤلاء لم يتحرروا من عقلية ما قبل الثورة، وهم يعتقدون أنه لا بد أن يكون هناك شخص واحد هو الذي يدير كل الأمور، والثورة يا أخي قامت ضد هذه العقلية، لماذا نحتقر زعماء هذا البلد؟ ولماذا نقلل من شأن الدكتور المرزوقي؟ لماذا نقلل من شأن الدكتور بن جعفر؟ ولماذا نقلل من شأن حمادي جبالي؟ ولماذا نعتبرهم مجرد ماريونات (عرائس الفرافوز) و''طراطير'' يسيرهم راشد الغنوشي؟ هذا احتقار لشخصيات لها تاريخ، واحتقار للأحزاب.
تتهمون بالوقوف وراء حظر اعتماد حزب التحرير القريب من التيار السلفي، فهل أنتم ضد دخول السلفيين المعترك السياسي؟
لسنا نحن من رفض اعتماد حزب التحرير وإنما الحكومة السابقة (حكومة باجي قايد السبسي) ونحن عبرنا عن رأينا بأننا مع الاعتراف بكل حزب يسعى لتحقيق أهدافه بالطرق السلمية، خالفنا الرأي أو وافقنا، وحزب التحرير ليس حزبا عنيفا حتى وإن خالفناه في إيديولوجيته.
وزير الداخلية تحدث عن تفكيك خلية مقربة من تنظيم القاعدة، وقبله قتل مسلحين في صفاقس وبالأمس وقعت مطاردات لعشرين مسلحا في ضواحي مدنين.. هل تواجه تونس خطر استهدافها من طرف السلفية الجهادية؟
هذا مستبعد، ما يحصل في تونس هو نتيجة حتمية للتحولات الحاصلة في المنطقة، الوضع في ليبيا لم يستقر، هناك سلاح متداول داخل ليبيا وهناك جماعات تتمسك بحقها في الاحتفاظ بالسلاح واستخدامه، ومناطق الحدود الصحراوية مفتوحة فتسربت مجموعات من الشباب والأسلحة، ولكنها لا تمثل ظاهرة خطيرة، فالبلاد تعيش حالة ثورة وحالة انتقال من الثورة إلى الدولة، وهذه الجماعات تستغل حالة التحول هذه، ولكن ليس بإمكانها أن تربك الوضع العام أو أن تمثل تهديدا حقيقيا لأنها مجموعات صغيرة.
لكنها بدأت تسيطر على المساجد وتفرض كلمتها في بعض المناطق؟
السلفية ليست شيئا واحدا، وفي تقديرنا أن معظم السلفيين يبشرون بثقافة ولا يهددون الأمن العام، ويمكن للمجتمع المدني أن يتعامل معهم بالحوار والاستيعاب، ويمكن للديمقراطية أن تتعامل مع كل هذه التيارات الفكرية. ففي مصر كانت هناك جماعات مسلحة قوية ومثلت تهديدا حقيقيا لأمن البلاد والعباد، بينما اليوم تحولت هذه الجماعات إلى أحزاب واستطاعت الديمقراطية أن تستوعبها. وليس بعيدا أن تأخذ السلفية التونسية نفس المسار وأن تعبر عن نفسها من خلال صيغ حزبية، وتكون الديمقراطية بذلك قد نقلتها من صناديق الذخيرة إلى صناديق الاقتراع. ثم إن الظاهرة السلفية سببها الاضطراب الحاصل في الإقليم، خاصة على حدودنا الجنوبية، والسبب الثاني هو أعمق ويتمثل في الفراغ الذي تركته دولة الاستقلال بنسفها للمؤسسات الدينية التاريخية في تونس مثل جامع الزيتونة، ما جعل تونس في النهاية منطقة منخفضة تستورد تدينها من الخارج، بعد أن غيبت عنها مرجعيتها الدينية عندما تم القضاء على جامع الزيتونة، وبعد الضربة العميقة والواسعة التي وجهت لحركة النهضة، فأصبحت تونس بلدا مسلما، ولكن ليست له مرجعية إسلامية، فألقت ببصرها إلى الخارج، فكانت الفضائيات تزود قسما من شباب تونس بما يحتاج إليه من تدين في غياب مرجعية وطنية دينية.
الزواج العرفي انتقاص للمرأة لأنه يحولها إلى مجرد لذة
هناك نقاش ساخن في تونس حول الزواج العرفي، أو ما يعرف في الجزائر بزواج الفاتحة، فهل ستقننون هذا النوع من الزواج؟
الصيغة الوحيدة للزواج التي نقرها ويقرها الشرع هي الصيغة القانونية التي ينص عليها القانون التونسي، باعتبارها تمثل ضمانات كافية للمرأة، ولأنها تجعل الزواج ليس مجرد لذة عابرة، وإنما هو التزام أخلاقي وديني وقانوني بين الطرفين. والزواج العرفي وزواج المتعة لا يحققان هذا الأمر، بل هو انتقاص للمرأة ونيل من حقوقها وتحويلها إلى مجرد لذة.
وماذا عن تعدد الزوجات الذي يقره القرآن وحرمه زين العابدين بن علي؟
نحن لا نخالف شيئا أتى به القرآن الكريم، ولكن القرآن لم يجعل من التعدد فريضة دينية، وإنما هو مجرد إباحة ويجوز للسلطة الشرعية أن تقيد المباح إذا رأت بأنه يؤدي إلى عكس مقصوده.
وهل ستقيدون المباح؟
وقع تقييد المباح في قانون الأحوال الشخصية.
زيارتي للجزائر هي نوع من الاعتراف بفضلها عليّ
بشأن العلاقات الجزائرية التونسية، كانت الجزائر أول دولة تزورونها بعد فوزكم بالانتخابات، فما هي أهم النقاط التي ناقشتموها مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؟
زيارتي للجزائر هي نوع من الاعتراف بفضل الجزائر علينا، باعتبارها كانت المحطة الأولى لهجرتنا، حيث أقمت وأسرتي والمئات من إخواني عدة سنوات بالجزائر، وتمتعنا بكرم الضيافة.. كنا مكرمين من الجزائر، وهذا نوع من التحية والاعتراف بفضل هذا البلد. وقد لبيت دعوة صديقي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لزيارة الجزائر، وكرمت أيما كرم في هذه الزيارة، وحظيت باستقبال كبار المسؤولين، وختمت الزيارة بضيافة من قبل الرئيس بوتفليقة، وكان الحديث وديا ودار حول قضايا التعريف بما يجري في تونس وفي ليبيا ومصر والمشرق العربي.
وكيف كانت رؤية الرئيس بوتفليقة للتطورات الجارية في المنطقة العربية؟
هناك تفهم واضح وتوجه مستنير أيضا لاستئناف مسار المغرب العربي المعطل منذ عدة سنوات.
الربيع العربي أتى بالإسلاميين إلى السلطة في تونس والمغرب ومصر، ومن المرجح ألا يختلف الأمر في ليبيا. فهل تتوقعون نفس السيناريو في الجزائر رغم تشرذم الإسلاميين وانقسامهم إلى عدة أحزاب؟
أتوقع أن تكون النتائج جيدة إن شاء الله، رغم الانقسام، فعندما تجري العملية الديمقراطية في نزاهة يكون الجميع قد نجحوا، وعندما تكون العملية الديمقراطية مغشوشة يكون الجميع قد فشلوا، فالعدل أن تنجح العملية وذلك هو النجاح الحقيقي.
كيف تقيمون زيارة الرئيس المرزوقي إلى كل من المغرب وموريتانيا والجزائر وقبلها إلى ليبيا؟
كانت زيارة إيجابية. فقد استقبل في كل هذه البلاد استقبالا حارا، واليوم لم يعد الحديث عن المغرب العربي مجرد حلم، وإنما أصبح هنالك جدول أعمال لعقد قمة بين الرؤساء المغاربيين، وهي الآن في مرحلة التحضير الفعلي لها.
تقف قضية الصحراء الغربية حجر عثرة أمام بناء المغرب العربي، فهل لديكم في حركة النهضة تصور معين لحل هذه القضية؟
زرت المغرب الأقصى وزرت الجزائر، وتحدثت بنفس اللغة في البلدين، وقلت إن قضية الصحراء الغربية هي نتيجة مشكلة أخرى وليست سببا في تعطيل بناء المغرب العربي، وإنما الذي عطل مشروع المغرب العربي هو عدم الإقدام على إقامة الوحدة، فلو تقدم مسار الوحدة لهمش موضوع الصحراء، بل لحل من تلقاء نفسه، لأننا عندما نصبح أرضا واحدة فإنك لن تسأل إذا كانت هذه القطعة من الأرض لي أم لك، فالأوروبي يسير من فرنسا إلى حدود روسيا لا يسأله أحد عن بلده، هل هذه الأرض أرضك أم أرضي؟.. في غياب الوحدة حدثت عدة إشكالات من بينها هذه القضية، لذلك فلنعد إلى الأصل، وبعد ذلك المشكلات التي نتجت عن غياب الوحدة ستحل من تلقاء نفسها.
نؤيد موقف الجزائر الرافض للتدخل العسكري في سوريا
في الشأن السوري، هل أنتم مع التدخل العسكري الأجنبي وعسكرة الثورة؟
لا، نحن نتفق مع طرح الجزائر بعدم التدخل العسكري الأجنبي في سوريا، فوزيرنا للخارجية اشترط لاستضافة مؤتمر أصدقاء سوريا شروطا من جملتها ألا يتخذ قرارا بالتدخل العسكري في سوريا، وأن تشارك كل الأطراف في المؤتمر بما في ذلك الروس والصينيون.
وهل ستعترفون بالمجلس الوطني السوري المعارض؟
أتوقع أن تتجه السياسة التونسية إلى هذا.
كيف تتصورون مستقبل العلاقات مع فرنسا التي كانت تربطها أواصر متينة مع النظام البائد؟
تونس تربطها مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية التبادل التجاري المشترك، وحكومة الثورة حافظت على هذه الاتفاقيات، بل ارتقت بها إلى مستوى الشراكة الممتازة.
آخر كلمة ترغبون في قولها لقراء ''الخبر'' والشعب الجزائري؟
تحية للشعب الجزائري ورجائي أن يحقق الله للجزائر أسمى أمانيها.
حاوره مصطفى دالع /تصوير: رشيد تيفناتين
''الخبر''


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.