من المؤكد إن ملايين المسلمين الذين قاموا برمي الجمرات في منى على أبليس تذكّروا, رغم رهبة اللحظة وقدسية المكان وفيض المشاعر, بان ثمة أكثر من إبليس بلحم ودم يعيش في هذا العالم ويعيث فيه فسادا. وقد يكون المجرم جورج بوش أول هؤلاء الأبالسة الذين خطروا على بال حجاج بيت الله الحرام. فهذا البحرالبشري الذي جاء من كلّ فجّ عميق لأداء فريضة الحج لم ينسَ أبدا إن أخوة له في الدين, في العراق وفلسطين وأفغانستان والصومال والسودان وغيرها, ذاقوا كلّ صنوف العذاب والقهر والقتل والدمار والتشريدعلى يد الشيطان الأمريكي جورج بوش. وإن وكرّ الشر والعدوان في واشنطن ما زال مستمرا, بعد أن ناصب العداء جميع المسلمين باستثناء حفنة من العملاء والخونة من المسلمين بالاسم فقط, في هجمته العدوانية على دول وشعوب مسلمة لم يسبق لها أبدا أن أساءت أو ألحقت أي أذى بامريكا وبمواطنيها. وقد يكون من حقّ الشعوب العربية والاسلامية, وأولها الشعب العراقي بعد أن يتحرّر من الاحتلال الأمريكي وعملائه من ساسة بغداد, إقامة تمثال من الطين أو التبن أو الجيرأو أية مادة سيئة أخرى لشيطان البيت الأبيض بوش الصغير, وأن يُحدّد يوم معيّن, في العراق مثلا يوم لتاسع من نيسان/أبريل تاريخ إحتلال بغداد, يخصّص لرمي الجمرات على أبليس الأمريكي. فهذا الرجل, وخلافا لما يدّعي ويقول, تقمّص بشكل دقيق شخصية إبليس الحقيقي وشن حروبا, ما زالت نيرانها مشتعلة في ديارالمسلمين, على أسس دينية بحتة كما سبق له وأن إعترف في"زلّة" لسانه المشهورة قبل بضعة أعوام عندما وصف حربه العدوانية بالحرب الصليبية. كما أنه إستطاع إثارة موجات من العداء والكراهية والريبة ضد الاسلام والمسلمين في الكثيرمن دول وبلدان العالم. لقد إعترف شيطان البيت الأبيض قبل بضعة أبام, في مقابلة تلفزيونية, قائلا"ان الحرب على العراق طالت أكثرمن اللازم وكلّفت أكثر من المتوقع"..لكن بوش الأبله تجاهل إن حربه العدوانية على العراق لم تضع أوزارها بعد. وأن تكاليفها ماديا وبشريا بالنسبة لأمريكا, وبالنسبة للشعب العراقي أيضا, ما زالت مستمرة. وإن خسائرجيشه المهزوم سواء في العراق أو في أفغانستان في تصاعد ملحوظ, كمّا ونوعاً. خصوصا وإن المقاومة العراقية الباسلة أصبحت مدرسة نموذجية لكلّ من أراد إستعادة حقوقه المغتصبة بالسلاح لا بالتفاوض المذل, والوقوف بوجه طغيان وجبروت أمريكا. وقد شاهد العالم كلّة على شاشات التلفزة, وفي أقل من 24 ساعة, كيف إلتهمت ألسنة النيران أكثر من 300 عربة همر وحاوية مؤون وذخائر وشاحنات نقل أمريكية وغيرها, بعد أن قام المقاومون الأبطال في باكستان, والذين أخذوا العبر والدروس من المقاومة العراقية الباسلة, باحراقها جميعا. فهل أضاف بوش الصغير يا ترى هذه الخسائرالفادحة في المعدات الى قائمة تكاليف حروبه العدوانية ضد العرب والمسلمين؟ أم أنه ينتظرتقريرا مفصلا من مخابراته المركزية الفاشلة؟ وكما عودّنا الساسة الأمريكان عندما تنتهي صلاحيتهم بعد أن أدّوا على أكمل وجه دورهم المرسوم لهم من قبل الصهيونية العالمية, خرج علينا بوش الصغير ليعلن عما سماه ندما لعدم صحّة التقاريرالتي أصدرتها أجهزة مخابراته حول أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة, بعد أن تسبب في قتل وإصابة وتشريد وتهجيرملايين العراقيين وأشاع في وطنهم فوضى وخرابا ودمارا لم يحصل له حتى عند إحتلال المغول لبغداد..يُضاف الى ذلك إنه, أي بوش الصغير, كان وراء مقتل وجرح وإعاقة أكثر من أربعين ألف عسكري أمريكي, حسب المصادرالرسمية لوزارة الدفاع الأمريكية. وهدر وأحرق أكثر من 700 ملياردولار من دافعي الضرائب, وكانت هذه واحدة من الأسباب التي أدت الى الأزمة او الكارثة المالية التي يمرّ بها العالم اليوم. فضلا عن إن سمعة أمريكا عالميا هبط الى الحضيض, بل إنها مستمرة في الغوص الى قاع الحضيض. إن اعترافات المجرم بوش الصغير هذه تكفي لتوجيه الدعوة له للمثول أمام القضاء الأمريكي. هذا إذا كانت أمريكا فعلا دولة قانون ومؤسسات ويتمتع فيها القضاء بالاستقلالية والحياد. ومعلوم في القانون الجنائي لجميع دول العالم إن من يرتكب جريمة ويعترف بارتكابه لها لا يُمنح جائزة طبعا أو يُطلق سراحه فورا, بل تتم محاكمته حسب القوانين والقواعد المتبعة, وربما يحصل في النهاية على تخفيض في الأحكام الصادرة بحقّه. وبما أن جورج بوش رئيس أمريكا دولة الشر والأستكبار العظمى, وليس رئيس دولة من دول العالم الثالث, فهو لا يعتبرما جرى في العراق من قتل ودمار وفوضى وهدرأموال ونهب ثروات وتشريد ملايين البشر, جرائم أو إنهاكات أو عدوان مسلّح. وهنا تحضرني المفارقة الغريبة العجيبة التي مفاده إن الرئيس السوداني عمر حسن البشير متّهم من قبل محكمة الجنايات الدولية حول مزاعم باشتراكه بارتكاب"جرائم وإنتهاكات ضد الانسانية"حصلت في إقليم دارفورالسوداني, وهي تهم تدور حولها آلاف الشكوك والتساؤلات. فالرئيس السوداني مثلا لم يحتل دولة مستقلة ولم يقلب بالقوة نظاما وطنيا شرعيا ولم يقم باغتيال قادة شرعيين لبلد مستقل وذي سيادة كما فعل المجرم جورج بوش. بل إن شيطان البيت الأبيض بوش هذا شارك, بشكل مقصود ومع سبق الاصرار, في قتل أكثر من مليوني إنسان, فقط في العراق وأفغانستان, ودمركل ما كان قائما وقابلا للحياة في هذين البلدين ,وشرّد ملايين البشر وملأ البلدين بالسجون والمعنقلات وأماكن الاحتجاز العلنية السرية وزجّ بالاف الأبرياء فيها. وما زال جيشه الغازي مستمرا في قتل المزيد من العراقيين والأفغان. ومع ذلك فان المجرم بوش الصغير ما زال حرّا طليقاَ. لا يجرأ أحد في دعوته للمثول أمام القضاء.لا محكمة الجنايات الدولية ولا ما يُسمى بمنظمات حقوق الانسان ولا القضاء الأمريكي نفسه, والذي يُفترض فيه أن يُحاكم جورج بوش الصغيرعلى أقل تقدير لأنه تسبب في مقتل وإصابة أربعين ألف مواطن أمريكي وقام بتضليل الراي العام في بلاده وهدر, دون أن يحصل بالمقابل على قرش واحد, مليارات الدولارات من الأموال العامة وشوّه سمعة أمريكا الى الأبد. وإذا كان الاعتراف بالخطأ فضيلة كما يُقال فان ما صرّح به بوش الصغيرمؤخرا لا يدخل في هذا الباب. فما قام به الشيطان جورج بوش, في حربه العدوانية ضد العراق, ليس أخطاءا يمكن تصحيحها بالندم أو بكلمات الأسف, بل هي جرائم ومجازر وإنتهاكات بشعة ضد الانسانية ينبغي أن ينتهي فاعلها, أي بوش الصغير, وباسرع وقت ممكن خلف القضبان في زنزانة إنفرادية لأن يديه ملطختان بدم ملايين الأبرياء. [email protected]