" الإنسان مدنيّ بطبعه " وهو خيّر بجبلّته الّتي فطره عليها الله سبحانه وتعالى فلا حياة دون توافق بمرجعيّة تحفظ للفرد حقّه في إطار المجموعة ولا تسمح له بالإغارة على غيره وتونس أبدعت في تحقيق ثورة سلميّة فلتكن أخلاقيّة ونحو الوطنيّة الحقّة أساسا... إعتمد بن آدم نمطا بدائيا استعمل فيه قوّته لنيل ما يريد ولبسط نفوذه في مناطق يختارها وليتزاوج مع الّتي تعجبه وكانت صيرورة التّطور الذّهني والأخلاقيّ حتّى أدرك حتميّة إيجاد ميثاق اجتماعيّ يضمن له مكوّنات وجوده دون حاجة لاستعمال العنف بأنواعه وجرّب نماذج كثيرة لم تخلو كلّها من الجوانب الذّاتية لواضعيها أفرادا ومجموعات فعسر التّخلص من الحيف بمختلف مظاهره وساد استغلال الأقوياء لعوامل نفوذهم فجارالحكّام وظلم المحكومون ...حتّى جاء خير خلق الله صلّى الله عليه وسلّم برسالته السّماوية الخاتمة فردّت لأبن آدم إنسانيّته تامّة وكرّمه العليّ القدير فاستخلفه في الأرض وحرّم عليه الظّلم . فلا جور من الحكّام الّذين يدركون مآل الظّالمين منهم وتناسب العقاب مع حجم المسؤوليّة ...فليتبصّر التّونسيون إذا أن الله بارك عملنا وسعينا فأكرمنا بأوّل حكومة نختارها في تاريخنا القديم والحديث وأعجزنا بأن تكون بمرجعيّة ومشروع إسلاميّ أفلا ندرك أنّه حلم تحقّق؟ فلنتمسّك بمشروعها بالرّوح إن لزم الأمر ونعيب عليها إن أخطات وسنّة المولى في خلقه أن يخطئوا وخير الخطّائين التّوابون فحكومتنا ذات المرجعيّة الإسلاميّة يخاف أعضاؤها يوما تذهل فيه الأمّ عن رضيعها قبل أن يخشوا مساءلة قانونيّة وضعيّة ولو كانوا من عبدة المال والمناصب لباعوا ضمائرهم ودينهم لبن علي وجنّبوا أنفسهم وعائلاتهم ويلات العذاب وأصنافه ولخسروا ما عند الله... التّونسي اليوم أمام ثلاثة أقطاب سلطويّة تتّحد منها إثنتان في سوء الأخلاق وتبعاته السّلوكية وفي سوابق من الإجرام لا يمكن إخفاؤها أو تجاهلها وله أن يختار ويتحمّل كامل المسؤولية التّاريخية الدّنيوية والمساءلة في الآخرة : 1 - مشروع إسلاميّ بدأت بوادر نجاحه تبرز للمتبصّرين وهو الضّامن الوحيد في تونس وفي الوطن العربيّ حاليّا للسّيادة والأمن العامّ وللأرواح والممتلكات وللدّين والعرض وللعلاقات الإجتماعيّة المتوازنة واحترام الإختيارت الإيديولوجيّة والدّينية الفرديّة ، مسلمون مؤمنون عفوا وصفحوا عمّن أجرموا بوضاعة مطلقة في حقّهم وحقّ عائلاتهم ورفعوا المصلحة العليا لتونس فوق كل الإعتبارات ، مسؤولون رعاة نسوا ذواتهم وعائلاتهم وانصهروا في العمل دون منّة فالفخر لهم وسيّد القوم خادمهم وبرامج أعدّوها للولايات الداخليّة قد لا تتناسب مع أحلام المواطنين بل تفرضها ميزانيّة وواقع اقتصاديّ عامّ وجوانب تسييريّة يجهلها المواطن البعيد عن خلفيّات السّلطة ولا نعيب عليه ما قد يبدو له من نواقص في ظاهريّة المشاريع ونهيب بالحكومة التّوضيح والتّعديل والإضافة كلّما أمكن ولتسع نحو تحقيق التّوازن الجهويّ عمليّا ومن خلال ما يرصد من أموال تكون مبالغها داخليّا وفي مناطق الظلّ أرفع بكثير من غيرها وهذه المعادلة يسوقها خصوم الحكومة وحتّى من أنصارها ولا تبدو تامّة الخطأ ... مناطق صناعيّة لم تفعّل بعد لأسباب وعوائق على الحكومة تجاوزها وبقوّة القانون إن لزم الأمر والشّعب يلحّ على الصّرامة وقد يعيب على من اختارهم تساهلهم في بعض المواطن فلا استقرار ولا عمل ولا نموّ دون أمن و دون قوّة جابرة من الوحدات الدّاخلية المطلوب تأهيلها ومدّها بما يلزم من أدوات العمل المتحضّر الّذي يحفظ حقوق وكرامة كلّ الأطراف... وقد لا يدرك التجمّعيون أو اليساريّون أنّ من مصلحتهم أن يكون الحاكم صالحا وطنيّا لا يعرف غير القانون أداة للتّفاعل مع الجميع ومع كل الأحداث ...تصوّروا لو عذّب التّجمعيّون أو اليساريّون كما فعل بالإسلاميّين وبلغوا السّلطة كما النّهضة فماذا ترى حال البلاد الآن؟ ماذا ترى التّجمّعيّين و اليساريّين فاعلين ضدّ تحرّكات بعض السّلفيين حتى لو لازموا منازلهم وسدّوا أبوابهم بالآجر؟ ماذا ترى اتّحادهما فاعلا في الدّستور وفي الأحزاب الدّينية المرجع ومظاهر التّفسخ الأخلاقيّ والدّعوات لتقنين الزّواج المثليّ وفي موضوع النّقاب وفي ملفّات مجرمي نظام بن علي والعدالة الإنتقاليّة وجرحى الثّورة ؟ تخيّلوا وزيرا للدّاخلية تجمّعيا أو يساريّا يستهان بقراره ويقتحم شارع بورقيبة في7 و 9 أفريل ثم يوم 2 جوان ؟ 2و 3 : لا يمكن التّوصيف بالمشروع ما يطرحه التّجمعيون و حتى اليساريّون فسوء الأخلاق وتبعاتها على الفرد والمجتمع ليست أهلا لأن توضع في خانة المشاريع لما يحويه اللّفظ من شحنة إيجابيّة بل هي مدعاة للرّفض والتّشهير والصّراخ بأعلى الأصوات مادارت عقارب السّاعات أن احذروا يا تونسيّين على أرواحكم وعلى من تحبّون وعلى ما تملكون وعلى ما تعبدون واخشوا على حاضركم ومستقبلكم وحتّى على أحلامكم ... أنتم تشاهدون خياناتهم لتونس كلّ يوم وبكل جرأة ووضاعة : ألم يغلقوا المؤسّسات الإقتصاديّة وتسبّبوا للآلاف في البطالة وهم المتشدّقون بالدّفاع عن العمّال ؟ ألم ينفّروا المستثمرين والمتعاملين من التّواجد في تونس ؟ ألم يفرحوا بنزول التّصنيف الإئتماني لوطنهم وفي بلدان أخرى يغتمّ الجميع ؟ ألا يسعون بكل وقاحة وغباء لإسقاط الحكومة؟ خارج الوطن العربيّ يشترك كلّ المواطنين وحتى أقلّهم تعليما في الوطنيّة وبمؤشّر تقييميّ تامّ أمّا عندنا قد نجد من له أرفع الشّهادات العلميّة والدّراسيّة ولم يرتق وعيه وإدراكه إلى الوطنيّة فيصدق القول أن طامّة العرب في " مثقّفيهم " لا تسمحوا للتّجمعيّين بالعودة للسّلطة والحياة السّياسيّة ولا تسلّموا رقابكم لليساريّين فيفعلوا بها كما يفعل بشار الأسد بالسّوريين ... أولم يكن بورقيبة يساريّا ؟ أوليس كثيرون من السّلطة الفلسطينيّة يسارييّن وهم متعاونون مع الصّهاينة ضدّ غزّة وحماس وضد المصلحة العليا لفلسطين ؟ على التّونسيّين استحضار ما يعرفونه ويشاهدونه يوميّا في الحياة الخاصّة والعامّة من أخلاق وسلوكات اليساريّين ولهم البحث في التّاريخ التّونسي والعربيّ حتى لا تكون للعواطف حجّة على أيّ كان... ولتكن علاقتهم بحكومتهم ذات المرجعيّة الإسلاميّة كمن يلوم حبيبه وينبّهه بتحرّكات غير مضرّة ولا يرتضي له وخز الإبرة ولن يقبل بغيره.