لم يكن من داع " للمعلّمين المربّين " للدّخول في إضراب آخر و بيومين وبعد تلبية الوزارة لكلّ المطالب وأهمّها المنحة الخصوصيّة وفي وضع من التوتّر والتّرقّب الإجتماعي لآنطلاق تنفيذ مشاريع الحكومة سوى انخراط واع أو جاهل في سياق إضرابات متزامنة أطلقها الأتحاد العامّ " التّونسي" " للشّغل" في نيّة أعلنت مرارا لإسقاط الحكومة... وليتساءل المعلّمون: لو سقطت هذه الحكومة فمن ترونه صالحا للحكم ؟أيعود التجمّعيون و الذين لا يعرفون الله ولا يخافونه ؟ أم يحكمكم الشّيوعيّون وتعرفون سلوكاتهم في الحياة اليوميّة فكيف بهم في السلطة ؟ لو كان بن علي ومبارك وعلي عبد الله صالح والقذّافي وبشار الأسد يخافون الله فهل كانوا يمارسون كل أنواع الإجرام في حقّ شعوبهم و يقتلون نفسا واحدة بغير حقّ؟ أفيقوا قبل أن تندموا وتجدوا أنفسكم قد شاركتم لا قدر الله في جريمة إسقاط أول حكومة منتخبة مختارة وطنيّة حقيقيّة في تاريخ تونس وخاصّة بمرجعيّة إسلاميّة ...لأنّ الحكومات ولو كانت كما يقال وطنيّة دون مرجعيّة أخلاقية إسلاميّة تزوغ ولكم في ما فعله البيت الأسود الأمريكيّ في 11 سبتمبر الدّليل على سلطة غربيّة سيّئة الأخلاق تضحيّ بآلاف من مواطنيها لتحقيق غابات سياسيّة وأغلبها ليس في مصلحة شعبها... مسؤولية المربّين أكثر جسامة من الموكلة إلى غيرهم في منعرج تاريخيّ أشبه بمعجزة حبا الله بها تونس في أن يقدموا مثالا سيّئا لغير المثقّفين وبتزامن مفضوح مع عدّة قطاعات أخرى منها الماليّة والأطبّاء والصّيادلة والعدليّة والثّقافة وإضرابات جهويّة منها في الكاف يوم 4 جوان وجندوبة يوم 5جوان ، تزامن يكشف نيّة مبيّتة ليس لمطلبيّة قطاعيّة بل بنيّة تعجيز الحكومة ودفعها للإستقالة ولن يكون ذلك وأبشر الأعداء بأن المشروع الإسلاميّ في تونس في طريقه نحو النّجاح وكما يقال " تمرّ الطائرة و..." ، سلطة بمرجعيّة إسلاميّة ستمكّن من التّغيير المجتمعيّ الجذريّ في كلّ الإبعاد ولفائدة الجميع وكان من المنتظر أن يكون المدرّس مثالا للتّبصر والحكمة والإنتباه و يعتمد واقع عمل الحكومة للتّدليل على أنموذج المسؤوليّة الصالحة فإذا به يفاجىء المتعلّمين وكلّ المجتمع ويتصدّر قائمة المساهمين في ما يضرّ بالأمن العامّ والسّلم الإجتماعيّ ويعطّل أداء السّاهرين على المسار الثوريّ ، فلا يكفي التلفّظ بحبّ تونس وبالوطنيّة بل تجب البرهنة العمليّة والتّطبيق الفعليّ البيّن والواضح لما فيه مصلحتها العليا واستقرارها ورفع لقيمتها في المؤشّر العالميّ ومن أضرّ بها عن رويّة نقصت وطنيّته وتناسب ذلك مع جرمه وليقيم الجميع أنفسهم أفرادا وأحزابا ومنظّمات وهيآت بمعاييرها الحقيقيّة فيدرك كل خانته... تسأل تونس المشرفين على الإتّحاد : هل ما تقومون به ضدّ أول حكومة منتخبة شرعيّة من الوطنيّة ؟ أنتم من شاركتم محمّد الغنّوشي في الحكومة الأولى الممتدّة لنظام بن علي والتي حاولت الإلتفاف على الثّورة ، فأن أدركتم فداحة وخطورة ذلك على الوضع الأمنيّ العامّ وعلى مجمل السّلم الإجتماعيّ فعليكم بمراجعة تحرّكاتكم جذريّا وفوريّا والإعتذار حالاّ لتونس و لكلّ من غرّرتم به ودفعتموه إلى ممارسات غير مسؤولة ولتكن توبتكم نصوحا... وإن عجزتم عن إدراك خطورة موقعكم العامّ فلستم أهلا له وعلى المجموعة الوطنيّة إبعادكم و تعويضكم بمسؤولين واعين يرفعون تونس فوق المصالح الإيديولوجيّة والخاصّة واعتبروا أن حظ الإتحاد وافر فقد تخلّصت ثورات كثيرة من منظّمات عملت ضدّ مسارها، ومتى واصلتم نهجكم المناوىء للمصلحة العليا لتونس افتقدتم منخرطيكم تدريجيّا وقلّصتم مكانتكم الإجتماعيّة و النقابيّة وقد يتدخّل المواطن مباشرة لتصحيح مساركم فحاولوا أن تستشرفوا نتائج ما تفعلون... إن مواقف كثير من هياكل الإتّحاد تفرض تساؤلات عن نوايا تواجدهم فيه فالنّقابي الأصيل وطنيّ أساسا وناضل ضد العدوّ الفرنسيّ و يجتهد لفائدة العامل دون الإضرار بكلّ المجتمع ومن أفصح أنّه يدافع عن الشّغالين يساعدهم على نيل حقوقهم ضمن سياق إجتماعيّ تضامنيّ يراعي بقيّة المكوّنات ويساعد على العمل ولا يقطع الأرزاق ولا يساهم في ثورة مضادّة . فتحسين وضع العامل عموما يتطلّب توفّر أرضيّة ماليّة للمشغّل كان دولة أو أفرادا ومتى توقّف الإنتاج عجز صاحب المؤسّسة عن سداد مستحقّات العاملين وهذه البديهيّة لا تبدو جليّة عند مسؤوليّ الإتّحاد والعمّال فيكون الإستنتاج أن غالبيّة النّقابيين لا يهتمّون أصلا لمصلحة منوّبيهم بقدر ما هي مناورات مسرحيّة للتّواجد في مراكز نفوذ يستعملومها لتمرير مخططّات سياسيّة معيّنة والتّمتّع بامتيازات ماليّة وغيرها ولكم المقارنة بين مرتّب الأمين العامّ للإتّحاد وأيّ موظّف آخر في الدّولة وتبرز خيانات عديد النقابيّين في تسبّبهم في إغلاق وحدات إقتصاديّة وإحالة آلاف عامليها على البطالة وفي مغادرة أصحابها بلادنا وتسويق صورة سلبيّة عن عموم الوضع عندنا في مرحلة بناء تستلزم زيادة الدّخل الوطنيّ الخام وتهدئة كل الأوضاع وتوعية الجميع بالمسؤولية التاريخيّة في التّشييد والتّضحية وتأجيل المطالبات فلا تتناسب الإنانيّة المفرطة الغبيّة مع الوطنيّة. وكما تعوّدنا من ألتّجمعيين والفاسدين من اليسار أن لا يقارعوا خصومهم بالحجّة ويرفضون المناظرات المتحضّرة الممنهجة ويسعون لمصادرة الرأي المخالف بكل وسائلهم المعبّرة عن أخلاقيّاتهم ويكيلون التّهم الغبيّة والتي صار المواطن متفطّن لها والأمثلة كثيرة في تاريخ تونس ويعلم الجميع ما اختلقوه ضدّ شخصيّات وطنيّة معروفة الآن ، ونبشّرهم بأنّ الثّورة التّونسية الحقيقيّة وهي الأخلاقيّة نجحت بإذن الله والمشروع الإسلاميّ لن يفسده أحد مادام من المسلمين من يدافعون عنه بصدق ونيّة خالصة لله وليناور الأعداء كما شاؤوا وسييسجّل التّاريخ لمن أحسن لوطنه ولدينه ولنفسه ولذرّيته ولمن أساء و لا عاش في تونس من خانها...