[المراسلون الصّحفيون والإعلاميّون عموما وواجب اتّقاء الفتن - فوزي عبيدي]سنّة الله في خلقه أن يكونوا خطّائين حتّى يُبين سبحانه وتعالى أنّه تفرّد بالكمال وحتّى لا يُفتتن النّاس ببعضهم فخُطِّىء الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وقال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه " أخطا عمر وأصابت إمرأة " وبديهي أن يخطأ الأئمّة في مختلف المواقع وعلى منابرهم مضمونا أو شكلا أو عرضا ومحتوى. قد تحدث اختلافات في الرّؤى والطّروحات بين الأئمّة الخطباء مع مكوّنات للطّيف الإسلاميّ عموما والسّنّي خاصّة يتعلّق بعضها بانحيازه لجماعة دون أخرى أو تحامله على مكوّن محدّد أحيانا أوفي تناوله الفقهيّ لأمر قد يجانب الصواب في عرضه وتحليله وعلى الجميع الإرتقاء بإدراكهم وفعلهم إلى الحدّ الأدنى من المصلحة الإسلاميّة العليا وما يمكن تسميته بالمشروع الإسلاميّ .وفي تونس حبانا الله بأن تكون أوّل حكومة نختارها تتحمّل ثقل ما حلُمنا به لعقود وإن امتدّ الوجود الإسلاميّ في تونس منذ ما يقارب الأربعة عشر قرنا فإنّا في العصر الحديث لم نعش دولة مسلمة تشريعات وقوانين وسلوكات مجتمعيّة فلنوحّد الصّفوف نيّة ولفظا وعملا لنُنجحَ عمل النّهضة ونُساهم في إعادة انتخابها لنبدأ تثبيت ما نريد وما يجب أن يكون . حدث في مدينة من الشّمال الغربيّ أنّ إماما للجمعة تطرّق إلى ما أحسّ من خلاله إخواننا في النّهضة وفي مواقع أخرى إخواننا من السّلفيّين إساءة لهم فحاوره عدد منهم بما فيه خير الدّين والدّنيا فلم يبد استعدادا كافيا عميقا للتّواصل فارتأى الكثيرون حكمة في تغييره درءا للفرقة وحرصا على الإستقرار ومساهمة في هدوء وسلامة المناخ الإجتماعيّ في وقت تُشنُّ حرب ضروس على الإسلام من طرف التجمّعيين ومن الفاسدين من اليسار وفي عمالة واعية أو دونها للصّهيونية وانتهاكات مجرمة متكرّرة للمقدّسات ، ظرف مفصليّ تاريخيّ يحتّم توحّد المسلمين على كلمة لا إلاه إلا الله محمّد رسول الله وواجب الإمتثال لكلام العزيز الحكيم في سورة الحجرات " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29). غاب الإمام عن آخر جمعة فعُوّض ولا ضرر في ذلك حتى لو لم تَشُب إمامته أيّة شائبة وحمد الجميع الله على تجاوز الخلاف لما فيه الفلاح والمصلحة العليا ، غير أن مراسلا محليّا لصحيفة يوميّة يمدّها بسطور يقول فيها أن الإمام المذكور تعرّض للتّهديد بالقتل وإنّا مستاؤون جدّا ممّن يتنمي لسلك التّعليم والتّربية وينشر خبرا كاذبا قد يسهم ولو بجزء يسير في توتير النّاس في وقت كان عليه أن يترفّع عن المساهمة في الفتنة ولو فرضنا جدلا وليس هو مقال ولا فعل الحال أنه شهد العمليّة مباشرة قولا أوعملا ... فالإعلاميّ ولو اقتصر دوره على مراسلات محليّة واجبه الوطنيّ والدّينيّ يفرضان عليه اتّقاء الفتنة ودرء الشّبهات والمساهمة المسؤولة في التّوافق الدّينيّ بين مكوّنات المشهد الإسلاميّ العامّ والسّنّي خاصّة وفي السّلم الإجتماعيّ وفي الحثّ على الهدوء وعدم تعطيل الأنشطة الإقتصاديّة والعمل الجادّ الوطنيّ من أجل التّغيير الجذريّ العميق والسّليم نحو مصلحة وخير كلّ التّونسيّين ومن خلالهم الأمّة العربيّة والإسلاميّة...