عاجل: فرص تشغيل جديدة في وزارة الصناعة ...هذه الاختصاصات ورابط التسجيل    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    عاجل/ بعد انقطاع لسنوات: عودة العلاج بالليزر في هذا المستشفى بالعاصمة    بطولة كرة اليد: برنامج مواجهات الجولة الثانية إيابا    سفير تونس ببكين: التعاون مع الصين سيشمل كل القطاعات    في تدوينة مؤثرة لشقيقتها: هذا ما قالته سنية الدهماني خلال جلسة محاكمتها..    فضيحة المراهنات تتسع .. إعتقال 8 أشخاص والتحقيق مع 1024 لاعبا في تركيا    من وسط سبيطار فرحات حشاد: امرأة تتعرض لعملية احتيال غريبة..التفاصيل    عاجل : معلق بريطاني من أصول تونسية يحتجز في أمريكا ...و العائلة تزف هذا الخبر    عاجل/ في عمليتين نوعيتين للديوانة حجز هذا المبلغ الضخم..    المشي اليومي يساعد على مقاومة "الزهايمر"..    وفاة نجم ''تيك توك'' أمريكي شهير    حجم التهرب الضريبي بلغ 1800 م د في صناعة وتجارة الخمور بتونس و1700 م د في التجارة الالكترونية    عاجل/ سقوط سقف إحدى قاعات التدريس بمعهد: نائب بالمجلس المحلّي بفرنانة يفجرها ويكشف..    بطولة الماسترس للتنس: فوز الأمريكي فريتز على الإيطالي موزيتي    وزير الداخلية: الوحدات الأمنية تعمل على ضرب خطوط التهريب وأماكن إدخالها إلى البلاد    نابل: توافد حوالي 820 ألف سائح على جهة نابل - الحمامات منذ بداية السنة الحالية    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    عاجل: ميناء سوسة يفتّح أبوابه ل200 سائح من رحلة بحرية بريطانية!    عاجل-وزارة الدفاع الوطني: انتدابات وزيادة في الأجور    أقراص طبية لإطالة العمر حتى 150 عام...شنوا حكايتها ؟    مدينة العلوم تنظم يوم السبت 22 نوفمبر يوم الاستكشافات تحت شعار "العلوم متاحة للجميع"    المنتخب التونسي يفتتح الأربعاء سلسلة ودياته بمواجهة موريتانيا استعدادًا للاستحقاقين العربي والإفريقي    نائب رئيس النادي الإفريقي في ضيافة لجنة التحكيم    بعد أكثر من 12 عاما من إغلاقها.. السفارة السورية تعود إلى العمل بواشنطن    الكحة ''الشايحة'' قد تكون إنذار مبكر لمشاكل خطيرة    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع طفيف    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    عاجل: اضطراب وانقطاع المياه في هذه الجهة ..ال sonede توّضح    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى تركيا لاجراء تربص باسبوعين منقوصا من زياد الشنوفي وواصف المثناني بداعي الاصابة    عاجل: هذا ما حكمت به الفيفا بين الترجي ومدربه الروماني السابق    الدكتور ذاكر لهيذب: '' كتبت التدوينة على البلايلي وساس وقلت يلزم يرتاحوا ما كنتش نستنقص من الفريق المنافس''    حاجة تستعملها ديما...سبب كبير في ارتفاع فاتورة الضوء    نقص في الحليب و الزبدة : نقابة الفلاحين تكشف للتوانسة هذه المعطيات    عاجل: حبس الفنان المصري سعد الصغير وآخرين..وهذه التفاصيل    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    الكنيست الإسرائيلي يصادق على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في القراءة الأولى    مجلس الشيوخ الأمريكي يقرّ مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    وزير السياحة يبحث مع نظيرته الإيطالية سبل تطوير التعاون الثنائي في المجال السياحي    ياخي الشتاء بدا يقرّب؟ شوف شنوّة يقول المعهد الوطني للرصد الجوي!    العراق ينتخب.. ماذا سيحدث من يوم الاقتراع لإعلان النتائج؟    ترامب: أنا على وفاق مع الرئيس السوري وسنفعل كل ما بوسعنا لجعل سوريا ناجحة    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    المهرجان العالمي للخبز ..فتح باب الترشّح لمسابقة «أفضل خباز في تونس 2025»    جندوبة: تتويج المدرسة الابتدائية ريغة بالجائزة الوطنية للعمل المتميّز في المقاربة التربوية    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    قابس: تنظيم أيام صناعة المحتوى الرقمي من 14 الى 16 نوفمبر    بنزرت: إنتشال 5 جثث لفضتها الأمواج في عدد من شواطئ بنزرت الجنوبية    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي: كافية الراجحي تتحصل على جائزة البحث العلمي وعملان تونسيان ضمن المُسابقات الرسمية    عاجل/تنبيه.. تحوير جزئي لمسلك خطي الحافلة رقم 104 و 30..وهذه التفاصيل..    عاجل/ نشرة تحذيرية للرصد الجوي..وهذه التفاصيل..    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويُنقل للمستشفى    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلفيو تونس.. الاستدراج صوب الهاوية سمير العركي
نشر في الفجر نيوز يوم 18 - 06 - 2012

[سلفيو تونس.. الاستدراج صوب الهاوية سمير العركي]تونس سمير العركي بعد مرور أكثر من عام ونصف على ثورات الربيع العربي وضَح جليًّا أنَّ جميع المحاولات التى بُذِلت من أجل إحداث التوافق بين التيارين؛ الإسلامي والعلماني لم يُحالِفها التوفيق حتَّى الآن وربَّما لفترةٍ أخرَى مقبلة. فطول أمد الدول السلطوية أدَّى إلى نشوء طبقة من السياسيين والمثقفين ارتبطت برباط وثيق مع هذه الأنظمة، ولم تَعُد مستعدة لقبول الآخر على أرضية التنافُس السياسي المشروع والعراك الفكري
المطلوب، خاصةً مع سعيها الدؤوب لفرض منظومة فكرية وعقدية مغايرة للعمق العقدي للشعوب الإسلامية؛ وقد تكفّلت الأنظمة السلطوية التي تأسَّست في منتصف القرن الماضي تحت رعاية العسكر بمهمة تغييب الإسلاميين عن الساحة، إمَّا بالتصفية الجسدية المباشرة أو السجن لمددٍ طويلةٍ، ورغم كل هذا فقد فشلت النُّخب العلمانية في جلب السيادة لمنظومتها، وظلَّت الشعوب الإسلامية والعربية فى أكثريتها الساحقة منحازة إلى شريعتها وكتابها الخالد.
وجاءت ثورات الربيع العربي لتضع المعسكر العلماني أمام أشدِّ الاختبارات قسوةً فى مسيرته؛ إذ وجد نفسه فجأة مطالبًا بمواجهة الجماهير في الشوارع والطرقات لا من "عَلٍ" والنزول إليها طمعًا في أصواتها بعد أن عاش ردحًا من الزمان نائيًا عنهم وعن مشاكلهم، كما أنَّه وجد نفسه في مواجهةٍ شرسةٍ وحقيقية مع غَرِيمه التقليدي؛ التيار الإسلامي.
ومع تيقُّن التيار العلماني هزيمته إذا ما احتَكَمت الشعوب إلى صناديق الانتخابات بنزاهة وشفافية كان لا بدَّ من اللجوء إلى خطةٍ بديلةٍ لتشويه التيار الإسلامي وجرِّه إلى مستنقع الصدام والعنف متى أمكن ذلك، وهي الخطة التي بدأت في مصر وتونس في آنٍ واحدٍ، واختار منفذوها اصطياد التيار السلفي على أساس أنه يمثِّل في نظرهم وافدًا جديدًا على دنيا السياسة وليست لديه دراية كافية بالسياسة وألاعيبها الملتوية، على عكس تيار الإخوان المسلمين الذي اكتسب مزيدًا من الخبرة عبر مشاركاته في الحياة السياسية خلال العقود الماضية.
وإذا كان التيار العلماني قد اختار في مصر نشر الأكاذيب والأخبار المغلوطة كحادثة قطع الأذن وحرق الأضرحة والكنائس والاعتداء على النساء السافرات.. إلخ، وهي الاتهامات التي ثبت كذبها بعد ذلك. فإنَّ نظيره التونسي اختار التصعيد مستغلًّا الأجواء التي خلفتها فترتَا حكم بورقيبة وزين العابدين بن علي وجعلت من السهل التطاول على الإسلام ومقدساته وعدم الوقوف عند الخطوط الحمراء التي نراها في مصر على سبيل المثال.
ومن هنا كان إقدام قناة "نسمة تي في" الفضائية التونسية على سبِّ الله تعالى قبل أشهر قليلة مما أثار موجةً من الغضب في أرجاء تونس رغم محاولة مالكها نبيل القروي التقدُّم باعتذارٍ، إلا أنَّ ذلك لم يَحُل دونَ قيام بعض المتظاهرين الغاضبين بإحراق منزله.
هذه الاستراتيجية التي تَبَنَّتها النخب العلمانية يشرحها عمار عبيدي بشكل أكثر تفصيلاً بقوله: "لعلَّ سيل التهم والإشاعات الذي يلاحق التيار لا يحصى ولا يُعَد، ولعلَّ أبرزه تهمة إهانة علم تونس عندما أقدم شابٌّ بصفة فردية بوضع علم الخلافة فوق علم تونس، والحال أنّ العلم دنّس ألف مرّة من طرف الذين طلبوا تدخُّل فرنسا في بلدهم لأنَّ النهضة فازت، ومن الذين فرّوا إلى الجزائر وتنكّروا لتونس بسبب بطونهم، ومن الذين رفعوا علم الاستقلال الرديف من ولاية قفصة عن الجمهورية التونسية، ومن الذين زاروا السفارات الأوروبية في تونس ليسقطوا الحكومة فأسقطتهم المخابرات التركية متلبسين في هذه السفارات، لكنَّ الجميع تذكر "الوطنية" على حين غرّة عندما تعلّق الأمر بالطرف الأضعف إعلاميًّا ألا وهو الطرف السلفي.. عندها تذكّر الجميع الوطنية، وعزفوا على وتر التهديد السلفي!!.
في الحقيقة هذه الاستراتيجية التي انتهجها الطرف العلمانِي في تونس، أملاً في ضرب "عصفورين بحجر واحد"؛ أوّلهما: الوقيعة بين السلطة الإسلامية الممثلة في حركة النهضة والسلفيين، وبالتالي سجنهم فرادَى وجماعات كما فعل ابن علي، وثانيهما: نزع تلك الصورة عن حركة النهضة التي ارتبطت بالإسلام في أوساط العامة لتخسر هذه الحركة أهمَّ سبب جعلها تكسب الانتخابات وهو صورة الحزب الذي يمثّل الإسلام".
وفي ضوء هذه الخطة يمكننا تفهُّم مَغْزَى المعرض الفني الذي أقيم في تونس ونشرت فيه لوحات تحمل إساءة بالغة للمسلمين وعقائدهم مما أدَّى إلى وقوع اشتباكات بين الشرطة التونسية ومئات من السلفيين، حيث قام المحتجُّون بإغلاق الشوارع وإشعال النيران في إطارات سيارات في منطقتَي التضامن وسيدي حسين في العاصمة، وقاموا برشق قوات الأمن بقنابل المولوتوف بعد محاولتها تفريقهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص في الهواء.
مما حدَا بالحكومة التونسية إلى فرض حظر التجوال في عددٍ من المحافظات، وإعلان وزارة الداخلية التونسية "التي يرأسها أحد أعضاء حزب النهضة" اتخاذ تدابير أكثر صرامة في مواجهة هذه التهديدات الأمنية. مما قد ينذر بوقوع صدامات كبيرة بين الفصيلين الإسلاميين الكبيرين، مما قد يؤدى إلى تقويض المشروع الإسلامى لصالح الأطروحات العلمانية.
حلول عاجلة لاجتياز الأزمة
ما يحدث للتيار السلفي في تونس يتطلب اتخاذ المزيد من التدابير، ليس من جانب التيار السلفي وحده ولكن من جانب حركة النهضة أيضًا عبر الإجراءات التالية:
1 - قيام الحكومة التونسية التي تسيطر عليها حركة النهضة باتخاذ التدابير القانونية اللازمة تجاه المسيئين لعقيدة المسلمين والمتجرئين على الذات الإلهية، ولا ينبغي التردُّد في هذه الخطوة عبر التذرُّع بالخوف من تشويه صورة الحركة عبر اتهامها بالعدوان على حرية التعبير والإبداع؛ إذ إنَّ تردُّد الحكومة التونسية في اتخاذ هذه الخطوة يفضّ بالضرورة إلى ملء هذا الفراغ في صورة أعمال عنيفة وصدامات دامية.
2 - ضرورة ضبط الحالة السلفية التي تتميّز بالسيولة الشديدة وتتجلّى أبرز مظاهرها في غياب القيادة الحازمة التي يجتمع عليها الشباب السلفي وتتمكن من ضبط بوصلة الأداء، وإذا كان "لا يوجد جدل بين السلفيين، كما في خارج التيّار، لدَى الأوساط المطّلعة على أنّ الشيخ الخطيب الإدريسي قيمة علمية ثابتة، لكن الرجل لأسبابٍ عديدةٍ لا يستطيع أن يكون قيادة للتيّار السلفي، بل من المرجّح أن يبقى ذلك المرجع العلمي"، وما زالت القيادة السياسية للتيار حائرة وإن كانت هناك محاولات حثيثة للدفع بأبي عياض التونسي لتولي هذه المهمة السياسية، والذي ينظر إليه كثير من المراقبين على أنَّه تمكّن من تطوير الخطاب السياسي للحركة. ولكن كما يقول عمار عبيدي: "قد يكون الحديث عن أبِي عياض لقيادة التيار السلفي واردًا بالنظر إلى وضوح الأفكار والرؤيا لديه، لكن "المخيف" ليست القيادة بل أفراد التيار وعدم الانصياع إلى توجيهات القيادة التي تتصرف برصانة أكبر وحرفية سياسية استطاعت سكب الماء على ما أشعله الإعلام من نار في مناسبات كثيرة".
3 - ضرورة البدء في حوار فعَّال ومثمر بين حركة النهضة والتيار السلفي من أجل الوصول إلى صيغ للعمل المشترك إزاء هذه التحرشات الواضحة من التيار العلماني المتطرف حتى تتمكن الحركة الإسلامية بصفة عامة في تونس من اجتياز هذه المطبات والعثرات، ولا يتمّ الزجّ بالشباب السلفي في أتون صدامات موجهة لحرق التيار في الشارع التونسي.. ولعل الخبرة النهضوية المتراكمة تتمكن من ضبط حالة الحماسة والفوران داخل التيار السلفي بدلاً من ترك الشباب هائجًا في الطرقات يحرق ويدمر بدون تفكير ولا تدبر.
إن ما يجب أن يعلمه التيار السلفي في تونس اليوم أن استدراجه نحو مستنقع العنف لا يعني سوَى استدراجه صوب الهاوية من أجل التخلص منه والالتفات بعد ذلك لحركة النهضة لتصفيتها لصالح المشروع العلماني المتحالف مع الدوائر الغربية والصهيونية.
فهل يعي سلفيو تونس متطلبات المرحلة وحجم المؤامرة قبل أن يجرفهم التيار إلى طريق اللاعودة؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.