لجنة التشريع العام تنظر في مشروع قانون الشيك دون رصيد    عاجل/ أحداث "الدربي": الحالة الصحية لمُحب الإفريقي الذي سقط من فوق الحاجز    صفاقس.. قلع 168 كلم خطيّا من التين الشوكي المصاب بالحشرة القرمزية    المغرب/ إحباط محاولة تهريب أكثر من 18 طنا من المخدرات    سوسة: انطلاق الجلسات العلنية في ما يعرف بقضية « انستالينغو » عبر التخاطب المرئي عن بعد ومحامو الدفاع ينتقدون ظروف المحاكمة    عاجل/ أحداث "الدربي": بلاغ شديد اللهجة من النادي الافريقي    الليلة: بعض الأمطار والحرارة تتراوح بين 19 و25 درجة    العمران: تكفيري يستدرج جاره إلى منزله قصد إجراء حجامة نبوية ويسدد له طعنات قاتلة    عاجل/ المهاجرين في جبنيانة: إصدار 8 بطاقات إيداع من اجل الاتجار بالأشخاص..وهذا ما تم حجزه..    الجمعية التونسية لتدريس العلوم الفيزيائية تعلن عن أسماء الفائزين في أولمبياد الفيزياء 2024    سوق الجملة ببئر القصعة: ارتفاع سعر البصل ب137 %    عاجل : التن المعلب الموجود في الاسواق هو تن مجمد مورد يتم تحويله في تونس    اطلاق التعداد الوطني لطائر اللقلق في تونس    غموض ورعب .. اختفاء يوتيوبر عربي شهير أثناء تصوير    بوكثير يُتابع مدى تقدّم أشغال ترميم عدد من المعالم في المدينة العتيقة بالعاصمة    جندوبة: انطلاق موسم الحصاد وسط تقديرات بإنتاج مليون و400 ألف قنطار من الحبوب    المؤسسات الصناعية في تونس : تشغيل حوالي 534 ألف عامل    كهل يُقدم على الانتحار داخل منزل مهجور بهذه الجهة    المشتبه به عربي الجنسية: إلقاء قنبلة على سفارة الاحتلال في رومانيا    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    عاجل : شادي الهمامي لاعب النادي الرياضي الصفاقسي يعتزل    وزير الشؤون الخارجية يشارك بسيول، في الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة الأولى الكورية-الإفريقية    الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه الدولية: تراجع النتيجة الصافية ب30 بالمائة في 2023    حادث اصطدام بين تاكسي جماعي وسيارة بسوسة..وهذه حصيلة الجرحى..    الحكومة المصرية تقدم استقالتها للرئيس السيسي..    "الهريسة التونسية" إصدار جديد للتعريف بهذا التراث الغذائي التونسي المسجل على لائحة اليونسكو    قبلي: الاتحاد الجهوي للشغل يطالب في لائحة مهنية حول تطورات ملف شركة البستنة بتصنيفها كقطاع عام    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    تونس : أكثر من 140 ألف مترشح سيجتازون مناظرة باكالوريا 2024    وزير الدّاخليّة يتفقد الإدارة العامة للعمليات بمقر وزارة الداخلية    حوادث : مقتل 11 شخصا وإصابة 314 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة    بطولة فرنسا: سانت إتيان ينتزع بطاقة الصعود لليغ 1    تفاصيل بيع تذاكر مواجهة المنتخب الوطني ومنتخب غينيا الإستوائية    نابل: حجز أزياء عسكرية وايقاف صاحب شركة    مدرب الترجي غاضب ويلوح بالرحيل.    المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    المرصد التونسي للاقتصاد يدعو إلى إرساء سياسة فلاحية تكرّس مبدأ السيادة الغذائية    التواتي: تحديد سعر لحم الضأن ب43 دينارا للكلغ    أحرز اللقب على حساب دورتموند .. الريال «ملك» رابطة الأبطال    هام / الرابطة المحترفة الثانية … برنامج مباريات الجولة الخامسة و العشرين    الفنانة إبتسام الرباعي ل«الشروق».. أتمنى تطهير الساحة الفنيّة من الدخلاء    القيروان: برمجة ثرية في مهرجان المشمش بحفوز (صور)    فيلم "المابين" لندى المازني حفيظ يتوج بجائزة أفضل فيلم في مهرجان الفيلم العربي بروتردام    خامنئي: عملية طوفان الأقصى أفشلت محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني    اليابان : زلزال قوي بلغت شدته 5,9 درجات يضرب وسط البلاد    عاجل - تونس : ارتفاع استهلاك السجائر لدى اليافعين والأطفال تزداد أكثر فأكثر    نقص أدوية وطول إجراءات...مرضى السرطان يعانون في صمت!    رغم نجاحات أطبائنا...مستشفياتنا تعاني... والصحة «مريضة»    تونس الأولى عربيا في التدخين والسيجارة الإلكترونية بديل قاتل    ردّا على حملة في «الفايسبوك»...وزارة التربية تمنع حمل الكوفية الفلسطينية خلال امتحانات الباكالوريا    الهند: موجة حر تخلف عشرات القتلى و25 ألف اصابة بضربة شمس    لأول مرة في الكويت: نجوم مصريون يحيون 'ليلة النكد'    مكتب منظمة الصحة العالمية بتونس: معدّل عمر متعاطي أول سيجارة في تونس يناهز 7 سنوات    وفاة المخرج الشاب محمد أمين الزيادي    المخرج التونسي الشاب محمد أمين الزيادي في ذمة الله    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلفيو تونس.. الاستدراج صوب الهاوية سمير العركي
نشر في الفجر نيوز يوم 18 - 06 - 2012

[سلفيو تونس.. الاستدراج صوب الهاوية سمير العركي]تونس سمير العركي بعد مرور أكثر من عام ونصف على ثورات الربيع العربي وضَح جليًّا أنَّ جميع المحاولات التى بُذِلت من أجل إحداث التوافق بين التيارين؛ الإسلامي والعلماني لم يُحالِفها التوفيق حتَّى الآن وربَّما لفترةٍ أخرَى مقبلة. فطول أمد الدول السلطوية أدَّى إلى نشوء طبقة من السياسيين والمثقفين ارتبطت برباط وثيق مع هذه الأنظمة، ولم تَعُد مستعدة لقبول الآخر على أرضية التنافُس السياسي المشروع والعراك الفكري
المطلوب، خاصةً مع سعيها الدؤوب لفرض منظومة فكرية وعقدية مغايرة للعمق العقدي للشعوب الإسلامية؛ وقد تكفّلت الأنظمة السلطوية التي تأسَّست في منتصف القرن الماضي تحت رعاية العسكر بمهمة تغييب الإسلاميين عن الساحة، إمَّا بالتصفية الجسدية المباشرة أو السجن لمددٍ طويلةٍ، ورغم كل هذا فقد فشلت النُّخب العلمانية في جلب السيادة لمنظومتها، وظلَّت الشعوب الإسلامية والعربية فى أكثريتها الساحقة منحازة إلى شريعتها وكتابها الخالد.
وجاءت ثورات الربيع العربي لتضع المعسكر العلماني أمام أشدِّ الاختبارات قسوةً فى مسيرته؛ إذ وجد نفسه فجأة مطالبًا بمواجهة الجماهير في الشوارع والطرقات لا من "عَلٍ" والنزول إليها طمعًا في أصواتها بعد أن عاش ردحًا من الزمان نائيًا عنهم وعن مشاكلهم، كما أنَّه وجد نفسه في مواجهةٍ شرسةٍ وحقيقية مع غَرِيمه التقليدي؛ التيار الإسلامي.
ومع تيقُّن التيار العلماني هزيمته إذا ما احتَكَمت الشعوب إلى صناديق الانتخابات بنزاهة وشفافية كان لا بدَّ من اللجوء إلى خطةٍ بديلةٍ لتشويه التيار الإسلامي وجرِّه إلى مستنقع الصدام والعنف متى أمكن ذلك، وهي الخطة التي بدأت في مصر وتونس في آنٍ واحدٍ، واختار منفذوها اصطياد التيار السلفي على أساس أنه يمثِّل في نظرهم وافدًا جديدًا على دنيا السياسة وليست لديه دراية كافية بالسياسة وألاعيبها الملتوية، على عكس تيار الإخوان المسلمين الذي اكتسب مزيدًا من الخبرة عبر مشاركاته في الحياة السياسية خلال العقود الماضية.
وإذا كان التيار العلماني قد اختار في مصر نشر الأكاذيب والأخبار المغلوطة كحادثة قطع الأذن وحرق الأضرحة والكنائس والاعتداء على النساء السافرات.. إلخ، وهي الاتهامات التي ثبت كذبها بعد ذلك. فإنَّ نظيره التونسي اختار التصعيد مستغلًّا الأجواء التي خلفتها فترتَا حكم بورقيبة وزين العابدين بن علي وجعلت من السهل التطاول على الإسلام ومقدساته وعدم الوقوف عند الخطوط الحمراء التي نراها في مصر على سبيل المثال.
ومن هنا كان إقدام قناة "نسمة تي في" الفضائية التونسية على سبِّ الله تعالى قبل أشهر قليلة مما أثار موجةً من الغضب في أرجاء تونس رغم محاولة مالكها نبيل القروي التقدُّم باعتذارٍ، إلا أنَّ ذلك لم يَحُل دونَ قيام بعض المتظاهرين الغاضبين بإحراق منزله.
هذه الاستراتيجية التي تَبَنَّتها النخب العلمانية يشرحها عمار عبيدي بشكل أكثر تفصيلاً بقوله: "لعلَّ سيل التهم والإشاعات الذي يلاحق التيار لا يحصى ولا يُعَد، ولعلَّ أبرزه تهمة إهانة علم تونس عندما أقدم شابٌّ بصفة فردية بوضع علم الخلافة فوق علم تونس، والحال أنّ العلم دنّس ألف مرّة من طرف الذين طلبوا تدخُّل فرنسا في بلدهم لأنَّ النهضة فازت، ومن الذين فرّوا إلى الجزائر وتنكّروا لتونس بسبب بطونهم، ومن الذين رفعوا علم الاستقلال الرديف من ولاية قفصة عن الجمهورية التونسية، ومن الذين زاروا السفارات الأوروبية في تونس ليسقطوا الحكومة فأسقطتهم المخابرات التركية متلبسين في هذه السفارات، لكنَّ الجميع تذكر "الوطنية" على حين غرّة عندما تعلّق الأمر بالطرف الأضعف إعلاميًّا ألا وهو الطرف السلفي.. عندها تذكّر الجميع الوطنية، وعزفوا على وتر التهديد السلفي!!.
في الحقيقة هذه الاستراتيجية التي انتهجها الطرف العلمانِي في تونس، أملاً في ضرب "عصفورين بحجر واحد"؛ أوّلهما: الوقيعة بين السلطة الإسلامية الممثلة في حركة النهضة والسلفيين، وبالتالي سجنهم فرادَى وجماعات كما فعل ابن علي، وثانيهما: نزع تلك الصورة عن حركة النهضة التي ارتبطت بالإسلام في أوساط العامة لتخسر هذه الحركة أهمَّ سبب جعلها تكسب الانتخابات وهو صورة الحزب الذي يمثّل الإسلام".
وفي ضوء هذه الخطة يمكننا تفهُّم مَغْزَى المعرض الفني الذي أقيم في تونس ونشرت فيه لوحات تحمل إساءة بالغة للمسلمين وعقائدهم مما أدَّى إلى وقوع اشتباكات بين الشرطة التونسية ومئات من السلفيين، حيث قام المحتجُّون بإغلاق الشوارع وإشعال النيران في إطارات سيارات في منطقتَي التضامن وسيدي حسين في العاصمة، وقاموا برشق قوات الأمن بقنابل المولوتوف بعد محاولتها تفريقهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص في الهواء.
مما حدَا بالحكومة التونسية إلى فرض حظر التجوال في عددٍ من المحافظات، وإعلان وزارة الداخلية التونسية "التي يرأسها أحد أعضاء حزب النهضة" اتخاذ تدابير أكثر صرامة في مواجهة هذه التهديدات الأمنية. مما قد ينذر بوقوع صدامات كبيرة بين الفصيلين الإسلاميين الكبيرين، مما قد يؤدى إلى تقويض المشروع الإسلامى لصالح الأطروحات العلمانية.
حلول عاجلة لاجتياز الأزمة
ما يحدث للتيار السلفي في تونس يتطلب اتخاذ المزيد من التدابير، ليس من جانب التيار السلفي وحده ولكن من جانب حركة النهضة أيضًا عبر الإجراءات التالية:
1 - قيام الحكومة التونسية التي تسيطر عليها حركة النهضة باتخاذ التدابير القانونية اللازمة تجاه المسيئين لعقيدة المسلمين والمتجرئين على الذات الإلهية، ولا ينبغي التردُّد في هذه الخطوة عبر التذرُّع بالخوف من تشويه صورة الحركة عبر اتهامها بالعدوان على حرية التعبير والإبداع؛ إذ إنَّ تردُّد الحكومة التونسية في اتخاذ هذه الخطوة يفضّ بالضرورة إلى ملء هذا الفراغ في صورة أعمال عنيفة وصدامات دامية.
2 - ضرورة ضبط الحالة السلفية التي تتميّز بالسيولة الشديدة وتتجلّى أبرز مظاهرها في غياب القيادة الحازمة التي يجتمع عليها الشباب السلفي وتتمكن من ضبط بوصلة الأداء، وإذا كان "لا يوجد جدل بين السلفيين، كما في خارج التيّار، لدَى الأوساط المطّلعة على أنّ الشيخ الخطيب الإدريسي قيمة علمية ثابتة، لكن الرجل لأسبابٍ عديدةٍ لا يستطيع أن يكون قيادة للتيّار السلفي، بل من المرجّح أن يبقى ذلك المرجع العلمي"، وما زالت القيادة السياسية للتيار حائرة وإن كانت هناك محاولات حثيثة للدفع بأبي عياض التونسي لتولي هذه المهمة السياسية، والذي ينظر إليه كثير من المراقبين على أنَّه تمكّن من تطوير الخطاب السياسي للحركة. ولكن كما يقول عمار عبيدي: "قد يكون الحديث عن أبِي عياض لقيادة التيار السلفي واردًا بالنظر إلى وضوح الأفكار والرؤيا لديه، لكن "المخيف" ليست القيادة بل أفراد التيار وعدم الانصياع إلى توجيهات القيادة التي تتصرف برصانة أكبر وحرفية سياسية استطاعت سكب الماء على ما أشعله الإعلام من نار في مناسبات كثيرة".
3 - ضرورة البدء في حوار فعَّال ومثمر بين حركة النهضة والتيار السلفي من أجل الوصول إلى صيغ للعمل المشترك إزاء هذه التحرشات الواضحة من التيار العلماني المتطرف حتى تتمكن الحركة الإسلامية بصفة عامة في تونس من اجتياز هذه المطبات والعثرات، ولا يتمّ الزجّ بالشباب السلفي في أتون صدامات موجهة لحرق التيار في الشارع التونسي.. ولعل الخبرة النهضوية المتراكمة تتمكن من ضبط حالة الحماسة والفوران داخل التيار السلفي بدلاً من ترك الشباب هائجًا في الطرقات يحرق ويدمر بدون تفكير ولا تدبر.
إن ما يجب أن يعلمه التيار السلفي في تونس اليوم أن استدراجه نحو مستنقع العنف لا يعني سوَى استدراجه صوب الهاوية من أجل التخلص منه والالتفات بعد ذلك لحركة النهضة لتصفيتها لصالح المشروع العلماني المتحالف مع الدوائر الغربية والصهيونية.
فهل يعي سلفيو تونس متطلبات المرحلة وحجم المؤامرة قبل أن يجرفهم التيار إلى طريق اللاعودة؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.