يعقد حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي مؤتمره السابع يومي 14 و 15 يوليو/تموز الجاري في العاصمة الرباط في سياق وطني تتمثل أبرز عناوينه في الموقع السياسي الجديد للحزب على رأس الحكومة الائتلافية الحالية، وذلك بعد أن فاز بأغلبية مقاعد مجلس النواب في الانتخابات التشريعية الأخيرة. ومن المتوقع أن تستقبل الجلسة الافتتاحية لمؤتمر العدالة والتنمية ضيوفا وممثلين لعدد من الحركات والتنظيمات الإسلامية أبرزهم موسى أبو مرزوق من حماس مع احتمال قدوم رئيس الحركة خالد مشعل واليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان وممثلين عن حركة النهضة في تونس والمجلس الانتقالي في ليبيا الليبي فضلا عن أسماء أخرى من تركيا ولبنان وموريتانيا والعراق وماليزيا واسبانيا مؤتمر عادي بتحديات استثنائية ترفض قيادات حزب العدالة والتنمية اعتبار المؤتمر السابع للحزب مؤتمرا استثنائيا، حتى وإن جاء في سياق سياسي مغاير. يقول عبد الله باها وزير الدولة (الرجل الثاني في الحكومة) والقيادي في الحزب ومسؤول اللجنة التحضيرية للمؤتمر "لا أرى ما يجعل هذا المؤتمر استثناء عن المؤتمرات السابقة، ونحن نتوقع أن يكون ناجحا لأن جميع المؤتمرات السابقة كانت ناجحة". بيد أن المؤتمر، حتى وإن أعلن مؤتمرا عاديا، فهو يحمل تحديات كبرى، تفرضها إعادة النظر في التموقع الجديد للحزب وانتقاله من دور المعارضة إلى التسيير الحكومي. ويوجز عبد العالي حامي الدين القيادي في العدالة والتنمية وأستاذ العلوم السياسية، هذه التحديات في ثلاث: التحدي الأول هو تنظيمي يقوم على ضرورة تأهيل الأداة التنظيمية لتتماشى مع الدور الجديد للحزب، فتنظيم حزبي في المعارضة يختلف بالطبع عن تنظيم حزبي يقود الحكومة. التحدي الثاني سياسي يتعلق بخطاب الحزب وعلاقته بموقعه الجديد داخل الحكومة. ويعتبر حامي الدين أن الحزب يجب أن يكون داعما للحكومة دون أن يتماهى معها، والفريق البرلماني للحزب عليه أن يدعم الحكومة دون أن يتخلى على وظيفته الرقابية تجاهها. التحدي الثالث هو تحدي فكري يقوم على تعميق المشروع المجتمعي للحزب بالنظر إلى الالتزامات الدولية للمغرب على مستوى الحقوق والحريات من المعارضة إلى الحكومة التحديات الثلاثة المطروحة على المؤتمر السابع تشير إلى عملية إعادة ترتيب كبرى، على الحزب أن يجريها ليواكب دوره الجديد داخل الحكومة الائتلافية الحالية. يقول محمد ضريف أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في حركات الإسلام السياسي إن تحول حزب العدالة والتنمية من المعارضة إلى التسيير الحكومي خلق داخله اتجاهين وموقفين اثنين: الموقف الأول يقوم على المساندة المطلقة للحكومة الحالية على اعتبار أن موقع الحزب داخل الحكومة الحالية يقوم على شرعية انتخابية مبينة على الثقة التي حازها الحزب خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة. الموقف الثاني يقوم على ضرورة الاحتفاظ بالمسافة اللازمة بين الحزب والحكومة، تفاديا لأية انعكاسات سلبية قد تترتب على محدودية العمل الحكومي. والموقفان معا، يقول ضريف، يتفاعلان، والمؤتمر السابع سيحاول أن يجد التوليفات الممكنة بين الموقفين. ويعتبر فيه حامي الدين أن التحدي السياسي المطروح على المؤتمر لا يتعلق بتاتا بما أسماه الحزب سابقا ب "المساندة النقدية" حين ساند حكومة الوزير الأول الاشتراكي آنذاك عبد الرحمن اليوسفي دون أن يشارك فيها، بل هو اليوم دعم للحكومة على اعتبار أن الحزب يقود الحكومة الائتلافية الحالية ولم يعد في المعارضة. في المقابل يرى ضريف أن موقع حزب العدالة والتنمية. داخل الحكومة أو خارجها، لا يحمل تأثيرا كبيرا عليه، على اعتبار أن حزب العدالة والتنمية سلك في تاريخه نهجا سياسيا يقوم على النسبية. حيث أنه ساند حكومة اليوسفي في نوفمبر 1997 ولكنه أسمى مساندته مساندة نقدية، ولما انتقل إلى المعارضة سنة 2000 اعتبر ذلك معارضة ناصحة. فالمساندة مشروطة والمعارضة كذلك. عبد الإله بن كيران.. رئيسا للحزب والحكومة؟ لعل أبرز الأمثلة التي قد تجسد علاقة الحزب بالحكومة هو موقع أمينه العام ورئيس الحكومة الحالي عبد الإله بن كيران. ولم يفش القيادي في العدالة والتنمية عبد العالي حامي الدين سرا حين قال في حديث لفرانس 24 إن الأمور تتجه إلى إعادة انتخاب بن كيران على رأس الحزب، فكواليس المؤتمر تعلن منذ أسابيع عن احتفاظ بن كيران بمكانته على رأس الحزب. يعتبر ضريف أن العديد من المؤشرات تؤكد إعادة انتخاب بن كيران، أولها قانوني، يتمثل في أن لبنكيران الحق في الترشح لولاية ثانية كما ينص على ذلك القانون الداخلي الذي حصر الأمر في ولايتين. ويتفق حامي الدين مع ضريف في ذلك، مضيفا أن ليس هناك مانع قانوني يحول دون تولي رئيس الحكومة قيادة الحزب. وحتى إن اختارت تجارب حزبية أخرى أن لا يجمع شخص واحد بين رئاسة الحكومة وقيادة الحزب فقد اختار العدالة والتنمية، يقول حامي الدين، أن لا يتبنى نفس الطرح، وذلك لاعتبارات سياسية بالأساس. يقول ضريف إن إعادة انتخاب بن كيران على رأس الحزب هو دعم لرئاسة الحكومة، و"تقوية للموقع التفاوضي لرئيس الحكومة" يضيف حامي الدين. غير أن محمد ضريف وحامي الدين تركا معا الباب مفتوحا أمام احتمالات أخرى، حيث ذكر ضريف حالة الأمين العام السابق للحزب سعد الدين العثماني الذي كان يتوقع إعادة انتخابه في المؤتمر السادس، بالنظر إلى الانتقادات التي كان توجه آنذاك لبن كيران. فكان أن انتخب الأخير بدل العثماني. هذا فضلا عن أن المجلس الوطني سيقترح خمسة أسماء على المؤتمر ليحسم في اسم الأمين العام المقبل للحزب العلاقة مع حركة الإصلاح والتوحيد من المهام المطروحة على المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية كذلك هو إعادة رسم علاقته بحركة التوحيد والإصلاح، التي توصف بأنها الجناح الدعوي للحزب. يقول ضريف إن هناك الكثير من الانتقادات وجهت إلى حزب العدالة والتنمية على خلفية علاقته بحركة الاصلاح والتوحيد، وهو ما دفع بقيادات العدالة والتنمية إلى التأكيد في خطاباتهم على استقلالية الحزب عن الحركة، حتى وإن برزت تصريحات هنا وهناك تعكس الارتباط بين الاثنين، مثل التصريح الأخير لرئيس الحركة للحمداوي الذي تحدث فيها عن الشراكة الاستراتيجية بين الحزب والحركة. الحديث عن التمايز الوظيفي يبدو صعبا ومعقدا من الناحية الإجرائية، يقول ضريف مشيرا إلى مثال آخر هو تصريح لرئيس الحكومة عبد الإله بن كيران قال فيه إن جزءا من راتبه يذهب لدعم حركة التوحيد والإصلاح وحركة العدالة والتنمية.