انتقد أدباء وكتاب وصحفيون ليبيون أوضاع الصحافة الحالية في الجماهيرية بعد إطلاق ما باتت تعرف ب"صحافة الغد". ووصف الكاتب الصحفي ناصر الدعيسي عضو الأمانة العامة لرابطة الصحفيين الليبيين المستقيل الأوضاع الحالية بالمتشابكة بين رؤى العديد من المثقفين.
وقال في حديث مع الجزيرة نت إن واقع الصحافة اليوم سياسى حتمته طبيعة المرحلة بعد 37 عاما على قيام الثورة الليبية، مشيرا إلى أنها ما زالت رهينه لجملة من الأوضاع أبرزها كونها صحافة الدولة. وتواجه الصحافة -حسب الدعيسي- تغييبا شبه كامل من الدولة وأجهزتها الرادعة، وأوضح أن كل المحاولات المحدودة التى حاولت فيها الصحافة ملامسة ملفات الفساد لم تجد اهتماما، وعلى هذا الأساس "تقلصت طموحات الذين هاجموا الفساد، وحاولوا المشاركة في إيقاف هذا الغول ولم يتحقق النهج القانوني، وهو ما يعني ألاشتباك السلمي مع الدولة الليبية ومؤسساتها". غياب الصحافة
المزداوي يرى أن الصحافة في ليبيا بحاجة لمزيد من الانفتاح من جهته يشخص الكاتب والصحفي أبو القاسم المزداوي المشكلة الحالية في "عدم وجود صحافة من الأساس مقابل وجود صحفيين". ويضيف المزداوي أن الصحافة في ليبيا تحتاج إلى المزيد من الانفتاح وإتاحة الفرصة أمام الجميع للمساهمة فيها دون استثناء، إضافة إلى توسيع دائرة الحوار والنقاش، وهامش الحرية حيال العديد من القضايا التي تشغل المواطن الليبي. ويرى الكاتب سجين الرأي سابقا السنوسي حبيب أن الوضع الصحفي الحالي يسير في خطين، الأول التقليدي ويشمل صحف الجماهيرية مثل الشمس والفجر الجديد وصحف اللجان الثورية، والآخر ما يسمى صحافة الغد، وجميعها متقاربة في توجهها العام رغم إعلان الأخيرة أنها صحافة الغد. ويأمل حبيب في حديث مع الجزيرة نت أن يتسع صدر صحافة الغد لطرح الرأي "وليس مجرد اقتناص القفشات". معقدة وفاشلة
الهنداوي اعتبر أن ما يصدر اليوم عبارة عن مشروعات وإرهاصات لصحافة غير حقيقية ويؤكد الكاتب سالم الهنداوي للجزيرة نت أن مسألة الصحافة في ليبيا معقدة، قائلا إن الصحافة القائمة حاليا خارج الفهم بالموروث المعرفي للصحافة الليبية القديمة منذ نشأتها قبل منتصف القرن الماضي. وحسب الهنداوي فإن هذه الصحافة تأسست على خلفيات أيديولوجية بحتة تدافع بمناهجها عن وجهة نظر واحدة، في الوقت الذي يحتاج فيه الشارع لصحافة حقيقية، أما ما يصدر اليوم فهو عبارة عن مشروعات وإرهاصات لصحافة غير ممكنة في واقع الحال. من جهته يقول الكاتب والصحفي صابر الفيتوري إن الصحافة في ليبيا تنقصها المهنية في تناول الأحداث، ويؤكد وجود إشكاليات يقع فيها الصحفيون أثناء تناول القضايا والأحداث. ويرى الفيتوري أن القضايا الوطنية الهامة تعاني من التهميش مقابل حدث ما يضخم رغم عدم أهميته للمواطن، وهذه مشكلة تقع فيها الصحافة الرسمية وشبه الرسمية. ويتأسف الرجل في ختام حديثه للجزيرة نت لأن العمل الصحفي الليبي "يتسم بالفشل بشكل عام". وتصدر في ليبيا حاليا خمس صحف يومية منتظمة لا يزيد توزيعها عن 5000 نسخة مقابل حوالي 10 صحف محلية تصدر بشكل متفاوت على مستوى المدينة تتراوح بين الأسبوعية والنصف شهرية لا يتجاوز توزيعها 3000 نسخة، إضافة إلى عدد قليل من الصحف الصادرة عن مؤسسات ونقابات مهنية. وإلى تاريخ صدور قانون المطبوعات رقم 76 لسنة 1972، وبالتحديد في الفترة بين 1969 و1972 كانت تصدر في البلاد حوالي 51 صحيفة بين الحكومية والخاصة متنوعة بين العربية والإنجليزية والإيطالية. وفي العهد الملكي 1952-1969 كانت تصدر 85 صحيفة ومجلة بمختلف اللغات والتوجهات الثقافية والسياسية، صدر قرار تأميمها بعد وصول العقيد معمر القذافي للسلطة عام 1969، إضافة إلى ثلاث إذاعات مسموعة بينها إذاعتان شبه رسميتين تبعيتهما لشركة الغد وقناة مرئية وأربع قنوات فضائية و12 إذاعة محلية موجهة للجمهور المحلي على مستوى المدن الصغيرة.