الجزائر: قال وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد زرهوني أن الحكومة لا تمانع حضور مراقبين أجانب في انتخابات الرئاسة القادمة المقرر إجراؤها في الربيع القادم، وأشار إلى أنه إذا وقع تزوير في تلك الانتخابات، فإن الأحزاب هي من تتحمل المسؤولية. وأضاف زرهوني في مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء أن النظام الانتخابي المعمول به يمنح أقصى الضمانات بخصوص شفافية الاقتراع و لا يسمح بأي محاولة تزوير، مؤكدا أن هذا النظام غير موجود إلا في بعض الدول الأوروبية، وذلك بشهادة كثير من الملاحظين. وأوضح ردا على سؤال يتعلق بمطالبة بعض الأحزاب بحضور مراقبين أجانب في الانتخابات الرئاسية القادمة، أن الحكومة 'مستعدة لذلك وإن كانت لا ترى فائدته' لأن قانون الانتخابات الحالي، والمعدّل عام 2003، يوفر كل الضمانات اللازمة من أجل ضمان شفافية ونزاهة عملية الاقتراع، حسب قوله. واعتبر زرهوني أنه لا يستطيع تصور وقوع تزوير على اعتبار أن القانون يمنح الأحزاب الحق في تواجد ممثلين عنها في مكاتب الاقتراع، وكذا حضور عملية فرز وحساب الأصوات، ثم أخذ صورة عن محاضر الفرز، كما أنه يمنح لها الحق في رفع دعوى قضائية أمام المحاكم الإدارية، إذا ما وقعت أية محاولة تزوير. ودعا الوزير الأحزاب للحضور بقوة عن طريق توزيع مراقبيها على مكاتب الانتخاب،لمراقبة وضمان سير عملية الانتخاب في ظروف عادية بعيدا عن أي تزوير أو تلاعب بالنتائج. ويأتي موقف وزير الداخلية في أعقاب شهور من الجدل بشأن حضور مراقبين أجانب من عدمه، وهو المطلب الذي ظل حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (المعارض) يردده في الداخل والخارج منذ أشهر كشرط لمشاركة رئيسه سعيد سعدي في الانتخابات الرئاسية القادمة. وفي المقابل كان كثير من المراقبين يؤكدون أن الأمر يتعلق بطبخة بين سعدي والسلطة، وأن هذه الأخيرة ستستجيب في النهاية لمطلب حضور المراقبين الأجانب، لأنها لا ترى حرجا في ذلك، كما أن الجزائر سبق أن استقبلت مراقبين أجانب في الانتخابات البرلمانية والمحلية التي جرت في 1997، دون أن يمنع ذلك وقوع حالات تزوير. من جهة أخرى تجري الانتخابات الرئاسية القادمة في غياب اللجنة السياسية لمراقبة الانتخابات، التي تم التخلي عنها في الانتخابات المحلية التي جرت في خريف 2007، عقب الجدل الذي أثاره رئيسها سعيد بوالشعير في الانتخابات البرلمانية التي جرت في أيار/مايو من السنة ذاتها. فقد وجه بوالشعير رسالة إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قبل ساعات قليلة من بداية عملية التصويت، تحدث فيها عن وجود 'تزوير شامل'، ووجه أصابع الاتهام إلى رئيس الحكومة آنذاك عبد العزيز بلخادم ووزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني، كما قال ان وزراء شاركوا في عملية التزوير، وذكر بعضهم بالاسم. ودخل بوالشعير في أعقاب توجيه تلك الرسالة في تلاسن مع وزير الداخلية، بعد أن قال هذا الأخير ان بوالشعير أخطأ، وأنه اعتذر، غير أن رئيس لجنة مراقبة الانتخابات رد بكل تحد قائلا: لم ولن أعتذر. و أضاف أن 'الإدارة هي التي يجب أن تعتذر عن التزوير'. ويعتقد كمال منصاري مدير تحرير جريدة 'لوجون أنديباندون' (خاصة صادرة بالفرنسية) أن المشكلة لا تتمثل في حضور المراقبين الأجانب من عدمه، معتبرا أن المشكلة الحقيقية تتمثل في نوعية المرشحين للانتخابات الرئاسية، فلو كانوا من الوزن الثقيل فإنه بإمكانهم أن يوفروا عددا كبيرا من المراقبين داخل مكاتب الاقتراع، ولكن إلى حد الآن لم يترشح إلا بعض ممن يوصفون بأرانب السباق الانتخابي. وأوضح منصاري أن حضور المراقبين الأجانب يطرح عدة علامات استفهام، منها هل سيحضر هؤلاء إلى الجزائر قبل شهرين أو ثلاثة من موعد الانتخابات، أم أنهم سيحضرون قبل يومين من انطلاق الاقتراع، وبالتالي يفوتون كل المراحل التي تسبق ذهاب الناخبين للتصويت. وأضاف أنه بالإمكان إجراء انتخابات بدون تزوير، دون أن تكون حرة ونزيهة بالضرورة، مشددا على أن الخارطة السياسية في الجزائر مميعة والممارسة السياسية مقيدة في الواقع، حتى وإن بدت حرة في الظاهر. وذكر بما وقع في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2004، عندما سرقت التوقيعات التي جمعها المرشح أحمد طالب الإبراهيمي، وعندما عثر على باب الغرفة التي كانت التوقيعات بداخلها في إقامة الدولة بنادي الصنوبر، قالت السلطات أن هواء البحر هو المسؤول عن كسر قفل الباب! واعتبر كمال منصاري أن حضور المراقبين الأجانب لا يمكن أن يشكل ضامنا لنزاهة الانتخاب، لأن المراقبين عددهم قليل ولا يمكنهم التواجد في كل مكاتب الاقتراع، مشيرا إلى أن حضور المراقبين سيمنح للانتخابات مصداقية لا أكثر ولا أقل، بصرف النظر عن نزاهة عملية الانتخاب. وأوضح أنه خلال تغطيته للانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة لاحظ وجود مراقبين أجانب، ولكن هؤلاء لم يكن دورهم منع وقوع التزوير، وإنما جاؤوا ليستفيدوا من التجربة الأمريكية في تنظيم الانتخابات.