و قد غيبت عن وعيها وغابت عن فاعليتها وصلنا إلى موقع لا ننتج فيه غذاءنا ولا دواءنا عمان(الاردن) افتتح بالامس وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلاميةفي الاردن الدكتور عبدالسلام العبادي فعاليات مؤتمر خطبة الجمعة ودورها في بناء المجتمع. والمؤتمر الذي ينظمه المنتدى العالمي للوسطية بالتعاون مع وزارة الأوقاف والجامعة الأردنية ودائرة الإفتاء العام يهدف إلى بيان المقاصد الشرعية من خطبة الجمعة والقواعد والأحكام الشرعية لها, فضلا عن بيان دور الخطبة في الحفاظ على الأمن الاجتماعي. ويسعى المؤتمر أيضا إلى تعزيز دور خطبة الجمعة في معالجة الاختلالات الفكرية ومظاهر العنف والتطرف والوصول إلى وسائل وأساليب عملية لتطويرها وتوعية وتأهيل الخطباء علمياً وشخصياً. وأشاد الدكتور عبد السلام العبادي بالدور الذي يقوم به جلالة الملك عبدالله الثاني في توجيه الدعم لرسالة المسجد وتنظيم خطاب الاعتدال الذي ركزت عليه رسالة عمّان. وأضاف إن وزارة الأوقاف التي تشرف على المساجد وترعاها، تعمد إلى تأهيل الأئمة والخطب والوعاظ بهدف تمكينهم من القيام بواجباتهم في خدمة الدعوة وبناء جيل إسلامي قادر على المساهمة في مسيرة الأوطان، لافتا إلى دور رسالة عمان في محاربة التطرف والعنف والدعوة إلى الوسطية. وأكد نائب رئس الجامعة الأردنية الدكتور هاني الضمور ضرورة تأهيل الخطباء ليقوموا بدورهم الأمثل في خدمة الأمة والنهوض بمشروع الإسلام الحضاري ورسالته السمحة التي جاءت هداية للبشرية جمعاء لا تحابي عرقا على عرق ولا تمنح الأفضلية إلا للمتقين. ودعا الضمور المشاركين إلى صياغة ميثاق شرف يلتزم به الخطباء لمعالجة الاختلالات الفكرية ومظاهر العنف والتطرف وتنمية مفاهيم الولاء والانتماء للأوطان لحفظ الأمن المجتمعي والسلم الأهلي بين أبناء الوطن الواحد. وقال الضمور "إن الجامعة الأردنية التي حملت الأمانة منذ تأسيسها عام 1962, وتواصل مسيرتها نحو المستقبل بعزم ومضاء, بعدما كستها الخمسون حكمة ووقارا, لطالما أولت هذه الغاية النبيلة جل اهتمامها, وهي اليوم تمنحها اهتماما مضاعفا بإنشاء برنامج أكاديمي مختص بتأهيل خطباء المساجد, يعنى بصقل مهاراتهم وملكاتهم وقدراتهم الاتصالية, وإثراء حصيلتهم المعرفية,بما يجعلهم أهلا لحمل نهج الوسطية والاعتدال, والالتزام بآداب الخطاب والدعوة إلى كتاب الله وسنة رسوله. من جهته أشار رئيس المنتدى العالمي للوسطية الصادق المهدي إلى تراجع دور خطبة الجمعة في المجتمعات الحديثة التي أصبحت تبث في الغالب مواعظ تقليدية نمطية مع اختلاف الموضوعات حيث يتناولها أئمة في اتجاه مذهبي أو في اتجاه حركي من وحي الحركات الإسلامية. وقال ان صلاة الجمعة في العديد من الدول الإسلامية والعربية نمطية وموضوعاتها تشغل المجتمعات بمسائل كثيرة تفرضها المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتحديات تفرضها المشكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، محذرا من استمرار خطب الجمعة في نهجها النمطي. ودعا المهدي إلى الإلمام بثمار الاجتهاد الذي يقوم على التفكير والتأكيد على مخرجات فلسفية تعزز الإيمان بالله، مؤكدا ضرورة بيان القراءة الصحيحة للعلوم الطبيعية ودعمها للحقيقة الإلهية، والالتزام بثوابت الدين في التوحيد والنبوة والأركان الخمسة، وتأكيد عالمية مكارم الأخلاق وضمان الإسلام لها ودعمه لها بحقائق الوحي بالجزاء الأخروي، وتأكيد عالمية حقوق الإنسان المنبعثة من الفروع الخمسة: الكرامة والحرية والعدالة والمساواة والسلام وكفالة الإسلام لها. وبين عضو حركة النهضة التونسية الدكتور عبد الفتاح مورو أن الأمة تعيش انحطاطاً منذ خمسة عقود حيث وصلنا إلى موقع لا ننتج فيه غذاءنا ولا دواءنا، مشيرا إلى أن الأمة غيبت عن وعيها وغابت عن فاعليتها. وقال أمين عام المنتدى المهندس مروان الفاعوري إنَّ المسجد مدرسة الأمة الإسلامية جميعاً، فهو ضمير الأمة الإسلامية المحافظ على أخلاقها وتقاليدها، لتكوين أجيال قوية في خُلقها وسلوكها، وبخاصة في ظل ظروف العصر وتعدد مراكز التوجيه المرئية والمسموعة والمقروءة. ولفت الفاعوري إلى أنَّ خطبة الجمعة تتميز بمزايا وخصائص لا تتوفر في أي نوع من أنواع الاتصال الجماهيري الأخرى، داعيا المسؤولين في المؤسسة الدينية إلى الارتقاء بالخطبة والخطباء، وتفعيل دورهم في المجتمع، والخروج بهم عن دائرة الرتابة والنمطية إلى دائرة التأثير الإيجابي في التجديد والتطوير للأمة. وأكد أنَّ الاهتمام بخطبة الجمعة والاحتفال بشأنها أمر بالغ الأهمية لما تقوم به من دور كبير في تثقيف الأمة، وترشيد نهضتها، ودعم كيانها المادي والأدبي. وناقش المؤتمر في الجلسة الأولى التي ترأسها رئيس ديوان الوقف السني/ العراق سماحة الدكتور احمد عبد الغفور السامرائي أوراق عمل حول مقاصد خطبة الجمعة وأحكامها الشرعية للدكتور عبدالرحمن الكيلاني وتحليل مضامين خطب النبي صلى الله عليه وسلم للدكتور عدنان خطاطبة ومعايير خطبة الجمعة للدكتور احمد شكري والأحكام الفقهية للخطبة للدكتور محمد القضاة. وناقشت الجلسة الثانية والاخيرة التي ترأسها الأستاذ عبدالرحيم العكور أوراق عمل عن صفات الخطيب الناجح ومعايير اختياره ومواصفات الخطبة الفعالة للدكتور عبدالرحمن ابداح، وإفادة الخطيب من وسائل الاتصال الحديثة قدمها شوقي القاضي، وتفاعل الخطيب مع الواقع والتعامل معه للدكتور عبدالمجيد الصلاحين، والإعداد التربوي لخطيب الجمعة للدكتور هايل داود والدكتور ياسين المقوسي. ويبحث المؤتمر أيضاً محاور مهمة تتعلق بدور خطبة الجمعة في بناء مفاهيم التكامل الاجتماعي وبناء الأسرة ومعالجة مشكلاتها ودور الخطبة في قضايا المجتمع والأمة خصوصا السياسية والاقتصادية.