أسفرت التحقيقات الأمنية المتعلقة بملفات الارهاب عن ايقاف ضباط من الأمن والحرس الوطنيين وذلك بعد تورطهم وتعاطيهم مع مجموعات من أخطر العناصر الارهابية التي تهدد استقرار تونس. تونس :فبعد حادثة ايقاف النقيب الأمني أيمن السعدي للاشتباه في ارتباطه بمجموعات ارهابية تمت السيطرة عليها بمنطقة حفوز من ولاية القيروان بدأت وتيرة الايقافات صلب الامنيين تزداد وأدت الى ايقاف إطار أمني وعون حرس برتبة عريف بعد أن أثبتت التحقيقات الامنية ضلوعهما في التخطيط للقيام بجرائم ارهابية ووجود اتصالات وارتباطات مع عناصر ارهابية تنشط صلب تنظيم أنصار الشريعة. وفي حادثة أخرى لا تقل خطورة أقدم عون امن اثناء ملاحقته من قبل احدى الفرق الامنية على اشهار سلاحه الناري في وجه زملائه من سلك الحرس الوطني طالبا من عناصر تلك الوحدة الابتعاد ليتمكن بعد ذلك من الفرار من قبضتهم وبعد سويعات امكن للوحدات المختصة في مكافحة الارهاب من القبض عليه وتقديمه للقضاء. يذكر ان هذه الواقعة حصلت منذ اسبوعين بولاية منوبة. في سياق متصل كان عون الامن السابق عزالدين عبد اللاوي الموقوف على خلفية اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي قد تورط في حادثة ذبح الجنود التونسيين بجبل الشعانبي اضافة الى ضلوعه في أحداث الوردية. هذه الجرائم الارهابية التي ساهمت فيها بشكل مباشر أوغير مباشر عناصر امنية أعادت طرح اشكالية مدى قدرة المؤسسة الأمنية على الصمود أمام الاختراقات والتي زادت من شكوك التونسيين حول تورط أجهزة موازية في قضايا ارهابية وعمليات الاغتيال التي طالت الشخصيات السياسية. هذا الرأي ربما يعطي بعض المنطق للاتهامات المتواصلة التي توجهها النقابات الامنية من حين لآخر لوزارتهم على خلفية ما تشهده الداخلية منذ 14 جانفي 2011 من تململ حولها بحسب القيادة النقابية الى رهينة في يد بعض الأحزاب السياسية التي تسعى الى استغلال المؤسسة الامنية من أجل تحقيق بعض انتصارات سياسية. وكشفت التحقيقات ان العناصر الامنية الموقوفة لها ارتباطات واتصالات مع تنظيم أنصار الشريعة الذي كانت صنفته وزارة الداخلية ورئاسة الحكومة كتنظيم ارهابي واعتبرته متورطا في سلسلة من الجرائم الارهابية المتعلقة بالأحداث التي شهدتها ولايات القصرين وجندوبة ومنوبةوتونس العاصمة. وذكرت مصادرنا انه بناء على عمليات استخباراتية تم ايقاف اطار أمني وعون حرس تبين أن لهما ارتباطات واتصالات بتنظيم أنصار الشريعة وبقيادته المسؤولة عن جهازه العسكري المختص في جمع الاسلحة والذخيرة والمتفجرات وتنفيذ العمليات الارهابية وجهازه السري المختص في رصد تحركات الشخصيات المستهدفة وجمع معلومات حول أجهزة الدولة وحول الشخصيات المراد اغتيالها. من جهة أخرى فقد سبق للاتحاد الوطني لنقابات قوات الامن الداخلي خلال ندوة صحفية عقدت خلال الشهر الماضي الكشف عن تورط أمنيين وتعاطيهم مع المجموعات الارهابية وكان أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد حذروا سابقا من وجود عناصر ارهابية بجبل الشعانبي بصدد تلقي التدريبات إلا ان الجهات الرسمية تجاهلت هذه الاشعارات واعتبرت ان هذه العناصر هي بصدد ممارسة الرياضة ليفاجأ الشعب التونسي بعد ذلك بذبح ثماني جنود اضافة الى اغتيال بلعيد والبراهمي من قبل هذه العناصر. وعن أسباب تعاطي عناصر أمنية مع خلايا ارهابية وتبنيها لفكر ديني متطرف قالت مصادر امنية أن التكوين الذي يتلقاه رجل الأمن التونسي هش ولا يعتمد على أساليب متطورة مطابقة للمعايير الدولية وهو ما يسهل عملية استقطابه من أي جهة كانت. وقالت نفس المصادر انه بعد ثورة 14 جانفي ألحقت مجموعة كبرى من الشبان بالمؤسسة الأمنية دون اعتماد مقاييس واضحة في عملية الانتداب اضافة الى عدم خضوعهم الى تكوين جدي لإبعادهم عن مثل هذه الاختراقات. وذكرت مصادر امنية ل»الشروق» أن حل جهاز التفقدية العليا بعد ثورة 14 جانفي مباشرة والذي كان بمثابة «رادار» لمراقبة سلوكات وانطباعات رجال الامن الذي ألغي باعتبار ان النظام السابق استغله خدمة لمصالحه السياسية يقف اليوم وراء انتشار ظاهرة تعاطي عناصر أمنية مع خلايا ارهابية مضيفة ان هذا الجهاز يمكن اعادة بعثه لأنه حسب مصادرنا ضرورة ملحة باعتبار ان المؤسسة الامنية أصبحت مهددة من قبل هذه المجموعات المتطرفة وهوقادر على اعادة التوازن لها. في سياق آخر رجحت مصادرنا أن العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها رجل الامن من بين الاسباب التي تقف وراء استقطاب العناصر الامنية خاصة أن رجل الامن لا يخضع الى تدريب نفسي عالي الجودة لضمان عدم اندماجه في أي تيار سياسي أوديني كان والتصدي لمحاولات استعماله لصالح أي جهة كانت. ويقول في هذا الاطار رئيس فرع تونس لجمعية العمل من أجل أمن جمهوري عصام الدردوري أن الجمعية مع محاكمة أي طرف ثبت تجاوزه للقانون دون الدخول في تصفية الحسابات أوسياسة التشفي والزج بالأشخاص في محاكمات بعيدة عن منطق القانون. وأضاف ان المحاكمات في القضايا المتعلقة بالارهاب يجب ان تكون مرتكزة على أدلة وبراهين واثباتات قوية مؤكدا أن الأمني ليس بمنآى عن التتبع العدلي. وذكر عصام الدردوري ان من بين أسباب تعاطي أمنيين مع الارهاب هي السياسة التي تعتمدها الجهات الرسمية في التعامل مع الوضعية الاجتماعية لعون الامن والذي يجد نفسه عادة عرضة للاعفاء أو العزل وهو أمر يسهل على الجماعات الدينية المتطرفة استقطابه باستغلال ظروفه النفسية الهشة ووضعيته الاجتماعية المزرية. كما ذكر عصام الدردوري بمعاملة وزارة الاشراف لعديد الأعوان والضباط الذين نجحوا في مهام أمنية معقدة وحققوا نجاحات باهرة لتكافئهم الادارة إما بالطرد او بالعزل لأسباب واهية كما حصل مع قيادي أمني في جهة القصرين كان اول من اكتشف وجود مخزن للأسلحة والذخيرة قبل اندلاع أحداث الشعانبي بستة أشهر ولسبب اعتبرته الادارة خللا مهنيا تم اعفائه دون مراعاة كفاءته وتضحياته والمهام التي انجزها بنجاح. هذا المثال يعطي فكرة واضحة عن مآل الأعوان والضباط الذين تم التخلي عنهم ليتحولوا الى فريسة سهلة يمكن استقطابها من طرف المجموعات المتطرفة. خديجة يحياوي 14 أكتوبر 2013