المؤرخ عبد الجليل التميمي يدعو إلى وضع رؤية جديدة للتعليم    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    الديوانة تُحبط محاولتين لتهريب العملة بأكثر من 5 ملايين دينار    كريستيانو رونالدو: أنا سعودي...    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة استثنائية..    اخبار كرة اليد .. قرعة ال«كان» يوم 14 نوفمبر    الكتاب تحت وطأة العشوائية والإقصاء    أزمة جديدة تهزّ المشهد الثقافي ... اتحاد الناشرين التونسيين يقاطع معرض الكتاب    سماح مفتاح: "المتشمت في المريض أو المسجون أو المتوفي مسكين لأن روحه غير سليمة"    عاجل/ قيمة ميزانية وزارة الخارجية لسنة 2026    المنتخب التونسي: سيبستيان توناكتي يتخلف عن التربص لاسباب صحية    اشتكتها هيئة السجون ... محاكمة سنية الدهماني .. تتواصل    الحمامات وجهة السياحة البديلة ... موسم استثنائي ونموّ في المؤشرات ب5 %    بنزرت الجنوبية ... 5 جثث آدمية لفظتها الأمواج في عدد من الشواطئ    3 آلاف قضية    مع الشروق : زوال الاحتلال واحترام السيادة... شرطان لتسليم السلاح !    وزير الدفاع الوطني: الوضع الأمني مستقر نسبياً مع تحسن ملموس في ظل واقع جيوسياسي معقد    الدعارة في "إسرائيل" تتفشى على الإنترنت    عاجل/ سياسي جديد يدخل في إضراب جوع    عاجل/ فنزويلا تقرّر الرد على "الإمبريالية" الامريكية    صفعة عمرو دياب لشاب مصري تعود للواجهة من جديد    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    11 نوفمبر: العالم يحتفل ب''يوم السناجل''    عاجل: تونس وموريتانيا – 14 ألف تذكرة حاضرة ....كل ما تحب تعرفوا على الماتش!    كونكت: تنظيم جديد لمحمّصي القهوة في تونس    تونس تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار إلى أواخر سبتمبر 2025    عاجل-شارل نيكول: إجراء أول عملية جراحية روبوتية في تونس على مستوى الجهاز الهضمي    الأخطر منذ بدء الحرب/ شهادات مزلزلة ومروعة لاغتصاب وتعذيب جنسي لأسيرات وأسرى فلسطينيين على يد الاحتلال..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    من وسط سبيطار فرحات حشاد: امرأة تتعرض لعملية احتيال غريبة..التفاصيل    عاجل: اقتراح برلماني جديد..السجناء بين 20 و30 سنة قد يؤدون الخدمة العسكرية..شنيا الحكاية؟    رسميا: إستبعاد لامين يامال من منتخب إسبانيا    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    حجم التهرب الضريبي بلغ 1800 م د في صناعة وتجارة الخمور بتونس و1700 م د في التجارة الالكترونية    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    عشرات الضحايا في تفجير يضرب قرب مجمع المحاكم في إسلام آباد    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    مؤلم: وفاة توأم يبلغان 34 سنة في حادث مرور    النادي الإفريقي: محسن الطرابلسي وفوزي البنزرتي يواصلان المشوار    بعد أكثر من 12 عاما من إغلاقها.. السفارة السورية تعود إلى العمل بواشنطن    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى تركيا لاجراء تربص باسبوعين منقوصا من زياد الشنوفي وواصف المثناني بداعي الاصابة    عاجل: حبس الفنان المصري سعد الصغير وآخرين..وهذه التفاصيل    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشّيخ الفاضل بن عاشور فقيها دستوريّا ... قراءة في دستور بن عاشور ... د.سامي براهم
نشر في الفجر نيوز يوم 22 - 10 - 2013

نشرت وثيقة الدستور التي كتبها الشيخ محمد الفاضل بن عاشور بخط يده[1] سنة 1948 م في ملاحق رسالة الدّكتوراه التي ناقشها الأستاذ حسن المناعي في الكلية الزيتونية تحت عنوان الشيخ محمد الفاضل بن عاشور و مسيرته العلميّة و الإصلاحيّة و نشرها مركز النشر الجامعي بتاريخ 2010 بين الصفحات 511/529 و تتضمن ستة و عشرين فصلا تخصّ تشكيل جمعية سرية و تسعة و ستين فصلا تخصّ بنود دستور.
و قد ابتدأ القسم الأول من الوثيقة بفصل هو الأول يعلن عن تشكّل جمعيّة سريّة بتونس تسمى " الاتّحاد الدستوري الإسلامي " و حددت الفصول الخمس و العشرون الأولى تعريف الجمعية و تحديد هويتها و أهدافها و طريقة اشتغالها ثمّ أعلن الفصل السادس و العشرون عن ضرورة وجود دستور يسوس المسلمين و يوضح الواجبات و المسؤوليات و يحدد الحقوق و السلط.
و مثل القسم الثاني من الوثيقة الذي يمسح تسعة و ستين فصلا بنود الدّستور التي تخص بناء دولة الاستقلال.
و تتنزل دراستنا لهذه الوثيقة ضمن التعريف بالفكر السياسي الإصلاحي للشيخ محمد الفاضل بن عاشور و التعريف بوثيقة مهمّة تتنزّل ضمن مسار التّأليف الدّستوري في تونس و أهمّية هذه الوثيقة أنّ من شارك في تأليفها و صياغتها بخطّ يده هو شيخ زيتوني لا بدّ أنّه نهل في مسيرته الدّراسية بالجامع الأعظم من أدبيات فقه السياسة الشرعيّة و أبواب علم الكلام التي اختصّت بالإمامة و شروطها و ضوابطها كما انفتح في نفس الوقت على الأدبيات السياسية الحديثة و زار دولا غربية و اطلع على نظمها مباشرة و انخرط في الحراك السياسي النقابي و الثقافي للمجتمع التونسي زمن الاستعمار، ممّا يغري باختبار الوعي السياسي للرّجل و هو يساهم في إنشاء إطار منظم للفعل السياسي " جمعية أو حزب " يعدّ نفسه من خلاله للحكم ويصوغ دستورا لدولة الاستقلال.
فكيف ستكون خصائص هذه الجمعية السياسية و نصّ الدستور المنظم للدولة التي تنوي قيادتها. [2]
I جمعيّة الاتّحاد الدّستوري الإسلامي
تعريف جمعيّة " الاتحاد الدّستوري الإسلامي " [3]
-1- هي جمعيّة سريّة في ما يتعلّق بقانونها و أسماء أعضائها و مواقيت اجتماعاتها ومقرّراتها والأحاديث التي تدور في مجالسها [4]... مؤسسوها خمسون كما ورد ضمنا في الفصل 16 من خلال الإشارة إلى " المجلس الخمسين " [5]
-2 – رغم سريتها يبرز اسمها للخارج و تنسب إليها الأعمال و الدّعايات و الخطب المعبّرة عنها وتصدر باسمها النشرات و الجرائد و التّآليف و يسمح لبعض أعضائها بإظهار الانتساب إليها في سياقات تحدّدها الجمعيّة . و لأعضائها حقّ التخلّي عنها بمجرّد الإعلام مع واجب كتمان السرّ ...[6]
3- يسمح لمنخرطيها بالانتساب للهيئات السياسيّة و الاجتماعيّة والدينيّة التي لا تخالف مبادئها مبادئ الجمعيّة... المنخرطون في هذه الجمعيات والعاملون في نشريات و دعايات تابعة لها يبلّغون مبادئ جمعيّتهم بشكل شخصيّ أي فرديّ. [7]
-5 - جمعيّة مستقلّة عن كلّ الأحزاب السياسيّة مسالمة لكلّ هيئة و إن خالفتها المبدأ ... تقاوم الأفكار المخالفة لمبادئها ... المحافظة على حرمة الأشخاص و الهيئات الحزبيّة ... تتعاضد مع من الأحزاب والجمعيات التي تتفق معها في المبادئ و تتعاون معها ... مع المحافظة على استقلالها و حريّة تصرّفها في العمل. [8]
-6- تجتهد في ربط علاقات التعاضد و الصّداقة مع الهيئات الإسلاميّة بالمشرق والمغرب " أحزاب سياسيّة / هيئات دينيّة / اجتماعيّة / أدبيّة ... بقصد إنجاز ما تشكّلت من أجله ...تشرف على تأسيس جمعيّات متحدة معها في المبدأ في جميع بلاد الإسلام ابتداء بالأقطار المغربية ... تسعى إلى تمتين الرّوابط بين أطراف البلاد الإسلاميّة.[9]
أهدافها :
* مقاومة الاضطهاد اللاحق بجماعة المسلمين
* إحياء الشّعور الدّيني
* ربط أواصر الوحدة الدّينيّة
* الدّفاع عن حقوق جماعة المسلمين في أطراف الدّنيا بقصد توليد وحدة سياسيّة قويّة
* بعث المفاخر العربيّة
* تمجيد التّاريخ الإسلامي و نشره
* تعميم اللغة العربيّة
* بثّ الآداب و الفنون العربيّة
* مقاومة سيادة التّقليد الأوربي في الأخلاق و التّشريع و اللغة و الآداب و العوائد والأذواق [10]
مجالات عملها :
* سياسيّة / دينيّة / أخلاقيّة / اجتماعيّة / علميّة / أدبيّة / مهنيّة [11]
وسائل عملها :
النّشر / الخطابة العامّة / المحادثات / الإذاعات [12]
غايتها العليا في البلاد التونسيّة :
لا سيادة على البلاد إلا للمسلمين [13]
و تتحقّق ب :
احترام الشريعة الإسلاميّة
صون الأخلاق الإسلاميّة
تثبيت الحرية
حفظ الحقوق
توفير الكرامة
حراسة المصالح [14]
من أجل ذلك لا بدّ من دستور يوضّح الواجبات و المسؤوليّات و يحدّد الحقوق السّلط
و قد ورد الحديث عن الحاجة للدّستور بأسلوب تقريري حصريّ مطلق : لا يساس المسلم في بلاد إلا بدستور [15] : إنّ استعمال أسلوب الحصر و لفظ بلاد في صيغة التنكير يحيل على إطلاق الحاجة للدّستور مهما كان البلد ممّا يدلّ على الوعي الدّستوري الرّاسخ لدى من صاغ هذا النصّ الدّستوري و يزيد ذلك تأكيدا التنصيصُ على وظيفة الدّستور و هي توضيح الواجب و المسؤوليّات و حود الحقوق و السّلط
II الدّستور
و يقوم على كليّات خمس قياسا على الكليّات الخمس التي تنبني عليها مقاصد الشّريعة :
1 الاستقلال التّشريعي
2 السّيادة على تصريف ماليّة الدّولة
3 المسؤوليّة التّنفيذيّة للأمّة من خلال نوابها عند الإخلال بالحقوق الدّستوريّة
4 المساواة في الحقوق و الواجبات
5 إيكال ما يتعلّق بالمسائل الدينيّة إلى مجلس مستقلّ تقرّر علاقته بالدّولة في أصول الدّستور[16]
و تعتبر بقيّة الفصول المكوّنة لنصّ الدّستور و هي 69 فصلا تجسيدا و ترجمة عمليّة لهذه الكليات الخمس التي يفضي تطبيقها بشكل تلقائي للاستقلال.
و لقد كفانا الأستاذ حسن المناعي تحليل وثيقة الدّستور في رسالته لذلك نهتمّ في هذا البحث بشكل الدّولة التي يمكن أن ينبثق عنها هذا التصّور للدّستور و العلاقة بين مؤسساتها و كيفيّة تنظيم مجالات اهتمامها .
-1- المَلك
تتنزّل مؤسسة الملك ضمن تحقيق الكليّة الأولى " الاستقلال التّشريعي للبلاد " بمعنى إمضاء القوانين باسمه باعتباره رمز وحدة الأمّة و استقلالها.
* لا يصير ملكا حتى تنعقد له البيعة من أهل الحلّ و العقد و هم المجلس الإسلامي الأعلى والمجلس التّشريعي [17]
* لا يصدر أمرا تشريعيّا إلا بموافقة المجلس المنتخب من الأمّة للنظر في التشريع. [18]
* كلّ تصرّف يصدر عنه بخلاف الدّستور ينجرّ عنه عزله من طرف أهل الحلّ و العقد[19]
-2- المجلس التّشريعي
تعتبر المؤسسة التشريعيّة أحد مكوّني أهل الحلّ و العقد مع المجلس الإسلامي الأعلى و هي صاحبة السيادة التشريعيّة و الرقابيّة بل إنّ مؤسسة الملك تعود إليها بالنّظر في إمضاء القوانين كما ينظر في التقارير و اللوائح التي يتقدم بها الوزراء و يسنّ القوانين الملائمة التي يتولى الملك ختمها [20]
مكوّن من 30 نائبا موزعين على النّحو التّالي :
* ثلث ينتخب من العموم و عددهم 10
* ثلث ينوب عن المجلس المالي و عن هيئات المصالح الاقتصاديّة و الصّناعيّة و عددهم 10
* ثلث من حملة الشّريعة و عددهم 10 : نصفهم بالانتخاب العامّ (5) نصفهم يعيّن من طرف المجلس الإسلامي الأعلى (5) [21]
يصدر القوانين المستمدّة من الشّريعة الإسلاميّة و يراقب أداء الوزراء
و له أن يشكّل محكمة خاصّة من النوّاب للنّظر في التصرّفات الإداريّة أو القضائيّة المبنيّة على اعتبار مراعاة إيثار الوجاهة أو القرابة أو الأنساب. [22]
و يتبيّن أنّ هذا المجلس غير قائم على آليّة الانتخاب العام المطلق بل على التوفيق بين الانتخاب الشّعبي العامّ الحرّ والآليات التي تخوّل لأهل الخبرة و الكفاءة الالتحاق به.
- 3- المجلس المالي
يتنزّل ضمن تحقيق الكليّة الثّانية "السّيادة على تصريف ماليّة الدّولة"
وهو مجلس منتخب من العموم للنظر في ميزانيّة الدّولة و إليه تعود الموافقة على على تقرير كلّ ما يتعلّق بموارد الدّولة دخلا و صرفا بالاغلبيّة المطلقة [23]
يتمّ انتخابه بشكل حرّ مباشر عام يشارك فيه كلّ مسلم [24]
يحاسب الوزراء على تطبيق الميزانيّة و له له لجان مراقبة في كلّ وزارة لها حقّ الاطلاع على ما يعين على متابعة سير الوزارة و ما تعلّق بتقرير الميزانيّة [25]
يشترك مع المجلس التّشريعي في رقابة مزدوجة على الوزراء مع إمكان سحب الثّقة منهم أو من الهيئة الوزاريّة بأكملها[26]
-4- الوزراء
تتنزّل هذه المؤسسة ضمن تحقيق الكلية الثّالثة " المسؤوليّة التّنفيذيّة للأمّة من خلال نوابها عند الإخلال بالحقوق الدّستوريّة " فهم مسؤولون بالنيابة عن الأمّة في الحيلولة دون الإخلال بالحقوق الدّستوريّة .
و هم مسؤولون أمام المجلس التّشريعي و المجلس المالي على ما كلّ يقع في دائرة اهتمامهم [27] فهم يخضعون لرقابة مزدوجة للمجلس التشريعي و المجلس المالي و لا يمضي لهم تصرّف إلا إذا كانوا محرزين على موافقة المجلسين و يخوّل الدّستور للمجلس التشريعي والمالي حقّ سحب الثّقة منهم في حالة التقصير في ردع الموظّفين المخالفين و المتجاوزين أو في حالة سوء التصرّف المالي [28]
-5- المجلس الإسلامي الأعلى
و يتنزّل ضمن تحقيق الكليّة الخامسة " إيكال ما يتعلّق بالمسائل الدينيّة إلى مجلس مستقلّ تقرّر علاقته بالدّولة في أصول الدّستور " و وظيفته النّظر في مصالح الأمّة الإسلاميّة من النّاحية الدّينيّة.
و يعود إليه بالنّظر أهل الفتوى و أهل التّدريس والمعلّمون و المدرّسون للعموم و الوعّاظ والعاملون على الأوقاف و شيوخ الزّوايا و أتباعها و سدنة المساجد و القائمون بالشّعائر[29]
وظائفه :
*النّظر في تنظيم الهيئات السّابقة و بيان طرق أدائها و مرجعها في الرّئاسة [30]
*النظر في المؤسّسات الخيريّة الإسلاميّة " تكايا ملاجئ معاهد تربية الأطفال مشاريع الإنقاذ والإسعاف [31]
*التصرّف في مداخيل الأحباس و بيت مال المسلمين و التبرّعات و الجزء المرصود من ميزانيّة الدّولة للشّعائر و الذي يقدّر بالعشر[32]
*المصادقة على برامج التّعليم الدّيني التي تبرمجها وزارة المعارف في المعاهد العموميّة وتعرضها على المجلس[33]
*حقّ تفقّد تطبيق برامج التعليم الدّيني في المعاهد [34]
*حريّة تسطير برامج التعليم الإسلامي في مؤسّسات التعليم الثانوي و العالي في المعاهد الخاصّة التي يتخرّج منها رجال الشّرع والأئمّة و الوعّاظ و شاغلي المصالح التي تعود بالنّظر للمجلس [35]
*عرض تسمية رجال الفتوى و الإمامة و متصرّفي الأوقاف على الملك[36]
*يعرض على الملك رأسا قوانين راجعة إلى حفظ الآداب الدّينيّة[37]
و هو مجلس منتخب من طرف الموظّفين الدّينيين مدّة نيابته أربع سنوات
ينتخب من طرف هيئات وكلاء الجامعة الإسلاميّة و هم الحكّام المسلمون " القضاة " / مدرّسو التعليم الإسلامي / مندوب عن مستحقّي مصارف الأوقاف العامّة منتخب من طرف المستحقين / الأئمّة الخطباء/ مندوب عن أئمّة المساجد منتخب / مندوب عن كلّ عمل من الأعمال منتخب.
و يُنتَخَبُ أعضاءه بشكل سريّ على النّحو التّالي :
2 قضاة
2 مدرّسون
2 خطباء و أئمّة
5 مندوبي مستحقي الأوقاف " نوّاب عن 5 جهات "
1 رئيس المجلس هو المشرف على المصالح الدينيّة بالمملكة و يسمّى شيخ الإسلام و ينتخب من أعضاء المجلس بالإجماع من خلال اقتراع السريّ.
تقسّم المصالح الدينيّة إلى مناطق ينوب عن كلّ منطقة نائب هو إمام أكبر جامع خطبة في المنطقة المعنيّة
-6- القضاء
القوانين : التّنصيص في بند مستقلّ على اعتبار الشّريعة الإسلاميّة أصلا لاستمداد كلّ قانون تونسيّ[38] مع إقرار عدم نقض النّظم العرفيّة المقرّرة للمصالح البلديّة و الهيئات الصّناعيّة إلا بعد تقرير المجلس التّشريعي عدم صلاحيتها [39]
1-لا عقوبة إلا بحكم قضائيّ
2-لا حقّ للإدارة في المعاقبة أو التّحجير من الحريّات الفرديّة
3-حريّة اختيار مقرّ السّكن و العمل و التصرّفات التي لا تخالف القوانين العامّة
4-مساواة جميع التونسيين المسلمين في الحقوق و الواجبات بلا تفرقة باعتبار النّسب و الموطن والمذهب
5-لا تبنى القوانين على اعتبار تمييز حضري على بدوي أو ذي نسب على ذي نسب أو مذهب على مذهب ... كلّ القوانين القائمة على ضرب من ضروب التّمييز السّالفة مخالفة للدّستور
6-التصرّفات الإداريّة أو القضائيّة المبنيّة على اعتبار مراعاة إيثار الوجاهة أو القرابة أو الأنساب محلّ تتبّع المجلس التشريعي من خلال محكمة خاصّة مشكّلة من المجلس التّشريعي
7-كلّ تدخّل في سير النوازل محلّ تتبّع من المجلس التّشريعي من طرف مجلس حكمي منتخب من أعضائه و يعاقب من طرف القضاء القانوني أو يفصل من عمله إن كان موظّفا من موظّفي الدّولة
8-القضاء على درجتين ابتدائي و استئنافي
-7- التّعليم
1-إجبارية التّعليم الابتدائيّ باللغة العربيّة للبنين و البنات
2-الشّريعة الإسلاميّة و تاريخ الإسلام مادّة إجباريّة في برنامج تعليم المسلمين
3-لا يدرّس في مؤسّسات التّعليم الرسميّة من لا يحسن اللغة العربيّة إلا بترخيص خاصّ من وزير المعارف مع تمكين المدرّس من حصص لتعلّم العربيّة
*التّعليم الدّيني الخاصّ: تحت تصرّف المجلس الإسلامي الأعلى و يباشره شيخ التّعليم الإسلامي المعيّن بأمر ملكي بناء على طلب المجلس الإسلامي الأعلى.
استنتاجات
إذا نظرنا إلى نصّ هذه الوثيقة ضمن راهنيّة سياقها التاريخي ما قبل الاستقلال و مستوى الوعي السياسي والدستوري السائد في ذلك الوقت و لم نسقط عليها المكتسبات السياسية و الدستورية و الحقوقية الراهنة اليوم يمكن الخروج بالاستنتاجات التالية :
1- لم يُصَغ هذا النصّ بروح الفقه السياسي السّلطاني أو خطاب أدبيّات السياسة الشرعيّة المعروفة في التراث الفقهي السياسي الإسلامي الوسيط بل بروح الرّاهن الذي كان يعيشه الشيخ محمّد الفاضل بن عاشور و هو راهن الحركة الإصلاحيّة التّونسيّة التي تبنّت السياسة المدنيّة و تشرّبت قيم التنوير و صاغتها في بيئة عربيّة إسلاميّة.
2- نحن أمام جمعيّة أهليّة هي بمثابة حركة تحريريّة وطنيّة لها توجّهات حضاريّة و أبعاد قوميّة وإسلاميّة تذكّر بحركة الجامعة الإسلاميّة التي انطلقت بعد سقوط الخلافة ...
هي جمعيّة أهليّة مدنيّة تختلف عن الانتظام على الطريقة الفرقيّة السياسيّة القديمة التي استعادتها حركات الإسلام السياسي الحديثة إذ لا يربط بين أعضائها عقد بيعة و لا علاقة بأمير و لا ينتظمون تحت لافتة الجماعة الإسلاميّة.
3- صيغت وثيقة الدّستور بروح وطنيّة عالية هاجسها الأكبر السيادة و الاستقلال و كانت في كلّ بنودها تنقض بشكل ضمني ما ورد في الصياغات الدّستوريّة السّابقة " عهد الأمان 1857 المكوّن من 11 بندا [40] ودستور الصّادق باي 1861 المكوّن من 114 بندا موزّعة على 13 بابا [41]... من تفريط في السيادة لصالح الأجانب [42] و تعلي من سقف المطالب الدّستوريّة التي توجّهت بها النخبة السياسيّة للحزب الحرّ الدّستوري سنة 1920 من خلال لائحة أدرجت في كتاب تونس الشّهيدة للشيخ الثعالبي بعد تعديلات تمّت تحت الضّغط الاستعماري و هي " الوثيقة محل النظر " أوضح في التّأكيد على السيادة الوطنية ممّا ورد في لائحة المبادئ العامّة للدّستور يوم 10 جوان 1949 و المتكوّنة من 15 بندا ركزت في مجملها على الحقوق الفرديّة انسجاما مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حديث العهد بالولادة للتّأثير على الرّأي العامّ الدولي في ما يتعلق بمطلب الاستقلال [43].
4- نحن أمام مشروع استقلال وطني يشمل جميع المجالات: السياسي الاقتصادي المالي التشريعي الثقافي.
4- نحن أمام مشروع دولة وطنيّة مدنيّة ذات مرجعيّة إسلاميّة على مستوى التشريع و ذات بناء حديث على مستوى المؤسّسات و نظام الحكم تقوم على المبادئ التالية :
الملكيّة الدستوريّة المقيّدة /
الفصل بين السّلط /
الفصل بين المؤسّسة التنفيذيّة و المؤسّسة الدّينيّة /
5- نحن أمام نصّ يعزّر الحقوق و الحريات و المساواة و إن لم ينصّص على الحقوق بحرفيّة البنود التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أعلن لاحقا بعد صياغة الوثيقة ... هي وثيقة تعزّز الحقوق الفرديّة باعتبارها جزء لا يتجزّأ من الحقوق الوطنيّة أي تكريس السيادة السياسيّة و الكرامة الوطنيّة والرّوح الإسلامية.
[1] تطرح كتابة الوثيقة بخط يد الشيخ الفاضل بن عاشور فرضيتين : إما أن يكون كتبها و صاغها بنفسه لعرضها على النقاش أمام أعضاء الجمعية باعتبارها نصا اوليا مقترحا للتعديل و هو تقليد معمول به في الجمعيات و الأحزاب أو أن يكون قد صاغها بعد النقاش لتسجيل ما وقع الاتفاق عليه و ذلك بتكليف من رفاقه ... في كلى الحالتين فإن الوثيقة تعكس فكر الشيخ الفاضل سواء باعتباره مشاركا في النقاش و الصياغة النهائيّة أو مقترحا لنصّ قابل للنقاش و إعادة الصياغة والمصادقة
[2] تناول الاستاذ حسن المناعي الوثيقة بالتحليل في رسالته المنشورة صص 177/203 الشيخ الفاضل بن عاشور مسيرته العلمية و الاصلاحية مركز النشر الجامعي 2010 منوبة تونس
[3] وقع الاخبار عن تشكيلها في الفصل الأول من الوثيقة بالصيغة التالية ( بتوفيق الله تعالى تشكلت بمدينة تونس جمعيّة سريّة تسمى الاتحاد الدستوري الاسلامي ) ن م س ص 513 و لا ندري إن كانت الجمعية قد مارست انشطتها و المدة التي استغرقها ذلك و مآل هذه الجمعيّة و لكن ما تثبته الوثيقة التي نشرها الاستاذ المناعي في رسالته ص 512 تؤكد أنّ اخبار الجمعية السرية بلغت أصداؤها اسماع مخابرات الأمن الفرنسي ( الوثيقة بتاريخ 8 جانفي 1948 تحت عنوان : تأسيس حزب قومي جديد ... ورد فيها إخبار عن إشاعة مفادها أنّ حزبا سياسيا قوميا ذا توجهات متطرفة قد تأسس بقيادة الفاضل بن عاشور و الشادلي بلقاضي نصّ الوثيقة مترجما : منذ بعض الوقت يقع ترويج إشاعة في مختلف الأوساط التّونسيّة تتعلّق بإنشاء حزب قومي جديد ذي صبغة متطرفة من قبل الأستاذين الزيتونيين الفاضل بن عاشور و الشاذلي بلقاضي و لكن عند سؤالهما عن الحدث كذّب الإثنان الخبر بقوّة و اعتبراه محض افتراء و قد أجمع الدستوريون الجدد على أنّ على أنّ كلّ هذه المناورة هي من تدبير المعنيين بالامر و خاصّة الفاضل و ذلك قصد التّأثير على المكتب السياسي و إلزامه بإدراجهما ضمن قادة الحزب انتهى ص 512 م س
[4] راجع البنود من 1 إلى 9 ن م س صص 513/514
[5] لعله خطأ في الرسم و الصحيح " مجلس الخمسين " و لم تقع الاشارة الى هذا المجلس الذي يمكن أن يكون المجلس التأسيسي أي الأعضاء المؤسسون الذين وقع الإشارة إليهم في سياقات مختلفة فصل 10 /11/12 صص 514/515 ن م س و قد وقع تمييزهم عن بقية المنخرطين
[6] فصل 4/ 5/6 مناعي م س ص 513
[7] فصل 11 حسن مناعي م س ص 515
[8] فصل 17 مناعي م س ص 516
[9] فصل 18/19 م س مناعي ص 516
[10] فصل 1 مناعي م س ص 513
[11] فصل 3 مناعي م س ص 513
[12] فصل 4 مناعي م س ص 513
[13] فصل 24 مناعي م س ص 517
[14] فصل 25 مناعي م س ص 517
[15] فصل 26 مناعي م س ص 517
[16] فصل 1 من الدستور مناعي م س ص 518
[17] فصل 4 من الدستور مناعي م س ص 518
[18] فصل 3 من الدستور مناعي م س ص 518
[19] فصل 5 من الدستور مناعي م س ص 519
[20] فصل /3 4 / 7 من الدستور مناعي م س ص 518
[21] فصل 13 / 14 من الدستور مناعي م س ص 520
[22] فصل 32 من الدستور مناعي م س ص 523
[23] فصل 15 / 16 من الدّستور مناعي م س ص 520
[24] فصل 17 18 من الدّستور مناعي م س صص 520 / 521
[25] فصل 21 من الدّستور مناعي م س ص 21
[26] فصل 20 / 23 / 24 / 27 / من الدّستور مناعي م س صص 521 / 522
[27] فصل 25 من الدستور مناعي م س ص 522
[28] فصل 23 من الدستور مناعي م س ص 521
[29] فصل 50 من الدّستور مناعي م س ص 525
[30] فصل 51 من الدستور مناعي م س ص 525
[31] فصل 53 من الدّستور مناعي م س ص 526
[32] فصل 54 / 55 من الدستور م س ص 526
[33] فصل 57 م س ص 526
[34] فصل 58 م س ص 526
[35] فصل 56 م س ص 526
[36] فصل 59 م س ص 527
[37] فصل 60 م س ص 527
[38] فصل 11 من الدّستور مناعي م س ص 520
[39] فصل 12 من الدّستور مناعي م س ص 520
[40] انظر نص الوثيقة في كتاب نصوص و وثائق سياسية تونسية مركز الدراسات و البحوث و النشر كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس 1987 جمع و تحقيق و شرح عبد الفتاح عمر و قيس سعيد صص 9/14
[41] ن م س صص 51/70
[42] راجع التحليل المقارني الذي عقده الاستاذ حسن المناعي في رسالته م س بين وثيقة دستور الشيخ الفاضل بن عاشور و اعضاء جمعيته و مختلف النصوص الدستورية السابقة ( دستور عهد الأمان 1857 و دستور محمد الصادق باي1861 / دستور الحزب الدستوري التونسي 1920) صص 196/ 203
[43] انظر نص الوثيقة في نصوص و وثائق سياسية تونسية م س صص 86 /87


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.