تتنزل خطة الإنعاش الإقتصادي الألمانية في إطار التصدي لتبعات الأزمة المالية التي اندلعت في النصف الثاني من السنة الماضية 2008 وتأتي هذه الخطة في وقت حساس بالنسبة لألمانيا فالإتحاد الأروبي يطالبها بأن تقدم دعما للدول الأروبية للخروج من الأزمة لأن توقعات عجز ميزانية 2009 قد تصل في ألمانيا نسبة 1 بالمائة في حين أنها قد تصل في فرنسا وفي نفس السنة إلى نسبة 3،1 بالمائة وأما في بريطانيا فإنّه من المتوقع أن تصل نسبة العجز إلى 8 بالمائة ، علما وأن الإتحاد الأوروبي يسمح بنسبة عجز إلى حدود 3 بالمائة ومن ثمة فهو يطالب ألمانيا بدعم بقية الدول الأروبية في مستوى آخر أعلن مكتب العمل الإتحادي يوم 7. 1. 2009 أن عدد العاطلين عن العمل بلغ3102000 عاطل عن العمل وهي نسبة تفوق ما كان عليه الوضع في شهر نوفمبر ب114000 عاطل عن العمل. أنخفاض نسبة الصادرات الألمانية لسنة 2008 إذ لم تحصل ألمانيا إلاّ على الرتبة الثانية بعد الصين في نسبة الصادرات بعدما كانت فيما سبق تحتل المرتبة الأولى ، ويتوقع الخبراء أن تتواصل هذه الحالة في السنة الجارية ، وقد باتت الصادرات الألمانية التي كانت قاطرة الإقتصاد الألماني للقارّة الأروبية ككل ، باتت اليوم تواجه صعوبات متزايدة نتيجة ارتفاع قيمة اليورو أمام الدولار ويسود الوضع الإقتصادي في ألمانيا حالة من التوجس والتخوف خاصة من النصف الأول لسنة2009 إذ يتوقع الخبراء أن الوضع لن يعود إلى الإستقرار إلا سنة 2010 كما أعلن المسؤولون الحكوميون أن تسديد الديون لن يتم إلى حدود سنة 2011 كما كان متوقعا بل سوف يمتد إلى سنة2013 حسب التقديرات الحالية إضافة إلى كل هذه المعطيات يخيم على المحادثات بين الأحزاب الحاكمة المتكونة من الإتحاد المسيحي المتمثل في الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الإجتماعي من جهة والحزب الإشتراكي الديمقراطي من جهة ثانية ظل الإنتخابات التي ستقع في النصف الثاني من السنة الحالية. ولذلك يحاول كل واحد من الأحزاب الحاكمة أن يترك بصماته على هذا البرنامج نقاشات ومشاورات قبل التقاء الأحزاب الحاكمة المتكونة من الإتحاد المسيحي المتثل في الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الإجتماعي ومن الحزب الإشتراكي الدستوري عقدت هذه الأحزاب جلسات واستشارات مطولت ناقشت فيها تفاصيل الخطة داخليا . وقد أسفر الإجتماع الذي عقده الإتحاد المسيحي المتكوّن من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الإجتماعي في لقائهما يوم الأحد 4.01.2009 والذي دام ست ساعات في مكتب المستشارية في برلين على جملة من الإجراءات فيما يخص خطة الإنعاش الإقتصادي في ألمانيا أهمها رفع سقف المبالغ المعفية من الأداءات الضريبية من 7664 إلى 8000 يورو وذلك للموظفين والعمّال غير المتزوّجين زيادة الإستثمارات في البنية التحتية كالمدارس والطرقات وغيرها إمكانية تخفيض الرسوم التي تدفعها العمالة وأرباب الأعمال للتأمين الصحّي وهكذا لم يتعارض برنامج الإتحاد المسيحي كثيرا مع ما أعلنته المستشارة الألمانية ماركيل في كلمتها الموجّهة إلى الشعب الألماني بمناسبة حلول العام الجديد والتي أكّدت فيها على أنّ من أهمّ الشواغل التي تتصدّر الأجندة السياسية لعام 2009 على الصعيد الوطني هي ضمان الوظائف الحالية وخلق فرص عمل جديدة. كما تعهّدت ماركيل بمزيد من الإستثمار في مشروعات التعليم والبنية التحتية ومد خطوط انترنت عالية السرعة للمناطق الريفية كما سعى هذا البرنامج إلى إرضاء “هورست زيهوفر” رئيس مقاطعة بافاريا الحرة ثاني أكبر مقاطقة في ألمانيا والذي طالب بتخفيض الضرائب وشدد على ذلك وأما الحزب الإشتراكي فإنه يدخل طاولة المفاوضات مع شريكه في الحكم الإتحاد المسيحي بجملة من المقترحات أهمّها النقاط الأساسية التالية تخفيض رسوم التأمينات الإجتماعية ومدّ مساعدة مالية للعائلات دفع حوافز للذين يريدون الإستغناء عن سياراتهم القديمة وشراء أخرى جديدة وذلك بهدف إنعاش قطاع السيارات المتعثّر رفع الضرائب للعمّال والموظفين ذوي الدخل العالي النتائج النهائية للمشاورات بعد اجتماع مطول مساء يوم الإثنين 12.01.2009 تواصل حتى ساعات متأخرة من الليل توصل التحالف الحاكم إلى الصيغة النهائية لبرنامج الإنعاش الإقتصادي والذي يعد أكبر مشروع للإنعاش الإقتصادي في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وفيما يلي أهم النقاط التي تم الإتفاق عليها ضخ الإقتصاد الألماني بمبلغ مالي ضخم يصل إلى خمسين مليار يورو تتوزع على سنتي2009 و2010 إصلاح وترميم البنية التحتية والإستثمار في قطاع التعليم ، مثلا في ترميم المدارس والجامعات والبلديات والطرقات ومحطات القطارات ومدّ خطوط انترنت عالية الجودة للمناطق الريفية ، وتهدف هذه الإجراءات إلى إمكانية ضمان مواطن الشغل الحالية وتوفير مواطن شغل جديدة وبذلك يستفيد الشباب والأجيال القادمة من هذا البرنامج كما يقول المنظرون له رفع سقف المبالغ المعفية من الأداءات الضريبية من 7664 إلى 8004 يورو التدخل لإنقاذ شركات ألمانية مهددة بالإفلاس بسبب عدم قدرتها على الاقتراض جراء الأزمة المالية الجارفة من خلال ضمانات حكومية تقدم لتسهيل القروض على أن لا يعني ذلك شراء حصص في هذه الشركات تقديم منحة بما قدره 100 يورو لمرة واحدة لكل طفل، وأما العاطلون عن الشغل منذ مدّة طويلة فإنهم يحصلون على زيادة في نسبة المساعدة الحكومية عن كل طفل يتراوح سنه بين 6 إلى 13 سنة. والهدف من ذلك دعم القدرة الشرائية لهذه العائلات لتحريك عجلة الإقتصاد تخفيض رسوم التأمين الصحي التي يدفعها العمال وأرباب الأعمال إلى 14،9 % بعدما كانت15،5 بالمائة دفع حوافز تصل إلى حدود 2500 يورو للذين يريدون الإستغناء عن سياراتهم القديمة وشراء أخرى جديدة وذلك بهدف إنعاش قطاع السيارات المتعثّر ولحماية البيئة ويمكن القول من خلال ما تمّ عرضه أن هذا البرنامج كان عملية توافق كبيرة للتحالف الحاكم فبصمات كل حزب كانت موجودة بحيث أن البرنامج يحمل في طياته إرضاءا لكل أطراف الإئتلاف الحاكم ولعل الهدف من ذلك أن كلا طرفي التحالف يسعى لبيان دور إيجابي له يمكن استثماره في الإنتخابات القادمة والمزمع القيام بها أواخر السنة الجارية ردود الأفعال ردود الفعل كانت متضاربة وتراوحت بين المباركة والنقد والتحفظ ففي حين أثنت البلديات والولايات على هذا البرنامج وباركته ورأت فيه جهدا كبيرا مبذولا للتصدي للأزمة وتفاعلاتها إضافة إلى أنه ضمن استثمارات مستقبلية يستفيد منها الشباب والأجيال القادمة انتقدت المعارضة هذا البرنامج. فلقد شنّ “قيدو فستفيلا” رئيس حزب الديمقراطيين الأحرار على هذا البرنامج هجوما عنيفا ووصفه بأنّه قاصر ولا يفي بالحاجة وأن التحالف الحاكم تنقصه الشجاعة في التخفيف على كاهل الشعب على حدّ تعبيره، من ناحية أخرى اعتبر الخضر أن البرنامج سوف يقع على كاهل الأجيال القادمة نظرا لضخامة الديون الجديدة التي سوف ترافق تطبيق هذا البرنامج كما طالب الخبير الإقتصادي في الدوتشه بانك “نوربرت فالتر” في حوار مع القناة الإخبارية ن24 بضرورة الإسراع برفع سنّ التقاعد إلى 67 سنة لأنه لا يرى للإصلاحات المذكورة تأثير سريع على عجلة الإقتصاد فهو يعتبر أن تأثير هذا البرنامج لن يتوضح بجلاء إلا في نهاية السنة الحالية أو على الأرجح في السنة القادمة 2010 نجاح أو فشل هذا البرنامج يبقى رهين الأيام والأشهر بله السنوات القادمة فتأثيرات الأزمة المالية لم تتوضح معالمها بعد ولم يتم لحد الآن دراسة تبعاتها على اروبا وبشكل خاص على ألمانيا ذات الثقل الإقتصادي الأساسي في الإتحاد الأروبي بشكل نهائي