اتفق محللون سياسيون على أن حالة الصمت العربي الرسمي إزاء العدوان الإسرائيلي الذي يجري في قطاع غزة، وأسفر عن استشهاد أكثر من 30 فلسطينيًّا خلال الأيام الثلاثة الماضية يعود في جزء منه إلى ما اعتبروه "تواطؤًا عربيًّا مع العدوان". وأرجع الخبراء الموقف العربي الذي وصفوه ب"الصمت المرحب" إلى سعي العديد من الأنظمة العربية للتخلص من "تجربة حماس الإسلامية في غزة". ولفتوا في تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين.نت" إلى ما اعتبروه تراجع الدعم العربي الشعبي للقضية الفلسطينية بعد أحداث الاقتتال الداخلي بين فتح وحماس وفي يونيو الماضي والتي انتهت بسيطرة الأخيرة على القطاع، حيث لم تَعُد التظاهرات الغاضبة تخرج تواكب كل اعتداء على الشعب الفلسطيني. واعتبر عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق "أن الصمت العربي إزاء العدوان الإسرائيلي يحمل ترحيبًا وموافقة ضمنية من قبل الأنظمة العربية له، باعتبار أن هذه الأنظمة من مصلحتها إفشال حركة حماس في قطاع غزة، ومعاقبة أبنائه على اختيارهم حماس دون غيرها". وقال: "إن ما يحدث في غزة من قتل وعدوان على الشعب الفلسطيني، وما يقابله من صمت عربي إنما هو مخطط إسرائيلي يستهدف إنزال أكبر خسائر ممكنة بالمقاومة الفلسطينية في غزة". "الشعب الفلسطيني في غزة يتجرع يوميًّا جميع ألوان العذاب جراء الحصار المفروض عليه الذي يمنع عنه الدواء، وكل متطلبات الحياة حتى أصبحت غزة سجنًا كبيرًا". هكذا تابع عبد الله الأشعل أستاذ القانون الدولي حديثه. ووصف مكالمة الرئيس محمود عباس بالقيادي في حركة حماس محمود الزهار لتعزيته في استشهاد ابنه بأنها "ذرّ للرماد في العيون، ومحاولة لنفض يده من المسئولية تجاه ما يعانيه الشعب الفلسطيني في غزة". وحسب رؤيته "فإن عباس من مصلحته كسر شوكة حماس في غزة حتى تقبل بشروطه"، على حد تعبيره. تراجع شعبي واتفق المحلل السياسي الفلسطيني خضر أبو فخر مع ما ذهب إليه الأشعل في وجود "تواطؤ عربي مع العدوان الإسرائيلي على غزة". وأرجع ذلك حسب رؤيته إلى "أن العرب يريدون أن يرتاحوا من حماس بأي شكل؛ لأنهم لا يريدون لنموذجها الإسلامي أن ينجح في أي بلد عربي". وقال أبو فخر: "إن العرب يؤيدون عملية تقليم أظافر حماس التي يقوم بها العدو الصهيوني.. فالصمت العربي الرسمي المطبق على هذا الاعتداء الوحشي هو صمت مُرحِّب بالاعتداءات الإسرائيلية، وإسرائيل مدركة تمامًا لحقيقة الموقف العربي من حماس ومن غزة". ولكن المحلل الفلسطيني لفت إلى تراجع التضامن العربي الشعبي مع القضية الفلسطينية، وأرجع ذلك إلى الاقتتال الداخلي بين فتح وحماس في يونيو الماضي. وقال: "الناس هالها ما حدث من اقتتال الإخوة.. فلم نَعُد نرى الاحتجاجات التي كانت تملأ الشوارع العربية عند كل عدوان على شعبنا.. لم تَعُد الحرقة موجودة بعدما شاهد الشارع العربي المواطن الفلسطيني يقتل أخاه". وأعرب أبو فخر عن رفضه للتحليلات التي تربط تصاعد العدوان على غزة بزيارة بوش والتي يذهب إليها بعض الصحفيين والمحللين العرب والتي قالت إن بوش منح إسرائيل الضوء الأخضر للقيام بالاعتداء. وقال: "لم يحصل أن أشهر بوش الضوء الأحمر في وجه إسرائيل لمنعها من العدوان على الشعب الفلسطيني، حتى يعود ويعطيها الضوء الأخضر". دعوة موسى ولم يصدر أي تعليق رسمي من الدول العربية إزاء الغارات الإسرائيلية المتواصلة علي قطاع غزة منذ الأربعاء 16-1-2008 التي أسفرت حتى مساء اليوم الجمعة عن استشهاد 34 فلسطينيًّا بينهم 3 سيدات، بالإضافة إلى عشرات الجرحى. ولكن التحرك الرسمي العربي الوحيد الذي ندّد بالعدوان الإسرائيلي على غزة تمثل في جامعة الدول العربية، من خلال مطالبة أمينها العام عمرو موسى جميع الدول العربية ب"رفع أصواتهم على الأقل؛ ليطالبوا بوقف الحصار المفروض على قطاع غزة". ولدى مغادرته القاهرة متوجهًا على رأس وفد إلى العاصمة اللبنانية بيروت لمحاولة حل الأزمة اللبنانية الأربعاء 16-1-2008 قال موسى بنبرة صوت عالية: "أطالب كل العرب أن يرفعوا أصواتهم على الأقل لوقف الحصار على غزة، وإمداد أهلها بكل ما يستطيعون من أموال ودواء وطعام، وخاصة أنها في حصار كامل وعدوان يومي، وهذا أمر يجب ألا يترك دون موقف عربي". وأَضاف في تصريحاته للصحفيين: "يجب الآن أن يتوقف الحصار على غزة؛ لأنها ليست فقط حملة عدوان وإسالة دماء، وإنما حملة تجويع، وقد نال الحصار كل الناس في غزة".