أظهرت حصيلة لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، أن معدلات الانتحار في صفوف الجيش الأمريكي في شهر يناير الماضي فاقت أعداد القتلى في العراق وأفغانستان، وتجاوزت بست مرات الفترة نفسها من عام 2007.وقالت الوزارة: إن 24 جنديًّا انتحروا الشهر الماضي، في حصيلة لم يسجِّلْها الجيش الأمريكي بتاريخه من قبل، ووصف ضابط كبير الوضع بأنه "مرعب"، وأن القوات تحاول البحث في أسباب الظاهرة، في حين رجحت مصادر طبية أن يكون للأمر علاقة بأشهر الشتاء الباردة والقاسية، وتزايد المهام المرهقة، والإكثار من الأدوية المضادة للاكتئاب. وبحسب الإحصائيات، فإن الجيش الأمريكي أكد في يناير وجود سبع حالات انتحار، وتستمر التحقيقات في 17 حالة وفاة أخرى، يُعتقد أنها ستثبت انتحار أصحابها، وذلك مقابل مقتل 16 جنديًا فقط في معارك العراق وأفغانستان خلال الفترة نفسها. وقالت العقيد كاثي بلاتوني، كبيرة أخصائيي علم النفس لدى قوات الاحتياط الأمريكية ووحدات الحرس الوطني: إن أشهر الشتاء الطويلة والباردة قد تكون بين أكبر العوامل الدافعة للانتحار. وشرحت قائلة:" خلال الشتاء يشعر الناس بالمزيد من الإحباط وفقدان الأمل والمساعدة بسبب الطقس البارد والسماء المكفهرة". غير أن بلاتوني قالت: إن تزايد المهام العسكرية للوحدات الأمريكية، إلى جانب تفاقم المشاكل النفسية لدى الجنود وإكثارهم من تناول العقاقير المضادة للاكتئاب بسبب افتراقهم عن عائلاتهم. وحذرت بلاتوني من أن الكثير من تلك الأدوية قد تترك آثارًا جانبية تغذي فكرة الانتحار لدى المرضى، وخاصة أولئك الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 24 عامًا، كما انتقدت استمرار نظرة بعض الضباط السلبية نحو جنودهم الذين يطلبون الحصول على مساعدة نفسية رغم تعليمات القيادة العسكرية بتشجيعهم. ونظرًا لأهمية هذه التطورات، فقد قام الجيش الأمريكي - في خطوة نادرة - بنشر حصيلة حالات الانتحار لشهر يناير بدل انتظار نهاية العام لوضع تقرير نهائي، كما تم إخطار الكونغرس وكبار المسؤولين العسكريين بالوضع. يذكر أن أرقام الشهر عينِه من العام الماضي تُظهر انتحار أربعة جنود فقط، إلا أن حصيلة 2008 ككل كانت الأعلى منذ بدء عمليات الإحصاء قبل 28 عامًا، حيث سُجل انتحار 128 جنديًا، في حين تستمر التحقيقات لمعرفة أسباب وفاة 15 جنديًا إضافيًا، يُعتقد أنهم أنهوا بدورهم حياتهم بأنفسهم.