القيروان(تونس)(رويترز)الفجرنيوز:انطلقت ليل الثلاثاء الاحتفالات بالقيروان التي اختيرت عاصمة للثقافة الاسلامية بعرض فني ضخم بعنوان "القيروان الخالدة" الذي يروي أمجاد احدى أعرق شالمدن الاسلامية ومساهمتها في اثراء الحضارة الانسانية.احتضنت ساحة المصلى الواقعة خلف جامع عقبة ابن نافع أحد اشهر الجوامع في البلاد الاسلامية لوحات العرض الذي راوح بين الصوت والصورة والانارة بشكل انتزع اعجاب الضيوف الحاضرين. واختارت المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية لعام 2009 لتخلف بذلك مدينة الاسكندرية المصرية التي اختيرت عاصمة للثقافة الاسلامية عام 2008 . وتميز العمل الفني الذي استمر لنحو ساعة باستعمال أحدث التكنولوجيات القادرة على تجسيد التاريخ القديم في قالب تمثيلي استخدمت فيه تقنيات صوت عالية الجودة واضاءة مدروسة متناسقة مع ايقاعات الصوت. ويتكون عرض "القيروان الخالدة" من تسع لوحات اشترك في تقديمها فنانون ومبدعون من تونس تم خلالها استحضار التراث المادي واللامادي لهذه المدينة العريقة. وقال مراد الصقلي المدير الفني للعرض لرويترز "اردنا في 60 دقيقة من هذا العرض ان نعطي فكرة ولو مختزلة عن أهمية القيروان كمركز عقائدي ديني روحي ثم ان مدينة القيروان هي بوابة الاسلام في المغرب العربي." وأضاف "وحتى على المستوى الفني فان القيروان هامة لانه هناك مظاهر من المعمار العربي الاسلامي ومن فنون النقش نشأت في القيروان." ومن اللوحات المعروضة لوحة بعنوان (تاريخ المدينة) و(القيروان الروحية) و(قيروان المعارف والعلوم) و(قيروان الشعر) و(قيروان الحاضر والمستقبل). من جهته قال الدكتور عبد العزيز التويجري مدير عام الايسيسكو الذي حضر العرض برفقة وزير الثقافة التونسي عبد الرؤوف الباسطي وعدد من المفكرين والعلماء ان "هذه الاحتفالية كانت فرصة للتعريف بتاريخ المدينة العريقة وما قدمته للحضارة العربية الاسلامية." وأضاف لرويترز "روح التسامح طبعت القيروان منذ تأسيسها عام 50 هجريا وهي ايضا مدينة من الثقافة البانية للعقل والوجدان ومنفتحة على الاخر في تحاور معه لبناء الحضارة الانسانية." وعزت الايسيسكو اختيار القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية عام 2009 الى "كونها في طليعة الحواضر العربية الاسلامية في شمال افريقيا ذات التاريخ المجيد والعطاء الغزير المتميز في خدمة الثقافة العربية الاسلامية خصوصا في حقول الفقه الاسلامي وفي مجالات اللغة والادب والشعر والتاريخ." واعتمد مصممو عرض "القيروان الخالدة" على مشاهد تمثيلية حية جسمت بعض الاحداث التاريخية التي عاشتها القيروان كما جسمت عددا من الشخصيات البارزة التي أسهمت في اشعاع المدينة على غرار الشاعر علي الحصري القيرواني الذي اشتهرت قصيدته (ياليل الصب متى غده) التي غنتها الفنانة الكبيرة فيروز. وخلال العرض غنت التونسية درصاف الحمداني مقطعا من هذه القصيدة الشهيرة. وتشتهر القيروان الواقعة وسط البلاد وتبعد 160 كيلومترا من العاصمة بمعالمها التاريخية الضاربة في القدم منذ العهد الاسلامي على غرار جامع عقبة بن نافع اضافة الى بيت الحكمة الذي أنشأه ابراهيم الثاني الاغلبي في عام 289 هجريا (902 ميلادي). كما تضم القيروان -التي تعرف باسم عاصمة الاغالبة- متحف فنون الحضارة العربية الاسلامية في رقادة الذي يضم مجموعة هامة من نفائس المخطوطات والتحف الاثرية النادرة. وتعرف القيروان بصناعة حلويات "المقروض القيرواني" وبصناعة المفروشات منذ القدم والتي توارثها الجيل الجديد عن ابائه. وقال الكاتب التونسي رجاء فرحات لرويترز متحدثا عن القيروان "هذه المدينة لم تكن من صنع الامراء والملوك بقدر ما كانت من صنع العلماء والمفكرين." واضاف بنبرة فيها الكثير من الفخر "هي من صنع أسد بن فرات القاضي الذي فتح صقلية والامام سحنون الذي بنى مذهبا سنيا مالكيا وعلماء كبار مثل ابن الجزار مؤسس مدرسة طبية ترجمت للاتينية فركزت روح التجديد الطبي منذ القرن الحادي عشر." ويشتمل برنامج "القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية" على نحو 100 مهرجان متنوع بين الموسيقى والشعر والندوات والمسرح والسينما وعرض الاصدارات وعروض للازياء والفولكلور الاسلامي اضافة الى معارض لترويج التراث المعماري وفنون الزخرفة الاسلامية. وقال المنظمون ان عدة بلدان ستشارك بعروض فنية من بينها المغرب وليبيا ومصر وسوريا وتركيا واسبانيا والجزائر. وسترصد الايسيسكو جائزة لاحسن منتج في الصناعات التقليدية بالقيروان. وستقام ندوات فكرية وعلمية حول (القيروان واشعاعها عبر العصور) و(الطب والاطباء في القيروان).