طرابلس ينتظر أن تطبق ليبيا نهاية الشهر الجاري قرار رفع قيمة الضريبة الجمركية من صفر إلى 4% على الخامات بمختلف أنواعها، بعد تنفيذها قرار رفع الضريبة ذاتها على المنتج التام من 4 إلى 10% منذ منتصف الشهر الماضي لتمويل بنود الميزانية الإدارية 2008/2012.
فقد وصف رئيس لجنة إدارة غرف التجارة جمعة الأسطي القرار في عمومه بأنه "كارثة". وقال إن ليبيا لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية -كما هو معلن- حتى يُتخذ مثل هذا القرار من جانب الحكومة.
وأكد في الوقت ذاته أنه للمرة الأولى يتم الإعلان عن أن باب مرتبات العاملين في القطاع العام سيمول من خارج العائدات النفطية.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن قطاعات الزراعة والصناعة سوف تتأثر بالقرار. وشدد على أن تعديلات القرار غير كافية، إذ إن خدمات التوريد ما زالت 4%، داعيًّا اللجنة الشعبية العامة (الحكومة) إلى سحب القرار.
ولوّح الأسطي باللجوء إلى القضاء حيث لا يحق للحكومة إصدار ضريبة جديدة ما لم تكن بموافقة الجهات التشريعية. ورأى أنه ينبغي إرجاع كل المبالغ التي دخلت خزينة الدولة تحت هذا البند الذي لا ينظمه قانون، وتقدر تلك المبالغ بنحو ملياري دينار ليبي (الدولار الواحد يعادل 1.344 دينار ليبي).
اقتصاد الظل ولم يستبعد المسؤول تنامي التهرب الضريبي. وتوقع استفادة ما يسمى "اقتصاد الظل" الذي يمثل ما بين 30% و40% من الناتج المحلي الإجمالي من القرار، وليس الاقتصاد الحقيقي حسب تعبيره. وكشف عن قرار ليبيا إعفاء المنتوج التونسي وفق الاتفاقيات الموقعة بين البلدين من هذا القرار. وأكد أن السوق الليبية سوف تتضرر مقابل تقديم دعم للمنتجات التونسية، مطالبًا بعدم رهن السوق الليبية للأسواق المجاورة.
من جهته أكد الكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية عبد الرحمن الشاطر في حديث مع الجزيرة نت أن القرار محبط ولا يشجع على تنمية الصناعة. ورأى أن من شأنه أن يساهم في رفع الأسعار خاصة الأدوية التي كانت غير خاضعة للضرائب والرسوم الجمركية.
واستغرب الشاطر صدور قرار في وقت تدعم فيه كافة دول العالم مؤسساتها الاقتصادية والمالية عبر خفض سعر الفائدة والرسوم الجمركية وتسهيل الإقراض.
وأضاف أن قرار مؤتمر الشعب العام (البرلمان) بشأن إلغاء قرار رفع سعر البنزين إلى 200 درهم (الدينار ألف درهم) لم ينفذ حتى هذه الساعة. ودعا اللجنة الشعبية العامة إلى عدم إصدار قرارات تربك القطاع الخاص.
ورفض المسؤولون في إدارة الجمارك الإدلاء بتصريحات للجزيرة نت وأكدوا أنهم موظفون إداريون ينفذون قرارات الحكومة.
ووفقا لخبراء فإن الاقتصاد الليبي اقتصاد مستورد صاف للخدمات، إذ يصل العجز إلى ما يقرب من 2.8 مليار دينار حسب إحصائيات عام 2005. ويتوقع هؤلاء الخبراء أن يواجه القطاع الخاص منافسة غير متكافئة مع الشركات الأجنبية.
وفي تصريح للجزيرة نت قال مصطفى الساقزلي (رجل أعمال وصاحب شركة حاسبات) إن "القرار كان مفاجأة غير سارة لنا في القطاع الخاص، و في مجال تقنية المعلومات بالتحديد".
وأشار إلى أن الزيادة في التعريفة الجمركية ضخمة حيث إن هناك زيادة في قيمة الجمركة من 4% إلى 10%. وأضاف أن هذا هو سبب رفع الكلفة بنسبة كبيرة، مشيرًا إلى أن جميع شرائح المجتمع في حاجة لاستخدام الحاسوب وستتأثر سلبا بهذا القرار.
وأوضح أن أصحاب الدخل المحدود -وهم غالبية الشعب الليبي- من الموظفين يجدون صعوبة أصلا في توفير جهاز حاسوب لأسرهم وأبنائهم نتيجة تدني دخلهم. وتساءل "كيف بهم بعد هذه الزيادة"؟
ويتمنى الساقزلي إعادة النظر في هذا القرار لأن المتضرر الوحيد هو المواطن. فالتاجر سيزيد هذه القيمة للتكلفة تلقائيا.
من جهته قال ناصر بوزعكوك (رجل أعمال ومورد أثاث) إن قطاع الأثاث يعاني أصلا من ارتفاع الجمركة, حيث إن هناك ضريبة استهلاك قيمتها 25% مفروضة على استيراد الأثاث, كما أن تثمين مصلحة الجمارك للأثاث مرتفع.
فهذه الزيادة –حسب بوزعكوك- زادت الطين بلة ورفعت تكلفة الأثاث سواء المنزلي أو المكتبي الذي هو أصلا ذو تكلفة عالية.
وأكد في حديث للجزيرة نت أن القرار لن يساعد الشباب الذين يرغبون في تكوين بيت الزوجية والحصول على حجرات نوم ولا أصحاب الأسر على تأثيث منازلهم.
وقال إنه لا يعتقد أن الدولة ستجني شيئا في خزانتها من هذه الزيادة في الجمركة. فكل زيادة يصحبها تهرب جمركي، ولن يستفيد من هذا الرفع سوى المهربين حسب رأيه.
وتحدث خالد الفلاح (مخلّص جمركي) للجزيرة نت عن تداعيات كبيرة جراء رفع التعريفة الجمركية. وقال متأسفا إن "بعض الحاويات التي كانت تسدد رسوما جمركية ب3000 دينار, أصبحت تسدد 7500 دينار". وأضاف أن آثار القرار لن يتحملها إلا المواطن. خالد المهير