حذرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين من التضييق على مصادرة المعلومة لأنّ ذلك يمثّل " مدخلا لإلغاء دور الصحفي". وقالت في بيان صدر الأربعاء الفارط "إن قرار بعض الوزارات والمؤسسات الإدارية مؤخرا بإلزامية الطلب الكتابي في أي عمل صحفي مع ضرورة الرجوع إلى الجهات العليا في الإدارة يأتي في إطار التضييق على الصحفيين وعلى الإعلام عموما ومزيد تضييق مصادر المعلومة الضيّقة أصلا وهو ما يمكن أن يمثّل مدخلا لإلغاء دور الصحفي..". وصدر بيان النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين على خلفية الجدل الذي أثارته الهيئة الوطنية للمحامين بعد تلويحها برفع قضايا عدلية ضد البرامج التلفزية التي " تسيء إلى قطاع المحاماة" ودعوتها المحامين إلى عدم المشاركة في البرامج التلفزية إلاّ بعد الحصول على إذن مسبق من عمادة المحامين. وكان برنامج " الحق معاك" الذي تبثّه أسبوعيا قناة تونس 7 تعرّض في إحدى حلقاته إلى عدم التزام أحد المحامين بدفع تعويض مالي لحريفته رغم تجاوز المدّة القانونية وهو ما اعتبرته عمادة المحامين " إساءة لقطاع المحاماة" وأصدرت بيانا جاء فيه على وجه الخصوص: - رفع قضايا استعجالية لمنع بثّ بعض الحصص التلفزية الأخرى الجاهزة التي سيتم التعرّض فيها لبعض أهل المهنة. - توجيه تنبيه لوسائل الإعلام كافّة بعدم التعرّض للمحامي إلا بعد أخذ رأي العميد - التنبيه على المحامين بعدم المشاركة في الحصص التلفزية إلا بعد الحصول على ترخيص كتابي وبصفة استثنائية وغير دورية حتى لا يتحوّل المحامي إلى منشّط - منع المحامين من التدخّل في البرامج التلفزية إلا بعد الحصول على إذن من العميد. وتزامنت هذه القرارات التي اتخذتها عمادة المحامين مع إجراءات مماثلة اتخذتها بعض الإدارات والمؤسسات الكبرى - العمومية والخاصّة - تتمثل في التنبيه على المسؤولين والعاملين صلبها لكي يمتنعوا عن الإدلاء بأي تصريحات أو توضيحات مهما كان نوعها لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة إلا بعد الحصول على ترخيص مسبّق من مسؤول الإدارة أو لمؤسسة المعنية. وفهم الصحافيون أنّ هذه الإجراءات المتّخذة تهدف إلى التضييق على عملهم ومحاصرة وصولهم إلى المعلومة التي تمثّل جوهر العمل الصحفي. ورغم أن علاقة الصحفيين بالإدارة كانت دائما تتخللها عمليات شدّ وجذب للوصول إلى مصادر الخبر فإن استغرابهم كان من موقف المحامين الذين يعتبرون من المدافعين عن حرية الرأي والتعبير وقالت النقابة الوطنية للصحفيين في بيانها إنها " تتفهّم دفاع بعض الهيئات المهنية عن منظوريها وعن أخلاقيات مهنتها (...) مع القناعة بأن المحامين جزء لا يتجزّا من حركة الدفاع عن حرية الرأي والتعبير (...) " لكنها " تعبّر عن رفضها المبدئي لكل ما من شأنه أن يمسّ من حرّية الصحافة باعتبارها مبدأ وجوهر العمل الصحفي (..) واستعدادها للتصدّي لكافة أشكال المسّ بحرية الصحافة'. برامج تلفزية كشفت التجاوزات والاخلالات تتعرض بعض البرامج التلفزية التي تبثّ على قناة تونس 7 وعلى قناة حنبعل إلى حملة تستهدف حرفيتها وأدائها المهني وتتهم بالإساءة إلى بعض القطاعات المهنية والإدارات والمؤسسات. وتأتي أغلب هذه التقييمات من غير الصحفيين والفاعلين في القطاع الإعلامي ( المجلس الأعلى للاتصال مثلا لم يصدر إلى حد كتابة هذه الأسطر موقفا). وإن كان لا بد من القيام بعملية تقييم مهني لهذه البرامج وفق مقاييس ومعايير العمل الصحفي - وهي مهمّة ليست في متناول أي كان- فإن ذلك لا يمنع من التأكيد على أنّ هذه البرامج فتحت الأبواب لكشف عديد التجاوزات والاخلالات في أداء الإدارة التونسية وعديد المؤسسات وكشفت النتائج الاجتماعية والنفسية لتجاهل مصالح المواطنين والتلاعب بها. ورغم أن هذا الجانب هو أحد أبواب العمل الصحفي فإنه جدير بالتثمين هذا العمل لأنه يكرّس رقابة الصحافة وقدرتها على كشف الاخلالات والتجاوزات . لقد اتهم الأداء الإعلامي في تونس دائما بعدم قدرته على التعاطي مع شواغل المواطنين وبعدم قدرته على كشف الاخلالات والتجاوزات وعندما برز بصيص أمل بدأت العراقيل توضع أمامه تحت يافطات متعددة. والمطلوب اليوم هو العمل على تدعيم المساحة التي اكتسحها الإعلام التونسي وتوسيع دوائرها مع مراعاة أخلاقيات وضوابط العمل الصحفي. تونس/الوطن