تونس/الوطن الفجرنيوز: المشهد يتكرّر يوميا، طابور طويل من التونسيين أمام أحد أبواب القنصلية الفرنسية وسط العاصمة، كل ينتظر دوره إمّا لتقديم مطلب حصول على تأشيرة دخول إلى فرنسا أو لانتظار قرار المسؤولين في القنصلية للحصول على التأشيرة من عدمها. المشهد لا يعجب أي كان، طابور طويل دون أي واقي من الشمس و الأمطار والبرد إلى جانب حالة الاكتظاظ التي تؤثّر على حركة المرور في نهجي يوغسلافيا وهولاندا ! أنجزت عديد "الريبورتاجات" الصحفية وصوّرت عديد "السكاتشات" التلفزية حول هذه النقطة لكن مصالح السفارة الفرنسية لم تتدخل بما يكفي للحدّ من هذه الوضعية وأقصى ما تمّ الإعلان عنه "أن هناك إجراءات جديدة لتسهيل الحصول على التأشيرة" لكن واقع الأمر ما زال كما هو. مراد الطرهوني شاب في أواخر عقده الثاني قال" الأمر يتطلب أن تكون لديك لياقة بدنية تمكّنك من تحمّل الوقوف لساعات ومن "الدزّ" عندما يتطلّب الأمر ذلك" وتساءل" هل أن الفرنسيين الذين يرغبون في الحصول على تأشيرة دخول إلى بلادنا يتعرّضون إلى ما نتعرّض إليه !! ؟" الأمر لا يقف عند هذا الحد، فالطابور أصبح أمرا ثابتا ومشهدا عاديا أمام مصالح القنصلية الفرنسية بل هناك من حوّله إلى "مصدر رزق" خاصّة في أوقات الذروة للحصول على التأشيرة ( البعض يحجز مكانا في الطابور ثم يبيعه لمن يرغب في ذلك) الأمر تجاوز ذلك إلى شروط الحصول على التأشيرة وتكلفتها المرتفعة، ففي خصوص تكلفة التأشيرة عند تقديم المطلب يجب دفع ما قيمته 110،295 دينار بالنسبة للتأشيرات القصيرة " شنغاي" و 91،910 دينار بالنسبة لتأشيرات الدراسة ( فرنسا فقط). وحسب أرقام صادرة عن مصالح السفارة الفرنسية في تونس فإن فرنسا تمنح سنويا ما بين 65 ألفا و 80 ألف تأشيرة سنويا للتونسيين وبعملية حسابية بسيطة فإن ما يدخل سنويا خزينة السفارة الفرنسية من أموال التونسيين يتراوح بين 7 مليارات و 9 مليارات سنويا هذا إلى جانب المداخيل من مطالب التأشيرات التي يتمّ رفضها والتي تتراوح بين 10 و 20 % من المطالب المقدّمة. يعني أنّ سفارة فرنسابتونس توفّر سنويا نحو 10 مليارات!! هذا من ناحية الجانب المادّي أمّا معنويا فإنّ الشروط المفروضة للحصول على التأشيرة تتضمّن عدّة مسائل تمسّ من ذات الفرد، يقول ( جمال.و): "بقيت نحو 8 أشهر للحصول على تأشيرة إلى فرنسا استخرجت عشرات الوثائق واجتزت عديد الاختبارات شعرت خلالها أن هناك نظرة دونية إلينا وكأننا لا نصلح للذهاب إلى فرنسا". والأغرب من ذلك أنّ بعض المحاور التي يجري الرّاغب في الحصول على تأشيرة إلى فرنسا اختبارا حولها هي " معرفة قيم الجمهورية والمساواة وحقوق الإنسان والحريات الأساسية والمواطنة !!! .