عاجل/ تضاعف في عدد الشبان المتقدمين للخدمة العسكرية    سامي الطرابلسي: الاصابة حالت دون دعوة لاعب النادي الإفريقي.. ولايمكن الإستغناء عن هؤلاء مقابل دعوة الجزيري    اقبال التونسيين بالخارج على الحجّ: 600 تسجيل في نهار واحد!    عاجل/ العثور على جثة كهل في غابة بهذه الجهة..    عاجل: تونس ضمن أسرع الدول نمواً في قطاع الفنادق بأفريقيا    بالصور: عودة يوسف المساكني الى تمارين الترجي    وصفها بال"مؤامرة": مرافق ياسر عرفات يكشف لأول مرة تفاصيلا صادمة عن وفاته..#خبر_عاجل    مواجهات وسماع إطلاق نار خلال اعتصامات في اللاذقية بسوريا    عاجل/ أعوان وإطارات بمؤسسة مالية عمومية متورطين في شبكة احتيال الكتروني.. وهذا ما تقرّر في شأنهم    علاش ما نَعطسُوش وقت النوم؟ الحقيقة اللي ما تعرفهاش    عاجل: الإفراط في الفرجة على الانستغرام والتيك توك يسبب ''تعفن الدماغ''    الصالون الدولي للانتقال الطاقي: اكبر تجمع مهني يجمع مختلف المتدخلين في القطاع الطاقي بتونس (الكنزاري)    الكشف عن ميزانية هذه الوزارة..#خبر_عاجل    دراسة لمجموعة "توحيدة بن الشيخ": 48 بالمائة من الشباب التونسي ينتقون معلومات حول صحتهم وحقوقهم الجنسية والإنجابية من الأنترنيت    الاعلان الرسمي عن انطلاق مشروع التهيئة العقارية للاراضي الفلاحية والنفاذ الى التمويل    نجوم الكورة يكتبو أسماء زوجاتهم على المريول... شنوة الحكاية؟    عاجل/ قوات الاحتلال تعتقل نحو 50 فلسطينيا..    شنوّا الفرق بين البرتقال المستهلك في تونس والموجّه للتصدير؟    "سينيماد" تظاهرة جديدة في تونس تقدم لعشاق السينما أحدث الأفلام العالمية    بيونة في ذمة الله: الوداع الأخير للممثلة الجزائرية    تصدر الترند: مسلسل "ورد وشوكولاتة" يثير جدلا كبيرا: هل غيّر المسلسل قصة مقتل الإعلامية شيماء جمال..؟    يوم 04 ديسمبر: مسيرة نقابية بمناسبة إحياء الذكرى 73 لاغتيال الزعيم فرحات حشاد    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك تدعو للتصدي لخطر الهندسة الاجتماعية الرقمية    لقاو نسخة نادرة من سوبرمان وبعوها في المزاد العلني بثمن خيالي!    نجمة الكوميديا الجزائرية 'بيونة' في ذمّة الله    وزير الصحة يعلن عن إجراءات عملية لتطوير طبّ الإنعاش في تونس    كأس العرب: المنتخب الوطني يتعرف اليوم على منافسيه في دور المجموعات    هل تحجب تونس بعض مواقع التواصل الإجتماعي؟ وزير تكنولوجيات الاتصال يُوضّح    تونس الثانية عالميًا في استهلاك المقرونة    تزامنا مع موجة البرد: نداء هام للمواطنيين وموزعي قوارير الغاز المنزلي..#خبر_عاجل    يوم دراسي بصفاقس حول المكتبات في واقع الذكاء الاصطناعي ... الفرص والتحديات" يوم الاربعاء 26 نوفمبر    من هو اليهودي؟    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    عاجل: تونس في مجموعة نارية بكأس أمم أفريقيا 2025! تعرف على خصومها!    عاجل: منخفض جوي أطلسي قادم لتونس غدوة..شنيا معناها    خليجي يمثل جريمة قطعه العضو الذكري لصديقه المصري وقتله    البطولة الاسبانية : إسبانيول يعود إلى طريق الانتصارات بفوز على إشبيلية    جائزة عربية مرموقة للفاضل الجعايبي في 2025    عاجل/ رئيس الجمهورية يتوعد: "الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هؤلاء"..    عاجل: وزير التكنولوجيا تكشف آخر المستجدّات على'' البنك البريدي'' والموزعات الالية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..    سيدي حسين: مداهمات أمنية تطيح ب"قطعون" وإيزي" والنقار" و"المهبول "كبار مروجي المخدرات    بعد تماثله للشفاء... الفنان أحمد سعد يكشف كواليس ما بعد حادث السيارة    سيف الدين الجزيري يتربع على عرش الهدّافين الأجانب في تاريخ الزمالك    شركات طيران تُلغي رحلاتها بعد ثوران بركان في إثيوبيا    بركان إثيوبي يثور بعد 12 ألف عام والرماد يصل دولا عربية    عاجل: أمطار رعدية وسيول محتملة في 7 دول عربية... تحت تأثير الطقس المتقلب    الصين تكشف عن مسيرة ثورية تصطاد الغواصات المختبئة في الأعماق    "اسم فنزويلا أكبر من أن يخرج من فمك".. كاراكاس ترد على مزاعم وزير الخارجية الإسرائيلي    ترامب يطلق إجراءات لتصنيف فروع للإخوان "منظمات إرهابية    تركيا تكشف تهريب 52 مليار دولار بسبب الرهانات غير القانونية    أثارت جدلا سياسيا وتشريعيا.. نهاية "وزارة ماسك"    الفتاوى الشاذة والهجوم على صحيح البخاري    مخاطر الانحراف بالفتوى    في ندوة «الشروق الفكرية» «الفتوى في التاريخ الإسلامي بين الاجتهاد والتأويل»    يوم علمي تكويني حول مرض السكري في القدم يوم الاربعاء 26 نوفمبر بمدرسة علوم التمريض بتونس    سينما المغرب العربي تتألّق في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملاحظات حول تهافت الكتابة للطفل:افلاس أدبي وركض وراء الربح السريع
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 04 - 2009

هل التهافت الذي تشهدة ثقافتنا العربية داخل اسرائيل في الكتابة للأطفال ، هو تهافت طبيعي ، يشير الى تطور متطلبات عقلية يلمسها كتاب الأطفال الأفاضل؟
الموضوع طرحه الزميل الناقد الدكتور حبيب بولس في مقال حمل عنوان " التهافت للكتابة للأطفال "
وصف الحالة بالمباركة ، وهي حقا حركة مباركة لو انطلقت من مفاهيم ثقافية سليمة ، وهذا ما تنبه اليه الناقد بولس ، في تساؤلة الجوهري: " هل ما كتب لغاية الآن عندنا من أدب للأطفال وهو لا بأس به عدديا، يرتفع إلى مستوى الكتابة الصحيحة الناضجة، ويستجيب لمتطلبات هذا الجانر( الجنس الأدبي ) المهم؟! "
الدكتور حبيب بولس كان لطيفا جدا في نقده للجانب السلبي العشوائي في الكتابة للأطفال ، لم يبق الحصوة ... وهذا ما حفزني لطرح رؤيتي ، التي لا تتناقض مع رؤية الناقد بولس ، ولكني غير متعود على الاحتفاظ بالحصوة تحت لساني ، وهذا ربما الفرق بيني وبين لطافة حبيب بولس. وهذا نقدي للدكتور حبيب ولكل نقاد أدبنا العربي في اسرائيل ، على عدم بقهم للحصوة والمجاهرة بالموقف الذي يقول للأعور "انه أعور وليس نصف مفتح " ، حسب تعبير استاذنا كلنا مارون عبود .
صحيح اني لست خبيرا .. ولكني قارئ ومجتهد في ملاحقة المواضيع ، وفهم ما يجري على ساحتنا الأدبية ، وعدم الانبهار بالصياغات اللغوية والديباجة في النص .. واستعمال الاصطلاحات الأدبية عشوائيا في النقد - نقد .. ؟- كم يضحكني هذا التعبير عندما نلصقه بما يكتبه بعض المتحذلقين الواهمين في ثقافتنا المحلية ، والعاجزين عن فهم المقروء ، خاصة عندما يظهرون اعلاميا وراء القاب أكاديمية ، جاعلين من أتفه النصوص الأدبية ابداعات لا سابق لها في اللغة العربية .
ونعود للتهافت على الكتابة للأطفال .. وليكن الله بعونكم يا أطفالنا الأحباء...
السؤال المطروح : هل كتاب أدب الأطفال على وعي لمتطلبات الطفل في عصرنا ، وشكل نقل المعرفة للطفل ابن المئوية الثالثة ؟
وسؤال آخر : ما دافع الأديب في أي ثقافة كانت ، وخاصة الثقافة الفلسطينية داخل اسرائيل ، للكتابة الى الطفل؟
قلت اني لست ممن يخفون رايهم .. ولا أطيق الحصوة تحت لساني.ولكني في اتجاه كتابة مسؤولة ولا اريد لبعض ضعاف النفوس ان يحولوها الى "هيزعة" ثقافية لإخفاء قصورهم ، وراء كلماتي غير المهادنة.
موضوع الطفل ، وأدب الأطفال بالغ الأهمية . للأسف نفتقد الى مبدعين يعيشون هذا الحلم الثقافي. يوجد كتاب للأطفال.. هذا لا يعني ان الكتابة للأطفال بخير ، وتقوم بمهمتها العقلية والتربوية.
نلاحظ ان ادباء ، بعد ان طيرت عشوشهم فراخها ، فاذا بهم كتابا للأطفال ؟
بالطبع نحن مجتمع ليبرالي حر. لا قيود على الكتابة واختيار الجيل الذي نكتب له . ولكني غير مقتنع ان الكاتب الذي طيرت عشوشة وهو يكتب للكبار ، صار فجأة كاتبا للأطفال.
لو كان في نصوصة ابداع مميز ، لقلنا انه لا يوجد قانون يقول ان المبدع في مجال أدبي معين ، هو مقيم اجباريا في ابداعه حتى الممات. اليوم انا كاتب قصصي .. وغدا قد أصير شاعرا ، وبعد غد أجد ان المسرح أقرب لي .. و" ما بعد بعد حيفا " .. أجد ان الكتابة للأطفال كانت في دمي منذ أمسكت القلم ، والآن حان الوقت للعودة الى جذوري. أو أصير ناقدا أدبيا لأني فاشل في الابداع الأدبي ، فما أبسط النقد في أدبنا وما أسهله وما أكذبه ، والكذب دائما أسهل من الحقيقة ، وأسهل للشهرة وللبروز !!
وأعتذر للنقاد الجادين .. وأتمنى ان أستفزهم ليدلوا برأيهم .
الصمت بات كثير الضجيج !!
أقول بوضوح ، ما عدا قصص قليلة ولأسم أو أسمين من كتاب الأطفال ، لم أجد الا كتابات تتراوح بين الاجادة المتوسطة والثرثرة المؤسفة والمضرة .
اذن هناك دافع لهذا التهافت للكتابة للأطفال ، وهو حسب رؤيتي وقناعتي ، دوافع لا علاقة لها بأدب الأطفال وبعالم الأطفال وبحبنا للأطفال ، كلنا نحب الأطفال ولكن هذا لم يحولنا الى رواة جيدين للأطفال .
اذن ماذا يختفي وراء الأكمة ؟
أقول بصراحة اني لم أجد الا تبريرات قليلة .
أولا : افلاس الكاتب ، وعجزه عن الابداع الأدبي ، فيلجأ الى الكتابة السهلة حسب ظنه للأطفال ، ليبقى في الساحة الأدبية .
ثانيا : تسويق كتب الأطفال متيسر أكثر وطباعتها أقل نفقة على الكاتب لصغرها وسرعة توزيعها على المؤسسات .
ثالثا : غياب النقد المسؤول الذي يعالج النصوص ويفرز بين الجاد والضروري من جهة ، وبين التافه والفارغ ( وربما المضر أيضا ) من الجهة الأخرى.
وبالطبع هناك اسباب أخرى أقل أهمية ولكنها ليست أقل ضررا على تشكيل وعي الطفل وتطوير عقله.
الدكتور الناقد حبيب بولس يشير الى العديد من الامور كي تكون الكتابة للاطفال ناضجة نافعة في ان معا :" اول هذه الامور معرفته الصحيحة لهذا الجانر ( الجنس الأدبي ) ، والوقوف على مفهومه ومحتوياته. اذ انه كما يعلم الجميع هو علم قائم بذاته يشمل جوانب كثيرة منها النفسية والتربوية والاجتماعية والفنية " .... و"خبرة لغوية في شكل فني يبدعه الفنان خاصة للاطفال فيما بين الثانية والثانية عشرة، بحيث يعيشونه ويتفاعلون معه، فيمنحهم المتعة والتسلية ويدخل على قلوبهم البهجة والمرح، وينمي فيهم الاحساس بالجمال وتذوقه،ويقوي تقديرهم للخير ومحبته، ويطلق العنان لخيالاتهم وطاقاتهم الابداعية، ويبني فيهم الانسان".
فهل حقا هذا ما يميزالكتابات للأطفال في أدبنا ، أم نحن على نقيض نسبي كبير جدا ؟
وأجد نفسي مضطرا لإضافة أخرى .
هل من آفاق ، أو من رؤية ثقافية تربوية تعليمية ، لمعظم المتهافتين على ابداع ( انتاج ) أدبي بكل أشكاله واتجاهاته ، أو فني .. للأطفال بكل الوانه وقدراته التعبيرية ، وهل يستوعبون قيمة المعطى الحضاري الآني للكتابة الأدبية عامة وللأطفال خاصة ؟
ولا بد من أسئلة قد يراها البعض قاسية ( أو استفزازية ) ، رغم انها جوهرية ومنطقية وفي جذور موضوعنا .
هل ما يكتب للأطفال يرتقي للمستوى المطلوب ، لغويا وفكريا لتنمية ملكات الطفل ومواهبه وقدراته العقلية؟ وهل يجاري أدب الأطفال المنتج في ثقافتنا متطلبات العصر الذي يعيشه أطفالنا ، ومميزاته التقنية والعلمية ، لتطوير الوعي لدى أطفالنا.. أم العكس هو الصحيح فما نشهده ، بمعظمه ، تهافت وسباق تجاري تحت صياغات أدبية للأطفال لا شيء يربطها بجوهر الأدب أو الفن..؟ والى أين نسير بأدب الأطفال ؟ أو الى أين ندفع أطفالنا ؟
شكرا للدكتور الناقد حبيب بولس على طرحه الهام ، وكنت أتمنى لو غرز يده بالآفة أعمق .. فهو مؤهل كمحاضر جامعي وواسع الاطلاع على أدب الأطفال بحكم عمله أيضا . ولكنه اختار السير على الحافة حتى لا يصطدم مع بعض "المبدعين ".
ان حديثنا عن أدب الأطفال في ثقافتنا العربية داخل اسرائيل هو حديث أقرب للأمنيات . ومرة أخرى أقول اني لم أجد الا اسمين فقط يكتبون بمستوى لا ئق وبموهبه وفهم لعالم الطفل . ان معظم ما كتب ، الى جانب فقدانه لجوهر الابداع ، هي كتابة تتوجه للطفل ، وتدور حول الطفل ، ومستوى اللغة لم يتطور منذ نصف قرن تقريبا وما زلنا نعامل الطفل كشخص عاجز لا شخصية له ، ونبسط له الأسماء بشكل سمج لا يخدم تنمية عقل الطفل وشخصيته وثروته اللغوية. بصراحة يفتقد الكاتب لمعايشة تجربة الأطفال وفهم عالمهم واسلوب تفكيرهم وردود فعلهم ، تماما كما يجري في الكتابة للكبار .
الكتابة يجب ان تكون ليس من خارج عالم الطفل ، بل من داخل عالم الطفل ، أن لا نكتب للطفل من عالم الكبار ، بل ان نخترق عالمهم ونعيش تجربته ونكتب من داخل هذا العالم .
هل حاول كاتب للأطفال ان يفهم بشكل علمي نفسية وسيكولوجية عالم الأطفال مرة ؟
ما يجري قد يقترب من الجناية . يجب وقف هذا التهافت . لا اراه مباركا . بل ركضا وراء الربح المادي .
والويل لأطفالنا من هذا التهافت !!
الويل لمستقبلنا اذا لم ننشئ جيلا واعيا منفتح العقل مدركا لحقيقة عصره !!
نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.