تونس/الجزائر: الأعراف يقدّمون رؤيتهم لتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي    كأس العرب – السعودية تلتحق بالمربع الذهبي    كأس العرب.. برنامج وتوقيت مواجهتي نصف النهائي    قيس سعيّد: علاقات تونس والجزائر تاريخية... والتحديات الراهنة لا تُواجه إلا بوحدة المواقف    أخبار النادي الافريقي ...مَساع لتأهيل حسن رمضان وتصعيد في قضية «الدربي»    اقتناءات في «الأنياب» وتجهيزات الكشف بالأشعة وانتدابات جديدة... الديوانة تشنّ حربا على المخدّرات    أيام قرطاج السينمائية: عندما تستعيد الأفلام «نجوميتها»    خطبة الجمعة.. أعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    عَنّفَ إمرأة من اجل معلوم ركن سيارتها.. الحكم بالسجن ضد حارس مأوى عشوائي بالبحيرة    ستمكّن من إحداث 1729 موطن شغل: مشاريع استثمارية جديدة في تونس..#خبر_عاجل    في أولى جلسات ملتقى تونس للرواية العربية : تأصيل مفاهيمي لعلاقة الحلم بالرواية وتأكيد على أن النص المنتج بالذكاء الاصطناعي لا هوية له    الصحة العالمية تحسمها بشأن علاقة التلاقيح بمرض التوحّد    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة: برنامج مباريات الجولة الخامسة    تونس تسجل نموًا ملحوظًا في أعداد السياح الصينيين بنهاية نوفمبر 2025    ليبرتا ومصرف الزيتونة: تمويل العمرة متاح للجميع وبشروط سهلة    الليلة: أجواء باردة وضباب كثيف بأغلب المناطق    عاجل/ العثور على جثتي شابين مفقودين في هذه الجهة وفتح تحقيق في القتل العمد    عاجل: كميات كبيرة من القهوة المهربة تُباع للتونسيين ودعوة للتدخل    قبل الصلاة: المسح على الجوارب في البرد الشديد...كل التفاصيل لي يلزمك تعرفها    طبيب أنف وحنجرة يفسّر للتوانسة الفرق بين ''الأونجين'' و الفيروس    صدر بالمغرب وتضمن حضورا للشعراء التونسيين: "الانطلوجيا الدولية الكبرى لشعراء المحبة والسلام"    توزر: ضبط كافة المواعيد المتعلقة بإتمام إجراءات الحج    هيئة الصيادلة تدعو رئيسة الحكومة الى التدخّل العاجل    هل الحكومة تنجّم تفرض نفس نسبة الزيادة على القطاع الخاص؟ الإجابة تنجّم تفاجّئك!    شركة تونس للطرقات السيارة تواصل أشغال التشوير لضمان أعلى مستويات السلامة    طبرقة وعين دراهم تولّي قبلة الجزائريين: أكثر من مليون زائر في 2025!    عاجل/ قائمة المنتخب الوطني المدعوة لكان المغرب 2025..    عاجل - ترامب في تصريح صادم : يختار هؤلاء ويطرد ملايين من دول العالم الثالث    زوجين طاحوا في فخ دار وهمية: و1500 دينار ضاعوا..شنيا الحكاية؟    اختراق هاتفك بات أسهل مما تتوقع.. خبراء يحذرون..#خبر_عاجل    عاجل/ اسرائيل تحسمها بخصوص سلاح "حماس"..    تأجيل محاكمة مراد الزغيدي وبرهان بسيس والنظر في مطالب الإفراج    تونس تسجل "الكحل العربي" على قائمة اليونسكو للتراث العالمي    عاجل : عائلة عبد الحليم حافظ غاضبة و تدعو هؤلاء بالتدخل    نشط ضمن تنظيم انصار الشريعة وكان الناطق الرسمي باسم السلفية. الجهادية : 55 سنة سجنا في حق بلال الشواشي    في جرائم ديوانية وصرفية: 30 عاما ضد رجل الأعمال يوسف الميموني    لحاملي ''الباسبور التونسي'' : شوفوا كفاش تتحصلوا على فيزا أمريكا خطوة بخطوة    نابل: تقدم أشغال تجهيز 5 آبار عميقة لتحسين التزود بالماء الصالح للشرب    بنزرت : تنفيذ حوالي 6500 زيارة تفقد وتحرير ما يزيد عن 860 مخالفة اقتصادية خلال 70 يوما    خولة سليماني تكشف حقيقة طلاقها من عادل الشاذلي بهذه الرسالة المؤثرة    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    هام/ هذا موعد الانتهاء من أشغال المدخل الجنوبي للعاصمة..#خبر_عاجل    كأس العرب: مدرب المغرب ينشد العبور لنصف النهائي.. ومدرب سوريا يؤكد صعوبة المهمة    تطور جديد في أزمة صلاح مع سلوت.. جلسة تهدئة بلا اعتذار وتوتر يتصاعد داخل ليفربول    النوم الثقيل: حاجة باهية ولا خايبة؟    جوائز جولدن جلوب تحتفي بالتونسية هند صبري    الدورة الخامسة لمعرض الكتاب العلمي والرقمي يومي 27 و28 ديسمبر 2025 بمدينة العلوم    حذاري: 5 أدوية تستعملها يوميًا وتضر بالقلب    عاجل: توقف حركة القطارات على خط أحواز الساحل    رابطة أبطال أوروبا : فوز بنفيكا على نابولي 2-صفر    عاجل:تونس على موعد مع أمطار قوية..التفاصيل الكاملة..وين ووقتاش؟!    واشنطن تطلق تأشيرة "بطاقة ترامب الذهبية" للأثرياء الأجانب    عاجل/ الرصد الجوي يحذر: ضباب كثيف يحجب الرؤية..    فتح الحسابات بالعملة الأجنبية: من له الحق؟.. توضيح رئيس لجنة المالية بمجلس النوّاب    هيئة أسطول الصمود التونسية لكسر الحصار عن القطاع تقدم تقريرها المالي حول حجم التبرعات وكيفية صرفها    مادورو.. مستعدون لكسر أنياب الإمبراطورية الأمريكية إذا لزم الأمر    عاجل: دولة عربية تعلن تقديم موعد صلاة الجمعة بداية من جانفي 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملاحظات حول تهافت الكتابة للطفل:افلاس أدبي وركض وراء الربح السريع
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 04 - 2009

هل التهافت الذي تشهدة ثقافتنا العربية داخل اسرائيل في الكتابة للأطفال ، هو تهافت طبيعي ، يشير الى تطور متطلبات عقلية يلمسها كتاب الأطفال الأفاضل؟
الموضوع طرحه الزميل الناقد الدكتور حبيب بولس في مقال حمل عنوان " التهافت للكتابة للأطفال "
وصف الحالة بالمباركة ، وهي حقا حركة مباركة لو انطلقت من مفاهيم ثقافية سليمة ، وهذا ما تنبه اليه الناقد بولس ، في تساؤلة الجوهري: " هل ما كتب لغاية الآن عندنا من أدب للأطفال وهو لا بأس به عدديا، يرتفع إلى مستوى الكتابة الصحيحة الناضجة، ويستجيب لمتطلبات هذا الجانر( الجنس الأدبي ) المهم؟! "
الدكتور حبيب بولس كان لطيفا جدا في نقده للجانب السلبي العشوائي في الكتابة للأطفال ، لم يبق الحصوة ... وهذا ما حفزني لطرح رؤيتي ، التي لا تتناقض مع رؤية الناقد بولس ، ولكني غير متعود على الاحتفاظ بالحصوة تحت لساني ، وهذا ربما الفرق بيني وبين لطافة حبيب بولس. وهذا نقدي للدكتور حبيب ولكل نقاد أدبنا العربي في اسرائيل ، على عدم بقهم للحصوة والمجاهرة بالموقف الذي يقول للأعور "انه أعور وليس نصف مفتح " ، حسب تعبير استاذنا كلنا مارون عبود .
صحيح اني لست خبيرا .. ولكني قارئ ومجتهد في ملاحقة المواضيع ، وفهم ما يجري على ساحتنا الأدبية ، وعدم الانبهار بالصياغات اللغوية والديباجة في النص .. واستعمال الاصطلاحات الأدبية عشوائيا في النقد - نقد .. ؟- كم يضحكني هذا التعبير عندما نلصقه بما يكتبه بعض المتحذلقين الواهمين في ثقافتنا المحلية ، والعاجزين عن فهم المقروء ، خاصة عندما يظهرون اعلاميا وراء القاب أكاديمية ، جاعلين من أتفه النصوص الأدبية ابداعات لا سابق لها في اللغة العربية .
ونعود للتهافت على الكتابة للأطفال .. وليكن الله بعونكم يا أطفالنا الأحباء...
السؤال المطروح : هل كتاب أدب الأطفال على وعي لمتطلبات الطفل في عصرنا ، وشكل نقل المعرفة للطفل ابن المئوية الثالثة ؟
وسؤال آخر : ما دافع الأديب في أي ثقافة كانت ، وخاصة الثقافة الفلسطينية داخل اسرائيل ، للكتابة الى الطفل؟
قلت اني لست ممن يخفون رايهم .. ولا أطيق الحصوة تحت لساني.ولكني في اتجاه كتابة مسؤولة ولا اريد لبعض ضعاف النفوس ان يحولوها الى "هيزعة" ثقافية لإخفاء قصورهم ، وراء كلماتي غير المهادنة.
موضوع الطفل ، وأدب الأطفال بالغ الأهمية . للأسف نفتقد الى مبدعين يعيشون هذا الحلم الثقافي. يوجد كتاب للأطفال.. هذا لا يعني ان الكتابة للأطفال بخير ، وتقوم بمهمتها العقلية والتربوية.
نلاحظ ان ادباء ، بعد ان طيرت عشوشهم فراخها ، فاذا بهم كتابا للأطفال ؟
بالطبع نحن مجتمع ليبرالي حر. لا قيود على الكتابة واختيار الجيل الذي نكتب له . ولكني غير مقتنع ان الكاتب الذي طيرت عشوشة وهو يكتب للكبار ، صار فجأة كاتبا للأطفال.
لو كان في نصوصة ابداع مميز ، لقلنا انه لا يوجد قانون يقول ان المبدع في مجال أدبي معين ، هو مقيم اجباريا في ابداعه حتى الممات. اليوم انا كاتب قصصي .. وغدا قد أصير شاعرا ، وبعد غد أجد ان المسرح أقرب لي .. و" ما بعد بعد حيفا " .. أجد ان الكتابة للأطفال كانت في دمي منذ أمسكت القلم ، والآن حان الوقت للعودة الى جذوري. أو أصير ناقدا أدبيا لأني فاشل في الابداع الأدبي ، فما أبسط النقد في أدبنا وما أسهله وما أكذبه ، والكذب دائما أسهل من الحقيقة ، وأسهل للشهرة وللبروز !!
وأعتذر للنقاد الجادين .. وأتمنى ان أستفزهم ليدلوا برأيهم .
الصمت بات كثير الضجيج !!
أقول بوضوح ، ما عدا قصص قليلة ولأسم أو أسمين من كتاب الأطفال ، لم أجد الا كتابات تتراوح بين الاجادة المتوسطة والثرثرة المؤسفة والمضرة .
اذن هناك دافع لهذا التهافت للكتابة للأطفال ، وهو حسب رؤيتي وقناعتي ، دوافع لا علاقة لها بأدب الأطفال وبعالم الأطفال وبحبنا للأطفال ، كلنا نحب الأطفال ولكن هذا لم يحولنا الى رواة جيدين للأطفال .
اذن ماذا يختفي وراء الأكمة ؟
أقول بصراحة اني لم أجد الا تبريرات قليلة .
أولا : افلاس الكاتب ، وعجزه عن الابداع الأدبي ، فيلجأ الى الكتابة السهلة حسب ظنه للأطفال ، ليبقى في الساحة الأدبية .
ثانيا : تسويق كتب الأطفال متيسر أكثر وطباعتها أقل نفقة على الكاتب لصغرها وسرعة توزيعها على المؤسسات .
ثالثا : غياب النقد المسؤول الذي يعالج النصوص ويفرز بين الجاد والضروري من جهة ، وبين التافه والفارغ ( وربما المضر أيضا ) من الجهة الأخرى.
وبالطبع هناك اسباب أخرى أقل أهمية ولكنها ليست أقل ضررا على تشكيل وعي الطفل وتطوير عقله.
الدكتور الناقد حبيب بولس يشير الى العديد من الامور كي تكون الكتابة للاطفال ناضجة نافعة في ان معا :" اول هذه الامور معرفته الصحيحة لهذا الجانر ( الجنس الأدبي ) ، والوقوف على مفهومه ومحتوياته. اذ انه كما يعلم الجميع هو علم قائم بذاته يشمل جوانب كثيرة منها النفسية والتربوية والاجتماعية والفنية " .... و"خبرة لغوية في شكل فني يبدعه الفنان خاصة للاطفال فيما بين الثانية والثانية عشرة، بحيث يعيشونه ويتفاعلون معه، فيمنحهم المتعة والتسلية ويدخل على قلوبهم البهجة والمرح، وينمي فيهم الاحساس بالجمال وتذوقه،ويقوي تقديرهم للخير ومحبته، ويطلق العنان لخيالاتهم وطاقاتهم الابداعية، ويبني فيهم الانسان".
فهل حقا هذا ما يميزالكتابات للأطفال في أدبنا ، أم نحن على نقيض نسبي كبير جدا ؟
وأجد نفسي مضطرا لإضافة أخرى .
هل من آفاق ، أو من رؤية ثقافية تربوية تعليمية ، لمعظم المتهافتين على ابداع ( انتاج ) أدبي بكل أشكاله واتجاهاته ، أو فني .. للأطفال بكل الوانه وقدراته التعبيرية ، وهل يستوعبون قيمة المعطى الحضاري الآني للكتابة الأدبية عامة وللأطفال خاصة ؟
ولا بد من أسئلة قد يراها البعض قاسية ( أو استفزازية ) ، رغم انها جوهرية ومنطقية وفي جذور موضوعنا .
هل ما يكتب للأطفال يرتقي للمستوى المطلوب ، لغويا وفكريا لتنمية ملكات الطفل ومواهبه وقدراته العقلية؟ وهل يجاري أدب الأطفال المنتج في ثقافتنا متطلبات العصر الذي يعيشه أطفالنا ، ومميزاته التقنية والعلمية ، لتطوير الوعي لدى أطفالنا.. أم العكس هو الصحيح فما نشهده ، بمعظمه ، تهافت وسباق تجاري تحت صياغات أدبية للأطفال لا شيء يربطها بجوهر الأدب أو الفن..؟ والى أين نسير بأدب الأطفال ؟ أو الى أين ندفع أطفالنا ؟
شكرا للدكتور الناقد حبيب بولس على طرحه الهام ، وكنت أتمنى لو غرز يده بالآفة أعمق .. فهو مؤهل كمحاضر جامعي وواسع الاطلاع على أدب الأطفال بحكم عمله أيضا . ولكنه اختار السير على الحافة حتى لا يصطدم مع بعض "المبدعين ".
ان حديثنا عن أدب الأطفال في ثقافتنا العربية داخل اسرائيل هو حديث أقرب للأمنيات . ومرة أخرى أقول اني لم أجد الا اسمين فقط يكتبون بمستوى لا ئق وبموهبه وفهم لعالم الطفل . ان معظم ما كتب ، الى جانب فقدانه لجوهر الابداع ، هي كتابة تتوجه للطفل ، وتدور حول الطفل ، ومستوى اللغة لم يتطور منذ نصف قرن تقريبا وما زلنا نعامل الطفل كشخص عاجز لا شخصية له ، ونبسط له الأسماء بشكل سمج لا يخدم تنمية عقل الطفل وشخصيته وثروته اللغوية. بصراحة يفتقد الكاتب لمعايشة تجربة الأطفال وفهم عالمهم واسلوب تفكيرهم وردود فعلهم ، تماما كما يجري في الكتابة للكبار .
الكتابة يجب ان تكون ليس من خارج عالم الطفل ، بل من داخل عالم الطفل ، أن لا نكتب للطفل من عالم الكبار ، بل ان نخترق عالمهم ونعيش تجربته ونكتب من داخل هذا العالم .
هل حاول كاتب للأطفال ان يفهم بشكل علمي نفسية وسيكولوجية عالم الأطفال مرة ؟
ما يجري قد يقترب من الجناية . يجب وقف هذا التهافت . لا اراه مباركا . بل ركضا وراء الربح المادي .
والويل لأطفالنا من هذا التهافت !!
الويل لمستقبلنا اذا لم ننشئ جيلا واعيا منفتح العقل مدركا لحقيقة عصره !!
نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.