على الرغم من فوائده الصحيّة الضرورية للجسم، يعزف حوالي خمس التونسيين عن شرب الحليب وذلك مثلما أبرزته البحوث الميدانية التي أجريت هذه الأيام في تونس. وقد أثبتت هذه الدراسات المعمّقة بالفعل أنّ 18.4% من عموم التونسيين لا يقبلون بالمرّة على استهلاك مادة الحليب. وترتفع هذه النسبة إلى حدود 27.03% للفئة العمرية 55 سنة وأكثر. ولمزيد تقصّي الأسباب، أكّدت هذه البحوث أن التخلي عن شرب الحليب يعود أساسا إلى ثلاثة اعتبارات أولها اضطرابات الهضم أو الإحساس بالغثيان أو تورّم في المعدة أو المعانات من غازات التي قد تتسبب فيها مادة اللاكتوز المتواجدة بكثافة في الحليب. وتأتي في هذه الاعتبارات مذاق الحليب الذي قد لا يستسيغه البعض. وثالث الأسباب هو الحساسية. ويعتبر اللاكتوز احد المواد السكريّة الموجودة في منتجات الحليب، وإذا لم يتمّ هضمه جيّدا فإنه لا يتحلل بشكل تام ممّا يسبب أعراضا مرضيّة. ولا يستطيع البعض هضم اللاكتوز لأنه لا يملك ما فيه الكفاية من إنزيم اللاكتاز وذلك لان الأمعاء الدقيقة بحاجة إلى هذه الأنزيم للمساعدة في هضم سكر اللاكتوز. وتشمل الأعراض الشائعة لعدم تحمل اللاكتوز الغثيان والمغص وانتفاخ البطن والغازات والإسهال، الذي قد يبدأ بحوالي 30 دقيقة إلى ساعتين بعد تناول الطعام المحتوي على سكر اللاكتوز. وتختلف شدة الأعراض حسب كميّة اللاكتوز التي يتحملها كل فرد. فهناك أفراد لا يتحملون حتى نصف كوب من الحليب في حين أن هنالك من يتحمل إلى حدود كوبين أو ثلاثة أو أكثر. أمّا المذاق والرائحة فكثيرا ما يعرض المستهلك عن الحليب لمجرد عدم رغبته في تذوقه أو عدم قبول رائحته. في حين يشتكي العديد من الحساسية من مادة الحليب. والحقيقة أن نصف التونسيين يشكون من اضطرابات هضمية متواصلة فقد بينت البحوث أن 46.03% منهم عبروا عن شعورهم بآلام في المعدة والأمعاء تثر تناول أي وجبة قد يعود ذلك حسب الأطباء إلى التوابل والدهون والإفراط في الأكل والمشروبات الغازية وغيرها من المواد المهددة للجهاز الهضمي. وقد برزت في عديد البلدان الغربية اتجاهات إلى صنع حليب خالي من اللاكتوز وذلك لتلبية رغبات كل فرد والوصول إلى نسبة 100% من المستهلكين للحليب. وقد شجعت البحوث العلمية والتجارب المخبرية إلى قيام صناعة حليب مختصة نجحت في توفير حليب خال من اللاكتوز، طيب المذاق ويصلح للجميع.