باريس - في منطقة سانت ديني شمال باريس والتي تعرف إداريًّا في فرنسا بالمنطقة رقم 93، وتضم أكبر كثافة سكانية مسلمة بفرنسا، يتوزع المرشحون المسلمون على كل القوائم الخاصة بانتخابات المجالس البلدية المقبلة، سواء كانت لأحزاب يسارية أم يمينية أم وسط أم مستقلين؛ وهو ما اعتبره أحد قيادات الأقلية المسلمة بفرنسا ظاهرة إيجابية تضمن تمثيل المسلمين في هذه المجالس. فالرهان كما يقول المصدر نفسه لشبكة "إسلام أون لاين.نت": "ليس في أن ننتسب إلى اليمين أو اليسار؛ لأن المطالب المتعلقة بالانتخابات البلدية في الغالب تتشابه بين الأحزاب على اختلاف أطيافها، بل أن نكون ممثلين في المجالس المنتخبة القادمة وهذا رهاننا الكبير". وتجري الانتخابات البلدية التي انطلقت حملتها رسميًّا الأسبوع الماضي من خلال دورتين يومي 9 و16 مارس المقبل. ولا يمثل مسلمو منطقة ال93 باعتبارهم مسلمين في القوائم الانتخابية؛ لأن الحياة السياسية بفرنسا لا تدخل العامل الديني في التمثيل السياسي. منافسة بين المرشحين المسلمين يوسف الزاوي (35 سنة) يرأس "القائمة المستقلة بوبني للجميع" والتي تنافس 6 قوائم أخرى في مدينة "بوبني" في المنطقة ال93 من ضمنها قائمة تترأسها ليلى بوزيدي ممثلة للحزب الحاكم في المدينة. ويقول في تصريحات لشبكة "إسلام أون لاين.نت": "قائمتنا المستقلة تمثل نموذجًا للخليط الذي تحويه مدينة بوبني فليست هي قائمة للمسلمين فحسب، بل إنها قائمة لغير المسلمين وتحتوي على مرشحين من جذور مختلفة، فمنهم فرنسيون من أصول إفريقية وعربية وغيرها". ويضيف يوسف الزاوي الذي يخوض التجربة الانتخابية الأولى له "طبعًا ما يهمنا هو أن يكون الفرنسيون من أصول مهاجرة، ومن ضمنهم المسلمين ممثلين في المجالس البلدية المنتخبة". أما عن مطالب قائمتهم فيقول يوسف الزاوي: "نحن نتجه بخطابنا إلى الشباب ونحو إيجاد مزيد من المجالات التربوية والتثقيفية للشباب، بدلاً من الأموال المهدرة التي يصرفها ممثلو البلدية الحالية". وحول ما إذا كانت هناك مطالب معينة من الممكن تحقيقها لمسلمي المدينة قال يوسف: "المهم في الوقت الحالي هو الاهتمام بالشباب، خصوصًا أن مدينتنا بها مساجد، كما تتوفر بها مقبرة للمسلمين ومدارس خاصة". وتضم مدينة بوبني حوالي 46 ألف ساكن ويقطنها عدد كبير من الفرنسيين من أصول مهاجرة بلغ حسب آخر إحصاء حوالي 21% من سكان المدينة المعروفة بمقبرتها الإسلامية والتي تعتبر الأقدم بفرنسا، حيث دفن بها المحاربون المسلمون الأوائل الذين قاتلوا إلى جانب القوات الفرنسية أثناء الحرب العالمية الأولى. وإذا كان يوسف الزاوي قد اختار أن يرأس قائمة مستقلة في مدينة "بوبني" فإن فيصل مينيا (43 سنة) قد عيّن لكي يكون رئيس قائمة في مدينة "أوبرفلي" غير بعيد عن مدينة بوبني في المنطقة ال93، ويمثل فيصل مينيا الحزب الحاكم التجمع من أجل الحركة الشعبية. ويقول ل"إسلام أون لاين.نت": "لم أعين على رأس القائمة لكوني من أصول مسلمة، ولكن لأن لي نشاطًا في المدينة منذ سنة 2002". وحول ملامح برنامجه الانتخابي للمدينة يقول فيصل مينيا: إنه يتكون من 6 محاور كبرى، وهي "مقاومة انعدام الأمن في المدينة والاهتمام بنظافتها، وتطوير الوضعية الاقتصادية بما يعنيه ذلك من تخفيض لمستويات البطالة، والاهتمام بالسكن وهندسة المدينة، وتحسين التمويل العمومي". وحول المطالب المتعلقة بمسلمي المدينة يقول فيصل: "لنا مطلب ضمناه ضمن بند هندسة المدينة وهو بناء مسجد جديد للمدينة؛ لأن المسجد الحالي والذي بُنِي سنة 2004 لم يَعُد يتسع للمصلين". وينافس قائمة الحزب الحاكم في مدينة أوبرفلي التي يترأسها فيصل مينيا قائمتين أخريين؛ وهما قائمة تابعة للحزب الشيوعي وقائمة أخرى تابعة للحزب الاشتراكي. وإذا كان فيصل مينيا قد اختار أن يكون ممثلاً عن اليمين في أوبرفلي فإن باسكال مانفورد (36 سنة) وهو فرنسي معتنق للإسلام اختار أن يكون في قائمة الحزب الاشتراكي في مدينة "أونلي سوبوا" ويقول لإسلام أون لاين: "بصرف النظر عن كوني مسلمًا فإني أسعى لأن أكون ممثلاً لكل الفرنسيين دون الأخذ في الاعتبار انتماءاتهم الدينية". ويضيف باسكال أن قائمته هي عبارة عن تجمع لليسار في المدينة ممثلاً في الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي والخضر؛ وهي قائمة منافسة لقائمتين أخريين وهما قائمة الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الحاكم وحركة "مودام" أو حزب الوسط التابعة للمرشح السابق للرئاسيات فرنسوا بيرو. وفي مواجهة باسكال مانفورد في مدينة "أولني سوبوا" يقف "رزاق بوزوية" رئيس القائمة عن حركة "موادام" للمدينة ذاتها، فيما يمثل الاتحاد من أجل الحركة الشعبية في نفس المدينة "مختار فرحات". منافسة إيجابية ويعلق حسن فرصادو رئيس اتحاد المنظمات المسلمة في المنطقة 93 على هذا الانتشار لمسلمي ال93 بين القوائم لشبكة "إسلام أون لاين.نت" قائلاً: "من الواضح أنك يمكنك أن تجد في أكثر من مدينة في المنطقة 93 مسلمين اثنين أو 3 في مواجهة بعضهم البعض، ونحن في الاتحاد نشجع على هذا التنافس بما يؤدي إلى التواجد في كل القوائم الانتخابية؛ لأن الأمر سيعود في نهاية الأمر لصالح جميع المسلمين مهما كان انتماؤهم السياسي". ويضيف فرصادو: جاءتنا في الأسابيع الأخيرة العديد من الطلبات من قبل رؤساء البلديات وممثلي الأحزاب في المنطقة 93؛ حتى نقدم مرشحين فرنسيين من أصول مسلمة وهي رغبة مفهومة من قبل الأحزاب السياسية في الوقت الحالي والتي تتمثل في دمج الفرنسيين من أصول مهاجرة بأكبر عدد ممكن ضمن ممثليها المنتخبين، فضلاً عن أن المنطقة 93 تُعَدّ أكبر تجمع سكني مسلم بفرنسا. وتعتبر المنطقة 93 التي يقطنها نحو نصف مليون نسمة من أكثر المناطق حساسية في فرنسا، بالنظر إلى أنها كانت مصدر الشرارة الأولى التي انطلقت منها "انتفاضة الضواحي" سنة 2005، كما أنها مثلت طوال السنوات الأخيرة أحد المراكز الرئيسية للإسلام في فرنسا، حيث ينتشر فيها حوالي 400 مسجد ومُصلَّى، أي ما يقرب من ربع مساجد فرنسا والتي يبلغ تعدادها تقريبا 1700 بين مسجد ومُصلّى.