بقلم: أ.معتصم أحمد دلول الفجرنيوز إن ما يقوله ممثلوا حركة التحرير الفلسطيني فتح و منظمة التحرير الفلسطينية و على رأسهم محمود عباس الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته عبر وسائل الإعلام المختلفة عند حديثهم عن الحوار مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي فازت في الانتخابات التشريعية الفلسطينية و هي التي تدير قطاع غزة عبر حكومة شرعية مصادق عليها من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني، بأنهم يريدون حوار يتمخض عن حكومة ترفع الحصار عن قطاع غزة هو بالونات و فقعات هوائية لا يريدون منها إلا تجميل مواقفهم و تصريحاتهم لتصبح مقبولة و يرغب بها الشعب المحاصر المسكين الذي يفكر بمعدته و أمعائه بدلاً من عقله بسبب الجوع و الحرمان الذي يعيشه في قطاع غزة. فالحقيقة من خلف كواليس هذه التصريحات هي أن هؤلاء الأشخاص الذين لا يمثلون إلا أقلية من الشعب الفلسطيني و هم بالأحرى لا يمثلون أنفسهم و لا يتحدثون عن أفكارهم و خططهم، بل ينقلون تصورات و مخططات أميركية و صهيونية تم تلقينهم بها و لا أبالغ إذا ما جزمت بأنهم ما صُنِعوا أصلاً من من أجل هذه المهمة. إن الذي يعنيه محمود عباس بأنه يريد من خلال الحوار حكومة ترفع الحصار هو أنه يريد حكومة حسب الوصفة الإسرائليلة التي تفرضها إسرائيل على أميركا و الرباعية و على المجتمع الدولي برمته بما فيه معظم الدول العربية و الإسلامية. و هذه الوصفة هي الاعتراف و الالتزام بالاتفاقيات و التفاهمات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية الميتة و السلطة الفلسطينية من طرف و بين إسرائيل من طرف آخر. و هذه الاتفاقيات تتضمن الاعتراف بإسرائل و حقها بالعيش بسلام و أمان على أرض فلسطين حسب تفاهمات عرفات - رابين في 9-9-1993م، و التنازل عن 78% من أرض فلسطين حسب قرار المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر عام 1988 و الذي قرر فيه المجلس اعتناق قرار 242. و هذه المطالب هي ذاتها مطالب الرباعية و مجلس الأمن و الأممالمتحدة و بدون مبالغة أيضاً إذا ما قلت مطالب كل الهيئات و المؤسسات الدولية و العربية و الإسلامية التي تدعم إسرائيل علناً أو ضمناً أو تقف عاجزة أمامها. فمبادرة السلام العربية التي تبنتها الجامعة العربية عام 2002م ليست بأحسن حال من التزامات و تفاهمات المنظمة و السلطة مع إسرائل، كما و لأنها تتلائم مع وجهة النظر الغربية، فإن هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، احتجت بها عندما قالت أمام الكونجرس الأميركي أمس أن بلادها لن تدعم حكومة تشكلها أو تشارك فيها حماس. و إذا ما نظرنا إلى آخر التفاهمات و الاتفاقيات التي نتحدث عنها سنجد خارطة الطريق التي تتضمن توفير الأمن لإسرائيل مقابل وقف الاستيطان و الوعد بحل الدولتين. و على الرغم من التفاني الفلسطيني و الإخلاص في تنفيذ هذه الخطة بتدبير و إدارة الجنرال الأميركي دايتون، التي تعتبر ضرب المقاومة التي تصفها بالإرهاب هو تحقيق الأمن، فإن الإسرائليون لم يلتزموا بوقف الاستيطان و لا الأميركان التزموا بإقامة الدولتين. و على الرغم من ذلك فإن السلطة في الضفة ما زالت مستمرة في التنفيذ على الرغم من زوال بوش صاحب الخطة و تنكر الحكومة الإسرائلية الحالية لبنودها. و للتوضيح فإن مصطلح "الإرهاب" لا يعني المقاوم الذي يحمل البندقية و يطلق النار دفاعاً عن حقوقه و عن شرفه، بل يشمل هذا المصطلح من يحمل قلمه و من يحمل كاميرته و من يسخر لسانه من أجل تحقيق ذلك الهدف. و إلا فبماذا يفسر الجلاد في الضفة الغربية اعتقال الدكتور القدير عبد الستار قاسم و بماذا يفسر ذلك الجلاد اعتقال و ملاحقة الصحفيين و قتل أئمة المساجد و حفظة القرآن الكريم. و بعد خارطة الطريق سنجد اتفاق المعابر التي انتهت صلاحيته بمساوئها و هو الاتفاق الذي ما زال يتشبث به أزلام الحوار و الذي يجعل من السيادة الإسرائيلية جزءاً مهماً على معبر رفح الذي يعتبر معبر فلسطيني مصري خالص و لا لبس في ذلك. و بناءً على ذلك و إذا لم تلتزم حركة المقاومة الإسلامية حماس بهذه الاتفاقيات و التفاهمات العادلة التي تحمل في طياتها كل ما هو خير للشعب الفلسطيني، حسب فهم قيادة فتح و السلطة لها، فإن الحوار الفلسطيني الفلسطيني في القاهرة سيفشل و لن توافق حركة فتح بشراكة سياسية مع تنظيم إرهابي لا يعترف و لا يلتزم بإرثها العريق في طريق التحرير منذ أكثر من 40 عاماً مضت على تاريخها النضالي الحر الذي انتهى بها إلى مائة فتح و فتح و مائة قائد و قائد؛ كلٌ له أجندته و أفكاره و خططه الخاصة. و بالتالي، فإن الحصار المفروض على قطاع غزة التي تحكمه حماس سيبقى مستمراً على حاله و يبقى أبناء القطاع الأحرار مشردين في الشوارع بدون مأوى بسبب الدمار الذي أحدثته الآلة العسكرية الصهيونية التي اندحرت مهزومة على أعتاب غزة خلال حرب ديسمبر 2008م - يناير 2009م، و سيبقى أهل غزة يعانون من تقص الغذاء و الدواء و يعيشون في الظلام بسبب انقطاع التيار الكهربائي الناتج عن شح البترول الذي يغذي محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. و ستبقى حماس على لسان النطيحة و المتردية و ما أكل السبع بأنها تحكم غزة على إثر انقلاب علي الشرعية التي تمثلها هي في الأصل لأنها هي الحركة صاحبة الأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني حسب الانتخابات التي شهد بنزاهتها العالم بأسره. و سيبقى هؤلاء الذين يهرولون من هنا إلى هناك، و ليفهم كل قارئ معنى هنا و هناك حسب اجتهاده، يسعون في خدمة الاحتلال في حربه ضد الأحرار الذين يحملون السلاح و يحملون القلم و يستخدمون كل أداة يمتلكونها ليخدموا بها وطنهم و مقدساتهم و عقيدتهم و يحموا كرامتهم، فإن التاريخ سيذكر هؤلاء و هؤلاء و كلٌ سيحفظ التاريخُ له صفاحته، و لن يرحم التاريخ من باع الأرض و العرض و لن يبدل الصفحات البيضاء بالسواداء و السوداء بالبيضاء. و كما قال الشاعر: ستشرق الشمس مهما طال موعدها و يهزم البغي مصحوباً بخذلانِ و يفضح الصبح إن الصبح موعدهم ما ينسج الليل من زورٍ و بهتان