مواضيع ساخنة صهر الرئيس يتسلل بهدوء على ذمة سفير سابق بتونس شهوة السلطة تونس ...صورة مشوهة اليساريون والمتطرفون يخدعون الرئيس ويسرقون السلطة الخراب يحل بتونس ... المعادلة الجديدة و رياح التغيير الاعتراف ضمنيا ....و تصحيح المسار اليسار المتطرف يفقد البوصلة ... الشريك المتوقع ...و هل تصلح حركة النهضة لذلك ..؟ الحركة الاسلامية ...و المقاومة الذكية ... أسئلة مشروعة... مقدمة: من المتوقع في الايام القادمة بإذن الله أن تزداد وتيرة الاحداث سرعة ، و كلما اقتربت أيام الانتخابات كلما زادت حركة العجلة دورانا ....و قد تظهر مفاجات من النوع الثقيل و الخفيف على السواء ، فعدد المترشحين قابل للزيادة و يرجع ذلك لطبيعة الحدث و احقية كل مواطن طموح ان يحقق شيئا من أحلامه . و لكن الثابت في القول والذي لا يحتاج إلى تخمين و لا الى توقعات إنما هي حسابات الربح و الخسارة كاي شركة استثمارية تقوم بعملية جرد أخير نهاية كل سنة او عند نفاذ مخزون كل بضاعة و أحسب أن النظام التونسي لا يختلف كثيرا عن الشركات الاستثمارية في عملية الحسابات نظرا لتشابه عمليات إدارة العائلة الحاكمة للبلاد من جهة و إدارة رجال الاعمال من جهة أخرى فكلاهما مستثمر و إن اختلف الحجم و الموقع و نوع البضاعة . مضى ربع قرن من الحكم أقل ما يقال فيه انه حكم مستبد و نظام الفرد الواحد ، لعب عامل السن دورا اساسيا في إجبار الرئيس على مراجعة حساباته ، فسيادته على أعتاب الثمانينات و هو في اشد الحاجة بقيام عملية جرد في المخزون السياسي و المحصول الوطني و حتى تقييم مردود الوزراء و بقية الشخصيات المكلفة بتسيير الحكومة ، و اهم من ذلك كله مدى رضاء الشعب على عمل الحكومة طيلة الربع قرن . فضلا على ما سبق ذكره لا تعيش تونس بمعزل عن العالم ، فهي تسير في منظومة مُقدر لها ان تنسجم معها و تواكب مسار التيارالسائد و خاصة ما تفرزه سياسات الدول العظمى و ما ينتج عنها من انعكاسات على الدول النامية التي لا تجد مفرا من الدوران في فلك و محيط توجهات الدول العظمى التي تشهد انقلابات وتغيرات في المفاهيم والثوابت بشكل عكسي إلى درجة ان احتار فيها المراقبون و فوجئ بها المقربون . مواضيع ساخنة : ما هي الدوافع الحقيقية التي جعلت رئيس الدولة بعد طول زمن يراجع سياساته و يقف على تقييمها ؟ هل الفترة السابقة من الحكم كانت فاشلة حقيقة و لو في جزء كبير منها ؟ مدى صدق نواي و حرص حاشيته على خدمة الوطن و المواطنين أ لم تكن لهم أجندة خفية ؟ و هل يستمر في الفترة الرئاسية القادمة بنفس الفريق و العسكر القديم ؟ هل سيتصالح مع الاسلام و يجد الشريك الجديد ام يزداد حدة في الخصومة ؟ و ماذا عن الفريق القديم الذي عمل معه طيلة ربع قرن و اطلع على خفايا و اسرار الدولة ألا يُشكل خطورة عليه في كل الاحتمالات المتوقعة بالفصل او بالحفظ ....ألا يبيّتون له سيناريو مثل الذي بيّته و نفذه ضد رئيسه السابق بورقيبة في نهاية حكمه . أسئلة كثيرة و محرجة .... و مواجع كبيرة ...و محاذير أكبر ....و شكوك مبررة....ومراجعات تستحق الثناء ....و تقييم منطقي و ان كان متاخرا....ووقفة لا بد منها .... و العمر يتقدم ...و البلاد تسير بدون عنوان ....و لا وريث يمكن الاعتماد عليه و تسليمه رقاب الناس دون حسيب او عتيد ...؟ صهر الرئيس يتسلل بهدوء : كما أشرنا في مقال سابق نُشر على بعض الصحف الالكترونية تحت عنوان : هل يسحب الرئيس التونسي و صهره البساط من تحت الاسلاميين ؟ بتاريخ 30 مارس 2009 و بيّنا فيه أن محمد الماطري يستعد للعب دور مهم و ريادي بالبلاد و يتجه نحو سحب البساط من تحت الاسلاميين و ذلك بعدما نجح في تأسيس إذاعة قرانية و فتح بنك اسلامي فضلا عن الثروة الهائلة التي ملكها بقرار سياسي و وظفها في شراء ماكينة إعلامية ضخمة تصنع له المال و السلطان و هو الان في تقديري يتسلل خفية نحو مقاليد السلطة تحت عباءة اسلامية سوف يلبسها لاحقا و الرئيس بن علي يفتح له أبواب قرطاج و يتولاه بعنايته و هو زوج ابنته و يُشاع عنه لدى الاوساط القريبة منه بأنه متديّن و ذو أخلاق حميدة و لعل تلك الاشاعة هي من ضمن التخطيط المعد سلفا لتسويق الرجل و تلميعه . مسألة إعداد الصهر الشاب و تدريبه على السياسة مسألة تحتاج إلى شيء من الوقت و الوقوف عندها خاصة و ان الماطري شاب صغير لم يبلغ الثلاثين من العمر و لكن مع مرور الزمن و انتهاء الفترة الرئاسية الجديدة يكون حينها قد اشتد عوده و تعلم أسرار السياسة و مفاتيحها و ظاهرة الماطري هي مؤشر على زهد الرئيس في فريقه القديم و المقربين منه و اصبح لا يثق فيهم بعدما دمروا البلاد و أساؤوا سمعتها و في نفس الوقت انذارا بالخطر لليسار المتطرف الذي سيسعى لتفسير الظاهرة و تحليلها و يبحث عن سبل احتوائها . على ذمة سفير سابق بتونس : التقيت في مناسبة بإحدى دول الشرق الاوسط بثلة من رجال الاعمال و الدبلوماسيين تناولنا فيها حال الامة العربية و اخبار الدولار و النفط في ظل سياسة بوش الهمجية و قد كان ضمن الحاضرين سفير عربي سابق بتونس قد سبق و إن التقى بالرئيس التونسي لمرات عديدة كما التقى بكثير من رجاله في كل دواوين البلاط و الوزارات كما انه نجح في توطيد علاقات حميمة بشرائح كثيرة من المجتمع التونسي و أصبح خبيرا في الشؤون التونسية و تحدث في أمور كثيرة و لكن ما يهم القارئ في هذا السياق هو قوله الاتي : الرئيس بن علي و بحكم احتكاكي به شعرت بانه رجل مؤمن و معدنه غير عدائي للاسلام ،إلا ان هنالك عوامل ساهمت في تغليب الجانب الامني على الجانب السياسي في تعامله مع خصومه خاصة و ان تركة بورقيبة من عقليات و رجال علمانيين متطرفين الى النخاع لا يقدرعلى استبدالهم في الايام الاولى من الحكم و التي أثّرت سلبا في أن يختارالرئيس الاسلوب الاعنف في التعامل مع الاخرهذا من جهة و من جهة اخرى ساهمت حركة النهضة بتشددها في الحوار مع النظام و فرض شروط مسبقة على الرئيس الجديد و التحدث بنبرة استعلائية و فيها كثيرا من التحدي وكان فهمها السياسي ضعيفا جدا و لو قبلت بالمشاركة و بالحالة التي عليها انذاك لكانت تونس اليوم بألف خير . اليساريون و البورقيبيون خوّفوا الرئيس من النهضة و ضخموا خطورة الاسلاميين لدى الرئيس الى درجة انه لا شغل له سوى القضاء على الوحش الاسلامي و سيادته وقتئذ تنقصه الخبرة و الحنكة السياسية و بُعد النظر . كما ان السياسة الدولية و التقارير الاستخباراتية ساهمت في استبعاد الشراكة بين الزين و الحركة الاسلامية و لكني احسب انه ما تزال هنالك فرصة اخرى لتدارك الوضع خاصة و ان الشراكة مع اليسار و المتطرفين فشلت و الرئيس غير راض على ادائهم السيء و هو يبحث عن مخرج لانقاض البلاد خاصة من الازمة الاجتماعية و الاقتصادية التي تعاني منها ، و على الحركة ان تبادر و تخرج عن صمتها و تثبت حسن نواياها . انتهى حديث السفير و اعتذر لعدم ذكر اسمه او البلد الذي يمثله لاعتبارات دبلوماسية . شهوة السلطة : يُروّج أنصار الرئيس و المنتفعين في الايام التي خلت و الايام الجارية ان ترشح سيادته للرئاسة هو الاخير و لا توجد امكانية البتة في التفكير للترشح مرة أخرى و ذلك لعدة اعتبارات موضوعية و اهمها عامل السن الذي لايُخوّل له ممارسة أي نشاط مهما كان نوعه فضلا على ان بنود الدستور لا تُجيز للرئيس الحالي أن يتولى ولاية جديدة و بما ان سيادته يحترم القانون و الدستور احتراما غير عادي فإنه لايتجرأ على تقديم نفسه للترشح مرة أخرى . وإني لأعجب لمثل هذه التسريبات الامنية و التطمينات الاستخباراتية التي اعتبرها مثل الحبوب المسكنة للالام ، والأعجب من ذلك كله أن هذه المقولة يرددها الكثير من المعارضة على اختلاف توجهاتهم الفكرية و يقعون دائما في الفخ السياسي الذي ينصبه لهم النظام مما يزيد في عقلية الاستخفاف بهم و تحقيرهم . ان للسلطة شهوة ما بعدها من شهوة و ان بلغ صاحبها أرذل العمر و سيرة بورقيبة ليست ببعيدة ،و كنتم تشاهدون كيف كان يتمسك الرجل العجوز بالسلطة و هو على قاب قوسين او ادنى من الموت و كان لا يقدر على الحركة ولكن شهوة السلطة تجعله يتشبث بالحياة ويقاوم ،وعمري انها الطبيعة البشرية و غريزة حب البقاء ...و اني اتسائل هنا: هل شاهد احدكم و لو في المنام رئيس عربي يتخلى عن السلطة طواعية و بمحض ارادته ؟ استثناءا الرئيس السوداني المؤقت سوار الذهب في حكومته الانتقالية و الاستثناء هنا يُحفظ و لا يقاس عليه ،و حجتهم الثانية ان الدستور التونسي لا يسمح بذلك . و أتسائل للمرة الثانية : من ذا الذي كتب الدستور ؟ أليس هو ...و من ذا الذي يمنعه أن يكتبه ثانية و يغير بنوده مثل ما فعل المرة السابقة .؟ ان الموت وحده كفيل بإزاحتهم عن السلطة أو يُسخّر الله عسكري مثلهم لا يهاب الموت ينقلب عليهم ، غير ذلك، يعتبر من الخوارق... وهذا قدرنا ولا نلوم الا انفسنا . تونس ...صورة مشوهة : لا أبالغ إن ادعيت ان غالبية المنظمات و المؤسسات العاملة في مجال حقوق الانسان تنظر الى النظام التونسي بعين الريبة و الشك و لا يخلو أي تقرير سنوي لاي منظمة حقوقية إلا و تونس تتصدر الدول المعتدية على الحريات و حقوق الانسان و لا تخلو السجون التونسية من السجناء السياسيين فضلا عن الالاف من الشباب الذين غادروا البلاد قهرا فمنهم من يبحث عن لقمة عيش و منهم من يتطلع لحياة امنة دون مطاردة بوليسية و منهم من فرّ بجلده و هم الاغلبية الكاسحة ، اذا... سمعة البلاد سيئة و لا تحظى بأي نوع من الاحترام في الدول الغربية رغم المحاولات اليائسة لاصلاح ما أفسدته السياسة و تبييض الوجه عبر حيل العلاقات العامة من تنظيم مؤتمرات و مهرجانات و حفلات ماجنة تصحبها رشاوي مشبوهة او لنقل نثريات و حوافز بلغة السياسة و رغم ذلك لم تشفع لهم كل المحاولات السابقة من شطب تونس من القائمة السوداء . فان كان الغرب غير راض على النظام التونسي بحجة الحريات و حقوق الانسان فإن العالم العربي و الاسلامي يتألم لما وصلت اليه البلاد من تدني على مستوى الانتماء و الهوية والعروبة واستنكاره للسياسات و التشريعات الشاذة و الغريبة التي يعمل بها و التي لا تشبه من قريب او بعيد تقاليد الشعب التونسي و ثقافته ، فهي لم تنل استحسانا من الغرب و لا قبولا من الشرق و خسرت الجميع حتى الشعب الذي تحكمه يتذمر و يزداد استياءا من الكيفية التي تُدار بها البلاد و الحاشية التي تلتف حوله و تزّين له أعماله لتنال من بركاته و شيئا من المال العام الذي بين يديه . اليساريون و المتطرفون يخدعون الرئيس و يسرقون السلطة : استفاد اليساريون و المتطرفون من الاخطاء التي وقعت فيها حركة النهضة و التهم الموجهة إليها بالاعداد لمحاولة الانقلاب على السلطة ،و استغلوا زوبعة الخطر الاسلامي احسن استغلالا في شحن الرئيس و تأليبه على الاسلام و رجاله و كان سيادته وقتئذ على كامل الاستعداد النفسي و الذهني لقبول أي مقترح لتصفية الخصم ، فكان لقمة سائغة في فم المتطرفين ،فتم التصديق على كل البرامج و القوانين التي تصب في خانة محاربة الاسلام و الهوية ،فكانت سياسة تجفيف المنابع و التشدد في تطبيق قانون الحجاب و المساجد و الارهاب فامتلأت السجون بالاسلاميين و قطع الالاف منهم الحدود هربا الى الخارج و لا يحملون في ايديهم ولا على اكتافهم سوى ارواحهم والتي لا يملكونها أصلا . نجح اليسار و المتطرفون في التسلل الى مباني الدولة في صورة الانسان الملائكي والخدوم و الحريص على مصلحة البلاد و امنها و يقدم كل ما يملك من امكانيات و قدرات تحت تصرف الرئيس حتى أرواحهم إذا ما طلبها فهي فداءا له و هذا اسمى ايات الولاء و التضحية . انطوت عليه الخدعة و اصبحوا من المقربين جدا و يُستشاروا في الصغيرة و الكبيرة و لا يُستثنوا حتى من الخصوصيات و لما اطمأنوا على نجاح اللعبة انتشروا في كل مواقع الدولة و حتى السيادية منها و أصبحوا المشرعين و المنظرين للدولة و العين الساهرة على مسار البلد دون الولوج في عالم المال و منطقة نفوذ الرئيس حتى لا يُعكروا صفوه . الخراب يحل بتونس ...: راهن الرئيس على رهان خاسر و سلم البلاد في طبق من ذهب للمتطرفين اعتقادا منه انهم خيرة البلد و النخبة المثقفة التي يمكن ان تاخذ تونس الى بر الامان و لعب الزمن دوره في خلال ربع قرن و كشف حقيقة المخادعين و ظهر حجم المتسللين الذين لم يتجاوزوا القط رقم الواحد في كل الانتحابات مما جعل الرئيس يُعيد النظر من جديد فيمن أمّنهم على ارواح الناس و ارزاقهم ...و كانت الطامة الكبرى .... النتيجة مخيفة ...و الحصيلة تقشعر لها الابدان ....أرقام مفزعة ....انتحارات بالجملة .....طوابير الطلاق لا تنتهي امام المحاكم .....و صفوف الحوامل العازبات امام المستشفيات لا تتوقف .....معدل الجريمة في ازدياد ....اصابات الايدز في المجتمع كالنار في الهشيم ....نصف الشباب عاطل و النصف الاخر يأكل الفتات او يموت في البحر غرقا....اما ظاهرة العنف تفشت في البيت و المدرسة و الملاعب . تونس تغرق ....و الرئيس يقرر في صمت و دون الهمس لاحد ....يريد ان يتحرر من المخادعين ...ولكن بهدوء ...انهم يملكون معظم الملفات و اسرار الدولة ...و رب هفوة ستغرقه كما غرقت البلاد.....و ساعده على هذه الجرأة و الخطوة الاستباقية التوجهات العالمية الجديدة نحو التغيير . المعادلة الجديدة و رياح التغيير : ان يتولى مقاليد رئاسة الولاياتالمتحدة رجل أسود من أصول إفريقية و ذو جذور إسلامية لأمر غير اعتيادي و يحتاج لفهم أبعاد هذا الانقلاب في المعايير و الموازين ، و اعتقد ان سياسة التطرف و العنف الشديدين التي تبناها سابقه بوش أثبتت مما لا يدع مجالا للشك فشلها و خلخلة الثوابت و زعزعة الاستقرار العالمي مما حدى بالرئيس الجديد إعادة التوازن و السلم الدولي و الدعوة لحوار الحضارات لا لصادمها و كانت الشراكة مع العالم الاسلامي من اهم توجهاته الجديدة على نقيض سابقه الذي ينظر للمسلمين بازدراء و احتقار. تركيا حاضنة العلمانية و النموذج الذي يحتذى به في تونس تتصالح مع هويتها و تأسفت للسنين التي ضاعت في محاربتها للاسلام و تبين لها ان هجرتها للدين كانت العامل الاسوأ في مسيرتها الحضارية و سبب تراجعها عن الركب و الالتحاق بالدول المتقدمة ، رئيس الاركان شخصيا في اخر خطاب له يعلن عدم عداوته للاسلام و انه يحترم خيار الشعب ، تركيا شهدت بعدما اختار زعمائها المصالحة مع الاسلام نموا اقتصاديا غير مسبوق و احتراما دوليا غير معهود اذ اول زيارة خارجية يقوم بها الرئيس الامريكي كانت لتركيا باعتبارها دولة اسلامية قوية تُحضى بالاحترام و القبول لدى الجميع و يرجع الفضل في ذلك الى حنكة و حكمة رجالها لما تداركوا سنين الضياع و الفصام . هزيمة الكيان الصهيوتي أمام حركات المقاومة الذي تخشاه الحكومات الكرتونية المجاورة أثبتت جدارة و سلامة الحركات الاسلامية و وطنيتها في الاستماتة و الصمود امام الاعتداء الصهيوني الغاشم و قلب استراتجية الدفاع و الهجوم لدى الكيان و حليفته امريكا ، زعماء حزب الله و حماس في ضيافة مستمرة على البرلمان الاروبي و الكل يستمع للمولود الجديد و الممثل الحقيقي للشعوب العربية و الاسلامية ،المجتمع الغربي تتغير مفاهيمه السابقة و المغلوطة عن الحركات الاسلامية التي استوحاها و تلقاها من قبل الاستخبارات العربية المشبوهة و يقر التعامل معها و لا يبالي بتحذيرات و تهديدات الصهاينة . هنالك تحول جديد في السياسات الدولية و يرجع الفضل في ذلك ظهور توجه اسلامي قوي على الساحة اثبت قدرته على الوجود و احقيته بالمشاركة في رسم سياسة المنطقة و انجازها مثله مثل سائر القوى الدولية الاخرى . الاعتراف ضمنيا ....و تصحيح المسار : الرئيس يعترف ضمنيا بوجود أخطاء و يعمل على تصحيح المسار و ظهر ذلك جليا في ثلاثة مناسبات متتاليات و متزامنات . اعلان القيروان كعاصمة للثقافة الاسلامية و مضمون الخطاب ذا الصبغة التصالحية مع الاسلام و الهوية الذي جاء فيه : سعينا المتواصل من اجل ربط الماضي بالحاضر و العمل على ان تبقى شخصية تونس الدينية و الثقافية حصينة و صامدة و حية متجددة طبقا لما نص عليه الدستور ،و ان تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة و الاسلام دينها و العربية لغتها و الجمهورية نظامها . و في تعليق له أثنى الشيخ القرضاوي على مضمون الخطاب الرئاسي قائلا : كان خطاب الرئيس كاملا . و حضور الشيخ في القيروان هي المناسبة التالية المعبرة عن المضمون التصالحي للرئيس مع الاسلام لان الشيخ شنّ هجوما لا مثيل له على سياسة النظام التونسي العدائية للاسلام و اهله و اليوم يعترف الرئيس بخطأ سياسته و يعتذر للشيخ على طريقة الرؤساء . المشهد الثالث في تصحيح المسار ،اختيار صهره في تحويل المصالحة مع الاسلام و ليس مع الاسلاميين إلى انجازات عملية و قطع الشك باليقين في انشاء اذاعة قرانية و بنك اسلامي و تلفزيون ديني على غرار اذاعة الزيتونة و احسب انه لن يتوقف الى هذا الحد وخاصة اذ اصلح علاقاته مع دول الخليج . اليسار المتطرف يفقد البوصلة ... : زيارة الشيخ القرضاوي بمثابة اخر مسمار يُدق في نعش العلمانية المتطرفة ، كثر الصراخ و العويل و كأنهم فقدوا عزيزا عليهم ، هرولوا في كل الاتجاهات كالمجانين ، سال حبر أقلامهم بغزارة في الصحف رفعوا اصواتهم من على المنابر و نشف حلقهم لتحذير الناس من هول المصيبة التي حلت بالبلاد ...الرئيس يُفكر في التراجع عن الانجازات التي بنيناها بأيدينا ،و افنينا شبابنا فيها ....القرضاوي المتشدد بتونس الحداثة ....و القيروان تُعيد مجدها ....و لما شعروا أنهم كمن ينفخ في المزامير ....انحرفوا و شتموا الالاه و سبوا الرسول ...و ان كان البعض منهم استتاب في الاول و احتج في الثانية و لكن في كل الحالات يبقى موقفهم مُعلّقا الى حين، وأعتقد ان اليسار المتطرف الان يحتضر بعدما عاش قمة النشوة و الانتصار السياسي بتونس لمدة ربع قرن و هي كفاية لحزب صغير يعتمد الخدعة و الدس في تعامله مع الصديق و العدو ...نتوقع منه الصرعات الاخيرة عند ما يلفظ انفاسه المتبقية و يودع عالمه الحسي .
الشريك المتوقع ...و هل تصلح حركة النهضة لذلك ..؟ طفح به الكيل ....و اصبح الرئيس لا يرغب بالمرة في التعامل او الاعتماد على فارس خاسر ، اصبح اليسار المتطرف بالنسبة له كالعبئ الثقيل الذي لا يقدر على حمله أحد ، و تاريخ سيئ في الذاكرة، و ماضي بغيض في الصدر ، و قد أخذ نصيبه من التجربة التي لم نحصد منها سوى الدمار و الخراب ، و لكن عجلة التاريخ تدور، و في السياسة لا وجود لصديق دائم او عدو دائم . إذا....الشريك المتوقع يمكن ان يكون أي شئ و لا يكون علمانيا او يساريا متطرفا و الارجح أن يحمل صفات عروبية اسلامية ليقدر على تنظيف البلاد من اثار جرائم اليسار المتطرف و إعادة تونس الى البيت العربي و الاسلامي بعدما هاجره لطول سنين . تصعب الاجابة ان كانت حركة النهضة تقدر بوضعها الحالي على المشاركة في الحكومة المقبلة رغم توجهها الاسلامي و جهادها الوطني الطويل و المؤلم في نفس الوقت و يُكابر من ينكر تضحيات الحركة و بلاؤها لخدمة البلاد و الاجتهاد في الاصلاح و البناء ، و لكن البلاء كان أكبر من حجمها و الضربة أقوى على التصدي . ليس من السهولة بما كان ان يُصالح النظام عدو الامس و يُشركه في الحكومة بجرة قلم ، المسألة أكبر من ذلك بكثير و لعدة اعتبارات متداخلة و بما ان المقام هنا ليس لتقييم حركة النهضة سلبا او ايجابا،ولكن ليس من المستحيلات ايضا ان تكون الحركة شريكا أساسيا و فاعلا في صناعة القرار و بسط الحريات و كرامة الانسان التونسي التي كثيرا ما نادت بها ...و لكن كل ذلك يتأتى إثر وقفة شجاعة من الحركة في تقييم ذاتها ثم المصالحة مع نفسها و تكون شورية في المحاسبة بصدر رحب و لا تستثني أحدا إلا من أبى و تبني مؤسسات على أسس متينة و تلغي الازدواجية في التعامل بين السري و العلني ، و تُغير بعض الوجوه القديمة بوجوه اخرى جديدة حتى تأخذ صبغة المصداقية و لا يعني ذلك الاستغناء عن الجيل القديم و لكن هي مرحلة لا بد منها . إذا ...ما رفضت الحركة السعي في مواكبة الاحداث و الالتحاق بالركب فإنه من استجابات القدر أن يظهر رجال اخرون و ياخذون بزمام المبادرة ليس بنية شق الحركة الاسلامية و لكن بنية تصحيح المسار و لم الشمل . الحركة الاسلامية ...و المقاومة الذكية ... : عناصر الحركة الاسلامية لا يحرصون على تولي مناصب بقدر ما يأملون بالعيش في حياة كريمة تسودها الحريات و تضمن حق الانسان في الحركة و التعبير و العبادة و لا ضرر عندهم فيمن يحكمهم إذا ما ضمن للناس حق الحياة و حق الحرية و حق الانسان ، و كلما ابتعد الحاكم عن هذه الحقوق الاساسية كلما اشتد عود المقاومة و تبقى شوكة في حلقه لانه ينكر عليها حقها في الحياة التي وهبها الله للخلق و بدون اسثناء . أسئلة مشروعة... : هل يقبل اليسار المتطرف بمثل هذا السيناريو بعد ربع قرن من المكايدات و ينسحب بسهولة من الساحة بعدما كانت السلطة بين يديه و أمره مُطاع ...؟ هل يملك الرئيس التونسي القوة و القدرة على طرد شركاء الامس دون تبعات جانبية ...؟ ما هي القوة الحقيقية لليسار داخل أجهزة الدولة و خاصة السيادية منها و الحساسة ....؟ هل حقيقة لا يملكون خلايا نائمة و غير مكشوفة طيلة ربع قرن من الدس و المكيدة و الخداع في أروقة الدولة ؟ لقد خدعوا الرئيس سابقا و ما المانع في أن يخدعوا غيره وأقل شأن ؟ هل التاريخ يعيد نفسه و ينقلب السحر على الساحر ...؟ أو كما تدين ،تدان ...؟ هل يتصالح الرئيس مع الشعب و الهوية ....و ما ثمن ذلك ..؟ هل الحركة الاسلامية مستعدة لملئ الفراغ في حالة الاستغناء عن المتطرفين و حمايته من غدرهم ..؟ الايام القادمة حبلى بالمفاجات و الاحداث و الزمن جزء من العلاج كما علمنا أجدادنا ... حمادي الغربي