– ناشط حقوقي - تونس تمهيد ضروري قبل الرد على فريد خدومة بعد قرائتي لما نشره فريد خدومة في موقع الفجر نيوز ثم في موقع تونس نيوز ، أبى قلمي إلا أن يدلو بدلوه في الرد على كلامه الذى عج بالإفتراءات والمغالطات ، رغم تعففى عن الدخول في مثل هذه النقاشات التى لا تفيد بل تحدث العكس تماما ، وقد سبق أن إكتوى الإسلاميون بنارها وأججت بينهم الفتنة والإختلاف .
وقبل الشروع في التعليق ما كتبه فريد خدومة أريد أن أقدم الملاحظات التالية :
طيلة العشرية الأخيرة وخاصة بعد أن أتيحت شبكة الإنترنت للجميع ، تسابق الإسلاميون التونسيون للكتابة وإستثمار هذا المجال ، فواكبنا نقاشاتهم وردودهم والتى لم تخرج في أغلب الأحيان عن تقييم مرحلة المحنة التى يمرون بها ، فمنهم من أحال مصائب الإسلاميين إلى استبداد السلطة ومنهم من رأى أن الخطأ يكمن فيهم ، ونتج عن هذين الرأيين موقفين واتجاهين متناقضين .
فالإتجاه الأول الذى إعتبر الكرة في ملعب السلطة ، حملها المسؤولية الأولى في إندلاع المواجهة وإن لم يعفى الحركة الإسلامية تماما وإعتبر أن إنهاء الأزمة بين الحكم وبين التيار الإسلامي مفاتيحه بيد السلطة وحدها لأنها من يملك القرار بوقف إنتهاكاتها وإعادة الحقوق لإصحابها والتخلى عن سياسة الإقصاء والحلول الأمنية وأكد هذا الإتجاه أن الإسلاميين في تونس قدموا على مدار المحنة التى لحقتهم مؤشرات ومبادرات لإنهاء الأزمة مع السلطة ولكن الأخيرة خيبت كل المساعى وقطعت الطريق على أي تفائل وقد كان إطلاق سراح الدفعة الأخيرة من أبناء حركة النهضة ثم إعادة الدكتور الصادق شورو للسجن من الأدلة على أن السلطة لا تريد الإنفتاح على الإسلاميين ، وتعتبر هذه الرؤية هي الغالبة والمؤثرة داخل التيار الإسلامي .
في المقابل يرى الإتجاه الثاني أن الحركة الإسلامية هي من تتحمل المسؤولية كاملة عن اندلاع المحنة وإنهائها ، مما حدى ببعضهم إلى تزكية الحكم وتوجهاته والإعلاء من شأن منجزاته وقد ذهب بعضهم في ترسيخ هذا المعنى إلى تصوير الوضع في تونس (كجنة فوق الأرض) حتى أن بعضهم قدم تونس كأفضل من بعض الدول الأوروبية المتقدمة ، وذهبوا إلى أبعد من ذلك حيث شككوا في البيانات الحقوقية حول تجاوزات السلطة في مجال حقوق الإنسان وفي كل المجالات ، بالرغم من أنها صدرت عن هيئات تونسية مستقلة ، وقد إعتبر بعضهم أن تلك البيانات من قبيل البيانات المناوئة والحاقدة ، وقد واكبنا كتاباتهم على شبكة الإنترنت والتى كانت تصب في خانة خدمة السلطة رغم محاولات بعضها الظهور بمظهر الناقد ، وتعتبر هذه الرؤية محدودة وقد تراجعت كثيرا بعد تجارب البعض في العودة إلى تونس وإصطدامه بممارسات السلطة والتى مازالت تعتبر الإسلامي ملفا أمنيا ليس أكثر .
تابعنا هذا التنازع على شبكة الإنترنت والذى كان في مرحلة أولى يشبه الترف الفكري ثم تحوّل إلى إحتراب ساخن وتناطح غير مقبول في مرات كثيرة .
، في أثناء ذلك كان إسلاميون الداخل يكتوون بنار الظلم والقمع والإستبداد والحاجة وضيق العيش ومكابدة الأمراض والموت البطيء جراء السجون والتعذيب وملاحقة البوليس، ولكنهم تحملوا مسؤولياتهم كاملة تجاه إخوانهم ممن شاركوهم المعاناة ، وتسلحوا بسلاح المبادرة والفعل والتحرك على أرض الواقع مشمرين على ساعد الجد رغم كل العقبات والصعاب والقمع والتنكيل ، وذلك من أجل تجاوز المحنة ومخلفاتها ، وعملوا في كل المجالات متوكلين على الله ومتحدّين أعباء الواقع وجراحاتهم وآلام عائلاتهم ، مؤمنين فقط بإسلامهم لا بإنتماءاتهم الحزبية معتبرين أن المحنة كانت ضرورة شرعية وإنسانية ، لأن طريقهم ، (طريق ذات الشوكة) وعلى هذا الأساس إنطلقوا ، وقد حققوا وبأقدار متفاوتة إنتصارات في مجالات عدة كمجال العمل المشترك ومجال حقوق الإنسان ، واقتحموا هيئات المجتمع المدني بشتى تشكلاته الجمعياتة والحزبية والإعلامية وحققوا نجاحات في مجال التحصيل العلمي ومواصلة الدراسة وكانوا في كل ذلك متكافلين متناصحين متعاونين لا سلطة لأحد على أحد ولا إمرة لفرد على آخرين ، لم ينتظروا وهم يتقدمون في ذلك مساندة أو معونة وكانوا مؤمنين بقدرهم الجديد غير عابئين بالإحتراب الذى يرمقونه بإمتعاض على صفحات الأنترنات ، ولكنهم في ذلك لم يكونوا على خط واحد ، فمنهم من إستقل بذاته ومنهم من إنخرط في جمعيات وأحزاب رأى فيها ذاته ومستقبل وطنه ومنهم من بقي يتحسس الطريق ومنهم من أجل الفعل ليوم موعود كما يتصور هو ومنهم ..ومنهم ..ومنهم ، ولكنهم جميعا لم يزكوا هذا الواقع ولم يبرروا أعمال السلطة التى طالما أذاقتهم الويلات .
أما أولائك الذين آوتهم المهاجر فقد عمل الكثير منهم على تضميد جراح إخوانهم وذلك بمواساتهم تارة والشد على أيديهم تارة أخرى ، بينما تناسى البعض منهم إخوانه ، بل إن البعض منهم قام بدور العراب ومحامي الشيطان .
تفنيد إدعاءات وإفتراءات فريد خدومة تذرع الأخ صاحب موقع الفجر نيوز بحرية التعبير وابداء الرأي في نشر ما قيل أنه كتاب وهو لا يرقى إلى هذا الوصف كما يقول كثير ممن إستطلعنا رأيهم ، والذى كان تحت عنوان "نيران صديقة:رسالة من إسلاميي الداخل إلى الشيخ راشد الغنوشي ومنه إلى بقية الشعب التونسي" ، وقد واكبت بعض ردود الفعل تجاه ما قاله فريد خدومة ، حيث إعتبر بعض الإخوة أن تلك المقالات التى لا يجمعها موضوع ، لا تعدو إلا أن تكون تقريرا بوليسيا أو محضر بحث صيغ في محلات وزارة الداخلية ، وقد تلقفه موقع الفجر نيوز معتبرا إياه سبقا صحفيا وهو للسبق البوليسي أقرب ، ثم نقلته تونس نيوز لتزيد الطين بلة ولتحشر عديد الإسلاميين ممن إستقلوا بأعمالهم ونضالتهم بعيدا عن التنظم الإسلامي ، تحت دائرة الضوء والمسائلة ، وذلك بسبب أكاذيب وإفتراءات ليس لها في الواقع أي أصل .
فأي معنى لحرية الرأي والتعبير والذى رفع شعارها موقع الفجر نيوز إذا أصبح كل إسلاميي الداخل توجه لهم سهام التهم الوضيعة والباطلة ، وتوجيه تهم الإنصياع لدوائر الإستخبارات الغربية لإسلاميي الخارج ؟؟؟؟؟؟؟؟
لقد أكد لي كل الإخوة الذين تحدثت معهم أن ما إدعاه فريد خدومة بحقهم هو مجرد أكاذيب وإفتراءات ضد أفراد ما زالوا على قيد الحياة ، ولكن الإشكال القائم يكمن في رد الإعتبار لهؤلاء الذين تقوّل عليهم بعدما صوّرهم بعقل مريض في صورة لا تليق بمقاماتهم وقدرهم عند إخوانهم وعند الناس ، في مسعى لتشويه سيرتهم بالكذب والبهتان .
وقد أكد الدكتور زيادة الدولاتي أن محتوى رسالته إلى السلطة هو محض إفتراء وكذب، أما لطفي الحيدوري فأكد أنه لم يعرف في حياته مطلقا لا سكرتيرا سياسيا في إدارة أمريكية ولا سفيرا أمركيا وأن كل ما قاله عنه فريد خدومة هو كذب محض .
أما سامي نصر فليس له علاقة بحركة النهضة من قريب أو بعيد ، ثمّ أن محاكمته سابقا لم تكن في إطار قضية النهضة أصلا ، فقد أتهم وحوكم في قضية حزب التحرير وهو ما يجهله فريد خدومة الذى يدعى البحث والكتابة وغيرها من الألقاب الجوفاء، أما سامي براهم فقد نفى أي علاقة بأي عمل منظم ومن أي نوع كان ، وقد حز في نفسه الكذب البواح الذى رماه به فريد خدومة ، واستهجن حشره في ما لا علاقة له به أصلا ، ذلك أنه لم ينشط إلا في ما يخص مجال تخصصه العلمي فقط بعيدا عن أي تنظيم أو وصاية .
وقد قمت بالإتصال بجل من وردت أسمائهم في ما كتبه فريد خدومة فأبدوا إستخفافا وإزدراء بما قرئوا معتبرينه تقريرا بوليسيا بإمتياز رغم إيمانهم بأن فريد منزه عن ذلك إلا أن ما كتبه لايخدم إلا البوليس السياسي ، وإستغرب بعضهم كيف يسمح الموقع لنفسه في نشر كلمات وعبارات غير مؤدبة من مثل "الصعاليك الجدد من الإسلاميين" وهو الذى رفع شعار (الكلمة الواعية والملتزمة والخبر اليقين والمنهج الحضاري الذى يسوده الإحترام المتبادل وبدون تجريح ) ، كما عبر بعضهم عن إستهجانه لما نشره الموقع على لسان فريد خدومة من إنصياع حركة النهضة إلى "شروط دوائر الإستخبارات الغربية" ، وإعتبروا أن ذلك لا يخرج إلا عن قلب حاقد ولسان يهذى .
وعلّق البعض على كلام فريد خدومة : "تغييب بعض أسماء رموز من مثل كركر وشمام ، كل ذلك إسترضاءا للآخر الذى سمح للحركة للإقامة فوق أراضيه" ، بأن هذا الكلام لا يندرج إلا ضمن عقلية التخوين وكيل التهم بالمجّان بالتبعية للآخر أين يقيم بعض الإسلاميين .
لقد تهجّم فريد خدومة في تقريره على الجميع من فعاليات الساحة الإسلامية ونال من رصيدهم وسمعتهم وذلك بقلب الحقائق وكيل وابل من الإفتراءات بحقهم ، وإذا تتبعنا كل ما كتب وجدنا الهنات بادية في ظاهر حديثه ، حيث لم يعطي للذين حاولوا إعادة تشكيل الحراك الإسلامي أي قيمة لفعلهم ، وحصر الفعل الحقيقي في ما يدعيه من فعل هو في الجانب الثقافي فحسب .
وقد طرح بعض ممن رماهم خدومة بسهامه ، سؤالا حول على تعليق نور الدين العويديدي على كلام فريد خدومة بقولهم : هل أنه قرأ التراهات قبل التفكير في التعليق عليها سلبا أو إيجابا ، وتأجيج الفتنة ، ؟؟؟؟؟ وهل لاحظ بعد ذلك وقبله التشويش الذى كان عليه ما قيل أنه كتاب ؟؟؟؟؟
وقد دعا بعض الإخوة ممن تحاورت معهم ، كل المناوئين في الداخل والخارج ممن يصطادون في الماء العكر بالكفّ عن تقديم المحاضر البوليسية ، وهم يدعون أيضا كل من نشر كلام فريد خدومة لإزالته من موقعه الإلكتروني ، وهم لا يعتبرون ذلك من قبيل مصادرة الرأي وحرية التعبير ، وإنما يتنزل في إطار : إزالة الكذب وعدم الإصرار عليه -
للمحافظة على سلامة إخوانه -
رد الإعتبار لأفراد ومساجين سابقين وقع النيل منهم ومن رصيدهم بطريقة طفولية عابثة - بعد أن كيلت لهم شتى الإفتراءات الحاقدة .
قال الشاعر : ما عبَّرَ الإنسَانُ عن فضلِ نفْسِهِ ** بمثلِ اعتقادِ الفضلِ في كلِّ فاضلِ وليسَ من الإنصافِ أنْ يدفعَ الفتى ** يدَ النَّقصِ عنهُ بانتقاصِ الأفاضل