وصفت أطراف سياسية ليبية قرار مؤتمر الشعب العام (البرلمان) الليبي أمس بإقصاء النائب العام محمد المصراتي من منصبه وتعيين وزير العدل السابق عبد الرحمن العبار بدلا منه، بأنه جزء من ظاهرة الكر والفر التي تعيشها ليبيا منذ عدة سنوات بين دعاة الإصلاح والانفتاح وقادة الثورة الأوائل. وأكد مصدر سياسي ليبي معارض تحدث ل"قدس برس" وطلب الاحتفاظ باسمه، أن إقصاء مؤتمر الشعب العام لمحمد المصراتي من منصب النيابة العامة، يعتبر انتصارا سياسيا لرئيس مؤسسة القذافي للتنمية سيف الإسلام القذافي، الذي كان قد آلمه كثيرا قرار المصراتي باعتقال جمعة عتيقة على خلفية علاقته بالتنظيم المعارض الذي كان قد نفذ عملية اغتيال في حق السفير الليبي في روما عام 1984، وقال: "لقد مارس سيف الإسلام ضغوطا كبيرة ولعب دورا مهما عن طريق مؤسسة القذافي للتنمية في دفع لجنة الشؤون القانونية لتفتح معه تحقيقا بخصوص ظروف وأسباب واجراءات اعتقال جمعة عتيقة التي كانت الجمعية تراها بأنها غير قانونية". وأشار المصدر إلى أن جمعة عتيقة الذي يحمل أفكارا قومية بعثية والذي كان قد انخرط في المعارضة في ثمانينيات القرن الماضي قبل أن يعود إلى ليبيا ليقضي سبعة أعوام في السجن قبل أن يخرج منه في عملية تاريخية تعرف في ليبيا بعملية "أصبح الصبح"، والتي قاد فيها الزعيم الليبي معمر القذافي شخصيا عملية إصلاحية تاريخية بأن أطاح بسجن أبو سليم وأطلق سراح المعتقلين السياسيين ومنهم جمعة عتيقة، الذي استمر في عمله الحقوقي واقترب من سيف الإسلام الذي تمكن هو الآخر من استقطابه ليقوم بدور محوري في إقناع عدد من المنظمات الحقوقية الدولية بزيارة ليبيا من خلال رئاسته لجمعية حقوق الإنسان في مؤسسة القذافي للتنمية، على حد تعبيره. وأكد المصدر أن ما يدعو إلى اعتبار عملية إقصاء المصراتي من النيابة العامة مجرد عملية كر وفر بين تياري الانفتاح والمحافظة، هو أن المصراتي نقل من النيابة العامة إلى مدير جهاز الأمن العام التابعة لوزارة الأمن العام التي تتولاها شخصية راديكالية من الوزن الثقيل، ويتعلق الأمر باللواء الركن عبد الفتاح يونس، الذي يعتبر واحدا من رجالات الدولة الأقوياء، وهو عمليا المسؤول المباشر عن عمل المصراتي، كما قال. وذكر المصدر أن إقصاء المصراتي من منصب مهم بحجم النيابة العامة ليس هو الأول من نوعه في ليبيا، فقد سبق للزعيم الليبي قبل عامين أن أقال الأمين العام المساعد لمؤتمر الشعب العام أحمد ابراهيم، الذي يعتبر من الشخصيات المهمة في القيادة الليبية، كما قال. وفي لندن اعتبر الناشط السياسي الليبي نعمان بن عثمان في تصريحات خاصة ل "قدس برس" أن إقصاء المصراتي من منصب النيابة العامة ونقله إلى جهاز الأمن العام، يعكس تراكما لعملية الإصلاح التي قال بأن الزعيم الليبي معمر القذافي هو من دشنها عام 1988، وقال: "لقد كانت البداية الحقيقية للإصلاح في ليبيا في 2 آذار (مارس) عام 1988 فيما يعرف ب "أصبح الصبح"، لبداية الإصلاح ومراجعة آداء المرحلة السابقة، والتي قادها الزعيم الليبي معمر القذافي نفسه حين ذهب إلى مقر جوازات السفر ومزق قوائم الأسماء الممنوعة من السفر، ورمى جوازات السفر المحجوزة من النافذة أمام كاميرات التلفزيون، وكان قبل ذلك بومين قد زار سجن أبو سليم وحطمه بالبلدوزر وأطلق سراح المعتقلين السياسيين"، على حد تعبيره.