الرباط:بدأت قضية سحب حزب الأصالة والمعاصرة، الحديث النشأة، تأييده للحكومة المغربية، والتحاقه بصفوف المعارضة البرلمانية، تأخذ أبعادا سياسية ليس بمقدور أحد التكهن بالمآل الذي ستنتهي إليه في خضم الحراك السياسي الحالي المشحون بأجواء الحملة الانتخابية الممهدة للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها يوم 12 يونيو (حزيران) الجاري.فقد اتهم عباس الفاسي، رئيس الوزراء، حزب الأصالة والمعاصرة ب«التشويش»، معبرا عن استغرابه «لانتقال حزب جديد كان ضمن الغالبية الحكومية إلى صفوف المعارضة رغم ترضيته»، في إشارة إلى تطويق قضية الفصل 5 من قانون الأحزاب، الذي كان موضع جدل قبل أن يحسم فيه القضاء لصالح «الوافد الحزبي الجديد». وأضاف الفاسي، في تصريح للقناة التلفزيونية الأولى، بثته الليلة قبل الماضية، بعد عودته من ليبيا: «حزب جديد، أنصفه القضاء، والحكومة أيضا، وأنصفه وزير الداخلية، وترك له الحق في عدم تطبيق الفصل الخامس من قانون الأحزاب، وبذلك استطاع النواب الذين التحقوا بهذا الحزب أن يترشحوا (للانتخابات البلدية)، بينما غالبية الأحزاب تريد تطبيق الفصل الخامس من قانون الأحزاب، ومع ذلك تمت ترضية هذا الحزب». وتابع الفاسي قائلا: «في الوقت الذي تمت فيه ترضية هذا الحزب، أعلن هذا الأخير عن التحاقه بالمعارضة، هذا تشويش». وأضاف: «لم أعرف سابقة، لا في المغرب، ولا في الخارج، أن يكون حزب في الأغلبية، ويلتحق بالمعارضة أثناء الانتخابات. هذا تشويش كذلك». وبدا الفاسي سعيدا وواثقا من نفسه، وهو يعبر عن اعتزازه بتجديد الثقة الملكية فيه، وفي حكومته، لمواصلة ومضاعفة الجهود، للنهوض بالإصلاحات والأوراش الكبرى. وقال الفاسي إن تجديد هذه الثقة «رسالة موجهة إلى الوزير الأول (رئيس الوزراء)، وللحكومة وللمشهد السياسي، وبكيفية غير مباشرة للشعب المغربي قاطبة»، معبرا عن اعتزازه بالاتصال الهاتفي الذي تلقاه من العاهل المغربي، الذي جدد فيه الملك محمد السادس توجيهاته الرامية لإجراء العمليات الانتخابية في نطاق من النزاهة وسيادة القانون. وأبرز الفاسي أن هذه التوجيهات تؤكد الحياد المطلق للسلطة من أجل تحقيق انتخابات بلدية نزيهة، لكونها تكتسي أهمية قصوى بالنسبة للحياة اليومية للمواطن ولمستقبله، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. وأكد الفاسي حرص حكومته على تنفيذ التعليمات الملكية، مشيرا إلى أن موضوع الانتخابات تم التطرق إليه بإسهاب في إطار الحكومة، وكذا في لقاءات ثنائية مع وزيري الداخلية والعدل، حيث تم التأكيد على «تطبيق القانون بكيفية صارمة». واستغل الفاسي ظهوره في التلفزيون في ثالث يوم للحملة الانتخابية، لينتقد ما أسماه ميل «بعض الأحزاب»، من دون أن يسميها، إلى إضفاء صبغة «الانتخابات التشريعية» على الانتخابات البلدية المقبلة، التي هي مناسبة لمحاسبة أداء المجالس البلدية على حصيلة عملها، موضحا أن الانتخابات التشريعية لعام 2012، ستكون موعدا لتقييم أداء الحكومة. وفي أول رد فعل له على تصريح الفاسي للتلفزيون المغربي، علق الدكتور محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة قائلا «إننا نستغرب لما قيل عن ترضيتنا، بعد أن قال القضاء كلمته، وفصل في الموضوع»، مذكرا أن إخراج الحكومة للفصل 5 من قانون الأحزاب، 4 أيام قبل إيداع لوائح الترشيحات الانتخابية، كانت بالفعل عملية تشويش من طرفها». وأضاف بيد الله أمس في تصريح ل «الشرق الأوسط» أن سحب تأييد حزبه للحكومة جاء بعد قرار متأن، معتبرا ذلك «عملية عادية بالنسبة للديمقراطية، ونحن نريد أن نطبع العملية السياسية، بصفة عامة، وتطبيعها يقتضي تفهم التحركات السياسية بذكاء». وقال بيد الله: «لقد استغربنا في حزب الأصالة والمعاصرة، استعمال الفاسي لكلمة تشويش 3 مرات في تصريحه التلفزيوني». وردا على سؤال بشأن التفكير في طلب حق الرد، أجاب بيد الله أن قيادة الحزب قررت عقد لقاء أمس لدراسة الصيغة أو الكيفية التي ينبغي التعامل بها «مع هذا التصريح الغريب»، حسب تعبيره.