"هاكرز" يخترقون انظمة مطارات في امريكا وكندا ويبثون رسائل ضد إسرائيل    مونديال 2026: بيع أكثر من مليون تذكرة من خلال مرحلة البيع المسبق بواسطة فيزا    هذا ما قرره القضاء في حق رجل أعمال معروف..#خبر_عاجل    مشروع قانون المالية 2026.. إعفاء جبائي لفائدة صغار الفلاحين ومعلبي زيت الزيتون    مشروع قانون المالية 2026: ضريبة جديدة على الثروة لتعزيز العدالة الجبائية بين الأفراد    نحو شراكة تونسيّة أوروبيّة في مجال الادوية    قضية تهريب المخدّرات في سيارة إسعاف : التحقيقات تكشف قائمة جديدة من المتّهمين    وفاة الممثل علي الفارسي    «جرس» جديد المسرح الوطني التونسي    في دورته الثالثة...المهرجان الوطني للمسرح التونسي يحطّ الرّحال بتوزر    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    طعنة قاتلة تنهي حياة شاب بصفاقس: النيابة تأذن بإيقاف 3 متهمين    إعلان هام من وزارة الفلاحة..    الرابطة1/ الجولة10: تعيينات الحكّام..    عاجل/ أحداث قابس: البرلمان يعقد جلسة حوارية مع رئيسة الحكومة    عاجل/ إطلاق نار أمام سفارة مصر في تل أبيب    عاجل/ إنطلاق التسجيل بالمراكز العسكرية للتكوين المهني..    عاجل/ قتل زوجته خنقا ثم أوهم بانتحارها    سابقة في المغرب العربي: تونس تحقّق نجاحا طبيّا جديدا.. #خبر_عاجل    الأمين جمال يقتحم عالم النخبة المالية في كرة القدم    مجموع ثروات المليارديرات العرب يبلغ 122.1 مليار دولار ... السعودية في الصدارة.. فمن الأكثر ثراءً في العالم العربي؟    بورصة تونس تقفل معاملات الخميس على تراجع    أولا وأخيرا .. الدفلى والخروع والبلًوط    عاجل: 35 آلة كشف جديدة تصل مطارات تونس لتعزيز الأمن!    محمد صلاح وريهانا يتصدران الترند بفيديو مزيف    إعادة فتح مكتب بريد المهدية هيبون من ولاية المهدية    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    السموم الرقمية: خطر صامت في حياتنا اليومية...كيف نتخلّص منه؟    عينيك جافة؟ اكتشف الأسباب والحلول السهلة    عاجل: نجاح أول زرع كلية محوّلة بالفصيلة بين متبرّع ومتلقي غير متطابقين    عاجل/ حالات اختناق مجددا.. هذه آخر مستجدات الوضع في قابس..    الشمال على موعد مع أمطار متفرقة اليوم بينما الجنوب يشتعل بالحرارة    شوف الأندية التونسية على الميدان: دوري أبطال إفريقيا وكأس الكاف الويكاند!    عاجل: مشروع قانون المالية يضمن قروضا لصغار الفلّاحين    تفاصيل مهمة على القمة الروسية العربية المرتقبة قبل نهاية 2025    عاجل في مشروع قانون المالية: الدولة تدعم زيت الزيتون المعلّب    حساسية الخريف: حاجات طبيعية تخليك تودع ''العطسة ''و ''احتقان الخشم ''    مباراة ودية: الكشف عن موعد مواجهة المنتخب الوطني ونظيره البرازيلي    الترجي الرياضي: غيابات بالجملة في رحلة بوركينا فاسو    بن عروس: برمجة رش 550 هكتارا من الزياتين بمادة المرجين    بعثة تونس الدائمة في الأمم المتحدة تدعو إلى ضرورة إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية    انطلاق حملة النظافة بموقع أوذنة في اطار برنامج صيانة التراث المادي والمعالم التاريخية    المنستير: تظاهرة ذاكرة حيّة: التراث غير المادي بالمكنين "يوم غد الجمعة بالمتحف الاثنوغرافي بالمكنين    جريمة مروعة: تسلل الى منزلها بهدف السرقة فأنهى حياتها..    مشاركة محافظ البنك المركزي التونسي في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي بواشنطن    مدينة تستور تحتضن الدورة التاسعة لمهرجان الرمان من 29 اكتوبر الى 2 نوفمبر 2025    السباحة الأسترالية تيتموس تعتزل بشكل مفاجئ    تصفيات مونديال 2026: مباريات الملحق الافريقي من 13 الى 16 نوفمبر المقبل    أزمة جثث الرهائن.. إسرائيل تقرر تأجيل فتح معبر رفح    قابس: يوم غضب جهوي احتجاجا على تردي الوضع البيئي    الجديد على الفواتير في المساحات الكبرى: كل ما تشري فوق 50 دينار فما معلوم جديد.. شنيا الحكاية؟    لأول مرة منذ 20 عاما.. جواز السفر الأمريكي يفقد بريقه    طقس اليوم: أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 20 و32 درجة    الاحت.لال يستلم جثماني أسيرين    محمد بوحوش يكتب:صورة الأرامل في الأدب والمجتمع    باحث تونسي يتصدر قراءات العالم الأكاديمية ويحصد جائزة «Cairn / الفكر 2025»    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في البلقان.. أطفال يبحثون عن آبائهم العرب
نشر في الفجر نيوز يوم 11 - 06 - 2009

سراييفو/ عبد الباقي خليفة(الإسلام اليوم)الفجرنيوز:على الرغم من مرور نحو (15) عاماً على انتهاء الحرب في البلقان، والتي راح ضحيتها أكثر من نصف مليون مسلم في البوسنة والهرسك وحدها، إلاّ أن معاناة النساء البلقانيات اللاتي تزَوَّجْن من شباب عرب، مازالت مستمرة حتى الآن؛ فالحرب دفعت الأزواج للعودة إلى
بلدانهم، مخلّفين وراءهم تركة ثقيلة، هي الأبناء، حيث تؤكد مشاهد هؤلاء النساء مع أطفالهن السمر وشديدي السمرة أحياناً، أن العرب مروا من هنا .
ويوجد هؤلاء الأطفال في صربيا وكرواتيا ومقدونيا ورومانيا وبلغاريا، وكذلك في البوسنة وكوسوفو وألبانيا، كما ينتمي آباء أبناء البلقانيات العرب إلى مختلف الدول العربية، ما بين سوريين، وعراقيين، وسودانيين، ومصريين وغيرهم .
وقصص أبناء العرب من بلقانيات كثيرة، ومختلفةٌ من مكان لآخر؛ فليس كل الزوجات السابقات يَرْغَبْنَ في تواصل أبنائهن مع الآباء، وإنما هناك حالات كثيرة، تم فيها طَرْدُ الأب بسبب وِشَايَةٍ من الزوجة، كما حصل لعراقي في صربيا؛ حيث اتَّهَمَته زوجته السابقة بمحاولة تجنيدِ أبنائِه، وإرسالِهم للقتال في العراق، وذلك لإبعاده من حياتهم بِطَرْدِهِ من صربيا .
وفي المقابل هناك مَنْ رفضت تغيير أسماء أبنائها العربية، وحاولت البحثَ عمن يحتضنهم من العرب، ويحافظ على هُوُيَّةِ والدهم دون جدوى، كما هو الحال في عددٍ من الحالات بكرواتيا. وإن كانت هذه حالاتٍ قليلةً، فإن معظم النساء والأبناء – في الحد الأدنى-يرغبون في التواصُلِ مع الأب أو أسرته في حال موته، كما هو الحال مع هذه القصص التي يرويها أبطالها لشبكة (الإسلام اليوم) .

فقط.. أريد حضنه !
البداية كانت مع منيرة زاغوراتس (48 سنة) والتي كانت -كما تقول- زوجة لشخص سوداني، من بور سودان، ولها منه ابن في سن الخامسة عشرة يُدعى كريم، حيث لخصت مشكلتها قائلة: "لا توجد في بلدنا سفارة سودانية، لأسأل عن زوجي حتى يتصل بابنه الذي يحتاج إليه في هذه السن". واشتكت منيرة من ضيق ذات اليد، حيث لا تعمل، ولا يوجد من يساعدها على تربية ابنها، الذي يتَلَقَّى تعليمه في السنة الرابعة ثانوي .
وعن كيفية تعرُّفِها على زوجها قالت: "كان ذلك سنة 1989؛ حين كان طالبًا بكلية الطب التي التحق بها عام 1988، وعندما بدأت الحرب سنة 1992 عاد للسودان، وتحديدًا في 22 ديسمبر من ذلك العام، ولم يكن وحيدًا، فأغلب الطلبة الأجانب عادوا لبلدانهم عندما بدأت الحرب في يوغسلافيا السابقة ".
وأكدت منيرة بأنها كانت حاملًا عندما سافر زوجها، وأنه كان يعلم بذلك، ووضعتْ مولودها في 5 فبراير 1993 .
بدوره قال كريم: "أنا أريد أن أرى أبي، وأن أمشي معه في الشارع، لا أريد منه شيئاً.. فقط أن أَحْضِنَهُ بقوة وأُقَبِّلَه". وعما إذا كان غاضبًا من أبيه، يقول كريم: "لست غاضبًا حتى الآن، ولكني لا أريده أن يتأخَّر أكثرَ مما فعل حتى الآن"، وتابع: "أريد أن أسمع صوته، وأن يُبَشِّرَني بأنه سيأتي، أو يطلب مني زيارتَهُ أينما كان، سواء في السودان، أو أي مكان آخر في العالم ".

البحث عن عائلة
أما نرمين (31 سنة) فذكر ل(لإسلام اليوم) أن والده التونِسِيَّ الجنسية كان مقيمًا في البوسنة، وشارَكَ في الحرب؛ حيث قُتِل في سنة 1992، مُشِيرًا إلى أنه يشك في أن عائلة والده تعرف أنه قُتِلَ في البوسنة التي قدم إليها وعمره (21) سنة .
وأعرب نرمين عن رغبته في معرفة أسرته في تونس (أسرة والده)، لكنه لا يملك أيَّ وثائق أو معلوماتٍ عنهم .
وعما إذا كان يحتفظ بجواز سفر والده أو وثائق تثبت هويته قال: "أثناء الحرب كنت صغيرًا، وجاء أناس إلى أمي، وطلبوا جميع وثائق والدي على أساس أنهم سيُسَلِّمونها للسلطات التونسية، ويخبرون أسرته بِمَقْتَلِه، ولكنني الآن أَشُكُّ في ذلك، فمن جاء لاستسلام الوثائق، بما فيها جواز السفر، ربما استخدموا تلك الوثائق لأغراض خاصة أو باعوها". وتابع: "التقيتُ أناسًا كثيرين، وبعضهم وعدني بالمساعدة، ولكن دون جدوى "!
واستطرد قائلاً:"خطأ أمي أنها صدَّقَتِ الذين أخذوا منا تلك الوثائق، وإلاّ لكان لنا اليوم سَنَدٌ يمكن أن يساعدنا على معرفة أسرة والدي ".
ويملك نرمين محلاً لِبَيْعِ المأكولات السريعة، ويتلَقَّى راتبًا من الدولة. وعن كيفية قضائه فترةَ صباه بعد مقتل والده، قال: "قضيتُ طفولتي داخل ملجأ حتى بلغت سن الثامنة عشرة، ولم أستطع إنهاءَ تعليمي الجامعي، فاتجهت للتجارة، وأنا بخيرٍ اليوم والحمد لله". وعَبَّرَ عن رغبة كبيرة في معرفة أسرة والده والاتصال بهم، مُؤَكِّدًا أنه لا يريد من أسرة والده شيئًا فهو بخير، وظروفه المادية جيدة، قائلًا: "لا أريد منهم شيئاً، أرجو معرفتهم والتواصُلَ معهم فقط ".

رحلة معاناة
أما جيينا ديديتش (31 سنة) فلها قصة مختلفة نسبيًّا، فزوجها المصري تَمَّ اختطافه من البوسنة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وتم نقله إلى أفغانستان، ومن ثم تسليمه للاستخبارات المصرية، والتي وضعته في السجن رَدْحًا من الزمن، قبل أن تُخَلِّي سبيله. وقد انفصلت جيينا عن زوجها بسبب ظروفه الأمنية وحالَتِهِ النفسية، لكنها مُثْقَلَةٌ بأربعة أطفال هم محمد (14 سنة)، وأمينة (13 سنة)، وعبد العزيز (11 سنة) وإسماعيل (10 سنوات ) .
وتقول جيبنا لشبكة (الإسلام اليوم): "ليس لدَيَّ مَنْ يساعدني على تربيتهم، وقد اضطُرِرْتُ لِخَلْعِ النقاب من أجل الحصول على عمل لإعالتهم". وتضيف: "تعرفتُ عليه عن طريق بعض أفراد أسرتي؛ حيث تزوجنا سنة 1993، وبعد الحرب كان مختبئًا حتى تم اعتقاله، وسمعتُ من مصادِرَ أمنية أنه نقل إلى أفغانستان، ثم نُقِلَ إلى مصر، وهو ما أكده هو بعد إطلاق سراحه ".

انفصال قسري
وعن مدى اهتمامه بأبنائه بعد خروجه من السجن قالت جيينا: "ابننا إسماعيل لا يعرفه ولا يعرف شكله، وقد ذهبتُ إلى مصر لرؤيته بدون الأبناء، ووجدت وَضْعَهُ النفسي صعبًا جِدًّا، لذلك انفصلتُ عنه، ولم يكن وضعه الأمني فقط هو السببَ في الانفصال". وعن كيفية دخولها لمصر، قالت: "تقدمتُ بطلب إلى السفارة المصرية بسراييفو، والتقيتُ بالقنصل الذي طلب مني عدمَ مرافقة الأبناء، وقد استقبلني زوجي السابق بطريقةٍ غيرِ جيدة، شعرتُ فيها بأن الحب الذي كان بيننا قد انتهى ".
وأضافت: "أبنائي لا يأكلون، ولا يلبسون مِثْلَ بقية الأطفال، وهم في حاجةٍ للطعام وللشراب، وجميعهم يذهب للمدرسة، وأخشى أن لا أتَمَكَّن مستقبلًا من إعالتهم، فضلًا عن دَفْع أقساط المدرسة وشراءِ الكتب المدرسية". جيينا تَمَنَّتِ الحصول على مساعدة تستطيع من خلالها إعالة أطفالها، وتمكينهم من مواصلة دراستهم الثانوية والجامعية، وأن يتواصلوا مع والدهم وأسرته في مصر، ويعتمدوا بعد ذلك على أَنْفُسهم.

الخميس 18 جمادى الآخرة 1430 الموافق 11 يونيو 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.