قدس برس- الفجرنيوز:أكد ناشط حقوقي تونسي أن طالبا في إحدى المعاهد الثانوية لقي حتفه الخميس (31/1) إثر تعرضه لضربات موجعة على الرأس وجهتها له قوات الأمن التونسية أثناء مشاركته في مظاهرة احتجاج على الأوضاع في غزة وتردي الأوضاع الاقتصادية في تونس. وكشف القاضي التونسي مختار اليحياوي في تصريحات خاصة ل "قدس برس" النقاب عن أن المظاهرة لم تكن بدافع التضامن مع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، وإن كانت خلفيتها كذلك، وإنما تتصل بدوافع داخلية، ولهذا تمت مجابهتها بالقوة، وقال: "لقد تأكد لدينا أن تلميذا في السنة الخامسة من التعليم الثانوي شارك في مظاهرة اختلط فيها الدافع القومي بالظروف الاقتصادية الداخلية المتردية لقي حتفه بفعل السلوك الهمجي لأحد أعوان الأمن الذي ضربه على رأسه بالهراوة فسقط أرضا حتى لفظ أنفاسه الأخيرة". وحمل اليحياوي السلطة مسؤولية موت هذا التلميذ، وقال: "هذا سلوك أدينه بشدة وأرى أنه ليس إلا محاولة لتخويف بقية الطلاب حتى لا يكررون نفس الطريقة، لكنه أسلوب خاطئ حيث أنه ما أن سرى الخبر في الأوساط الطلابية حتى انطلقت المظاهرات الطلابية في مدينة صفاقس في حالة من الغضب عن الطريقة التي تعاطت بها السلطات الرسمية مع مظاهرات سلمية ليس من بين أهدافها إلحاق الأذى بأحد غير التعبير عن حالة من الغليان الشعبي آخذة في التنامي بفعل الظروف الاقتصادية الصعبة وحالة الكساد السياسي التي طالت جميع النخب السياسية بما فيها المعارضة وأصبحت الجماهير يتيمة من دون قيادات"، كما قال. وانتقد القاضي التونسي الذي خاض معركة ضروسا مع الحكومة التونسية حول ضرورة استقلالية المؤسسة القضائية استمرار الحكومة في التعاطي مع حالة الحراك الجماهيري السلمي بالوسائل الأمنية، وقال: "لا شك أن الحكومة تخطئ تماما في اعتمدها للأسلوب الأمني في التعامل مع هذه المظاهرات تماما مثلما تخطئ في تعاملها مع المحاكمات التي يتعرض لها كثير من الشباب الإسلامي الحديث، فهي تعتقد أنها ستحد من هذه المظاهر لكنها في الحقيقة لا تزيدها إلا انتشارا لأن الأسباب ليست أمنية وإنما سياسية". وأعاد اليحياوي استعمال الأجهزة الأمنية للقبضة الحديدية في التعاطي مع مظاهرات جبنيانة إلى كون مطالب المتظاهرين تجاوزت حدود التضامن مع غزة إلى ملامسة جراح الداخل التي أصبحت عامة، وقال: "للإشارة فإن أمر المظاهرة لا يتصل مباشرة بالقضية الفلسطينية التي احتضنها التونسيون منذ زمن بعيد، فقد كانت هناك مظاهرة أولى لطلاب المعهد الثانوي بجبنيانة حول الأوضاع في غزة ومرت بسلام، ثم جاءت مظاهرة يوم الأربعاء الماضي لترفع شعارات أكثر التصاقا بالداخل فتمت مواجهاتها بالطريقة التي أودت بحياة أحد الطلاب الذين لا أعتقد أنه كان له أفق سياسي كبير غير التعبير عن سخطه عن انسداد آفاق العمل في البلاد واتساع دائرة المحسوبية والمحاباة، فمن هو مع السلطة يعمل ومن لا يملك عونا له في السلطة مصيره الفراغ"، كما قال. ورفض اليحياوي ربط هذه التحركات الطلابية التي وصفها ب "العفوية" بأي إطار سياسي أو نقابي، وأشار إلى وجود نوع من الجفوة السياسية الكبيرة بين النخب السياسية في السلطة والمعارضة على حد سواء وبين الجماهير، وقال: "لا أعتقد أن هذه التحركات ومثلها التحخركات التي تقودها عائلات في ولاية قفصة بالجنوب التونسي التي أوجدت مخيمات على الشوارع للمطالبة بالحق في العمل، وانتقاد المحسوبية التي أصبحت ظاهرة لافتة للانتباه في البلاد، ذات علاقة بإطار حزبي أو نقابي، بل إن بعض هذه الأطر السياسية والحزبية تشعر كما لو أنها هي ذاتها مستهدفة من حالة الغليان الشعبي هذه، فنحن أمام ظاهرة سياسية جديدة يسبق فيها المجتمع نخبه، وهي ظاهرة صحية ترتبط بحركية المجتمع من أجل إيجاد قيادات له تماما مثلما فعلت الشعوب العربية في مراجل تاريخية متعددة استعدادا لمراحل انتقال تستوجب إيجاد هياكل تستجيب لمتطلباتها"، كما قال.