منذ سنوات، وتحديدا منذ حضوره كمراقب في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، لم تنقطع زيارات الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر للأراضي المحتلة بما في ذلك قطاع غزة.لم يتردد كارتر -الذي أشاد بنزاهة الانتخابات الفلسطينية حين إجرائها- في لقاء كافة الأطياف الفلسطينية بما في ذلك قيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس). واتخذت اللقاءات أهمية خاصة بعد تقلد ابن حزبه باراك أوباما مقاليد السلطة في واشنطن. وتباينت التقديرات حول جدوى وأهداف اهتمام كارتر بالملف الفلسطيني. فالبعض يرى في حديثه للجزيرة نت أنه مناصر للحقوق الفلسطينية ورسول للإدارة الأميركية الجديدة، في حين يذهب آخرون إلى أنه يسعى إلى تحسين صورة أميركا والحصول على اعتراف من حماس بإسرائيل. وكان كارتر أثار حفيظة الفلسطينيين عندما زار مستوطنة عتصيون جنوبي بيت لحم، وقال إنه لا يتخيل إزالة هذه المستوطنة لقربها من حدود ال48.
مصطفى البرغوثي ينظر بإيجابية إلى زيارات كارتر للمنطقة (الجزيرة نت) دور إيجابي وينظر عضو المجلس التشريعي والأمين العام للمبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي بإيجابية إلى مهمة كارتر "ودوره في خلق حوار جيد مع أوباما"، لكنه ينتقد أخطاءه خاصة في تصريحه الأخير حول مستوطنة عتصيون. وقال إن كارتر يدعم الشعب الفلسطيني، وإنه لم يتحدث فقط عن وقف الاستيطان، وإنما تحدث أكثر من ذلك عن تفكيك وتخفيف المستوطنات "ويحاول أيضا المساعدة في دعم الوحدة الوطنية الفلسطينية"، موضحا أن أهمية ما يقوم به تكمن في اتصاله المباشر مع الرئيس الأميركي الحالي "ولأنه الشخصية الأميركية الوحيدة القوية التي تحدثت عن نظام الفصل العنصري في الأراضي المحتلة". أما المحلل السياسي هاني المصري فيرى أن تأثير كارتر في هذه المرحلة أكبر من السابق لأن الحزب الحاكم في الولاياتالمتحدة هو حزب كارتر الديمقراطي. ويعتقد أن كارتر يحمل "بعض بالونات الاختبار ويتشاور مع الإدارة الأميركية الحالية، ونتائج زياراته تصب عندها" لكنه يفضل "عدم المبالغة في توقع نتائج جوهرية لهذه الزيارات"، مشيرا إلى أن الموقف الأميركي لم يتبلور بشكل متكامل. وأوضح أن للرجل مواقف متوازنة وداعمة وأكثر عقلانية من غيره تجاه الملف الفلسطيني ويجب تشجيعها "فهو يطالب بمشاركة حماس وإقامة دولة فلسطينية وينتقد الاستيطان بشكل قوي ويقول إنه غير قانوني وغير شرعي".
مصطفى الصواف يرى أن زيارات كارتر تهدف لتلميع صورة أميركا (الجزيرة نت-أرشيف) عرّاب أميركا أما رئيس تحرير صحيفة فلسطين في غزة مصطفى الصواف فيرى أن كارتر يلعب أكثر من دور في آن واحد، باعتباره "عرّاب الإدارة الأميركية وأحد الذين يحاولون تحسين صورتها في العالم العربي الإسلامي". وقال إن الرئيس الأسبق "لا يملك صناعة القرار أو التأثير فيه ودوره لا يتجاوز دور ساعي البريد"، لافتا إلى أن زيارته لغزة ودمشق لم تكن إلا "لمحاولة جر حماس إلى مربع التسوية، والاقتراب من الموقف الأميركي والأوروبي القاضي بالاعتراف بإسرائيل". واستبعد الصواف استجابة حماس لمحاولات جرها لمربع التسوية "لأن الحركة إذا أرادت أن تقود الشعب الفلسطيني في المرحلة القادمة فيجب أن تتمسك بثوابتها وأولها عدم الاعتراف بإسرائيل". وانتقد مواقف كارتر من الاستيطان وعدم تخيله لإزالة مستوطنة عتصيون، مضيفا أن الاستيطان "مسألة ثابتة في الإدارة الأميركية وكارتر من المؤيدين للاستيطان الإسرائيلي ومن دعاة الاستيطان". وخلص إلى أن زيارته لغزة تهدف لتسليم رسالة من والد الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط إلى نجله، دون أن يحمل رسائل 11 ألف فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال.