تستمرالاتهامات المتبادلة بين فتح وحماس حول الاعتقالات المتواصلة والمستمرة لعناصرهما بالضفة وغزة، حيث تشكل عقبة من سلسلة عقبات بين الطرفين بالحوارات الدائرة منذ اشهر لتجاوز الازمة الداخلية الفلسطينية، ورغم ضعف المبرارات والحجج لاجراءات قمعية يدفع ثمنها مناضلين همهم الاساسي هو محاربة العدو الصهيوني، الا ان تجاوز الطرفين لكل المحرمات، قد نقل الساحة الفلسطينية باتجاه مزيد من الصراع والمواجهة بين طرفين لا يبحثان الا عن مصارعة الاذرع وكسرها، حيث يشعر المواطن الفلسطيني باننا نعيش امام احتلالين، احدهما بالضفة ويعتبر احتلال فتحاوي، واخر بغزة ويعتبر احتلال حمساوي، وشعبنا يدفع الثمن، بالضفة تعمل حماس من اجل تحريرها للتخلص من سلطة فاسدة ومن احتلال فتح، وفتح ترى بحماس منظمة ارهابية تهدد سلطتها، ونفس الحال يحصل بغزة، حيث تشعر فتح ان حماس هي احتلال ويجب اسقاطها وتحرير غزة منها، وحماس بغزة ترى بفتح منظمة ارهابية تهدد سلطتها. هذا هو الواقع الفلسطيني اليوم، وهذه هي الماساة التي يعيشها شعبنا، مئات المعتقلين بسجون السلطة برام الله ومئات اخرين بسجون السلطة بغزة، ونفس التهمة بالمنطقتين، المبررات التي يطرحها الطرفان لحملات الاعتقال هي غير مقنعه اطلاقا حتى لمن يصرح بها، وهذه الاجراءات التي يعمل بها الطرفين تهدد بشكل عام وحدة وتماسك الشعب الفلسطيني على كافة الاصعدة السياسية والاجتماعية والجغرافية، ويدفع ثمنها شعبا سجل ارقى البطولات والتضحيات بالتاريخ الانساني والبشري، رغم بشاعة جرائم الكيان الصهيوني، التي فاقت الجرائم النازية التي ارتكبها هتلر خلال الحرب العالمية الثانية بحق شعوب اوروبا.
الواقع الفلسطيني مرشح الى مزيد من التدهور بظل استمرار حماس وفتح بمواقفهم، واستمرار عمليات الاعتقال التي لا تخدم المصلحة الوطنية، والتي تصب بالنهاية بخدمة الكيان الصهيوني، لقد شكلت هذه الاعتقالات نسف لكل مفاهيم احترام المقاومة وحرية الراي والتنظيم، ففي الوقت الذي تقوم به سلطة رام الله باعتقالات بصفوف حماس وملاحقة كوادرها وعناصرها وقتل رجال المقاومة وائمة المساجد وغيرها من الاجراءات والتصرفات التي لا بد من ادانتها واستنكارها، كذلك المبررات التي تستخدمها الاجهزة الامنية على اساس خلفيات جنائية واكتشاف مخابيء اسلحة بالاضافة الى اتهام حماس وقيادتها لانقلاب اخر بالضفة الغربية، تبرر حماس ايضا باعتقالها لعناصر فتح بغزة باستخدام نفس المبررات التي تستخدمها فتح بالضفة، بان حملات الاعتقال تتم على خلفيات جنائية، واتهام العديد من المعتقلين الفتحاوين بالتعامل مع العدو ردا على اتهام مؤيد ابو عودة بالعمالة، كذلك خطواتها بسحب السلاح من حركة فتح بالقطاع لمنعها من القيام بانشطة عسكرية ضد الحركة لاسقاط حكمها بالقطاع.
الطرفان غير قادران على استيعاب قضية ان الكيان الصهيوني غير معني بوحدة الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو من قام بعملية الفصل بين المنطقتين الجغرافتين، وان الكيان الصهيوني هو المستفيد من حالة الانفصال والانقسام السياسي والجغرافي بفلسطين، باجراءاتهم وممارساتهما يقدمان خدمة للكيان الصهيوني، فبدلا من تصعيد النضال وتعزيز قدرات وصمود شعبنا والعمل المشترك والجماعي لتجاوز المازق الداخلي وتغليب التناقضات مع العدو على التناقضات الداخلية، يعمل الطرفان على تهميش عملية الصراع مع هذا الكيان.
تقريبا الف معتقل فلسطيني بسجون سلطة رام الله وسلطة غزة، و11 الف فلسطيني بسجون الاحتلال الصهيوني، انتهاكات يومية تمارسها السلطتين الى جانب الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني وقواها السياسية وضد حرية الرأي والتعبير وملاحقة الصحفين والكتاب والمقاومة، معتقلين بدون اتهامات، الا ان خلفيات الاعتقال تاتي لتصفية حسابات واعتقالات انتقامية وخدمة صهيونية، ورغم كل الوساطات والمناشدات ليقوم الطرفان باطلاق سراح المعتقلين الا انها تصطدم بعقبات جدية، وهي عقبة الاحتلال بالضفة، ولا اعتقد ان الاحتلال سيسمح لسلطة رام الله ان تطلق سراح معتقلين، لان هذا يكون خارج اطار اتفاق اوسلو والاتفاقيات الامنية الموقعه بين الطرفين، وهل سلطة رام الله ستخضع لمطالب حركة حماس ام لمطالب الكيان الصهيوني؟ وما هي المخاطر التي يمكن ان تواجهها سلطة رام الله باطلاق سراح معتقلين ينتمون الى حركة حماس بدون موافقة الكيان الصهيوني؟ فالحوارات الفلسطينية بالقاهرة تشمل ايضا نقطة اطلاق سراح المعتقلين بين الطرفين، واسمحوا لي ان اسميها تبادل اسرى بين الطرفين، لانهما ينظران الى بعضهما كاعداء ولا ينظران الى بعضهما كابناء شعب، فحماس لديها اسير صهيوني و 205 اسير فتحاوي، وسلطة رام الله وحركة فتح لديها 750 اسيرا حمساويا، ففي الختام لا يسعنا الا ان نقول الحرية للمعتقلين وكل المعتقلين بالسجون الصهيونية وسجون سلطة رام الله وسجون سلطة غزة. جادالله صفا – البرازيل 28/06/2009