تغريبة أحمد الحجري: ملحمة فى البحث عن الذات والأوطان عبد المجيد دقنيش عادة ما أضع حاجزا بينى وبين الأعمال الأدبية والروايات التى تنبنى أحداثها على وقائع تاريخية، وذلك لصعوبة النجاح فى مثل هذه الأعمال التى يمكن أن تسقط الكاتب فى هوى الأحداث التاريخية وتجعله يسترسل فى السرد التاريخى والاستدلالات والمحاججات والاستطرادات وذلك ما يجعل القارئ ينفر مثل هذه الأعمال لأنه لا يجد فيها غايته التى يبحث عنها فى كل أثر فني، ولكننى بعد أن أنهيت قراءة رواية "تغريبة أحمد الحجري" الصادرة عن منشورات الجمل للكاتب عبد الواحد براهم، عرفت لماذا حصلت هذه الرواية على جائزة التكريم الخاص فى حفل توزيع جوائز الكومار الذهبى لسنة 2007 رغم أننى لا اطمئن إلى بهرج الجوائز أيضا. فمن يكون عبد الواحد براهم هذا؟ وهل استطاع حقا أن يشد القارئ فى رواية تمتد على 313 صفحة من القطع الكبير وتستلهم من التاريخ أحداثا لها؟ عبد الواحد براهم هو كاتب تونسى من مواليد مدينة بنزرت سنة 1933، درس فى الزيتونة ومارس التعليم لمدة طويلة وأدار العديد من الأنشطة الثقافية وساهم فى تأسيس وادارة بعض دور النشر حازت بعض أعماله على جائزة كومار 2001 وجائزة المدينة 2002، نشر العديد من القصص والروايات منها: فى بلاد كسرى "قصص" ظلال على الأرض "قصص"، حب الزمن المجنون "رواية"، قبة آخر الزمان "رواية" تونس 2003، بحر هادئ.. سماء زرقاء "رواية" تونس 2004. من الاندلس إلى يوسف داي تدور أحداث هذه الرواية فى فترة حرجة وفاصلة من تاريخ المسلمين وتركز خاصة على التاريخ العربى فى الأندلس لذلك فهى تمتد من سقوط غرناطة سنة 1492 إلى عهد يوسف داى بتونس وفترة حكمه التى انتهت سنة 1610. وقد توزع هذا الفضاء الزمانى للرواية على أماكن متعددة وفضاءات مختلفة نجدها فى الفصول الكبيرة الأربعة التى انقسمت إليها الرواية فنجد أولا "باب الأندلس" الذى انقسم بدوره إلى أقسام صغيرة هى أشبه بالسيرة الذاتية واليوميات لبطل الرواية أحمد الحجرى فنقرأ "ذكر أيام الحجر الأحمر" و"ذكر زيارة استرامادورا" و"ذكر مقاهى فى غرناطة" و"ذكر مقاهى فى طليطلة" و"ذكر ما وقع مع أسقف غرناطة" و"ذكر الرحيل إلى إشبيلية"، ثم نجد ثانيا "باب مراكش" الذى يضم هو أيضا أقساما ستة صغيرة هى "فى ما اتفق لنا عند خروجنا من النصارى" و"ذكر قدومنا إلى بلاد المسلمين" و"فيما حصل أثناء مقامنا بمراكش" و"حملة سلطان النصارى لاخراج الأندلسيين من بلاده" و"فيما وقع لى مع الرهبان النصارى بمراكش" و"ذكر سفرى إلى أوروبا وعودتى منها" وأما الباب الثالث فهو "باب أوروبا" الذى يضم تسعة أقسام هى "ما كان السبب حتى مشيت إلى بلاد الفرنج" و"ذكر قدومنا إلى باريس" و"فى قدومنا إلى قاضى الأندلس بفرنجة" و"فى رجوعنا إلى مدينة باريس وما اتفق لنا فيها" و"فى قدومنا إلى أولونة ثم إلى بوردو" و"فى قدومنا إلى بوردو وما وقع لى فيها من المناظرات" و"فى مناظرات اليهود بفرنسا وهولندة" و"فى مناظرة المنجمين" و"فى ذكر بلاد هولندة". وأما الباب الرابع والأخير فهو "باب تونس" وينقسم إلى ثلاثة اقسام هى "ذكر قدومنا إلى تونس" و"تونس على أيام يوسف داي" و"ذكر تستور وإقامة الأندلسيين بها". أشكال متعددة ومن خلال إطلالة سريعة على هذه الأبواب والأقسام نتبين بوضوح إنبناء الرواية على الأحداث التى يرويها البطل أحمد الحجرى فى شكل سيرة ذاتية ولكنها سيرة مختلفة تمتزج فيها الأجناس الأدبية لهذا الأثر الفنى الذى بين أيدينا فنعثر فى أحشائه على المناظرات والمحاججات والاستطرادات التاريخية ونعثر كذلك على الأدوات الروائية الفنية كالقص والحوار المتخيل وكذلك على أدب الرحلة وهو ما جعل الأستاذ يونس يعيش يحتار ويتساءل فى الدراسة التى أعدها حول هذه الرواية بعنوان "الأشكال الروائية فى رواية تغريبة أحمد الحجرى لعبد الواحد براهم فيقول: "بعد أن تجولت بفكرى فى ثنايا الكتاب واسترجعت الجوانب الفنية والخطاب الروائى إجمالا اختلطت عندى الأمور فالأستاذ عبد الواحد براهم جنس الكتاب بالرواية ولكنى لم أجد نفسى أمام جنس الرواية فحسب بل أمام أجناس نثرية متعددة فهناك الخطاب المروى والخطاب السير ذاتى الذى يحكم الأثر من أوله إلى آخره وهناك خطاب أدب الرحلة وخطاب أدب المناظرات وغيرها فتساءلت هل أن الرواية تمثل حوار الأجناس أم هى جماع أجناس أم هى تأسيس لنمط روائى جديد لا يعترف بالحدود الاجناسية؟". ومعنى هذه الحيرة وهذه الأسئلة التى تنتاب كل قارئ متمعن لهذه الرواية الجيدة، معناها أن الكاتب عبد الواحد براهم قد نجح فى خداعنا ومخاتلتنا عندما وسم هذا الأثر الفنى "بالرواية" وهو خداع جميل لعمرى باعتبار أن الابداع الذى لا يحفزك على طرح الأسئلة والشك فى معتقداتك البديهية والخادعة، لا يعتبر إبداعا لأنه لم يرتق إلى التحفيز على الأسئلة والشك الذى هو أول الطرق للمعرفة ولليقين وعادة ما تفجر الاثار الابداعية المتميزة الأسئلة حول انتمائها إلى جنس بعينه كما اختلف النقاد والدارسون حول أثر "السد" لاستاذنا الكبير محمود المسعدى وفى أى خانة يصفونه؟ فى الرواية أو المسرحية أو الشعر. ولأن الكاتب أو المبدع لا يكتب للنقاد بل يكتب للقراء – رغم أنه قد يكتب أولا وأخيرا لنفسه فقط – فإن ما يهم القارئ فى أى أثر إبداعى بلوغه جمالية فنية معينة مهما كان جنسه أو نوعه. ولكن هذه الحيرة البنيوية سرعان ما تنقشع حالما نغوص فى احداث هذه الرواية وفى عالم القص والحوار ولأن الإطار الزمانى هو فترة سقوط غرناطة ورحيل العرب عن الأندلس فإن الاطار المكانى لم يبتعد كثيرا عن هذه العوالم رغم انفتاحه على أطر مكانية مثل مراكش وفاس وأسفى بالمغرب الأقص وتستوربتونس وبوردو بفرنسا وكذلك هولاندة وطبعا الأندلس وخاصة مدينة غرناطة التى تعود إليها الأحداث مهما ابتعدت وكذلك مضمون الرواية الذى عبر عن هذه الفترة من تاريخ المسلمين وخاصة "وضع المسلمين الأندلسيين الذين يسمون بالمورسكيين تحت الحكم الاسبانى بعد سقوط غرناطة". واختيار هذا الموضوع وهذه الفئة هو ليس اختيارا اعتباطيا من طرف الكاتب – رغم أن الوسائل الفنية والحوار والقص قد تبرز عكس ذلك وهو نجاح آخر للكاتب – فمحرك الأحداث والشخصية الرئيسية "أحمد الحجري" ينتمى إلى هذه الفئة وإلى الأندلسيين الذين هجروا من بلادهم بعد سقوط غرناطة وتفرقوا فى الأمصار وهو عندما يحركه الكاتب ليتحدث عن رحلته الوجودية والحياتية منذ ولادته وحتى آخر أيام حياته إنما يتحدث عن عائلته وعن قومه وعنا أيضا وعن الكاتب ولكن كل هذا بدرجات متفاوتة وكلما مسّنا أكثر ومس القارئ فى الأحداث التى يرويها كلما نجح الكاتب فى الهروب من السرد التاريخى إلى السرد الحكائى الفنى ومن الحوار الحقيقى إلى الحوار المتخيّل الموظف لأن منطوق الشخصيات فى هذه الرواية هو الذى يعبّر عن نجاح عملية التحايث بين التاريخى والواقعى وما أشبه الأحداث المتشابكة التى يقصها علينا البطل بالواقع العربى اليوم المتداخل والذى تحكمه الخلافات والنزاعات فلنسمع إذن هذا الحوار: "التفت نحوى ذات مرة ونحن نسمر فى طليطلة وسألنى عن عمري، ولما أجبته قال: "كنت أيامها هانئا فى بطن أمك، بينما كنا نرفع السلاح لنهيئ لك مكانا تعيش فيه أنت والنابتة من جيلك، يكون أنظف مما هو عليه الآن. لكننا أخفقنا. حلمنا بعودة الخلافة الأموية وتوجنا ملكا سميناه محمد بن أمية، بعد أن كان اسمه فرنندو، ولكننا قتلناه بعد أيام بتناحرنا وخلافاتنا لم يعد ممكنا أن نعيش كخلق الله بعد أن ضاعت منا كل القيم، واختلت فينا كل الموازين.. غدونا تفاحة عفنة نخرها الدود فما استطاعت ثورتنا أن تفلح، ولا أن يستقيم لنا ظهر". كذلك فلنستمع إلى هذا الكلام الذى جاء على لسان احدى الشخصيات: "إن هذه الأمة كانت متشكلة قائمة بين أيديهم فانفرطت كحبات المسبحة لشدة ما اختلفوا وانقسموا طوائف وشيعا يضرب بعضها بعضا. نعم أبنائى كانت التفاحة عفنة، أما اليوم فهى مجوفة لاشيء تحت قشرتها..". بين التاريخ والواقع ورغم أن الكاتب يحاول أن يوهمنا ويوهم نفسه ببعض المراجع التاريخية وبعض التعليقات والأحداث والمراجع الحقيقية التى ذكرها فى آخر الرواية وذلك من خلال "الاحالات الزمنية الدقيقة وذكر الشخصيات والأمكنة بأسمائها والأحداث التاريخية بكل تفاصيلها إضافة إلى ثبت المراجع وشروح بعض المفردات" كما يقول الأستاذ يونس يعيش فى نفس الدراسة، رغم ذلك فإن كل ذلك يصب فى خدمة الأثر الفنى وليس ذلك إلا وسيلة توسل بها الكاتب للاقتراب أكثر من القارئ وهو ما نجح فيه إلى حد كبير ولعله بذلك أراد أن يعيد كتابة الواقع والراهن الآن بمفردات تاريخية وشخصيات تتحرك فى فضاء روائى يجنبها من خلال الحوار الصبغة التعليمية والسقوط فى المباشراتية لذلك فكلما حاول الكاتب أن يهرب إلى التاريخ كلما اقترب أكثر من الواقع المعيش اليوم الذى تمر به الانسانية وصراع الثقافات والحضارات الذى أصبح حديث المنابر والندوات وبروزالحملات التبشرية والخطابات الدينية المتعصبة وتراجع دور الثقافة والفن فى مقابل تقدم دور القوة على حساب العقل والرقابة على الأعمال الفنية التى تحاول أن تبلغ رسالة مفادها "يحيا الانسان مهما كان مكانه ومهما كان لونه.. ومهما كان جنسه.. ومهما كانت لغته.. ومهما كان دينه وذلك ما لا نلاحظه مثلا من خلال هذا الحوار المعبر فى الرواية: "أعجبت كثيرا بفن التمثيل، وحضرت أغلب المسرحيات المقدمة فى طليطلة وخاصة ما كتبه لوبى دى يتقا، مثل جمال أنجليكا، تقلبات الجهر، والأركاديا. كما شاركت بهمة فى الفرق المدرسية، حتى أننى كتبت نصوصا ذات مضامين تحاول التقريب بين الطوائف المتناحرة وإلى إزالة الأحقاد بين المسلمين والكاثوليك أو أتباع لوثر.. لكن أعوان ديوان التفتيش جاءوا لزيارة مسرحنا ومراقبة ما نقدمه، وبعد أن شاهدوا الفصل الثانى وأحد محاوره معجزات الرسول محمد "ص" أمروا بإيقاف التمثيل فورا. وعبثا حاولنا إمتاعهم بأن الفصل الأول كان فيه ذكر معجزات المسيح الذى أنطق الأبكم وأحى الموتى، وأن الفصل الثالث سيعود إلى الحديث عن مريم الطاهرة لكنهم أوقفوا المسرحية بعناد، وسأل كبير المفتشين عن مؤلفها ومن يكون، فتقدمت واجف القلب - "قد أكون أنا قداستك.. وقد لا أكون - ما معنى هذا الكلام؟ - الأوراق بين أيديكم ومعها الموافقة التى حصلنا عليها - ليس هذا جوابا عن سؤالي - أعرف.. ولكن قصدى ان الأوراق تشرح كيف اقتبست النص من كتاب تاريخي - أى كتاب هذا؟ - اسمه عندك قداستك، وهو موجود فى المكتبة بمعهدنا ومرخص فى استعماله فنحن لم نقترف ذنبا، ثم إن موافقتكم على المسرحية سبقت تمثيلها فهل غيرتم رأيكم؟ - سيكون لنا حديث مع إدارة المعهد. أما المسرحية فيجب ايقاف تمثيلها ابتداء من اليوم..". ويتواصل السرد والحوار خادما لهذه القضايا التى حيرت الناس فى كل عصر ولأن الانسان هو نفسه على مر العصور فإن القضايا تتكرر مع اختلاف بسيط فى الجزئيات وإنما الانسان الواعى هو الذى يعتبر من التاريخ ومن أخطاء البشرية والمبدع هو الذى ينجح فى مهمة توظيف هذا التاريخ حتى ينشر هذا الوعى لذلك نقرأ فى أحد المقاطع هذا الحوار: - "اجتمع أفراد الفرقة بعد الحادثة عدة مرات للتفكير فيما يجب عمله لكننا لم نصل إلى رأى صالح للتنفيذ فى ظل الرقابة الكابوسية الجاثمة على الأفكار والعقول. قال أحد الشبان بيأس - هل نحن فى تناقض مع الكنيسة؟ - نعم: قلت له لأنها تفرض رداء واحدا يلبسه الجميع - ولكن أكثر اهتمام الناس مركز على خلاص أرواحهم وعلى النجاة الأبدية وهذا مطلب لا يهتم كثيرا بلون الرداء، وإنما بما تحت الرداء.. بما تخفيه القلوب والضمائر - جهود التوحيد الدينى تموه على الناس وتغطى مقاصد التوحيد السياسي - جائز جدا.. لكن أقوى العوامل يبقى العامل الدينى هو الغالب وهو القاصر ولا شيء يرى فى الحياة إلا من زاويته - حتى الفن.. حتى العلوم الصحيحة؟ - الكل تحت المنظار الديني، ولن يتغير شيء فى عصرنا هذا على الأقل" - "فى النهاية نحن نعيش عصرا لا مكان فيه للأفكار الفنية أو العلمية وليس سوى اللاصوت - ومعها الأفكار الحربية.. كيف نغزو، كيف نقمع، كيف نطوّع العنيد ونعذب العاصي". لذلك ورغم وجود بعض الهنات، نستطيع أن نقول إن الكاتب عبد الواحد براهم قد نجح فى شدّ القارئ فى أغلب فصول هذه الرواية واستطاع أن يأخذ من التاريخ ما أراد حتى جعلنا ننساق بلهاث لذيذ وراء السرد الموحى ونستعجل الأحداث كلما تعلق الأمر بالدخول فى الاستطرادات المطولة أو المناظرات والمحاججات التى ولئن جاءت لتبين موقف ما أو تكشف عن صراع الأفكار فإن التكثيف منها وإطالتها فى بعض الأقسام يعتبر نقطة ضعف بالنسبة للقارئ ولكنها صفعة لابد منها حتى وإن كان دورها إخباريا فى بعض الأحيان. ولكن هذا لا يمكن أن يلهينا عن الاحالات الكثيرة التى ترمز للواقع اليوم وكانى بالكاتب عبد الواحد براهم قد قرأ ما قاله الشاعر عزور الجملى مقتصدا فى اللغة وفى الزمن. يقول: "ستعرف يوما /أن الأيام والأعوام واحدة/ ستعرف لكن بعد فوات الأوان" ولأن أحمد الحجرى هو الإنسان فى إطلاقيته الذى يتبع مصيره أو مخطوطه، فإن والده ومن ورائه الكاتب يذكرنا بحقيقة مفزعة فيقول: "انهزمت أمتنا من الداخل قبل أن يهزمنا العدو" و"غدونا تفاحة عفنة نخرها الدود فما استطاعت ثورتنا أن تفلح ولا أن يستقيم لها ظهر". هذه هى قصة أحمد الحجرى الذى تبع حلمه الانسانى متنقلا بين الأمصار ومدافعا عن أفكاره وأفكار الكاتب وأفكارنا.. إنه شخصية مكثفة تتجاوز الأنا المتكلمة لتنطق بقضايا العصر وصراع الانسان مع ذاته ومع الآخر ومع المكان والزمان ورمزية هذه الشخصية نجدها صريحة فى آخر الرواية على لسان البطل نفسه أحمد الحجرى الذى أراده الكاتب أن يتعرف على نفسه فى مرأة الواقع والأحداث فى آخر الرواية عندما إطمأن إلى أصله الانسانى وحقيقته فقال "لكن جلبت إنتباهى عبارة إهداء كتبها الناسخ على ظهر المخطوط بأحرف اسبانية: "مت فرانشيسكو العالمي.. ساكن الأرض" هكذا على غير انتظار عثرت على المقولة الوحيدة النابضة بالصدق المحصن مما لم أقرأه فى كتاب ولم أسمعه على لسان عالم ممن ناقشهم وليس فيهم من قال سره أنا ابن آدم ووطنى الأرض وما عدا هذا قيود وحدود. أرض الله للجميع وحيثما تولوا فثم وجه الله. إيه يا فرانتيسكو البطل.. وكذا قدرت على ما عجز عنه غيرك بسهولة تحررت من ربقة كل الأوطان فلا أنت اسبانى ولا أندلسي" بل أنت انسان وتنغلق الرواية على هذه القصيدة الرائعة قصيدة الانسان فى هذه الرواية التى تشبه ملحمة الانسان: "فرانتيسكو العالمي.. ساكن الأرض ها أنت ترفع رأسى تنسينى مرارة المنفى.. أنا أحمد بن قاسم البيجارانو الحجرى الغرناطى الأندلسي، المراكشي، المغربي، التونسي. لا أدرى أى نسبة من هذه نسبتي؟ ولا أى بلد سكنته هو بلدي؟ ولا أى أرض وطئتها هى أرضي؟ فلأكن أنا العالمى ساكن الارض.. مثلما يا فرانشسكو الهائم بمخطوط على صولار بين الجهات الأربع".