تابعت ردود الأفعال العديدة التي صدرت من العقلاء والمخضرمين وصنّاع السيّاسة ودعاة الغلو حول مقتل المواطنة المصريّة مروة الشربيني ( رحمها الله ) والتي باتت تعرف بشهيدة الحجاب داخل قاعة محكمة دريسدن طعنًا بسكين من طرف مواطن ألماني من أصل روسي أثناء النظر في استئناف حكم صادر لصالحها بعد ثبوت تهمة الإدانة ضد المتهم . وما لفت انتباهي في تلك الردود تغذية ضروب الكراهيّة والحقد من طرف العديد من الكتّاب عوض عن الدعوة لمعالجة الخلل في بعض القيم والضمائر والعلاقات داخل المجتمع الغربي وبناء جسور من الحوار والتفاهم ونشر قيم التسامح وتفعيل مبدأ احترام كرامة الإنسان وحريته في الإختيار. قد تكون الحادثة ذات أبعاد عنصريّة وقد لا نشكّ في ذلك ولكن مهما كانت الأسباب والمبرّرات فهي ليست بأيّ حال من الأحوال تعبيرا حيّا على موجة من العداء والتطرّف للإسلام والمسلمين من طرف المجتمع الألماني . إنّنا بقدر ما نحرص على تقبّل مبدأ التنوع والتعدديّة الحضاريّة والقدرة على التفاعل والتعايش الإيجابي مع الآخرين واحترام قيم الحكومة الألمانيّة وعدالتها بقدر ما نحرص على احتكام العقل لمقاومة وتيرة العنف ونبذ التطرّف و الغلو وزرع الفتن والأحقاد . لقد أبرزت هذه الحادثة صعوبة إدراك حقيقة العلاقات والمشاعر والبناء الإجتماعي والحدود التي تقوم عليها حضارات الدّول ، رغم أنّنا جزء من هذا النسيج الإجتماعي الغربي وهو ما يستدعي بالضرورة مزيدا من الإنخراط في الحياة العامة للمواطنين الألمان واللقاء المباشر بهم ومعايشتهم لتغيير النظرة الظالمة لدى البعض منهم تجاه العرب و المسلمين . رحم الله أختنا الفاضلة مريم الشربيني التي كانت ضحيّة عمليّة غدر جبانة وجعل مثواها الجنة وهدى الله كتابنا ومفكرين لما فيه مصلحة الأمّة الإسلاميّة ورفعتها وإنّا للّه وإنّا إليه راجعون نورالدين الخميري 12. 07. 2009