تونس:أفرج القضاء التونسي عن تسعة أشخاص بينهم عسكريان برتبة ملازم اعتقلوا منتصف شهر حزيران (يونيو) الماضي بتهمة تكوين مجموعة جهادية، وتم إحالتهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب وأودعوا سجن الإيقاف.وكان قد نقل عن أحد المحامين النائبين في هذه القضية أنّ المجموعة خططت لسرقة أسلحة من ثكنة عسكرية ببنزرت (60 كم شمال العاصمة تونس) وقتل ضباط أمريكيين عند زيارتهم تونس في إطار مناورات عسكرية مشتركة بين البلدين، غير أنّ السلطات التونسية سارعت إلى تكذيب ما جاء على لسان المحامي سمير بن عمر وتم يوم الجمعة (10/7) إطلاق سراح بقية المجموعة من السجن. بل اتهم مصدر قضائي بن عمر بتحريف المعطيات الواردة بملف التحقيق، ونسبة أفعال ليس لها سند في ملف القضية إلى أشخاص لم يكلفوه بنيابتهم. وقد أفرج عن المجموعة دون حفظ التتبع ضدّهم في انتظار قرار مكتب الاتهام كما لا يزال خمسة من المتهمين بحالة فرار. وفي تطوّر لاحق طالب النائب العام بمحكمة تونس رئيس فرع نقابة المحامين بتونس بإحالة الأستاذ سمير بن عمر على مجلس التأديب من أجل "مخالفة الواجبات المهنيّة"، معتبرا تصريحاته الصحفية إفشاء لسرّ التحقيق ومخالفة لقرينة البراءة. وهو الأمر الذي اعتبره أحد المحامين دليلا على نهج التلفيق والتركيب الذي ما فتئت تلجأ إليه السلطة في مثل هذه الملفات، على حدّ عبارته. وقال المحامي عبد الرؤوف العيادي في تصريح خاص لوكالة "قدس برس" إنّه من الغريب أن تقوم السلطات القضائية باستبعاد قرينة البراءة في ملف هذه القضية وتحيل المتهمين بمقتضى فصول "الجرائم الإرهابية" وتودعهم بالسجن، ثم تتحدث هي نفسها عن التمسك بقرينة البراءة وتطلق سراحهم. وأضاف العيادي أنّ تصريح المحامي النائب في هذه القضية لا علاقة له بإفشاء سرّ التحقيق ذلك أنّه لم يروّج لأيّ وثيقة من أوراق ملف القضيّة وإنّما هو تحدّث عن موضوع إحالة استندت إلى وقائع جاءت في صيغة العموم، ويبدو أنّ السلطة قد تورّطت في هذا الملفّ المفتعل وهي تعلم أسباب افتعاله وتركيبه وقد اعتادت من قبل على استعمال مثل هذه الملفات الأمنية والقضائية خدمة لأغراضها السياسية وخاصة علاقتها بالغرب الداعم لها، حسب رأيه. ولا يستبعد رؤوف العيادي أن تكون السلطات سعت لإنهاء هذا الموضوع قبل افتضاحه دوليّا وذلك بعد أن تورطت في ملف مركّب من قبل البوليس السياسي، وربّما، حسب توقعاته يكون الأمريكيون قد طلبوا الاطلاع على هذا الملف أو المشاركة في التحقيق مثلما حصل مع الألمان في حادثة تفجير المعبد اليهودي بجربة عام 2002. وأكّد العيادي أنّ ما جرى من تراجع هو خوف من الرقابة وهو دليل على أنّ كل الملفات في قضايا "الإرهاب" باطلة وقائمة على التدليس وحرمان الرأي العام من الاطلاع على الحقيقة. من جهة أخرى دافع عضو بنقابة المحامين فضل عدم ذكر اسمه، على زميله سمير بن عمر معتبرا أنّه هو الذي عجّل عبر تصريحاته الصحفية بفضح الملف وإطلاق سراح المتهمين. وذكر هذا المحامي في تصريح ل"قدس برس" أنّه تأكّد بالفعل اعتقال ضابطين برتبة ملازم من الجيش الوطني يعملان بالقاعدة الجوية ببنزرت ضمن مجموعة من الشبان شكّلوا حسب زعم السلطات الأمنية مجموعة جهادية خططت للعمل تحت اسم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال بتونس" وتسعى لتشكيل خلايا داخل البلاد ونسب إليهم عند استنطاقهم تهم خطيرة بينها التخطيط للاستيلاء على أسلحة واستغلالها للسيطرة على مدينة بنزرت وتعطيل أجهزة تقنيّة عسكرية والإعداد لمهاجمة عسكريين أجانب عند زيارتهم لثكنات بنزرت في إطار مهام مشتركة.