تونس :بعد أن تراجع أحمد بن نصير التليسي عن اعترافاته باقتراف عمليات تعذيب، وبحصول جرائم قتل في «صبّاط الظلام» وقراره عدم مواصلة الإدلاء بشهادته التاريخية على منبر الذاكرة الوطنية بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات حول عديد المسائل الشائكة وخاصة حول «صبّاط الظلام» الذي يعد الحلقة المفقودة في تاريخ تونس المعاصر.. سألت «الصّباح» الدكتور عبد الجليل التميمي مدير هذا المنتدى عن موقفه من هذا الأمر خاصة أن التليسي بهذا القرار قام بسابقة لم يعرف لها مثيل في تاريخ هذا المنبر الأكاديمي الذي شغل عددا كبيرا من المهتمين بتاريخ الحركة الوطنية منذ أكثر من تسع سنوات. فبين الدكتور عبد الجليل التميمي أن أحمد التليسي اتصل به وعبر له عن رغبته في إرجاء الحلقة الثالثة والأخيرة من شهادته التاريخية والمقرر تنظيمها هذا اليوم السبت 18 جويلية وذلك بعد أن حضر حلقتين خلال الأسبوعين الماضيين.. واستغرب التميمي قول التليسي ل«الصّباح» أنه قرر عدم مواصلة الإدلاء بشهادته وقال أن استعمال كلمة «مقاطعة» وردت في غير محلها. وأضاف الدكتور التميمي «إن منتديات الذاكرة الوطنية مهمة جدا في كتابة تاريخ الحركة الوطنية.. إذ أنها تعمل على جمع شهادات تاريخية.. ولكن إذا كانت لأحمد التليسي احترازات فله الحق في عدم حضور المنتدى وله كامل الحرية.. لأن المنبر مفتوح لكل الراغبين عن طواعية في الإدلاء بشهاداتهم التاريخية.. هو مفتوح لكل الناس ولكل التيارات». وأكد التميمي: «نحن نحترم قرار التليسي عدم حضور الحلقة الثالثة من سلسلة الحلقات المخصصة له في المنتدى.. ونأمل أن يواصل شهادته التاريخية في القريب العاجل.. فقد ذكر أن هناك مستجدات طارئة لها علاقة بشهادته حدثت ودفعته إلى تأجيل الحلقة الثالثة». مصالحة الشهادة التاريخية لاحظ المؤرخ أن ما نشرته الصحف تغطية لشهادة التليسي لا يمكن الاستناد إليه قانونيا.. لأن النص الحقيقي لدى المؤسسة.. إذ أنها تقوم في إطار عملها المعتاد بتسجيل تلك الشهادات التاريخية وبعد ذلك يستمع إليها المؤرخ ويدوّن كل ما جاء فيها ثم يعالج تلك النصوص ويقدم نسخة لصاحبها لكي يطلع عليها ويبدي ملاحظاته حولها.. وفي هذا الإطار سيتم تمكين التليسي من نسخة من أقواله ليبدي فيها رأيه قبل النشر.. وشدد التميمي على أن المؤرخ مؤتمن على الشهادات التاريخية وكل تاريخ الحركة الوطنية وعلى الذاكرة الوطنية.. ولكن بعد أن صرح التليسي ل«الصّباح» بأنه تراجع عن أقواله في منتدى الذاكرة الوطنية وأن الجميع لم يفهموا قصده وأنه هو الذي تعرض للتعذيب وليس الذي اقترف عمليات تعذيب في «صبّاط الظلام».. بعد كل هذا هل يمكن للمؤرخين اعتماد شهادته في كتابه «تاريخ الحركة الوطنية». عن هذا السؤال أجاب محدثنا أن هناك عددا من المؤرخين حضروا منتدى الذاكرة الوطنية المخصص لتسجيل شهادة أحمد التليسي.. وأنهم سألوه عن كثير من المسائل وقد أجابهم على أسئلتهم وبالتالي فإنه بإمكانهم اعتماد تلك الأجوبة.. ويبقى المؤرخ هو الحكم.. وله الحق في توظيف أقوال التليسي لإثراء نصوصهم التاريخية. ولكن يبقى النص الأخير الذي يعوّل عليه فعلا لكتابة التاريخ وهو النص الذي تصدره المؤسسة بعد الاستماع إلى الشهادة التاريخية، وتسجيلها ومعالجتها والتحقيق فيها مع صاحب الشهادة ثم كتابتها واصدارها للعموم.وقال التميمي إن المؤسسة ستواصل خلال هذه الصائفة منتدى الذاكرة الوطنية.. وقد برمجت لقاءين أولهما يوم غرة أوت والثاني يوم 8 أوت وسيتم إعلام الجميع في موعد قريب بالشخصيات التي سيستضيفها المنبر لجمع شهاداتها.. وبين أن المؤسسة منكبة حاليا على إعداد مذكرات حسن العيادي (الرجل الذي ارتبط اسمه ب«صبّاط الظلام») باللغة العربية وذلك بعد أن تولت ترجمتها ونشرها سابقا باللغة الفرنسية.. سعيدة بوهلال