أمام تزايد عدد المصابين بأمراض القلب والشرايين في تونس ونظرا لأن هذه الأمراض هي السبب الأول المؤدي إلى الوفاة على المستوى الوطني فقد وضع معهد الصحة والسلامة المهنية هذه المسألة على طاولة الدرس وأنجز دراسة علمية قيمة حول أسباب أمراض القلب والشرايين وطرق الوقاية منها وهي من إعداد الدكتور محمد الشطي والدكتورة فاطمة بن سالم والآنسة نعيمة الماجري.. وبين هؤلاء المختصون أنه رغم التطور العلمي في شتى المجلات الطبية فإن السبب المباشر لتصلب الشرايين مازال مجهولا وأن هناك عوامل عدة تساعد على زيادة احتمال الإصابة بهذه الأمراض. وقالوا في دراستهم التي أصدرها معهد الصحة والسلامة المهنية في العدد الأخير من نشريته العلمية "الصحة والسلامة المهنية" إن أهم العوامل التي تشكل خطورة للإصابة بتصلب شرايين القلب والجلطة القلبية هي عوامل قابلة للتعديل وأخرى غير قابلة للتعديل وتتمثل العوامل غير القابلة للتعديل أي المتأصلة التي لا يمكن تغييرها أو معالجتها أو الوقاية منها في العمر إذ تزداد عوامل الإختطار أي التي تزيد من فرصة الإصابة بأمراض تصلب الشرايين والجلطة القلبية مع تقدم العمر وكذلك الجنس فالرجال يتعرضون لحدوث إحتشاء عضلة القلب (الجلطة) في سن أقل منه لدى النساء لأن هرمونات الأنوثة تحمي النساء من الإصابة أثناء شبابهن لكن بعد سن اليأس يتغير الوضع ويزداد معدل الإصابة بينهن بسبب تدني هرمون الأستروجين وتصبح نسبة الإصابة بين الرجال والنساء متساوية بعد سن الخمسين وتزداد فرصة الإصابة بأمراض الشرايين التاجية عند الأشخاص الذين لهم أقارب من الدرجة الأولى سبق أن أصيبوا بجلطة. وبالنسبة للعوامل الأخرى القابلة للتعديل والممكن الوقاية منها فهي التدخين الذي اعتبره الأطباء من أهم عوامل اختطار أمراض القلب والذي يمكن الوقاية منه والإقلاع عنه حماية للصحة. كما نجد ارتفاع مستوى الكوليستيرول في الدم حيث ثبت وجود علاقة قوية بين ارتفاع الكوليستيرول في الدم وأمراض القلب التاجية. ومن العوامل الأخرى التي أتت عليها الدراسة بكثير من التفصيل نجد ارتفاع ضغط الدم وهو مرض شائع يصيب حوالي 25 بالمائة من البالغين وهو يزيد من خطر الإصابة بفشل القلب والجلطة والفشل الكلوي والنزيف الدماغي إذا لم يعالج علاجا فعالا وتساعد مراقبته بصفة دورية ومعالجته بانتظام على الحد من الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. كما أشارت الدراسة إلى وجود علاقة قوية بين النوع الثاني من مرض السكري والإصابة بأمراض الأوعية الدموية وأهمها التصلب واحتشاء عضلة القلب وتعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية التاجية والدماغية والطرفية من أهم أسباب الوفاة عند مرضى السكري. كما ورد في هذه الدراسة العلمية أن السمنة أي الزيادة في الوزن بنسبة أكبر من عشرين بالمائة من الوزن الطبيعي هي أحد العوامل الأخرى كما أن الزيادة في الوزن حول الخصر خصوصا هي مؤشر دقيق لاحتمالات الإصابة بالنوبة القلبية وكلما زاد محيط الخصر عن 90 سم للمرأة ومائة سم للرجل زادت احتمالات الإصابة بأمراض الأوعية الدموية للقلب. واعتبر الأطباء أن هذا المقاس هو أحدث المؤشرات العلمية لخطورة السمنة والبدانة وهو أهم من مؤشر الوزن فالشحومات والكتل الدهنية حول الأحشاء وفي البطن أكثر ضرر من الدهون المتراكمة حول الأرداف والأكتاف. وأضاف الأطباء أن هناك عاملا آخر لا يقل أهمية ويشكل خطرا على الشرايين والقلب وهو الضغط النفسي لأن الانفعالات الحادة يمكن أن تؤدي إلى نوبة وذبحة صدرية فالذين يغضبون بسرعة عرضة أكثر من غيرهم للاصابة بمرض الشرايين ودعا الأخصائيون الذين أعدوا الدراسة إلى ممارسة الرياضة والأنشطة الترفيهية للتخفيف من حدة التوتر النفسي. طرق الوقاية في قسم ثان من الدراسة العلمية سالفة الذكر تم التطرق إلى طرق الوقاية من أمراض القلب والشرايين وتمت الإشارة إلى أن هذه الأمراض تظهر في منتصف العمر لكن الوقاية منها يجب أن تكون في سن الشباب وهناك الوقاية الأولية وتعني معرفة عوامل الاختطار وتبني السلوكيات الحياتية الصحيحة لمنع الإصابة بالمرض أما الوقاية الثانوية فتعني التعرف على مرضى القلب ومعالجتهم في الإبان للتخفيض من عدد الوفيات ومنع تكرار حدوث تلك الأمراض ومنع مضاعفاتها . ومن أهم طرق الوقاية ينصح الأطباء بتعاطي الرياضة غير المجهدة بانتظام والإقلاع عن التدخين والتخفيف من كمية الملح في الطعام ومراقبة وزن الجسم بصفة دورية. الدراسة تضمنت عديد التفاصيل الأخرى المتعلقة بوصف الأمراض ولا شك أن تكثيف مثل هذه الدراسات خاصة إذا كانت بلغة سلسة ومفهومة وفي متناول الجميع مفيد جدا لتطوير معارف المواطنين حول بعض الأمراض التي تهدد الصحة العامة. كما أن نشر السلوكيات الصحية يبدأ منذ الصغر وهو ما يدعو المؤسسات التربوية إلى تكثيف أنشطة نوادي الصحة بها وتشريك الإطارات الطبية وشبه الطبية في أنشطتها لتعم الفائدة. تونس - الصباح: إعداد: سعيدة بوهلال