الجزائر- في تصريحات تعد الأشد تنديدا بالتنصير من قبل مسئول جزائري رفيع، وصف الدكتور بوعبد الله غلام الله وزير الشئون الدينية والأوقاف، من يسمون ب"الإنجيليين الجدد"، وهم جزائريون عائدون من الخارج وينشطون في عمليات التنصير بمنطقة القبائل (شرقا)، بأنهم "بمثابة الإرهابيين الذين يخربون الجزائر، وتجب محاربتهم مثلهم". فخلال ندوة نظمتها صحيفة "المجاهد" الحكومية الناطقة باللغة الفرنسية أمس الأحد 19-7-2009، نفى الوزير أن يكون لمسيحيي الداخل، الذين يشكل البروتستانت نحو 86% منهم، يد في عمليات التنصير التي نشطت في منطقة القبائل ذات الغالبية الأمازيغية في السنوات الأخيرة، ويصفها مراقبون بأنها "تنصير ذو نزعة انفصالية يغذي الدعوات المنادية باستئصال الهوية العربية من هذه المنطقة".
وأضاف غلام الله أن "الذين يطلق عليهم اسم الإنجيليون الجدد هم بمثابة الإرهابيين الذين دأبوا على تخريب الجزائر، وهؤلاء كذلك يسعون للتخريب عبر أنشطتهم التنصيرية السرية وسط منطقة القبائل؛ ولذا يجب محاربتهم بكل ما أوتينا من قوة". وشدد على أن "مسئولية حماية أبناء منطقة القبائل وبقية الوطن، التي ينشط فيها الإنجيليون الجدد والمبشرون إلى النصرانية في الخفاء، يتقاسمها جميع أفراد المجتمع، ويجب التجند لمحاربتهم كمحاربة الإرهابيين الذين يستهدفون الأبرياء ويسعون لتهديم الأمة الجزائرية، فالإنجيليون الجدد تغلغلوا في المجتمع لتهديمه وتمزيقه لا غير، ما يستدعي مواجهتهم و محاربتهم بلا هوادة". ولفت في هذا السياق إلى أن "أسقف الجزائر السابق هنري تيسيي، والأسقف الحالي غالب بدر (كاثوليكي)، أكدا في العديد من المناسبات لما سئلا عن قضية التنصير، أن هؤلاء يطلق عليهم اسم الإنجيليين الجدد، والمسيحية ذاتها تتبرأ منهم ومن ممارساتهم". مواجهة التنصير بالصوفية وكشف الوزير -الذي لم يعط أرقاما حول حجم الظاهرة التنصيرية بالجزائر- عن شروع وزارة الشئون الدينية والأوقاف في عملية "ضخمة" لتسجيل ونسخ الأناشيد الدينية والصوفية بإقليمي "تيزي وزو" و"بجاية"، اللذين تتكون منهما منطقة القبائل؛ لتوزيعها مجانا على سكان المنطقة لمجابهة أشرطة الأغاني الممجدة ل"الإنجيليين الجدد" والتي ينشرها المنصرون بين السكان. ويرجع مراقبون وباحثون بروز الحركات التنصيرية في الجزائر إلى الظروف الاجتماعية القاسية التي يعانيها الشباب؛ ما جعل المنصرين يغرونهم بالمال أو تأشيرات السفر لدول أوروبية في مقدمتها فرنسا. وكانت محكمة جزائرية قد أدانت قسا فرنسياً في فبراير 2008 بتهمة التنصير وسط مهاجرين أفارقة غير شرعيين. ورأى هؤلاء المراقبون أن ما يضاعف من قلق السلطات الجزائرية من النشاط التنصيري بمنطقة القبائل، هو "النزعة الانفصالية لدى المنصرين والمغذية للدعوات المنادية باستئصال الهوية العربية من المنطقة" التي شهدت منذ أحداث عام 2001 حركات تنادي بالاستقلال الذاتي مثل حركة "العروش"، و"الحركة من أجل الاستقلال الذاتي"، التي يتزعمها المغني القبائلي فرحات مهني، المقيم حاليا في فرنسا، وتتردد أنباء حول ارتباطه بجماعات تنصيرية. تنصير بكل اللغات وأفادت تقارير أعدتها لجنة مكافحة التنصير التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بأن الكنيسة البروتستانتية في مدينة تيزي وزو شرق الجزائر، "تمنح لكل عضو ينجح في تنصير جزائري 5 آلاف يورو أي ما يعادل 500 ألف دينار جزائري". كما لعبت المحطات الإذاعية المتخصصة في التنصير دورا كبيرا في الأنشطة التنصيرية بالجزائر، عبر مضاعفة فترات البثت، وعدم الاقتصار على استخدام اللغة الفرنسية، بل استخدام اللغة العربية واللهجة الأمازيغية أيضا؛ لضمان وصول رسائلها إلى أكبر عدد من المستمعين. وأقدمت السلطات الجزائرية منذ شهور على إغلاق عدد من الكنائس التي تنشط دون ترخيص، علاوة عن تلك التي ثبت تورطها في أنشطة تنصيرية يعاقب عليها قانون تنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين، الذي صادق عليه البرلمان عام 2006. فقد سنت السلطات عام 2006 قانون تنظيم ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، في سابقة تعد الأولى من نوعها في الوطن العربي، بهدف الحد من الأنشطة التنصيرية التي تشهدها بعض الأقاليم الجزائرية خلال السنوات الأخيرة. ويعاقب بموجب هذا القانون أي شخص يثبت تورطه في نشاطات تنصيرية من سنة إلى عشر سنوات سجنا نافذا، مع منح القضاء الحق في طرده إلى خارج الجزائر لمدة لا تقل عن عشر سنوات. ويقدر عدد المسيحيين في الجزائر بأحد عشر ألفا، منهم 9.500 بروتستانت، بينما لا يتجاوز عدد الكاثوليك 1.500 فرد، بحسب إحصائيات لوزارة الشئون الدينية والأوقاف الجزائرية. إسلام أون لاين.نت عبد الرحمن أبو رومي