ظلت الشخصيات العاقلة، والمسئولة في الساحة القيادية لحركة فتح تصر على تحقيق المصالحة الفلسطينية أولاً، وثم قبل انعقاد المؤتمر السادس، وظلت تفرض رؤيتها على مكان، وزمان انعقاد المؤتمر حتى وقت قصير عندما انتصر أصحاب الرأي الآخر الداعين إلى عقد المؤتمر أولاً، وبغض النظر عن المكان، وظرف الزمان، مادام المؤتمر سيخرج بفتح القوية القادرة على مناطحة حماس، وكسر رقبتها، إنهما رأيان داخليان تصارعا بالمفهوم العملي للصراع الذي سيقطع بسيف المؤتمر رأس طرف، ليضع التاج على رأس الآخر. أما أصحاب رأي عقد المؤتمر السادس لحركة فتح رغم حالة الانقسام، أو بمعنى أدق في ظل الانقسام؛ فهم يبررون رأيهم بالقول: أن حماس تتحمل المسئولية عن الانقسام، وتواصل الانقسام بتشددها في المواقف أثناء حوار القاهرة، وبالتالي فإن لحماس أهداف بعيدة أقلها الانفصال بغزة، واستغلال حالة التمزق التنظيمي داخل حركة فتح لتعزيز مكانتها في الشارع الفلسطيني، وأصحاب هذا الرأي يحسبون أن عقد المؤتمر في الداخل، وبالتحديد في بيت لحم التي تسند ظهرها على جدار الفصل العنصري سيأتي بقيادة جديدة تنسجم مع المكان، ولا تتنكر للزمان التنظيمي الذي بدأ يميل لكفتهم، وهم يقبضون على مصادر التمويل، والدعم المالي، بمعنى آخر أن أصحاب هذا الرأي يستغلون حالة الانقسام الفلسطيني التي ستؤثر على مزاج المؤتمرين بما يخدم تطلعاتهم. أما أصحاب عدم جواز عقد المؤتمر في ظل الانقسام الفلسطيني، والداعون إلى تأجيل عقده إلى حين تحقيق المصالحة الفلسطينية، فإن منطقهم في ذلك مبنى على مبررات كثيرة، ولكن أهمها في نظري هي الحالة النفسية التي سينعقد فيها المؤتمر، والتي ستضرب أعضاء المؤتمر على رؤوسهم، وتوجههم في التصويت لصالح الطرف الأكثر تشدداً مع حركة حماس، والذي يظهر لها العداء العلني، وبمعنى آخر فإن دعاة تأجيل عقد المؤتمر يتهيبون من نتائجه، وقراراته التنظيمية، التي صاغها مؤيدو الانقسام بما يخدم مخططاتهم في مواصلة شق الصف الوطني، وتمرير الحلول السياسية البائسة بحجة انعدام الخيار الآخر. المحزن في الساحة الفلسطينية، أن كثيراً من أعضاء حركة فتح بشكل عام قد نسوا الصراع مع إسرائيل، وانشغلوا بالخلاف مع حماس، لقد أعماهم الغضب، وأضحى صلب تفكيرهم كيفية التخلص من حماس؛ حتى أن بعضهم صار يظن أن إسرائيل أرحم، وأحنّ عليهم من حماس، بل وأقل عداوة وأقرب سبيلا، لذا ففي حالة انعقاد المؤتمر تحت ظلال هذه الأجواء النفسية المشوهة، فمن المؤكد أن نتائجه ستكون لصالح دعاة الانقسام من حركة فتح، وهم بالتأكيد دعاة القطيعة مع حركة حماس، والانقطاع عن أسس التعامل الوطني، وهم أنصار التصالح مع إسرائيل.