المشوح. صحفي بجريدة الوطن ومتخصص في الإسلام السياسي للحالة الإسلامية في المملكة العربية السعودية خصوصية تميزها عن غيرها من الدول العربية والإسلامية، وأهم سمة لإسلامييها أنهم تيارات وليسوا تنظيمات سياسية، فهناك التيار السلفي بمختلف تنويعاته، وهناك السرورية والإخوان، وهناك الجامية والمدخلية، وهناك أيضا التيارات الشيعية المتأثرة بالثورة الإيرانية.. ويأتي التيار السلفي في المقدمة، وذلك بفعل مرجعية الدولة كدولة إسلامية تطبق الشريعة الإسلامية، واعتمادها للمذهب السلفي الوهابي الذي يمثل مرجعية لكل التيارات. ولكل تيار إسلامي في السعودية رموزه وامتداده في المجتمع، وبالطبع تطوره التاريخي وعلاقاته بالتيارات الأخرى، وهو ما سعى الكاتب السعودي خالد المشوح، الصحفي بجريدة الوطن والمتخصص في الإسلام السياسي، إلى إلقاء الضوء عليه في الندوة التي نظمها موقع "الإسلاميون.نت" الأربعاء 13 أغسطس 2009. العودة والقرني في المقدمة قال المشوح في بداية حديثه إن التيار السلفي التقليدي هو أكثر التيارات انتشارا وتأثيرا، وذلك بسبب دعم الدولة له، وبالتالي سيطرته على كل مؤسساتها من الإفتاء إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى الدعوة والشئون الإسلامية والقضاء وغيرها. والسلفيون -كما يتحدث المشوح- تيارات متنوعة، فهناك التيار السلفي التقليدي، والتيار السروري القادم من أرضية إخوانية، وتيار السلفية الجديدة، والسلفية الجهادية الذي زاد الحديث عنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وهو تيار يفتقد للشعبية داخل المجتمع. ويتمتع تيار السلفية الجديدة، الذي يمثله سلمان العودة وعائض القرني وغيرهما، بقاعدة جماهيرية وشعبية كبيرة جعلتهم يشكلون مدرسة وتيارا مستقلا بذاته، وهم يسيطرون على كل البرامج الدينية في الفضائيات، ولهم شعبية بين الشباب المتدين تزداد يوما بعد آخر، ولذلك فقد أصبحوا الأكثر تأثيرا، وتمكنوا من الدخول في مناقشة قضايا ملغومة لم يكن أي إسلامي سعودي قادرا على الخوض فيها، حسبما يتحدث المشوح. ولا يستبعد المشوح فكرة الاستغلال السياسي للدين في السعودية، ويعتقد أنها فرصة مشروعة، ما دام أنه ليس هناك خروج على صحيح الدين والعقيدة، مشيرا إلى أن المجتمع السعودي لديه استعداد للانفتاح على كل الأفكار والقضايا الجديدة ما دام أنها جاءت من مصادر سلفية. سرورية وإخوان وجامية وفيما يتعلق بالتيار السرروي فهو من التيارات الحركية الكبيرة، ونشأت السرورية على يد محمد سرور زين العابدين، وهو إخواني سابق هاجر من سوريا إلى العمل بالسعودية، لكنه استطاع أن يؤسس لتيار دمج فيه بين الفكرة السلفية وحركية الإخوان المسلمين، حسب كلام المشوح. ويشير المتحدث إلى أن السرورية تنشط في منطقة "نجد وبريدة" بشكل كبير، وأن أهم ما يميزها بجانب سلفيتها هو الدخول في صلب القضايا السياسية، كالوحدة الإسلامية والوعي السياسي وقضية الحكم، لكنها -أي السرورية- ورغم أن لها أفكارا واضحة فليس لها أهداف واضحة. وأما عن الإخوان المسلمين فيرى المشوح أنهم ينتشرون بشكل أكثر في غرب المملكة والمنطقة الشرقية، وينشطون في المملكة كتيار وليس كتنظيم كما هو الحال في بقية الدول العربية، والإخوان هم الأكثر اهتماما بقضية المرأة بعكس السرورية صاحبة الموقف السلبي من المرأة، وإن كان موقفهم قد تغير مؤخرا وأصبحوا يهتمون بتعليم النساء وتحفيظهن القرآن. جانب من حضور الندوة ويؤكد المشوح أن "الجامية" أو المدخلية (نسبة إلى الشيخ ربيع المدخلي) هي جزء من التيار السلفي، والجامية تيار مكروه من قبل أغلب الإسلاميين بسبب ولائهم الحاد للحاكم، لدرجة أن البعض يتصور أن الجامية نشأت من قبل السلطة في المملكة، رغم أنها نشأت في أفغانستان، ثم انتشرت في بقية الدول. ويقول المشوح إن هناك خلافا كبيرا بين الجامية والسرورية، موضحا أنه خلاف فكري استخدمت فيه السلطة كأداة للقمع، ولا يعني هذا أن السلطة هي التي صنعت الجامية، لكنها حاولت أن تستفيد منها، مؤكدا أن التيار الجهادي أيضا يهاجم الجامية بشدة، ويرى أنها ولدت في أروقة السلطة وأنها ضد فكرة الجهاد. مشكلة دمج الشيعة وفي إطار حديثه عن الشيعة في السعودية يقول المشوح إنهم أقلية ويتمركز غالبيتهم، وهم الإثنا عشرية، في مناطق الشرق خاصة القطيف، بينما يتمركز الإسماعيليون منهم في الجنوب في نجران، وأنهم ليس لهم تمثيل في وزارات الدولة، لكن هناك ثلاثة أعضاء في مجلس الشورى من الشيعة، كما توجد حسينيات للشيعة يمارسون فيها طقوسهم ويدرسون فيها مذهبهم، إلا أن جميعهم يتلقى تعليمه في مدارس الدولة كأي مواطن سعودي سني، ومن ثم يدرس المذهب السلفي الوهابي. ويعترف المشوح بأن هناك ضغوطا مؤخرا فيما يتعلق بالتقريب بين السنة والشيعة، إلا أنه يرى أن الأفضل طرح مفهوم التعايش وليس التقارب، مؤكدا أن السعودية أخطأت كثيرا في تأخيرها لعملية دمج الشيعة في المجتمع، وإن ظهرت محاولات جادة في الفترة الأخيرة لدمجهم واحتوائهم. انحسار القاعدة وحول تقييم التجربة السعودية في تأهيل شباب التيار السلفي الجهادي عبر ما يعرف ببرنامج التأهيل والمناصحة يؤكد المشوح أن السعودية نجحت بالفعل في تجربة التأهيل، وأن الذين يعودون للعمل الجهادي بعد الخضوع للتأهيل يمثلون 6% من عدد الذين يخضعون للتأهيل، وهي نسبة ضئيلة. وعلى الرغم من النجاح الأمني السعودي في مواجهة القاعدة والتيار الجهادي فإن المشوح يؤكد أن الحل الأمني غير كاف في حرب الأفكار مع الجهاديين، وأنه لا بد من الحوار الفكري والنقاش الجريء لكل القضايا الجهادية الشائكة لكيلا يعودوا مرة أخرى إلى الانخراط في القاعدة وتنظيماتها المختلفة. ومفسرا لأسباب تصدر السعوديين رأس القائمة في عدد الشباب الذين يتم تجنيدهم في تنظيم القاعدة يقول المشوح إن هذا يعود إلى طبيعة المجتمع السعودي السلفي المتدين، فهو أكثر تأثرا بقضية الشهادة والجهاد في سبيل الله والزهد في الدنيا وحب الآخرة والجنة، وهي أفكار تجعل البيئة السعودية أكثر صلاحية للقاعدة في التجنيد للجهاد. ويشير المشوح إلى أن السعودية، ورغم كل ذلك، قد خيبت أمل القاعدة، وليس أدل على ذلك من نقل قيادة "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" إلى اليمن، وأن أغلب المنتمين لهذا التنظيم أصبحوا الآن من غير السعوديين، إلا أن المشوح يؤكد في نهاية حديثه أن السعودية ستظل هي الأمل الكبير للقاعدة لفترة كبيرة، على الأقل ما بقي "بن لادن" على قيد الحياة. السيد زايد 17-08-2009 الإسلاميون.نت