18 أكتوبر حركة لا نمطية.. ونرفض الملاحقة الفكرية للإسلاميين الجريبي: انتخابات 2009 مناسبة لإنضاج مسيرة التقدم نحو الديمقراطية
أقلام أون لاين - تونس أجرى الحوار عادل الثابتي لا تزال هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات تثير الجدل في الساحة السياسية التونسية، اذ مثلت لأول مرة التقاء بين أطراف، كانت الى زمن قريب متصارعة إلى حد التناحر، على أرضية سياسية تجمع بين كل الفرقاء السياسيين في تونس وهي أرضية المطالبة بالحريات السياسية والثقافية والنقابية. كما أن استحقاق 2009 الانتخابي بدأ يثير التجاذبات في الساحة السياسية التونسية... ولتوضيح العديد من المسائل حول هذه المواضيع التقت مجلة "أقلام أون لاين" بامراة مختلفة جدا عن الكثير من الزعماء السياسيين، تقود ابرز الاحزاب المعارضة المعترف بها في تونس وهي الاستاذة مية الجريبي، الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي، فكان الحوار التالي: أقلام: يعيب البعض على هيئة 18 أكتوبر انزياحها عن برنامجها الرئيسي وهو الالقتاء بين العديد من الفرقاء الايديولوجيين حول ثلاث نقاط هي حرية الإعلام وحرية التنظم والعفو التشريعي العام... إلى قضايا ذات مضامين فكرية مثيرة للجدل.. فما هو رايكم؟ الجريبي: في الحديث عن 18 أكتوبر يهم التذكير بالانطلاقة والخصوصية بالغة الاهمية المتسمة بها. انطلقت 18 اكتوبر في عملية ميدانية توحيدية هي إضراب الجوع في 2005، وخصوصيتها التى ميزتها واعتبرت من نقاط قوتها هي التقاء اطراف كانت لسنوات خلت متنافرة، وتنافرها عطل عملية التضامن بينها من اجل الديمقراطية: الطرف الاسلامي والاطراف الاخرى، ولست ميالة إلى استعمال مصطلحي الديمقراطيين والعلمانيين، وكان هذا الالتقاء مستجيبا لمتطلبات الواقع من ناحية ولتطلعات النخب من ناحية أخرى وهو ما يفسر التعاطف الواسع الذي التف حول هذه الحركة، وكذلك اهتمام الراي العام الداخلي والخارجي بهذه الحركة: (إضراب الجوع). بعد ذلك كانت حركة 18 اكتوبر امام تحد، وهي لا تزال كذلك: إما الانطلاق والتشكل في هيئة تجسد المناضلين الديمقراطيين، أو الانكفاء على نفسها، وهذا التطور يقوم على توضيح الاسس التى يمكن أن تلتقي عليها هذه الاطراف، لترتقي من مجرد عملية جمع بين اطراف مختلفة إلى تحالف حقيقي يساهم في عملية إنتاج الانتقال إلى الديمقراطية. ومن هذه الزاوية كان ضروريا خوض نقاش معمق حول المرتكزات الاساسية للمجتمع الديمقراطي الذي نريد، وكان علينا التباحث بكل وضوح وكل عمق في بلورة ميثاق ديمقراطي يتفق عليه كل الفرقاء، ويكون تأمينا للمجتمع ضد كل الانزياحات، ويؤسس لثقافة ديمقراطية حقيقية، تكون أساس المجتمع أيا كان الفريق الذي يحكمه. المسألة إذا لا تتعلق بانزياح عن التقاء ميداني بل دفعا لتواصل هذا الالتقاء ولمزيد فعاليته في الواقع. أقلام: ألا يعتبر تركيز هيئة 18 اكتوبر على القضايا الفكرية تعبيرا عن عجزها عن إنجاز أي مبادرات في القضايا الجوهرية التى التقت حولها. الجريبي: المطروح الان هو العمل الميداني، ولكن على قاعدة الالتقاء الواضح، وهذا لا يتناقض مع ذاك.. القول بتعطيل النقاش الفكري للنشاط الميداني غير مطروح.. الهيئة تخلفت فعلا عن المهام المطروحة عليها، وذلك لأسباب متعددة منها ضغط السلطة وإمعانها في مواجهتها لتحركات هيئة 18 أكتوبر. أقلام: ماهي الحقيقة فيما يروج عن سعي بعض مكونات هيئة 18 أكتوبر لجعل الهيئة وسيلة لما سموها بالملاحقة الفكرية لأنصار النهضة، مستغلين الظروف الموضوعية التي تمر بها هذه الحركة؟. الجريبي: تجربة 18 أكتوبر تجربة متميزة، وأكاد أقول لا نمطية، وطبيعي أن يثار حولها الكثير من النقاش والكثير من التحفظات: - أولا: لا لم يكن هناك طرف يطرح على طرف آخر قضايا فكرية، إما اتفاق بين كل الأطراف على طرح مواضيع جوهرية لبناء تحالف. - ثانيا: لأن النقاش هو نقاش حر ومعمق، والكل يدلو بدلوه لإثراء الاتفاقات المتوصل إليها، وأحسن دليل وثيقتا المرأة وحرية الضمير والمعتقد، ويكفيني القول هنا إن الاخوة ممثلي حركة النهضة وضحوا بما يكفي نفيهم للملاحقة الفكرية. أقلام: ماذا تمثل محطة 2009 بالنسبة للحزب الديمقراطي التقدمي؟ الجريبي: سؤال هام وقبل الحزب الديمقراطي التقدمي أفضل الحديث عن المجتمع بأسره، فحياة الشعوب تسير على وتيرة الانتخابات... انتخبات 2009 هامة لأنها تطرح على المحك رهانين لا ثالث لهما: - رهان الحكم الذي يتمحور حول تمديد وتأييد منظومة الاستبداد، والترسيخ العملي للرئاسة مدى الحياة، خارج أي ممانعة تذكر.. رهان الحكم هو أن تتم الانتخابات بسلام ودون تعبير المجتمع المدني عن ذاته. - ورهان المجتمع ورهان المعارضة، وبالتالي الرهان الذي يطرحه الحزب الديمقراطي التقدمي على نفسه، هو أن تكون هده الانتخابات مناسبة تتوحد فيها الجماهير، وتتعبأ فيها الطاقات من أجل إنضاج مسيرة التقدم نحو الديمقراطية، وهو ما يتطلب النضال من أجل مراجعة الإطار التشريعي والقانوني للانتخابات، ومن أجل أن يتمكن المواطن من مساءلة حكامه، واختيارهم خارج أي نوع من أنواع الضغط من أجل انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. هذا هو الرهان المطروح علينا، وهو يقتضي التهيئة له مند الآن، وليس عشية يوم الاقتراع . أقلام: إذا كان للمعارضة التي يطلق عليها صفة المعارضة الموالية مبررا في أن يدعم بعضها مرشح الحزب الحاكم.. ما الذي يمنع قوى المعارضة المنتقدة لخيارات الحكم من داخل هيئة 18 أكتوبر وخارجها من تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية، بإمكانه أن يمثل منافسا جديا لمرشح الحزب الحاكم؟ الجريبي: نحن نعتقد أن انتخابات 2009 تطرح علينا التعاطي معها من باب إبراز الفريق البديل، وتقديم الإجابات الضرورية لأسئلة التونسيين حول كل القضايا الحارقة، وحول مستقبل وطنهم، وكذلك من باب القيادات الجهوية النوعية الحاملة لهموم مواطنيها، والمناضلة من أجل أن يحقق الشعب التونسي مواطنة كاملة. فالتعاطي مع استحقاق 2009 يعني بالنسبة لي المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وكذلك في الانتخابات التشرعية على قاعدة كفاحية تناضل من أجل منظومة تشريعية وسياسية تؤمن الحرية والدمقراطية لشعبنا.. المشاورات في هذا الموضوع جارية بين مختلف فصائل المعارضة الديمقراطية، وعلى كل حال ما لا يدرك كله لا يترك جله، والمجالات مفتوحة أمامنا للنضال المشترك من أجل فتح باب الترشح للرئاسة أمام كل الطاقات الوطنية، ومن أجل رفع الاستثناء، ومن أجل مواجهة الرئاسة مدى الحياة. أقلام: إلى أي درجة يعتمد الحزب الديمقراطي التقدمي على مسألة المراقبة الدولية للانتخابات؟ الجريبي: مثلما هو الحال بالنسبة لموريتانيا التي استقبلت وفودا عديدة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، منها المنضوي تحت راية الاتحاد الأروبي، ومنها غير الحكومي كاللجنة العربية لحقوق الإنسان، وشكلت تقاريرها عنصرا إضافيا أكد خلو العملية الانتخابية من الشوائب، وعزز مصداقيتها .. نعتبر أن المراقبة هي عنصر يتظافر مع جهود المعارضة وقوى الديمقراطية الساعية لإبراز الخلل في النظام السياسي، ولمقاومة محاولات تزييفف إرادة الناخبين قبل وأثناء العملية الانتخابية. أما الحديث عن السيادة الوطنية فإنه دائما يستعمل من قبل الأنظمة الاستبدادية لتمرير مسرحياتها الانتخابية، ولمواجهة تطلعات شعوبها ونخبها للحرية والديمقراطية.
العدد الحادي والعشرون السنة الخامسة / فيفري - مارس 2008