تونس:دعا حزب يساري تونسي إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة، واعتبر المشاركة في هذه الانتخابات في ظلّ الظروف الحالية خطوة خاطئة. وقال حزب العمال الشيوعي التونسي أكبر الأحزاب اليسارية التونسية إن المشاركة في الانتخابات "لن يخدم إلا الدكتاتورية التي ستستغلّ هذه المشاركة لمواصلة دوس السيادة الشعبية مدّعية أن المهزلة التي نظمتها تعدّدية وديمقراطيه"، حسب قوله.وبرر الحزب موقفه الذي تزامن مع إعلان مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي المحامي أحمد نجيب الشابي مقاطعته للانتخابات، بأن الانتخابات ستكون "شكلية وفي خدمة الديكور الديمقراطي"، لأن "الشعب التونسي.. لا يتمتع بحرية الاختيار بالنظر إلى القمع المسلط عليه وعلى قوى المعارضة السياسية والمدنية التي لا يمكنها الترشح والقيام بالدعاية بحرية". وأوضح الحزب أنه باعتباره جمعية محرومة من الرخصة القانونية، بسبب انعدام حرية التنظم، "لا يمكنه أن يقدم مرشحا إلى الرئاسة ولا قائمات إلى التشريعية. فالقانون الاستثنائي الخاص بالانتخابات الرئاسية لا يسمح إلا بترشح مسؤولي بعض الأحزاب القانونية. كما أن المجلة الانتخابية تمنع الأحزاب غير المعترف بها من تقديم مرشحين للانتخابات التشريعية يحملون ألوانها ويدافعون عن برامجها ومواقفها وآرائها". وتساءل الحزب الذي يتزعمه حمة الهمامي "كيف يمكن لحزب العمال (وكذلك الأحزاب الأخرى غير المعترف بها مثل المؤتمر من أجل الجمهورية أو حركة النهضة) أن يدعو للمشاركة في انتخابات لا حق له قانونيا وعمليا في المشاركة فيها؟". وفي معرض تشخيصه للواقع التونسي قال الحزب "إن الشروط الدنيا التي من شأنها أن تجعل هذه الانتخابات حرة ونزيهة، منعدمة. ومن الواضح أن هذا الوضع لن يتغير في ما تبقى من وقت. إن كل القوى السياسية المعارضة تُجمع على أن الظروف التي ستجري فيها الانتخابات هذه المرة أسوأ من المرات السابقة وبالتالي لا توجد أية إمكانية لتكريس إرادة الشعب التونسي الذي يتعامل مع هذه الانتخابات بلا مبالاة تامة لاقتناعه بغياب أي رهان فيها"، حسب قوله. واعتبر حزب العمال الشيوعي "المناخ السياسي السائد حاليا هو مناخ يتسم بالقمع المنهجي للحريات الفردية والعامّة. وهو قمع لا يستثني أيّ طبقة أو فئة من الشعب أو أيّ تيار فكري أو سياسي سواء كان معترفا أو غير معترف به. فالشعب التونسي بمختلف طبقاته وفئاته التي تئنّ تحت وطأة البطالة والفقر والتهميش والمرض والجهل التي اشتدت بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية، يتعرّض لقمع شامل ومنهجي، فهو لا يتمتع بحقه في التعبير عن رأيه في مختلف القضايا التي تهمّه، داخلية كانت أو خارجية، ويُحرم من الاحتجاج على المظالم المسلطة عليه ومن الدفاع عن مطالبه وطموحاته". وأوضح الحزب أن الأحزاب والتيارات الفكرية والسياسية غير المعترف بها تتعرض للقمع والمنع والملاحقة، وأن إن مناضليها غير أحرار حتى في تنقلاتهم. وهم عرضة للمراقبة المستمرّة والاعتداءات والمحاكمات، كما أن الآلاف منهم محرومون من حقوقهم المدنية والسياسية، ويبلغ التعسّف حدّ منعهم من حضور أنشطة وتظاهرات قانونية، حسب قوله. وأشار الحزب اليساري إلى أن وضعيّة الجمعيات والمنظمات والهيئات النقابية والمهنية والحقوقية والنسائية والشبابية والثقافية المستقلّة، سواء كان معترفا أو غير معترف بها، لا تختلف عن وضعيّة الأحزاب. وقال "فهي تعاني من الحصار الإعلامي والأمني ويتعرّض أعضاؤها للاعتداءات والمحاكمات الجائرة والطرد من العمل أو الدراسة". واعتبر حزب العمال الشيوعي التونسي أن القوى السياسية الجادة والمعنية بالتغيير الديمقراطي في البلاد "مطالبة بالإسراع بتكتيل صفوفها في قطب موحد لفضح المهزلة الانتخابية والدعوة إلى مقاطعتها والطعن في شرعية المؤسسات التي ستنبثق عنها، رئاسة وبرلمانا، ومواصلة النضال من أجل توفير الشروط اللازمة لإنجاز التغيير الديمقراطي في بلادنا". وقال الحزب إن "من واجب القوى الديمقراطية أن تتهيّأ لذلك من الآن وأن لا ترى في انتخابات أكتوبر القادم سوى محطة في معركتها ضد الاستبداد عليها الخروج منها، أقوى من قبل، لا مشتتة الصفوف حتى تواصل هذه المعركة وتنتصر فيها"، حسب تعبيرها.